تعز تشهد المباراة الحبية للاعب شعب حضرموت بامحيمود    وفاة امرأة عقب تعرضها لطعنات قاتلة على يد زوجها شمالي اليمن    مليشيا الحوثي تعمم صورة المطلوب (رقم 1) في صنعاء بعد اصطياد قيادي بارز    عاجل..وفد الحوثيين يفشل مفاوضات اطلاق الاسرى في الأردن ويختلق ذرائع واشتراطات    انتحار نجل قيادي بارز في حزب المؤتمر نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة (صورة)    إعلان عدن التاريخي.. بذرة العمل السياسي ونقطة التحول من إطار الثورة    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    "مشرف حوثي يطرد المرضى من مستشفى ذمار ويفرض جباية لإعادة فتحه"    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    "القصاص" ينهي فاجعة قتل مواطن بإعدام قاتله رمياً بالرصاص    "قلوب تنبض بالأمل: جمعية "البلسم السعودية" تُنير دروب اليمن ب 113 عملية جراحية قلب مفتوح وقسطرة."    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    غضب واسع من إعلان الحوثيين إحباط محاولة انقلاب بصنعاء واتهام شخصية وطنية بذلك!    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    الصين تبدأ بافتتاح كليات لتعليم اللغة الصينية في اليمن    تشيلسي يسعى لتحقيق رقم مميز امام توتنهام    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    تقرير: تدمير كلي وجزئي ل4,798 مأوى للنازحين في 8 محافظات خلال أبريل الماضي    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    الخميني والتصوف    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكياس علاقيات، ليس إلا..!! بقلم: سلوى يحيى الإرياني
نشر في نبأ نيوز يوم 20 - 12 - 2010

إنها فلسفة عميقة، خطيرة لا ُيستخف بها. لا يجوز أن نواجهها بالقهقهة أو التقليل من شأنها. بل ولا يجب أن تمر من فوق رؤوسنا مرور الكرام. سياسة المصالح، من أين تؤكل الأكتاف. سياسة للخلف در..... ابحث يا حمار عن الصدف في الشاطئ، لملم الصدف يا حمار... وسيأخذ منك صاحب النفوذ أحلى الأصداف. لأنك حمار وهو يعرف من أين تؤكل الأكتاف. غير مهم انه لم يكد ويتعب. شيء هامشي كونه لم يبحث. ُخلق أمثالك لهذا، أنت قدرك التعب. خلق ناس مثله في أفواههم مجرف من ذهب. شباب هذه الأرض، ما أشبههم بالأكياس العلاقيات. أنا من هؤلاء الشباب. كلما ضاف صدري، كثيرا ما يضيق. لا أجد لعقدي المتشابكة منفذ نور، لا أجد لأحلامي تحقيق... لا أجد لرأسي المثقل وسادة أتوسدها... لا أجد لحياتي فرح و لا ذرة سرور.
أذهب لأشتري علاقي قات، أركب المواصلات واصعد إلى أعلى جبل عصر. أجلس فوق جبل عصر وأطل على مدينة صنعاء. أخزن، أفكر، أتنهد... حتى ينتهي القات وأعود أدراجي وهمومي كالنسانيس تتنطط أمامي لتذكرني بأني لم أحل أيا منها.
أرى في وجوه النسانيس مشاكلي، وظيفة، زوجة، بيت، استقرار، طموح. كلها نسانيس!!! فأصافحها بحزن وأعود إلى بيتي. لا أنسى بعد أن أقضي على آخر ورقة أن أطير الكيس المسكين في الجو... مسكينة أكياسي كلها لا تحوي إلا قليل من القات، أحيانا حبة بصل وحبتين طماطم، أحيانا ربع ك سكر، وفي بعض المواقف قليل من صابون الثياب.
مسكينة أكياسي لم تحوِ يوما لا ذهب ولا ثياب فاخرة ولا عطور ساحرة ولا طعام لذيذ... ولا مال كثير. تأملت كيسي يعلو وينخفض، مسكين وأنا مثله مسكين. مثلي لا يعرف سوى القليل بداخلة، ولا يعرف أن يحمل أهداف ومكاسب كثيرة... مثلي تائه مشرد يتلمس بأصابعه مصيره. مثلي يحمل بداخلة ما ُكتب له أن يحمله، مثلي قد يرتفع ليشبك في شجرة داخل قصر وقد تقفز وتحطه أرضاً قطة ليمتد فوق كومة قمامة.. مثلي لا يعرف أين خلفه وأين أمامه؟
هذه الأكياس مثلنا نحن الشباب. لا نملك تحديد أي طريق، بل وإذا اشتعلت النيران نكون أول من يذوب بين ألسنة الحريق. لا نملك لا أن نهرب ولا أن نفر، فلا وصلنا لمرتبة الكلاب التي تهرب و لا حتى الهر الذي يفر. جلست أتأمل من مكاني المرتفع فوق جبل عصر الأكياس تتطاير أمامي في الجو، فأكاد أراها تشكل بوجوه أصحابي، فأرفع يدي محييا، أهلا محمد، كيف الحال يا منصور، كيف دنياك يا علي؟ أين أراضيك أبو الشباب يا أسعد؟ والأكياس تتطاير أمامي ولا يجيبني منها أحد. أسئلتي المعتادة التي كلما أتيت هنا ظلت تراودني هي، هل سأجد وظيفة؟ هل سأتزوج؟ هل سيكون لي ابن؟ هل سيكون لي بيت؟ هل سأكل وأشرب؟ هل سأفرح وأرتاح؟ كيف أفعل أي من هذا وأنا لا قرابة بيني وبين أي من المسئولين، كيف؟ كيف أعمل، كيف أطمح؟ عمري يمر سريعا وأنا أتحسر وأتململ.
بعض الأكياس العلاقيات من زملائي ومن دفعتي لا يتخرجون من الجامعة إلا وقد تم خلق وظيفة في انتظارهم ليشغلوها. يحدث لهم ذلك ببساطة لأنهم تزوجوا بنت مسئول أو لأن مسئول يقرب لهم قرابة أسرية ولو من بعيد. ليس لدي أنا أي شيء من هذا؟ لذا كنت ومازلت كيس علاقي، ولا يوجد في الأمر جديد.
أنا منذ قال لي أبي قبل وفاته: "يا بني المال يلد مال أكثر، والفقر يلد فقر أكبر" وأنا متوكل على الله ليساندني بعونه وأثبت أن الحركة والعمل هي التي تلد مال أكثر وأن اليأس والكسل يلد فقر أكبر. تأملت صنعاء الجميلة المسكينة،، لم تجد من يرعاها. أحبها كثرا برغم كوني لم أر فيها سوى البؤس والمهانة. حمدت الله أن حبها لا زال مجاني، ولم يحول أولاد الأبالسة حبها إلى اشتراك سنوي أو شهري يسدد إلى جيوبهم وخزائنهم.
كانت كل هذه الأفكار تجول داخل رأسي حيت توقفت سيارة خلفي. سيارة فاخرة لا أعرف نوعها ولا اسمها. نزل منها رجل، امرأة وطفل. صدحت الموسيقى من السيارة. أغنية مصرية راقصة وحلوة. أنا أحب الأغاني المصرية ويطرب لها قلبي غير أنني نسيت متى فعلها آخر مرة. أعطيت الأسرة ظهري خشية أن أضايق الأسرة.
كانت الموسيقى عالية رجتني، رجت كياني ورجت كيسي في حضني. فأمسكته بأصابعي العشرة خشية أن تطيره في الجو. شعرت بنقر على كتفي، فالتفت لأجد الرجل يقف خلفي قائلا: "معي عائلة وأنت واحد. بإمكانك أن تنتقل إلى مكان آخر لتخزن فيه." لم أهتم كونه يطردني من مكان عام، ليس ملكة بل كنت ممتناً كونه قال لي "أنت واحد"، فنهضت لأغير مكاني وأجبته: "أشكرك! أنا واحد؟؟، الله يحفظك" لقد أكرمني هذا الرجل، أما أنا فلم أكن أعرف سوى أنني كيس علاقي.
نهضت ألملم مائي، قاتي ونفسي. رفعت رأسي إلى وجه الرجل فألجمتني المفاجأة. كان الرجل الذي طلب مني مغادرة المكان زميل قديم منذ أيام الثانوية. كبر وسمن وتغير ولكنني ميزت حتى صوته. حملقت في وجهه، هتفت: "أنت؟؟؟ معقول؟" تأمل هو وجهي، أبتسم وصاح بصوت رج كيس القات الخاوي في يدي: "أهلااااااا" اقترب مني، صافحني وتعانقنا. أيام الثانوية، أيام الشباب والطيش والأحلام الوردية.
سألني ما أخباري، تزوجت؟ لا..توظفت؟ لا.... معك بيت؟ لا.... معك سيارة.؟ لا... معك خطط مستقبلية؟ لا...... ضاق الرجل مني... فقال مجاملا: "لكن ما شاء الله، كما أنت لم تتغير: أما أنا فسمنت كثيرا للأسف" قالها بتحسر يغلف مضمون من التفاخر والفشر. أجبته، "أنا لم أتزوج ولم أنجب، فلما أسمن؟"
قهقه هو بصوت هزني وتشبثت بكيس القات وأجاب: "أنا زوجتي هي التي تلد وليس أنا، ما بك يا رجل؟؟؟؟ "لم اخبره لئلا يستاء مني أن من يراه يعتقد انه هو من حبل وولد. تنحنح بعد ذاك الضحك الذي سمعة كل سكان وادي ظهر، قال لي: "أما أنا فأعمل في الشئون المالية، تزوجت ولدي ولد" فاقتربت هامسا في إذنه: "أما أنا فكيس علاقي، ولكن لا تبوح بالسر لأحد".
قهقه وهو يقول "منكت فظيييييييييييييع" وما كنت أنكت... كنت أبكي، كثر التنكيت... ما هو إلا حزن مريع. بدأت زوجته تضيق من انتظارها فنادته. أرتبك كوني سمعت صوتها، وهمس: "أنا آسف، غير مكانك لو سمحت أنت واحد وستنتقل بسهولة. زوجتي مدلله ولا أريد إغضابها" فهمت أنا ما بين السطور. هززت رأسي وتوجهت لأنزل إلى مكان آخر. ابتعدت عنهم، ربما زوجته المدللة تريد أن ترفع نقابها أو تريد أن تغني.. أما أنا فلست إلا علاقي لم يبق فيه إلا القليل.
ابتعدت وأنا أحدث نفسي، صاحبي موظف في منصب فاخر والسيارة دليل، متزوج والوظيفة دليل، وابنه دليل استمرار ذريته. ما شاء الله كم هو سعيد. كنت أغششه في الامتحانات... لأنة كان بليد. لديه في الأرجح بيت وليس مستبعد أن يكون لدية حديقة بل لا استبعد امتلاكه طائرة. آه منك يا دنيا لعوب وغادرة.
ابتعدت عنهم، ومددت يدي إلى داخل الكيس فوجدت أن القات قد انتهى، طيرت الكيس تأملته يعلو ويميل وينخفض. ليت أستطيع مثله أن أطير وأتطاير... ليت أكون حر أحيا أو أموت دون أن ُأعاقب.... تعبت كون أني بشر.. أريد أن أكون كيس علاقي..... لا ينقض علي أبدا غول الإحباط وأظل دوما أسافر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.