يتفق الجميع على أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم هي نواة الاقتصاد، فهي توفر وظائف ودخل للكثير من الشباب والعوائل وتساعد في حل مشكلة البطالة. وهناك العديد من المنظمات والجهات الحكومية التي تقوم بدعم هذه المشاريع في اليمن :وكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر التابعة للصندوق الاجتماعي للتنمية توفر دورات تدريبية لمن يريد بدأ مشروع صغير في اليمن، وكذلك تقدم خدمات مفيدة في مجال دراسة السوق، وتعلم الحرفة، والتعامل مع الجهات المختصة. وبنك الأمل للتمويل الأصغر يقدم قروض لذوي الدخل المحدود وأصحاب المشاريع الصغيرة، وتعد هذه القروض مغرية نظراً لسهولة الحصول عليها مقارنةً بالقروض المقدمة من البنوك التقليدية. هناك أمثلة كثيرة لبرامج ومنظمات داعمة للمشاريع الصغيرة في اليمن، ولكن معظمها تهدف إلى مساعدة ذوي الدخل المحدود على إقامة مشاريع صغيرة تعينهم على الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي. هذه خطوة جميلة ولا يمكن انتقادها، فاليمن في أمس الحاجة لمثل هذه البرامج والمنظمات، ولكني لاحظت بأن الاهتمام يتركز على المشاريع الحرفية والتجارة التقليدية. فمعظم المشاريع المدعومة تكون حرفيه: صناعة التحف والخياطة والبخور؛ أو تجارية تقليديه: محل اتصالات، محل إنترنت، شراء سيارة أجرة، .. إلخ. أريد أن أقترح توجهاً جديداً للبرامج التنموية في اليمن: لماذا لا ننتقل من دعم المشاريع الحرفية إلى دعم المشاريع الاحترافية؟ يمكننا مواصلة دعم ذوي الدخل المحدود، ولكن هناك فئة أخرى في أمس الحاجة لهذا الدعم التنموي وهي فئة الخريجين المتعلمين. هناك مئات الآلاف من المتخرجين بدون عمل أو وظيفة. معظم شبابنا يتخرج من الجامعة باحثاُ عن حلم الوظيفة الشبه مستحيل، والذي يتطلب خبرات وعلاقات ووساطات وحظ أيضاً! لا يمكننا لوم الحكومة أو لوم الجهات الموظفة، فعدد الشركات والجهات الحكومية محدود ولا يتزايد بقدر التزايد الملحوظ في عدد المتخرجين. يجب على الشباب أن يدركوا بأن واجب خلق الوظائف يقع على عاتقهم أولاً، فخريج التجارة يجب أن يفكر في إنشاء شركته الخاصة، وخريج الهندسة يجب أن يبدأ شركة مقاولات خاصة به، وخريج الطب يجب أن يفكر في فتح عيادة خاصة به. طبعاً هناك عوائق كثيرة مثل الخبرة، والتمويل، والإدارة.. ولكننا سنركز على جانب التمويل. أرى بأنه لو تم توفير الدعم المادي المناسب لهذه الفئة المتعلمة من المجتمع اليمني ستكون هناك نتائج إيجابية على اقتصاد البلد. فلو أن المنظمات والجهات الداعمة بدأت بتوفير برامج دعم مادي وتدريبي وإداري لأصحاب المشاريع من المحترفين المتعلمين، ستكون النتائج أكبر مما يمكن الوصول إليه من دعم المشاريع الحرفية. مشكلة المشاريع الحرفية أنها محدودة النمو، أما المشاريع الاحترافية، يمكن أن تنمو محلياً وعالمياً. والنمو العالمي مهم جداً نظراً لظروف اليمن الاقتصادية وضعف قوة الشراء لدى المستهلك اليمني. ما الذي يمنع خريج الهندسة المعمارية اليمني من أن يروج تصاميمه الهندسية الأصيلة في دول الخليج وأوروبا وأمريكا؟ وما الذي يمنع خريج كلية الآداب لغة إنجليزية من بدء شركة ترجمة تنافس في تقديم خدماتها للشركات الأجنبية الراغبة بترويج منتجاتها في الوطن العربي؟ هناك فرص كثيرة أمام الشباب اليمني، ويجب علينا أن ندرك بأن للبطالة جانب إيجابي، فهي تدفع بالشباب إلى بدء مشاريعهم الخاصة بدلاً من الرضى بوظيفة نصل إليها بشق الأنفس وعندما نحصل عليها راتبها لا يغطي تكاليف 10 أيام! أيضاً، يجب علينا أن ندرك بأن أهم قرار أتخذه الحاج هائل سعيد أنعم هو التوجه إلى ريادة الأعمال بدلاً من الوظيفة. أوجه نداء إلى فئتين: خريجي الجامعات: كفاكم تذمراً ولوماً للحكومة، وأبدوا بالتفكير في مشاريع في مجال دراستكم. ريادة الأعمال هي الحل الوحيد لمشكلة البطالة في اليمن، وهي باب الرزق الحلال بعيداً عن ذل الوظيفة التي أجبرت الشرفاء على قبول الرشوة. المنظمات والجهات الداعمة: يجب عليكم استهداف خريجي الجامعات مثلما تقوموا باستهداف محدودي الدخل. فئة المتعلمين لديها قدرات ومهارات وإمكانيات، وتوفير الدعم المادي والإداري لها سيولد نمو كبير في الاقتصاد اليمني.