وضعت يدي على قلبي خوفاً وأنا اقرأ وأتابع أخبار ما يسمى (الحراك الجنوبي) وكذلك التصريحات المتبادلة من قذائف النقد والتجريح المتبادل بين أطراف التجاذب المختلفة. تلك التصريحات النارية من مختلف الأطراف جعلتني اشعر بالخوف على مستقبلنا وقفزت الى رأسي علامة استفهام كبيرة، حائرة ، ومخيفة، مفادها: الي اين نحن سائرون؟ واي مستقبل ينتظر هذا الوطن؟ وما زاد من خوفي وحيرتي تصريحات خطيرة - او هكذا اعتقدها أنا - صادرة عن اكبر رأس في هذا الوطن،، واعني بها تصريحات الرئيس التي قال فيها ان الأحداث الجارية حالياً في بعض المحافظات الجنوبية تعيدنا إلى وضع المربع الاول قبل حرب صيف 1994م. الرئيس يعترف بخطورة الأوضاع بل وينبه ويحذر من استمرارها بعبارات تزيد من توهج مشاعل الخوف لدي ولدى عامة الناس من أبناء هذا الوطن الذي يأبى الزمان ان يحفظ له إستقراره ولو لحين من الوقت وكأننا في خصومة أبدية من الاستقرار والأمان والرخاء والتطور والتنمية المستدامة. الرئيس الذي من المعروف عنه انه لطالما قلل من شأن المشاكل الداخلية سواءً تلك الحاصلة في الجنوب او الحوثيين في أقصى الشمال او القاعدة التي تستبيح حرمات الوطن وأمنه في أكثر من منطقة، هو نفسه الرئيس الذي يحذر من خطورتها اليوم!!! اذا نحن امام وضع جد خطير- هكذا حدثتني نفسي- وقفزت الى رأسي فجأة تلك التصريحات النارية والاتهامات المتبادلة بالخيانة والعمالة والإرتهان للخارج التي سادت قبيل الحرب المشؤومة في صيف 94م والتي ما زالت تجر أذيالها على حياتنا ومعيشتنا ومقدراتنا حتى اليوم ،وما يزال إقتصادنا يدفع ثمن تلك الكمية الهائلة من القذائف المختلفة التي وجهها اليمنيين الى صدور بعضهم ذات ليلة حالكة من ذلك العام البغيض. السؤال كبير.. والجميع، الجميع بلا إستثناء مطالبون بالإجابة عليه والتفاعل معه والتعامل معه بروح وطنية تقدس المصلحة العامة ومصلحة الوطن فوق تلك المصالح الشخصية الضيقة التي غايتها حفنة او (حفنات) من الدولارات مهما تعددت أبوابها ومسمياتها ومسبباتها. السؤال مرة أخرى،، الى أين نحن سائرون؟؟ ولعمري انها لحالة غريبة يتبلد أمامها عقل اللبيب... اذ كيف، وهل من المعقول ان يخلو يمن الإيمان والحكمة،، -وضعوا تحت الحكمة ألف خط- من رجال حكماء!!! يا عقلاء البلاد وحكامها وحكمائها..... أين انتم مما يجري في بلادكم هل صممت آذانكم ام غشي قلوبكم الصدأ ام على قلوبٌ اقفالها؟؟ أزيلوا تلك الأقفال مهما كانت المادة التي صنعت منها فبعضها اقفال مال وبعضها اقفال جاه او سلطة او مصلحة واخفها أقفال من ماركة ( وأنا ما دخلي ). اليمن اليوم بكل فئاته وشرائحه وإتجاهاته السياسية ومشاربه الثقافية والإيدولوجية مدعو لوقفة جادة تنتج حل حقيقي وعلاج ناجع لمشاكلنا المتراكمة منذ عقود من الزمن. الأوضاع لم تعد تحتمل مهدئات او مسكنات .... كما انها لا تحتمل الكي بالنار على طريقة آخر العلاج الكي والتي جربناها في صيف 94م ولم تنتج لنا سوى الخراب والدمار،،، اياً كان المخطأ واياً كان المصيب، فليس هذا ما نحن بصدده الآن. وفي مقدمة فئات وشرائح الأمة يقف العلماء والحكماء والعقلاء والزعماء السياسيين والأحزاب والمفكرين والإعلاميين فكلاً في رقبته دين لهذا الوطن المعطاء حان وقت الوفاء به. أنا هنا أدعو الى حوار وطني شامل وواسع لكل من هو يمني ولا بأس ان يساعدنا أخواننا وجيراننا، ولكن في حدود دعم ما اتفقنا عليه وليس التدخل في اجندة هذا الاتفاق بطبيعة الحال. فليتداعى الجميع الى كلمة سواء تتغلب فيها مصلحة الوطن العليا على اي مصالح أخرى مهما كان تصنيفها. قد يقول قائل ان الأمة لن تجتمع على قلب رجل واحد - وهذه إحدى سنن الله في الكون- ولن يتفق الجميع على شعار (اليمن اولاً) فلا بد ان للنفس البشرية أطماعها التي تتغلب احياناً كثيرة على صاحبها،،، ولهؤلاء أقول: نعم هذا صحيح ولكن من المؤكد انه لن تجتمع الامة على خطأ فليؤخذ برأي الأغلبية ومن شذ شذ في النار وليؤخذ على يد المخالف والطاغي من الجميع ولينبذ الى مزبلة التاريخ مهما كان ومن ما كان. الحكومة والحزب الحاكم تتحمل جزء كبير من المسئولية ولكن ليست كلها فأحزاب المعارضة ليست معفية من تحمل مسؤوليتها والقيام بواجبها ولن يفغر لها الشعب والتاريخ هذا الصمت المخزي. وعليهم اي أحزاب المعارضة ان يثبتوا شعاراتهم وولاءهم لهذا الوطن وان يدافعوا عن وحدة الوطن ضد اي داع للمساس بها كما فعلوا عندما أقاموا الدنيا ولم يقعدوها خوفاً على مصالحهم الانتخابية عندما أدركوا ان الحزب الحاكم يتربص للإطاحة بها، ام ان مصالح مئات او حتى بضع آلاف من قياداتهم الحزبية أهم من مصالح أكثر من عشرين مليون يمني ينتظرهم مجهول... مخيف!! لست بصدد مهاجمة الحكومة او المعارضة، فهذه الترهات هي من أوصلتنا الى ما نحن فيه، ولكن الوقت جد مزحوم والموقف ليس بالسهل وعلى الجميع ان يتحملوا مسئولياتهم ولتضع الاحزاب( الحاكم او المشترك) خلافاتهم ومراشقاتهم الإعلامية ومكايداتهم اللا حزبية جانباً على الأقل حتى حين- وليلتفتوا الآن لإصلاح سفينة الوطن التي تتلاطمها الأمواج من كل حدب وصوب ونحن جميعاً على ظهرها وان غرقت لن ينجو احد من الكارثة. وللإعلاميين دور هام ومحوري،، فكما استطاع الإعلام ان يؤلب القلوب ضد بعضها وان يثير الضغائن ويغذي الحروب، يستطيع ايضاً ان يقوم بدور عكسي وهو الدور الحقيقي الصائب للإعلام الحر النزيه. نحن الإعلاميين ولعل زملاء الحرف يدركون ذلك- لسنا بوقاً لحفنة او مجموعة من الزعماء او السياسيين نغرد على ألحانهم ونرقص على اغانيهم. فرسالتنا اقوى واقدس واسمى من ذلك. يجب علينا ان نتخلص من ولاءاتنا الحزبية او الفئوية وننتقل الى إطار اكبر وهو الولاء للوطن قبل الرئيس او الحزب او القبيلة. فليس عيباً ان يكون للإعلامي ولاء سياسي او حزبي ولكن عندما يكون قادة حزبي يغردون فقط على ليلاهم فعليّ ان أنبههم ان يغردوا من اجل ليل الوطن وان أوقظهم من ذلك. وعوداً على بدئ، اطلب منك عزيزي القارئ ان تأخذ من وقتك بعد قراءة المقال خمس دقائق فقط للإجابة على السؤال الكبير المخيف... الى أين نحن سائرون؟؟ وما دوري انا في تحديد وجهة السير هذه؟ ودمتم سالمين. [email protected] - رئيس تحرير يمن أوبزرفر