في حالة من التخبط والفوضى غير المسبوقة، واصل همج الحراك إمطار الجنوب بالهيئات والاتحادات والمجالس "الثورية"، التي لم يعد بينهم من يحفظ كل مسمياتها، ليدعوا أخيراً إلى إنشاء هيئة جديدة تضم جميع مكونات الحراك، بما فيها "مجلس قيادة الثورة"، الذي ما زال الجدل حوله يؤجج حرباً ضارية بين الفرقاء. فقد دعا العميد ناصر النوبة- رئيس ما يسمى ب"الهيئة الوطنية العليا لاستقلال الجنوب"- كافة القوى الجنوبية إلى "تشكيل جبهة وطنية عريضة، تضم هيئات ومكونات الحراك الجنوبي، بما فيها المكون الجديد (مجلس قيادة الثورة)، والمكونات الأخرى التي لم تعلن انضمامها إلى الحراك الجنوبي حتى ألان، والنقابات، ومؤسسات المجتمع المدني، الأحزاب الجنوبية، وطلاب الجامعات والأكاديميين، والمستقلين، ورجال الدين، ورجال المال والإعمال، والشباب، والمرأة، وكل القوى والفئات الجنوبية،"، ممن يدعون للانفصال. وتؤكد مصادر قيادية في الحراك ل"نبأ نيوز" أن دعوة "النوبة" أثارت كثيراً من "السخرية" في أوساط الحراك، وقيادات مكوناته، كونها جاءت في ظرف مازالت حمى الخلافات فيه على مجلس الشنفره في أوجها، وما زالت هناك مكونات رافضة الاعتراف به. وأكد النوبه- في بيان- ما ذهبت إليه "نبأ نيوز" في خبر سابق، بشأن اختراق الحراك بقوة، وأشار إلى أن تكوينات الحراك "ظلت والى وقت قريب محدودة الاختراق، إلا أن السلطة تمكنت خلال الفترة القريبة الماضية من الدفع ببعض عناصرها إلى داخل بعض مكونات الحراك، بهدف تفخيخ الثورة الشعبية السلمية من الداخل"، مؤكداً: "أن تلك العناصر عملت على رفع شعار الاستقلال واستعادة الدولة بيد، ومعول الهدم باليد الأخرى، حيث بدأت مؤشراتها بالظهور عند بعض مكونات الحراك الجنوبي"- وهو نص ما أكدته "نبأ نيوز" أيضاً، وأشارت في تقريرها إلى أن إنشقاق الحراك إلى جبهتين دفع عناصر كل منهما إلى تسريب معلومات عن الجبهة المناوئة، والتسبب في إلقاء القبض على بعض عناصرها، وإفشال بعض أنشطتها. وعلى صعيد متصل، هاجم ناصر النوبه في بيانه، من وصفها ب"القيادات الجنوبية في الخارج"- في إشارة إلى علي سالم البيض وتنظيمي تاج والهيئة الجنوبية في شيفلد. وقال النوبة: أنها " لا تلقي لحركة الشارع الجنوبي بالاً، ولا تحترم قناعاته، وفي الوقت نفسه تريد أن تستفيد من الحراك الجنوبي لتقوية موقعها"، لافتاً إلى أنها "في حقيقة الأمر تعول على بعض دول المنطقة التي ضمنت لها موقعها في الترتيبات التي ترى بان مفتاح حل القضية الجنوبية بيدها.. وهي على استعداد للقيام بأي دور يناط بها، بغض النظر عن قناعات شعب الجنوب، وهيئات ومكونات الحراك الجنوبي"- طبقاً لنص ما أورده البيان. وياتي هجوم ناصر النوبة على "قيادات الانفصال في الخارج" كأول اعتراف من قيادات الحراك بالعمالة لدول أخرى- لم يسمها النوبة- والارتباط بأجندتها، والتحرك بأوامرها ورغباتها- طبقاً لما كشفه النوبه. كما يأتي الكشف عن هذه المعلومات- التي لطالما رددتها السلطة، وأنكرها الحراك والمشترك الداعم له- في إطار حمى الصراعات والانشقاقات المتأججة في أوساط هيئات الحراك، والتي تتصارع تارة عمن أجل المراكز القيادية، وتارة أخرى على المشاريع السياسية، وثالثة على الموارد المالية، ويقذف كل منها الآخر بتهم العمالة، والتخوين، والتآمر- رغم أن جميعهم متآمرون، وعملاء، غير أنهم لا يقرون بذلك إلاّ عندما يختلفون..!