تهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة السعودية    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    "عبدالملك الحوثي هبة آلهية لليمن"..."الحوثيون يثيرون غضب الطلاب في جامعة إب"    شاهد.. أول ظهور للفنان الكويتي عبد الله الرويشد في ألمانيا بعد تماثله للشفاء    خلية حوثية إرهابية في قفص الاتهام في عدن.    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    علي ناصر محمد يفجر مفاجأة مدوية: الحوثيون وافقوا على تسليم السلاح وقطع علاقتهم بإيران وحماية حدود السعودية! (فيديو)    "هل تصبح مصر وجهة صعبة المنال لليمنيين؟ ارتفاع أسعار موافقات الدخول"    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    شاهد الصور الأولية من الانفجارات التي هزت مارب.. هجوم بصواريخ باليستية وطيران مسير    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    عودة الثنائي الذهبي: كانتي ومبابي يقودان فرنسا لحصد لقب يورو 2024    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    لحج.. محكمة الحوطة الابتدائية تبدأ جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشيخ محسن الرشيدي ورفاقه    اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات شهادة الثانوية العامة    لا صافرة بعد الأذان: أوامر ملكية سعودية تُنظم مباريات كرة القدم وفقاً لأوقات الصلاة    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    انكماش اقتصاد اليابان في الربع الأول من العام الجاري 2024    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    ترحيل أكثر من 16 ألف مغترب يمني من السعودية    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طب الأمومة في الإسلام
نشر في نبأ نيوز يوم 16 - 03 - 2006

اتفقت الآراء الطبية الحديثة في تحديد أهداف رعاية الأمومة مع ما جاء به الإسلام منذ 14 قرنا، فقد أولى الاسلام الأمومة قيمة رفيعة حتى جعلها أشرف مقاصد الزواج باعتبارها مناط النسل وفي نطاق التشريع الإسلامي احكام تنظم حياة الام وترتب لها حقوقا وميزات في الحمل والرضاعة والحضانة.
وقد تمشى طب الأمومة مع الحضارة العلمية منذ فجر الإسلام وتتابعت جهود رواد الطب العربي في مجال الطب النسوي والقبالة وتعليم القوابل طرق الفحص ووسائل التداوي وإجراءات التوليد.
وفي مقدمة مشاكل الأمومة في المجتمع الإسلامي، ارتفاع نسبة وفيات الأمهات بسبب عدم توافر الخدمات الصحية والاجتماعية والثقافية والغذائية، وجميعها يمكن تلافيها بتوفير الوسائل الوقائية والعلاجية، وتخطط حدوث الحمل في السن المناسب والوقت المناسب دون اللجوء الى الإجهاض او الاعقام الذي يرى الطب والإسلام خطرهما إلا إذا توفرت دواع طبية، كما اتفق العلم الحديث مع الإسلام وتعاليمه في شأن الإرضاع وأهمية علاج العقم وتنظيم النسل.
وانتهى البحث إلى عرض بعض التوصيات بأهمية جمع البيانات الإحصائية وعمل البحوث الميدانية لتقويم خدمات رعاية الأمومة وضرورة رفع مستوى تدريب القوي البشرية وتوفير وسائل رعاية الحوامل وتدبيرات الولادة- بالمستشفيات والوحدات الصحية وتحقيق الرعاية الطبية للولادات المنزلية وذلك في ضوء التعاليم الإسلامية.
انتهت منظمة الصحة العالمية في هيئة الأمم المتحدة الى تحديد اهداف الامومة في أن تنال الام حقها من الرعاية الصحية، وان تتعلم فن العناية بالطفل، وان تحظى بولادة طبيعية، وتلد طفلا طبيعيا، وتأتي بأولاد عن طريق الاختيار لا بمحض المصادفة، وأوصت المنظمة برعاية الام والطفل في نطاق الخدمات الآتية:
- توفيرالعناية بالمرأة قبل الزواج وقبل الحمل وفي أثنائه وعند الولادة وبعدها.
- توفيرخدمات تنظيم الاسرة وعلاج العقم وخدمات التوليد السليم.
وهذا الدستور الطبي الذي يعد أحدث ما وصل اليه الفكر البشري في العصر الحديث ليس جديدا على الاسلام على امتداد اربعة عشر قرنا خلت، فقد تضمن القرآن الكريم والسنة البوية واحكام الشريعة الاسلامية مايحقق تلك الاهداف في تأكيد والتزام.
لقد لقيت الامومة تحت راية الاسلام ما يرقى بها الى مرتبة القدسية، اذ جعل الله رعاية الام قرين عبادته سبحانه، اذ قال الله تعالى (وقضى ربك ألا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا) (23/17) وعن النبي صلوات الله عليه أنه قال في شأن الأم " الزمها فالجنة عند قدميها "
وقال: " اعظم الناس حقا على الرجل أمه " ولما كرر خصوصية الأم بالرعاية في قوله: " امك، ثم امك ، ثم أمك " وفسر العلماء تكرار ذلك بأن لها ثلاثة امثال البر والتكريم، وذلك للحمل، والوضع، والارضاع.
وبلغ من تقديم الاسلام للأمومة ان حفظ لها حقها في بر الولد بأمه، وان كانت على غير الملة، وكذلك حفظ لها حقها في حضانة ولدها من أبيه المسلم وان كانت من أهل الكتاب.
وليس أقوى في تقدير الامومة في الحمل والولادة من التعبير عنها في القرآن الكريم بأنهما "كره " وبأنهما " وهن على وهن " اذ قال تعالى: (ووصينا الانسان بوالديه احسانا، حملته امه كرها ووضعته كرها) (46/ 15) وقال سبحانه: ووصينا الانسان بوالديه حملته امه وهنا على وهن) (14/31) فان في التعبير عن الحمل والولادة بأنهما مشقة وضعف ما يرشد الي أن رسالة الامومة وان كانت وظيفة فسيولوجية، انما تستوجب لما فيها من الكره والوهن اشرافا دقيقا يحول بينها وبين أن تصبح حالة مرضية للام او للطفل ربما ادت الى وفاة احدهما وربما أودت بحياتهما معا.
لذلك حرص الاسلام في احكامه على توفي الامن للأم والتيسير عليها، والتخفيف عنها في العبادات وفي غيرها من الانظمة والاوضاع. ففي مجال الفرائض اباح الاسلام للأم الفطر في الحمل والولادة اذا خشيت أن يلحق بها أو بولدها ضرر وأباح الاسلام تأجيل تنفيذ العقوبة في الحوامل والامهات المذنبات حتى ينتهي حملهن وارضاعهن اذا كان في تنفيذ العقوبة والجزاء ما يلحق الضرر بهن أو بمن ولدن، فهن بمنجاة من الحدود ما دمن في زمن الحمل او الارضاع.
وكفل الاسلام للأم حقها في حضانة الولد، وأوجب عليها ارضاعه ديانة، وقضاء، والزم بالانفاق عليها وهي حاضنة ومرضع. واعتبر الاسلام الارضاع أمومة وان لم تكن المرضع اما للرضيع.
والذين يتتبعون احكام الشريعة الاسلامية، ويتفقهون فيها يجدون أن الاسلام ينظر الي المرأة نظرة جليلة، ويعدها محور الاسرة التي هي خلية المجتمع ووحدته المتكررة، لأنه يعتبر الأمومة أشرف مقاصد الزواج، ومن ثم حرم وأد البنات، وحرص على أن يحوط المرأة من وسائل الرعاية والصون بما يكفل لها أداء رسالتها الانسانية الكبرى: طفلة، فبنتا فزوجا، فأما.
وعلى هدى من التوجيه الديني الرشيد، تمشى طب الأمومة مع الحضارة العلمية منذ فجر الاسلام. وعلى الرغم من أن المرأة العربية- والمرأة المسلمة بوجه خاص- تتحرج أن يتولى فحصها الرجل فيما يتعلق بأحوالها النسوية، فان الطب النسوي الاسلامي مضى قدما في مناهجه العلمية لم يتخلف عن غيره من فروع الطب الاخرى، وذلك بفضل ما لجأ اليه الاطباء المسلمون من مواجهة للتصون النسوي، وذلك بأن مارسوا تعليم النساء طرائق الكشف والتعرف وطلبوا منهن الادلاء بما يجدن من الاعراض والعلامات، ورغبوا اليهن في اجراء الوان من التجربة والتطبيق، وأطلقوا عليهن اسم " القوابل "، فكانت القوابل وسائط عملية علمية بين الرجال والطب النسوي " ويحفظ لنا التاريخ اسم طبيب اشتدت بذلك حتى سمى " القوابل"، وعلي يديه تخرج جمع من القوابل في ايامه تعلمن منه وعلمن غيرهن.
وفيما كتبه " الرازي " و" الزهراوي " وسواهما ما يفصح عن ذلك الاسلوب الذي توصل به الاطباء المسلمون لمواجهة الطب الامومي بين المسلمات مع تحرجهن من مزاولة الاطباء الرجالى للفحص والعلاج.
لقد استطاع الاطباء المسلمون، مع صعوبة الاسلوب الذي لم يكن منه بديل في تعرف الطب النسوي، أن يحصلوا على معلومات دقيقة وان يكتشفوا اشياء غامضة، وان تكون لهم من ذلك حصيلة يباهي بها تاريخ الطب عام الصعيد العالمي.
قام الاطباء المسلمون بلراسة الطب واحتباسه، وما يعتري الارحام من الشقوق والبثور والقروح، وزاولوا علاج العقر، وعسر الحمل. وفي مجال القبالة والتوليد عرفوا تكوين الجنين، ووصفوا طرق العناية بالحامل وتدبيرها، وتتبعوا أسباب الاسقاط، وكشفوا عن الحمل خارج الرحم، وتعرفوا التوأم وعلامته، وميزوا بين الاشكال الطبيعية وغير الطبيعية للحمل والولادة، وكيفية التدبير في كل حالة، وأبانوا احوال النفاس، وتدبير المولود والرضاعة، ووصفوا العمليات الجراحية في التوليد.
ولا يفسح المقام لتفصيل تلك الجهود العلمية الفنية، والمزاولات التجريبية التي نهض بها الاطباء المسلمين، مباشرة بأنفسهم، أو بواسطه القوابل في عصور متوالية وسبقوا بها النهضة العلمية الحديثة في الغرب.
وعزيز علينا أن نشير الى أن تراثنا العلمي في الطب النسوي قد فقدنا منه الكثير على مر العصور، ولا تدلنا عليه الا اسماء أو شذرات منقولة هنا وهناك.
على أن لدينا أثارة من تلك الامجاد، وأن يكن بعضها ما برح متناثرا أو مخطوطا تنطوي عليه المكتبات العامة. ومن بين ما حفظه لنا تاريخ الطب النسوي ما كتبه " الرازي " في كتابه " الحاوي " وما كتبه "علي بن عباس " في كتابه " كامل الصناعة الطبية " وما كتبه " ابن سينا " في كتابه " القانون " وما كتبه " الزهراري " في كتابه " التصريف لمن عجز عن التأليف " وما كتبه " جذب الدين " في كتابه " المختارات في الطب " وما كتبه " أبو الفرج بن موفق " المعروف " بابن القف " في كتابه " العمدة في الجراحة ".
ولئن وقفنا هذه الوقفة القصيرة، نتصفح فيها ماضينا المجيد قي الطب النسوي، أو على الاصح في طب الامومة، ونتغنى بما ترك اسلافنا من علامات مضيئة في طريق كان يفترشه الغموض والظلام، اننا في الحق لا نقف تلك الوقفة عن غرور وتقاعس بل نقفها متطلعين الى الامام، نستمد من تراثنا الخالد عزما عام أن:
نبني كما كانت أوائلنا تبني، ونفعل مثلما فعلوا
وذلك بأن نواجه مشكلات الامومة في العالم الاسلامي بوجه عام، وفقا لتعاليم الاسلام.
ولعل في مقدمة هذه المشكلات ان الاحصاء المتوفر يصارحنا بأن نسبة وفيات الامهات قي المجتمع الاسلامي تزيد زيادة مزعجة على نسبتها في الدول المتحضرة، وتلك هي الارقام الاحصائية الرسمية لهيئة الصحة العالمية تقرر ذلك وتؤكده، ولا أظن أن ذلك يرضى عنه الضمير الاسلامي لأمتنا المؤمنة، فان من المحزن، أو من المؤسف الذي لا يليق بنا السكوت عليه، أن يكون نصيب الامهات المسلمات هو الممات، فيقضى عليهن وهن يؤدين بالحمل والولادة أشرف الواجبات.
اذا تتبعنا اسباب هذا الارتفاع الهائل في نسبة وفيات الامهات، امكن لنا أن نرجعها الى أن الام لم يتوافرلها الحظ المقبول من الوعي الثقافي، والقدر الكافي من الامن الغذائي ولم تتح لها كذلك الخدمات الصحية والاجتماعية على المستوي المعياري. ومن حق الام المسلمة ان تنال رعاية طوال فترة الحمل لاكتشاف المضاعفات وعلاجها قبل الوضع، كما ان من حقها ان تحظى بخدمات أثناء الولادة تمنع مخاطرها وقد ثبت ان اجراء عملية الوضع بالمستشفيات اكثر أمانا للوالدة ووليدها، لتوافر الخدمات فيها اكثر مما هي بالمنازل، حيث لا يمكن تقديم علاج للنزف أو تسممات للحمل أو ما بقي من الالتهابات وفي المجتمعات التي ليس فيها أسرة للولادة بالمستشفى يجب أن تصل الخدمات للمنازل على ايد مدربة. والى جانب ذلك كله يدخل في اسباب الوفيات التخلص من الحمل غير المرغوب فيه بوسيلة الاجهاض المحرم. وكذلك من الاسباب كثرة الانجاب في فترات قصار، وحدوث الحمل في سن مبكرة او في سن متأخرة.
وليس من شك في أن هذه الاسباب ليست من المعضلات المستعصية التي لا مفر منها فانها جميعها يمكن تلافيها الى الحد الاقصى، وذلك بمواجهة كل سبب منها ومقاومتة مقاومة فعالة، وذلك بتوفير الوسائل الوقائية والعلاجية التي تسد منافذه، بفضل التشخيص المبكر والرعاية المستمرة المنتظمة.
ويعنينا في هذه العجالة ان نوجز القول في اهم مخاطر الامومة:
فيما يتعلق بتلاحق الولادات، ثبت علميا ان من الضروري صحيا ان يكون بين الحمل والحمل ثلاث سنين او سنتان على الاقل، وفيما يتعلق بوفرة الولادات ثبت علميا كذلك ان الحمل الخامس فما يليه يعرض الام للخطر، ويرتفع مدى هذا الخطر، كلما زاد العدد وفيما يتعلق بالسن المناسبة للحمل ثبت علميا ايضا ان الحد الادنى هو سن العشرين وان الحد الاقصى هو سن الخامسة والثلاثين، فما بين العشرين والخمس والثلاثين هي السن المثلى للحمل المامون، وأما ما يحدث من الحمل قبل الحد الادنى وبعد الحد الاقصى فان الام تتعرض فيه لاخطار على وجه الاحتمال، وكذلك تتعرض فيه الأجنة لاحتمال حد وث التشوهات او حدوث الوفاة.
وان الحديث في تتابع الولادات ووفرتها وسن الحمل المناسبة يجرنا الي الحديث في الموضوع الذي خاض فيه الباحثون على اختلاف تخصصاتهم الدينية والاجتماعية والطبية وهو الموضوع الذي يتعلق بالنسل، وموقف الطب الذي استقرت عليه المنظمات الدولية هو تخطيط وتنظيم لزيادة النسل او نقصانه، وليس لتحديده او ضبطه. فالذي يعنيه الطب في هذا المجال هو أن يقرر الحقائق العلمية، ويكشف مايخفى عن غير الخواص من شؤونهم الصحية أضرارا كانت أو مزايا، وفي هذا الصدد لا يدخر الطب وسعا في مواجهة المشكلات من الجانب الصحي، وهو في هذا يساير التشريع السماوي الذي يدعو الى المحافظة على الصحة ويحرم ازهاق الروح، وينهي عن الالقاء بالنفس الى التهلكة ويحمي حق الحياة لكل كائن حي، ويكفينا في ذلك ما أوضحه ، (الغزالي) وكما يتعرض الطب للانجاب لتلافي أخطاره في الحالات المعينة، يتعرض كذلك للعقم، محاولا علاجه للتخلص من أضراره. فالطب اذن ليس عدوا للنسل، بل هو يعادي الاخطار التي تتربص بالنسل وبتلافي هذه الاخطار وأثرها علي الامهات وما يلدن، ايمانا منه بحق السوية لهؤلاء الامهات ولحملهن المنثسود.
وفيما يتعلق باعقام المرأة يتفق العالم الحديث مع تعاليم الاسلام في ان الاعقام الدائم لغير سبب صحي أمر ينافي الحق الانساني، وهو مضر نفسيا وصحيا واجتماعيا، ولكن لا يسع منصفا ان ينكر ان الاعقام ضرورة طبية للمرأة في بعض الاحوال اذا استبان بالفحص الدقيق ان الحمل خطرعلى حياتها، اوعلى حياة وليدها.
وفيما يتعلق بالاجهاض يتفق العلم كذلك مع الاسلام في أن الاجهاض للتخلص من حمل غير مرغوب فيه أمر له أضراره الصحية والنفسية بالمرأة، وقد يؤدي الى مضاعفات تؤدي بالحياة أو تسبب اصابة العاقم، فتحرم المرأة امكان الانجاب حين ترغب فيه. ولذلك يري الطب مع الاسلام ان الاجهاض محذور، الا اذا توافرت دواعيه طوعا لرعاية صحة المرأة وضها قبل حملها وبعده في أن تعيشه.
ونجد لزاما علينا أن ننوه بأن العلم الحديث يتفق مع الاسلام وتعاليمه في شأن الارضاع، فاقد أوصى به الله في كتابه غير مرة، ولقد أثبت العلم أهمية الرضاعة من الثدي ومزاياها للام والطفل من الناحية الصحية والناحية النفسسية معا وكذلك ثبت ان الرضاعة المديدة وسيلة طبيعية مأمونة لتأجيل الحمل اللاحق. على انه قد ثبت علميا كذلك ان حدوث الحمل في زمن الرضاعة يوقف ادرار اللبن، ويحرم الوليد غذاءه الامثل، وذلك ما عبر عنه في الحديث النبوي بأنه "غيل ". وهو بجانب ذلك مضرة للام وللجنين ايضا.
وجدير بالذكر أن مشكلات الامومة في العالم الاسلامي كانت موضع البحوث والدراسات في مؤتمرات عديدة، وكان موضوعها مكانة المرأة في الاسرة الاسلامة ومستقبل الطفل في العالم الاسلامي، والامومة في الاسلام. وقد تمخضت الآراء. والمناقشات عن أفكار وتوصيات ايجابية يمكن ايجازها، عسى أن تكون مجالا لمزيد من الحوار:
- انشاء مراكز معلومات في البلاد الاسلامية لجمع ونشر بيانات احصائية متجددة من مصادرها الاصيلة عن صحة الاسرة ويمكن الاطمئنان الى سلامتها والاعتماد عليها في تخطط البرامج الصحية في العالم الاسلامي بحيث تستجيب لاحتياجاتنا للدراسة والتخطيط للاسرة المسلمة.
- انشاء معاهد او وحدات او مراكز أو مجمعات للامومة تتكامل بها الوسائل والخدمات للعناية بصحة الام، على منهج علمي عملي.
- ابراز اهمية الاختبار الطبي قبل الزواج، وذلك بوضع أنظمة لجمع المعلومات في شكل شهادة صحية بناء على فحص طبي للزوجين، ضمانا لسلامة الانجاب وسلامة الاسرة بوجه عام.
- توفير عيادات لفحص الحوامل، واعداد أسرة للولادة بالمستشفيات والوحدات الصحية تستوعب- بقدر الامكان- حالات الوضع وكذلك تدبير خطة يتم بها تحقيق الرعاية الطبية للولادات المنزلية، بواسطه ذوي خبرة وتأهيل ويمكنهم من أن يحيلوا الى المستشفيات ما يستعصى من حالات الولادة العسرة ومضاعفاتها.
- اجراء بحوث ميدانية يشترك فيها فقهاء الشرع ورجال العلم للتثبت من مدي الاخطار التي تتعرض لها الام والطفل، وذلك لاستخلاص نتائج يستند اليها في التقويم والتخطيط.
- اعتبار النسل أمرا خاصا لكل أسرة، وحقا من حقوقها الانسانية، بحسب أوضاعها المناسبة، ومهمة البحث العلمي في شأن النسل هي التوعية والتبصير لتتصرف كل أسرة في كل حالة بحسب ما يحيط بها من ظروف صحية واجتماعية وا قتصادية.
- نظرا لارتفاع نسبة الوفيات بين الامهات عند الوضع، وفي خلال فترة النفاس ووفيات الاطفال في سن الرضاعة في المجتمع الاسلامي ارتفاعا يزيد عن المعدلات العالمية في الدول المتقدمة، ندعو الى ضرورة انشاء وتدعيم الخدمات الخاصة بالام والطفل في العالمين الاسلامي ومن بينها المباعدة بين حمل وآحر واختيار السن المناسبة للحمل، وتجنب الولادات المتكررة والمتقاربة صونا لصحة الام مع ارشاد الامهات طبيا الي ذلك، وتوفير الوساثل اللازمة!ا.
- يراعى في وساثل تأجل الحمل ، ألا تستعمل الوسائل التي تضر بصحة الام او الوسائل التي تسبب العقم الدائم.
- استبعاد الاجهاض كوسيلة من وسائل تنظيم الاسرة.
- ابراز اهمية الرضاعة الطبيعية، التزاما بما هدت اليه الشريعة الاسلامية ووتحقيقا لما أيده العلم الحديث الى جانب ان فترة الرضاعة فرصة طبيعية لتأجيل الحمل.
- رفع المستوى التعليمي والتدريبي للقوى البشرية في ميدان الأمومة والطفولة ويشمل ذلك مع الاطباء الحديثي التخرج القابلات والدايات التقليديات على أن يكون التدريب طبيا واجتماعيا ودينيا، وبخاصة في المناطق الريفية والمناطق النائية.
- رفع معدل الاستثمارات المالية في المجالات الصحية والتعليمية والجتماعية المتعلقة بالامومة والطفولة باعتبار ان هذه الاستثمارات من قبيل استثمارات الانتاج المرتقب، ان الطفل هوثروة الغد، وهو موجه المستقبل.
وليس من شك في أن وعينا الصحيح بتعاليم الاسلام فيما يتعلق بالاوضاع الصحية للفرد والمجتمع هو الحافز القوي الذي يكفل للآراء النظرية والافكار العلمية أن تصيب اهدافها في المجالات الطبية بوجه عام، وفي طب الامومة بوجه خاص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.