يخلع الزمن على الاشياء والافكار سحراً بمجرد مرور الوقت ليصبح الحنين الى معرفة الماضي التاريخي للملوك والزعماء والقادة العسكريين لوناً من الوان العودة الى احضان التاريخ لمعرفة منابعه. وعلى الرغم من هذا السحر كلة، نرى الحياة تحضي بكل جديد، وتمضي في طريقها تجرف أمامها كل ما يتصل بالماضي من أشكال وصور ورواسب لم تعد هناك حاجة أليها. وهناك فرق بين الاهتمام بالماضي ودراستة.. وبين محاولة الاقامة في الماضي والسكن فيه.. لقد سقطت الاقنعة عن الوجوة، وسقطت الثياب عن الاجسام، وتعرى كل شي- الافكار والافعال- واصبح الاحتفاظ بالسر عملاً شبه مستحيل. لذلك عودنا كتاب ومدونوا التاريخ في سرد القصص والوقائع للاحداث التاريخية أن يسلطوا الاضواء على الاعمال الجليلة التي يقوم بها الملوك والزعماء والقادة والعلماء كصناع للتاريخ دون التعرض إلاّ للنزر اليسير لحياتهم الخاصة، وما أكتنفها ورافقها من عقبات وما شابها من انحراف. لكن غاب عن هؤلاء أن حياة الفرد العامة، وتصرفاتة المعلنة تتأثر بلا شك بنشأتة، وحياتة الخاصة وظروفه وعلاقاته المستترة، لذلك لا غنىء عن دراسة الفرد للتاريخ ودوره وتأثيره على العامة خصوصاُ اذا كان يتمتع بوضع أجتماعي وسياسي متميز.. صحيح ان هذا الفرد هو في الاول والاخير نتاج مجتمعه وبيئته وأبن ظروفه، ولكن لا يمكن أنكار ان ثمة عدد من القيادات والشخصيات أثروا في تطور حركة الشعوب سلباً وايجاباً.. وهناك بلا شك من كان عبئاً ونقمة على وطنه وشعبه.. وآخرون كانوا نعمة على اوطانهم وشعوبهم.. والجنوب منحها الله والتاريخ عدداً من القادة مثل غيرها من شعوب العالم الاخرى.. وكم من قادة وعلماء وشخصيات في التاريخ تأثروا في سياساتهم العامة بنسائهم وربما لم يظفروا بمكانة معروفة في التاريخ. ومن الانصاف ان نقول: أن المؤرخين في الغرب وعلماء الاجتماع فطنوا الى ادخال التحليل النفسي في علم الاجتماع ومن ثم دراسة الظروف الاجتماعية التي احاطت بهذه الشخصية أو تلك وعلى سبيل المثال لا للحصر: 1- نابليون وعلاقتة بزوجتة "جوزفين".. 2- السلطان سليمان القانوني وعلاقتة ب"ردكسانا" التي ظلت تغريه حتى نصب إبنه سليم الثاني من بعده، فكان سبب بلاء الدولة العثمانية. 3- هتلر وعلاقتة بعشيقتة ونشأته، وكيف تأثر بها واتخذ قرارت مهلكة بتاثير من عشيقتة. 4- مصطفى النحاس وتأثير زوجته زينب الوكيل التي كانت تصغره باكثر من ثلث قرن، ولا يمكن اغفال الكثير مما شاب قراراتة وتأثرة بهذه الزوجة التي انحازت الى عائلتها االى درجة أن قدمتها ثورة 23 يوليو للمحاكمة. 5- علي سالم البيض وتأثرة بزوجتة الثانية السيدة (ملكي اليهري) والتي قادته خلال فترة ارتباطة بها التي لا تزال الى يومنا هذا الى الكثير من النكسات القاتلة.. فكانت اولها اصدار اقسى عقوبة حزبية بحقه آنذاك لخرقه قانون الاسرة الذي يحرم الجمع بين زوجتين. وكذا الكثير من القرارت المصيرية التي اتخذها البيض تحت ثاثير زوجته، والتي تجرع علقمها شعب ووطن بكاملهما الى يومنا هذا.. وهو ما افقد البيض اقرب المقربين إليه ورفاق دربه الطويل، في وقت هو شخصياً بحاجة ماسة اليهم أكثر من أي وقت مضى، واصبح البيض شبه معزول بسبب قلة الحيلة والتدبير، ولم نسمع منه سوى البيانات ليثبت ل"علي صالح"- كما قال الاخ اليزيدي في مقالته الاخيرة- أنا هنا...!! وبناءاُ على ما تقدم فاننا نرى اليوم في الداخل والخارج قيادات تتنابذ وتتعارك دون إحساس بالذنب تجاه ما وصل إليه حال شعبنا من احتلال وانحطاط نتيجة تصرفات قيادات طائشة أدت تصرفاتها إلى سقوط الوطن والدولة والتجربة والجيش الجنوبي.. ولا زالت تلك القيادات تحاول أن تستعيد مواقف وأدوار قديمة، أشبه بملابس راقصة في (نادي تعرّي Striptese club)، والتي تتقاضى أجرها على خلع ملابسها قطعة بعد أخرى، إمتاعاً لرواد النادي الحاضرين للهو والمتعة وقتل الوقت..!! لقد دأبت بعض قيادات الجنوب على خلع ملابسها منذ عام 1967م بلا ثمن، وأكثر من هذا هو أنها صارت تدفع لمن يستمتعون بعريها.. وتترك ملابسها لترتديها مرة أخرى- كما هو حال فعلها في تقديم كل وصلة. والله من وراء القصد.