التطويل في إجراءات التقاضي في اليمن تودي بصاحبها إلى خيارات كثيرة منها فقدان حياته، الجنون، نكد في الحياة، أو إصابته بحالة نفسية مزمنة, والشيء الذي لا يختلف عليه اثنان أن القضاء في اليمن شهد في الفترة الأخيرة تدويرا وتطويرا ملحوظا أدى إلى تحسنه إداريا إلى حد ما، ربما يحسب ذلك للقاضي عصام السماوي رئيس مجلس القضاء الأعلى.. لكن تبقى مسالة التطويل في إجراءات التقاضي وعدم البت في تنفيذ الأحكام مشاكل مزمنة يعاني منها القضاء وتتطلب معالجات رشيدة توفر على المواطن كثير من الجهد والمعاناة. وفي كل الأحوال تتميز المحاكم اليمنية بقضايا مزمنة خاصة تلك التي تتعلق بأراضي التركة حيث يدخل الورثة في نزاع مع بعضهما قد يمتد لعقود طويلة.
محافظة تعز تنفرد بأطول قضية نزاع بين ورثة على تركة تصل مساحتها أكثر من 900 ألف قصبة وتربط بين أرجاء مختلفة من المدينة.. وحسب المحامي جميل الحمادي ل"نبأ نيوز" فان القضية شهدت نحو 1000 جلسة بدأت بقسمة التركة على يد القاضي محمد على المجاهد عام 1361ه في حين تنظر فيها اليوم محكمة غرب تعز برئاسة القاضي عبد الحميد الشرفي، هذا فضلا عن عشرات القضاة الذين نظروا فيها خلال مدة 70 عاما وتعاقب عليها ثلاثة أجيال.
يضيف الحمادي- وهو محامي الورثة: أن محكمة غرب تعز تتهيأ في الأيام القادمة للفصل في أطول قضية نزاع على تركة يمكن للقاضي الشرفي أن يدخل بها التاريخ من أوسع أبوابه لو تمكن من إنزال العدول لتحديد الأرض وإعطاء كل وريث نصيبه ومحاسبة كل من يعترض منهم على القسمة. وقال: إن بعض الورثة يضعوا العراقيل أمام تنفيذ الأحكام التي وصلت إلى المحكمة العليا وذلك بالتصرف في حصص هي ليست ملكا لهم ولذلك على المحكمة أن تحسم الأمر بسرعة فذلك شرفا لها كون القضية هي أطول قضية في تاريخ القضاء في اليمن.
من جانبهم علق محامون بتهكم بقولهم أن موسوعة جينز للأرقام القياسية لو فتحت المجال لموضوع (أطول قضية ينظر فيها القضاء في العالم) لحازت اليمن على مراتب أولى في مضمار السباق ولحازت هذه القضية على الجائزة بلا منازع كونها عاصرت عهدين عهد الأئمة والجمهورية وتعاقب عليها ثلاثة أجيال. جدير بالذكر أن قضايا مماثلة حصد أصحابها مراكز متقدمة في مضمار السباق في أطالة أمد التقاضي في اليمن منها قضية وريث عن جدته ينتمى لمديرية شرعب الرونة بلغت عدد جلساتها 800 جلسة، وأخرى قضية نزاع على جدار لمواطن من أبناء مديرية القاهرة استغرقت 20 عاما.