تتطلع أنظار المراقبين للعام الجديد والذي قد يحمل معه تطورات ساخنة في سوق النفط المتقلبة، والتي باتت تختتم العام بتماسك حول مستوى التسعين دولارا للبرميل، حيث بات هذا المعدل هو السقف الذي تحوم حوله أسعار السوق، ورغم تراجعه اليوم دون 91 دولارا بسبب التدولات الهزيلة بسبب انتظار أرقام المخزونات الأمريكية والتي أظهرت تراجعا للأسبوع الرابع على التوالي، الى أن المحللين يتوقعون انخفاضا ملحوظا في المخزون بما لا يقل عن 2.6 مليون برميل مطلع الاسبوع. وهبط سعر النفط الخام الأمريكي الخفيف 37 سنتا ليصل الى 90.75 دولار للبرميل بينما فقد مزيج برنت خام القياس الأوروبي 30 سنتا الى 93.84 دولار. ويرى محللون بأن أسعار النفط سوف تتحرك في الربع الأول من العام المقبل لكنها لن تخرج عن النطاق الحالي بسبب وجود الطاقة الفائضة في السوق والتي تزيد على 10 ملايين برميل، ويؤكد الخبير كامل الحرمي في حديثه ل"العربية نت" بأن الفائض النفطي هو السد المنيع أمام تحرك الصناديق التحوطية، أو المضاربين فالسوق لا يتحمل صعود الأسعار لمستويات عالية وفي الوقت ذاته فإن الدول المنتجة الكبرى سوف تكبح زمام الأسعار إذا خرجت عن السيطرة. وقال إن النشاط الاقتصادي العالمي لازال مقبولا مع السعر الحالي، لكنه قد يحتاج الى دعم إضافي بحدود. من جانبه يؤكد الخبير النفطي المقيم في بريطانيا عبد الصمد العوضي في حديثه ل"العربية نت" بأن ارتفاع الأسعار عن النطاق الحالي ليس له مبرر خصوصا وأن الاقتصاد العالمي يعيش حالة من التخبط والتراجع، وقال إن العديد من الدول النفطية حققت فوائض مجزية خلال عام 2010، وهي تكفي للإنفاق على البنى التحتية او مشاريع الإنفاق الجديدة. إلا أن الخبير العوضي لا يستبعد أن تستعد بيوت الأموال العالمية وما يسمى بصناديق التحوط لجولة جديدة من المضاربة على النفط، فهذه الصناديق تمتلك أموالا طائلة وثروات وبإمكانها تحقيق ضربات مالية قوبة في السوق، وفال صحيح أن السوق يمتلك فائضا نفطيا كبيرا في عدد من الدول إلا أن الجهات التحوطية ستدخل النفط في ساقية المضاربة متى ما أرادت ذلك في 2011. الى ذلك جرى تداول النفط اليوم في نطاق ضيق حول 91 دولارا للبرميل بعدما لامس أعلى مستوى في 26 شهرا عند 91.88 دولار للبرميل في مطلع الأسبوع. ويتوقع محللون انخفاضا قدره 2.6 مليون برميل في مخزونات الخام في الولاياتالمتحدة في الاسبوع الماضي وهو ما سيكون رابع انخفاض على التوالي في مخزونات أكبر مستهلك للنفط في العالم. وأظهر استطلاع لرويترز أن من المتوقع ارتفاع مخزونات البنزين 1.4 مليون برميل وانخفاض نواتج التقطير بمقدار 600 ألف برميل نتيجة زيادة الطلب بسبب موجة البرد غير العادية. ولكن تقريرا من ادارة معلومات الطاقة الامريكية صدر الأول من أمس أربك توقعات المحللين اذ أظهر ارتفاع مخزونات الخام بواقع 3.1 مليون برميل. وكانت أحجام التداول ضعيفة إذ بلغ عدد الصفقات 14085 صفقة بحلول الساعة 1149 بتوقيت غرينتش وبلغت في المتوسط 105 الاف و369 صفقة خلال الأيام الثلاثة الماضية. في الوقت ذاته أظهر مسح لرويترز أن إنتاج أوبك ارتفع قليلا في ديسمبر كانون الأول نتيجة ارتفاع الإمدادات النيجيرية وهو ما يشير الى أن المنظمة لم ترفع الإنتاج بشكل كبير حتى الآن لمواكبة الأسعار التي سجلت أعلى مستوى لها في 26 شهرا. وأظهر المسح الذي شمل شركات نفط ومسؤولين في أوبك ومحللين أن إنتاج الدول الإحدى عشرة التي تتقيد بمستويات إنتاج مستهدفة -وهي كل أعضاء المنظمة ماعدا العراق- سجل في المتوسط 26.75 مليون برميل يوميا هذا الشهر مقارنة مع 26.70 مليون برميل يوميا في نوفمبر/تشرين الثاني. وأوضح المسح أن مستوى التزام الأعضاء الأحد عشر الملتزمين باتفاق أبرم في ديسمبر كانون الأول 2008 لخفض الإمدادات بمقدار 4.2 مليون برميل يوميا بلغ 55 بالمئة من هذا الخفض في ديسمبر مقارنة مع 56 بالمئة في نوفمبر. ووفقا للمسح فقد ارتفع إجمالي إنتاج أوبك بما في ذلك إمدادات العراق بمقدار 70 ألف برميل يوميا. وفي سنغافورة لم يجد معظم المشترين الكبار للنفط الإيراني في آسيا طرقا لتجاوز الصعوبات التي تواجه تمويل تجارة النفط ويستبعدون تأثر الإمدادات في 2011 بشكل كبير بعد انخفاضها في العام الحالي وذلك رغم نزاع حول طرق السداد يهدد بوقف المبيعات للهند. وإيران هي ثاني أكبر مصدر للنفط في منظمة أوبك وترسل نحو ثلاثة أرباع صادراتها التي تبلغ مليوني برميل يوميا إلى آسيا. وتم تشديد العقوبات الدولية على إيران بسبب برنامجها النووي في العام الحالي لكن إجراءات الأممالمتحدة لا تحظر شراء النفط الإيراني. وتحظر الولاياتالمتحدة فقط على شركات النفط شراء الخام الإيراني. غير أن العقوبات المفروضة على القطاع المالي جعلت كل المعاملات بما فيها تلك المتعلقة بالنفط أكثر صعوبة ومارست الولاياتالمتحدة ضغوطا على البلدان التي تتعامل مع الجمهورية الإسلامية لكي تكف عن تعاملاتها. وتهدد قواعد جديدة للسداد فرضتها الهند واردات النفط الإيراني إلى البلاد التي يبلغ حجمها 400 ألف برميل يوميا. لكن مصادر في قطاع النفط تقول إن الصين واليابان وكوريا الجنوبية التي تشتري مجتمعة نحو مليون برميل يوميا من النفط الإيراني تتوقع استمرار الشحنات كالمعتاد في العام المقبل. وقد تفاوض بعضها بالفعل بشأن عقود لعام 2011. وقال تشانغ ليو تونغ المحلل لدى فاكتس جلوبال انرجي في سنغافورة "إيران مصدر كبير جدا للنفط الخام. يستحيل تقريبا أن تكف الصينوالهند واليابان وكوريا الجنوبية عن شراء النفط الإيراني". وقال مصدر في شركة نفط صينية رفض ذكر اسمه "من وجهة نظري الشخصية لا أرى أي داع لأن توقف الصين تجارة النفط مع إيران.. على الأقل في الوقت الحالي لا سيما أن تجارة النفط ليست مشمولة بالعقوبات". وقال مصدر في اس.كيه انرجي أكبر شركة تكرير كورية جنوبية "لا نرى أي أثر على واردات الخام من إيران". وتابع "رغم أنه لا يمكننا الإفصاح عن حجم الواردات المتعاقد عليها لعام 2011 إلا أنني يمكن أن أقول إن الواردات النفطية من إيران في العام المقبل ستستمر كما هي في العام الحالي". وقال مسؤول في هيونداي أويل بنك أيضا إن حجم إمدادات 2011 لن يتغير عنه في 2010.