اليوم ورغم محاولات الإصلاح والنهوض بالمرأة , ورغم ما تحقق للمرأة من إنجازات على مستوى تعليمها ومشاركتها في الحياة الإجتماعية , يمكن القول إن الصورة الثقافية التي تكونت عن المرأة في عصورالإنحطاط , لا تزال تفعل فعلها في مجتمعنا على مستويين: - على مستوى التمثل الإجتماعي للمرأة : وهو تمثل لا يزال مخترقا بشكل كبير بالتمثلات المنحدرة من عصور الإنحطاط , ويكفي أن نشير إلى بعض الأمثلة كي نثبت ذلك : فلا تزال خدمة الرجل لأهله , وقيامه بأشغال البيت في عرفنا الإجتماعي العام , دليل نقص في رجولة الرجل , وعنوان ذلة وتبعية للمرأة , مع العلم أن النبي (ص) , كان في خدمة اهله وكان يخصف نعله ويرقع ثوبه , ولا يزال التمثل الإجتماعي العام يعيب على المرأة الوقوع في الفاحشة , ويعتبره مجبلة عار على الأسرة والعائلة , بينما يتساهل في ذلم تساهلا كبيرا مع الرجل . وفي ذلك دليل على إستنكار الفاحشة من المرأة لا يقوم على أساس وازع ديني , وإنما على العرف والتقاليد الإجتماعية . - على مستوى واقع المرأة ومشاركتها في الحياة الإجتماعية والأقتصادية والثقافية والسياسية : فعلى الرغم مما قطعته المرأة المسلمة من أشواط فك طوق العزلة والتهميش , وبالرغم من أن دورها المتزايد وإسهامها الملحوظ في تنمية مجتمعاتنا , فإن مشاركتها لا تزال دون المستوى المطلوب لعدة أسباب نذكر منها : - إن أغلب الأنشطة التي تقوم بها المرأة في المجتمعات الإسلامية تندرج في إطار الأنشطة غير المرئية , وهي أنشطة غير مثمنة , ولا تلقى من الأعتراف الإجتماعي والقانوني ما يوازي قيمتها ودورها في تنمية المجتمع . - إن النساء رغم تزايد حضورهن في مختلف أوجه النشاط الإجتماعي لا زلن يقبعن في السلالم المتوسطة والدنيا ذات الطابع التقليدي , بعيدات عن مركز القرار , فالنساء اللواتي يتحملن المسؤولية يشكلن إستثناء , كما أن الحضور المكثف للنساء في بعض الأنشطة الصناعية الخفيفة لا يكتسي دلالة إيجابية , وإنما يأتي ضمن منطق الربح حيث إنهن لا يكلفن ما يكلفه الرجل , كما إنهن قابلات للعمل في ظروف تنعدم فيهاالضمانات والحقوق الأساسية . - إن الوضعية الثقافية للمراة المسلمة وضعية تدعو إلى القلق , حيث يخيم شبح الأمية على لاقطاع الأكبر من النساء المسلمات , وهي وضعية لا تليق بأمة (إقرأ) . - ووضعية المرأة في العمل الإسلامي ليست أفضل حالا, إذ لا يزال العمل الإسلامي النسوي يعاني من قصور تبرزه المؤشرات التالية : - عدم ظهور قيادات نسائية إسلامية قادرة لوحدها على أخذ زمام المبادرة , وطرح قضية المرأة والنهوض بها والدفاع عن حقوقها ضمن المنظور الإسلامي , وهو الفراغ الذي أدى إلى ظهور إطروحات في مجال العمل النسوي تنطلق من المرجعيات العالمية التي تصطدم في بعض جوانبها مع ديننا ومقومتا حضارتنا . - سيطرة الرجال على توحيه العمل النسائي وعدم ترك الفرصة لهن كي يبرزن مواهبهن ويقدن العمل بمعزل عن تحكم الرجال . - وجود أفكار متشددة تحكم النظرة إلى العلاقة بين الرجال والنساء , وتأخذ بأشد الأقوال تضييقا في المسألة . - غياب المباردة من لدن النساء واستسلامهن لهذا الوضع ورضاهن بحياة الدعة والسكون .