الحياة تبدأ بالأمل ، وحتما ستزول المحنة وترسم الابتسامة على شفاه الصغار " .. بهذه الكلمات يعبر باسم الدفاعي شاعر عراقي شاب عن فحوى ما يكتنزه في قلبه من مشاعر وهو يرى عودة مهرجانات الشعر والفن في محافظة ديالى شرقي العراق بعد غياب دام أربع سنوات بسبب أعمال العنف. وقال الدفاعي أثناء حضوره المهرجان الشعري الأول الذي أقامه اتحاد الأدباء والكتاب في مدينة بعقوبة مركز المحافظة " لقد عاد الشعر أخيرا إلى مدينة الموت ، فالحياة تبدأ بكلمة الأمل ، والأمل كلمة أوردتها في قصيدتي الشعرية". وأضاف " كنت بانتظار هذه المناسبة منذ سنين طويلة ، لقد غاب الشعر والقصيدة عن الألسن وأصبحت تتناقل بدلا عنها أخبار الحزن والألم وفقدان الأحباب والأصدقاء خلال فترة التدهور الأمني التي كانت دموية وقاسية على الأدباء والشعراء لثقل ما أصابهم من ضرر". وتابع " قتل وهجر أغلب الشعراء والأدباء لأن الشعر والفن عدو العنف والتطرف لذا ختمت قصيدتي الشعرية بأن المحنة ستزول وترسم الابتسامة أخيرا على شفاه الصغار في مسعى مني لاظهار مدى التغير الذي حصل، واننا جميعا تجاوزنا المحنة وستعود البسمة إلى وجوه الجميع". بدوره ، وصف القاص والأديب صلاح زنكنه رئيس اتحاد الأدباء والكتاب في بعقوبة اقامة المهرجان الشعري الأول بأنه بداية تأسيس بيت جديد واعادة الروح له واعلان رسمي ببدء أنشطة الاتحاد في اقامة المهرجانات الفنية والشعرية والأدبية بعد غياب استمر أربعة أعوام متتالية بسبب العنف وتردي الأوضاع الأمنية. وأشار زنكنه إلى أن المهرجان جمع عشرات الأدباء والشعراء ممن أجبرتهم الأوضاع الأمنية على الرحيل بعيدا عن منازلهم، مبينا أن المهرجان كان لحظة اللقاء والعودة حيث جسدت أغلب القصائد معاني الحزن والألم التي مر بها كل شاعر وكأنه يرغب أن يسجل تاريخ هذه المرحلة القاسية جدا على جميع الأدباء والشعراء كونهم كانوا في مقدمة أهداف الجماعات المسلحة. وأوضح أن 11 أديبا وشاعرا قتلوا، في حين هجر نحو 40 آخرين، ونسفت وأحرقت منازلهم لأن دعاة العنف والدمار لايرغبون بوجود من يحمل لغة الشعر والأدب ، لأنهم (الشعراء) خطر على التطرف والجهل الذي حاولت الجماعات المسلحة نشره بين الناس. ويرى الشاعر نجيب وادي أن الشعر لم يمت أبدا رغم قسوة الظروف الأمنية التي مر بها العراق، وأن القصائد كانت تكتب لكنها بمعان حزينة جدا لأنها تأتي من واقع مرير لا يمكن أن تصفه الا كلمات الشعراء. وأضاف "نجد في المهرجان بصمة أمل بدأت تلوح في الأفق ، ولعل بعض الشعراء اغتنموا هذا الشعور ليزجوا بمفردة الأمل وبدء الحياة في قصائدهم لتعطي ارتياحا للحضور وتجسد أن العنف لايمكن أن يستمر طويلا ولابد أن تأتي الابتسامة بعد كل عاصفة". بدوره ، أكد الاعلامي زياد مرتضى أن للشعر والأدب دورا كبيرا في اعادة نبض الحياة في محافظة ديالى وقال " أن ترى حضورا كبيرا لمهرجان شعري يقام لأول مرة منذ أربع سنوات وتلقى به قصائد كثيرة جسدت كل واحدة منها مسيرة شاعر لما مر به وما يشعر به تجاه المتغيرات الحاصلة بالبلاد، فان ذلك يعد انجازا كبيرا". وأشار إلى أن للشعر والأدب دورا مهما في اظهار أن الحياة بدأت تدب في محافظة ديالى ، وأن للشعراء التأثير الأكبر في معالجة الضرر الذي ألحقته الجماعات المسلحة بقلوب آلاف المواطنين لأن الشعر يعطي الأمل وهذا ما يحتاجه الناس حاليا لتجاوز المحن التي مروا بها. ودعا نهاد كريم أحد المسؤولين المحليين في المحافظة إلى دعم المهرجانات الشعرية والثقافية والفنية لأن لها التأثير الكبير في نفوس المواطنين ويعطي الصورة الحقيقة عن عودة الحياة الى طبيعتها في مدن المحافظة. وقال " هناك أموال كبيرة تهدر في مشاريع لا تعطي أية نتائج ملموسة تخدم المواطنين ، ولو صرف واحد في المائة من تلك الأموال في دعم مهرجانات الشعر والأدب والفن ، لحققنا الكثير ، لأن الحياة لايمكن أن تستمر بدون الفن والأدب وتأثيرهما الكبير على نواحي الحياة المختلفة لأنها تعطي أملا بالغد". يذكر أن محافظة ديالى عانت في السنوات الأربع الماضية من تصاعد أعمال العنف الطائفي، وأصبحت ساحة حرب بين الجماعات المسلحة، وأدت إلى مقتل المئات وتهجير آلاف العوائل ، فضلا عن أيام أقل ما توصف بأنها سوداء ، وأصيبت الحياة فيها بشلل كبير وتوقف ، لكن منذ العام الماضي وبعد تنفيذ عمليات أمنية من قبل قوات الأمن العراقية.