دعى المهندس عبد الله محسن الاكوع الى ضرورة الاصطفاف الوطني عبر حوار كافة الأطياف السياسية والاجتماعية في الساحة لمواجهة التحديات الراهنة التي يواجهها الوطن. واستعرض في الامسية التي اقامها المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجية المستقبل (منارات) نهاية الاسبوع المنصرم، والتي تناولت "اليمن في محيطه القومي وفضاءه الدولي في ضوء نتائج لقاء لندن واستشراف افاق اجتماع الرياض" التقلبات التي حدثت لليمن خلال العشرين عاما الماضية والتي من ابرزها حرب الخليج وعودة المغتربين اليمنيين من دول الخليج العربية وحرب الانفصال وحادثة المدمرة الامريكية (كول) وأحداث الحادي عشر من سبتمبر واعلان اليمن مشاركتها في مكافحة الارهاب ومؤتمر المانحين 2006م في لندن واجتماع لندن في ظل المناخات التي تعيشها اليمن حالياً وتأجيل الانتخابات النيابية اضافة إلى استشراف آفاق المستقبل من خلال اجتماع الرياض القادم وايجاد مانحين جدد لديهم الجدية في دعم اليمن.
واوضح الاكوع أن تفاعل اليمن مع مؤتمر لندن أبعدها عن تصنيفها كدولة راعية للإرهاب، لافتاً إلى أن اليمن ذهب إلى الاجتماع في حالة من الذهول والمفاجأة من الحملة الإعلامية الدولية المركزة التي صورته كمصدر للخطر يهدد الأمن الإقليمي والعالمي، قائلاً: (ذهبنا إلى المؤتمر والعالم يصوّر اليمن وكأنها بركان يشتعل في كل مكان: الحوثي في الشمال، الحراك في الجنوب.. عيون العالم ووسائل الإعلام الدولية مسلَّطة على اليمن)، مشيراً إلى أن المؤتمر وضع اليمن حكومة وحاكماً ومعارضة أمام التزامات. واضاف: أن مثل هذه اللقاءات (لا تحتمل الفرز، هذا حاكم وهذا معارضة، وأن القضايا الوطنية تُوجب على الجميع أن يلتقوا وينبذوا الخلافات، لأن المرحلة لا تحتمل تكتيكات من أحد ومن يكسر عظم مَن؟!). واعتبر مؤتمر لندن ايجابياً لأنه أخرج اليمن من الدول الداعمة للإرهاب وأن تُتَّهم بأنها مشاركة فيه، كما أن من آثاره الملموسة إيقاف حرب صعدة وهذا يعتبر مكسباً وطنياً، مدللاً بذلك على أن الصراع الداخلي له أيادٍ خارجية تحركه متى شاءت وتوقفه متى شاءت، فبعد مؤتمر لندن وإثر تصريحات مسؤولين تم رفع سعر البترول والديزل.. واستعرض الاكوع اشتراطات مؤتمر لندن: من اصلاحات اقتصادية واصلاحات شاملة، وكذلك التحديات التي تواجه اليمن: تمرد حوثي، حراك، حرب على الإرهاب، فساد، ووضع اقتصادي، وهوّة بين الحاكم وأحزاب المعارضة داعياً الجميع إلى توحيد الرؤية لسد الثغرات على الخارج فيأتي هو ليملأها، مؤكداً في ملاحظاته أن الفساد يمثل التحدي الأكبر وأن الحرب على الفساد لا تقل أهميةً عن الحرب على الإرهاب، لأنَّ الحرب على الفساد هي التي ستُضعف التعاطف مع الإرهاب ودعاة الانفصال. واشار الى أن اجتماع الرياض يأتي واليمن تتطلع إلى الانضمام لدول مجلس التعاون الخليجي، وان هذه المشاكل جاءت وأبعدتنا كثيراً عن الانضمام وعمّا كنا معوّلين عليه، ممثلاً لذلك بالكويت التي أعلنت أنها لن تقدم أي منحة حتى ترى شيئاً ملموساً في جانب الاصلاحات، مُبدياً في الوقت نفسه تخوّفه من أن تذهب مِنح الرياض لمكافحة الإرهاب وتظل التنمية كما هي. من جانب اخر، تحدث الدكتورمحمد عبد المجيد القباطي رئيس دائرة العلاقات الخارجية بالمؤتمر الشعبي العام عن التحديات التي يواجهها اليمن اليوم مشيراً إلى أن هذه المؤتمرات تأتي في أطار تعزيز الشراكة مع المجتمع الدولي، مؤكدا على ضرورة الشراكة وتضافر جهود المجتمع الدولي ووقوفه مع اليمن في مواجهة تحدياته، معتبراً مساعدة اليمن جزء من استحقاقه على العالم في سبيل الحفاظ على أمنه واستقراره كون ذلك يعد ضماناً لأمن واستقرار المنطقة. وضرورة طرح بدائل لتعزيز الطاقة الاستيعابية وتدفق المساعدات من خلال مراجعة وضع الوحدات التنفيذية الحالية وإنشاء أخرى جديدة محلية ودولية، وكذا إنشاء صناديق متعددة التمويلات بالإضافة إلى إتباع آلية جديدة متمثلة في الدعم المباشر للموازنة العامة للدولة لمواجهة العجز فيها. واشار القباطي الى ان ما تم انجازه من مؤتمر لندن 2006م على الصعيد التنموي والاقتصادي، يقدر بحوالي 20%، مستعرضاً بعض الأسباب التي حالت دون الاستفادة المثلى من ذلك المؤتمر، لينتقل بعد ذلك إلى مؤتمر لندن الأخير الذي عدّه مؤتمر شراكة ثلاثية الأبعاد لمساعدة اليمن لمواجهة التحديات المتعددة وهي الأمن ومكافحة الإرهاب العالمي، والذي ستتم مساعدة اليمن لمواجهته، والتنمية الاقتصادية. وقد اعتبره الدكتور ملفاً أساسياً سيتم مناقشته في الرياض والتنمية السياسية. وطرح تساؤلا حول مؤتمر لندن: هل هو اجتماع للشراكة أم شرك الوصاية يكمن تخوّف كبير؟ وهذا ما طُرح في كثير من المناقشات والتعقيبات التي طرحها الحاضرون المشاركون في الندوة، الذين رأى البعض منهم في المؤتمر فرضاً للوصاية على اليمن وتبعية، ورأى البعض فيه هرولة وراء الاستراتيجيات الغربية دون غربلة في حين من الواجب علينا أن نغربل وألا نأخذ المحاسن والمساوئ. فيما تحدث الدكتور عبد العزيز الترب في تعقيبه على المداخلتين عن الجانب الاقتصادي ومؤتمر لندن 2006م الذي تم الإعلان فيه آنذاك عن منح اليمن (5.6) مليار دولار، ولم تستفد اليمن سوى من القليل منه (حوالى 20%) بسبب الخلافات والصراعات الحزبية الضيقة، وما خسرته اليمن في حرب 94م والمقدرة ب"11" مليار وأنه كان بالامكان أن تعمل تلك المبالغ الكثير والكثير، داعياً إلى إصلاح البيت من الداخل كي نشجع المانحين على دعمنا، وقال (يجب أن نعترف أن هناك خللاً في الإدارة العربية، أما في اليمن فهي غائبة، وقال: إن على الحاكم اشتراطات عليه أن ينفذّها والآخرون سيندفعون وراءه).
فيما دعت أستاذة العلوم السياسية بجامعة الحديدة الدكتورة خديجة الماوري رئيس الجمهورية بالاستمرار في الحوار الذي أعلن عنه لمناقشة القضايا الوطنية العالقة. هذا وسيواصل مركز منارات سلسلة محاضرات لمجموعة من الباحثين والأكاديميين والسياسيين لدراسة وتحليل نتائج اجتماع لندن وقراءة آفاق مؤتمر الرياض وانعكاساتهما على المشهد اليمني في امسياته خلال الاسابيع القادمة.