شهدت بعض أسواق القات في مدينة تعز أمس الأحد مناوشات بين الأمن و"المقاوته" بعد عودة سوق "الزغروي" وسوق "اللجينات" وأسواق أخرى للعمل من جديد في خطوة وصفها كثيرون بانتكاسة حقيقية للمدينة مع مطلع العام 2011م. فيما شهدت اليوم اعتصاما لباعة القات. لكن سلطات الأمن التي تجنبت الاصطدام بالبائعين خلال أحداث أمس الأحد تنفيذا لتوجيهات عليا أقدمت على محاصرة السوق من كافة الجوانب في محاولة منها للحيلولة دون تمكن مزيد من (المقاوته) على الدخول إلى السوق, في حين قام (المقاوته) ومالكي السوق برفع لافتات منددة بالبطالة ومرحبة بتوجيه محافظ المحافظة حمود الصوفي التي أشارت إحداها إلى موافقته عودة السوق للعمل من جديد. وترجع حملة تنظيم وإخراج أسواق القات بمدينة تعز إلى العام 2002م على إثر دعوات وشكاوى ملحة من سكان المدينة الذين عبروا مرارا وتكرارا عن استيائهم لوجود أسواق مكتظة داخل المدينة نظرا لما تحدثه من مشاكل اجتماعية ومرورية وأضرار بيئية إذ لطالما حلم أبناء الحاملة بمدينة نظيفة– بلا قات.. بلا سلاح.. بلا عنف! تعكس صورتها الحقيقية كعاصمة. وكان لتلك الدعوات أن عقدت المحافظة العزم لان تخوض حربا شرسة ضد العشوائيات وأسواق القات غير القانونية، خاصة بعد كشف النقاب عن التهام جيوب الفاسدين بالمحافظة لأكثر من (500) مليون ريال سنوياً من ضرائب القات التي تزيد عن المليار سنوياً. ويجمع مواطنون في المدينة على إن فكرة إخراج أسواق القات تعكس التوجه الحضاري لأبناء المدينة, ويطالبون بعدم التراجع عن الفكرة مهما كانت المبررات والأسباب التي يوردها أصحاب الأسواق والمقاوتة, لكن– حلمي المقطري– بائع قات– يرفض فكرة انتقال أسواق القات إلى خارج المدينة التي أدت إلى زيادة البطالة في صفوف الشباب وقطعت رزق كثير من الأسر التي كانت تعتمد على بيع أبنائها للقات إضافة إلى تضرر الباعة وأصحاب العربيات والمحلات المجاورة للسوق. ويزيد– نجيب مهيب– احد مالكي سوق "الزغروري" للقات– شارع جمال– إن إغلاق السوق قبل سنتين أدى إلى حرمان مئات الأسر من مصدر رزق والى زيادة البطالة بين الشباب, مشيرا إلى إن مئات العاملين في السوق تضررت مصالحهم بعد نقل السوق, وقال إن توجيهات الرئيس في خطابة كانت واضحة حيث تضمن العمل على القضاء على البطالة والفقر, مؤكدا إن توجيهات المحافظة واضحة وكلها تقضي بعودة السوق إلى العمل كما كان في السابق, علاوة على انه لديه ترخيص من الأشغال ومسدد رسوم حتى العام 2014م. الخوف من انتكاسة ثانية لمعركة تنظيم أسواق القات بمدينة تعز التي كانت مدنا كثيرة في البلاد قد نقلتها وأخرى أبدت استعدادها لتكرار التجربة النبيلة, ينتاب أبناء المدينة التواقين للحظة هدوء وسكينة بعيدا عن صخب أسواق القات وما تحدثه من فوضى وعشوائية.. لكن أبناء المدينة اليوم وبعد مضي سنتين على إعلان رئيس لجنة التخطيط في المجلس المحلي استعداده للقتال من اجل مدينة بلا قات ولا عشوائيات, وكذا دعوة المحافظ الصوفي الصحفيين والجهات المعنية للتعاون معه من اجل تنفيذ الفكرة الحضارية لا يجدون بدا من تحميل المسئولية كافة الجهات المعنية بأمر نظافة مدينتهم الحالمة بغد أفضل.
وللتذكير- فأن حمود الصوفي- محافظ محافظة تعز- توقع خلال الاجتماع الخاص بمناقشة دراسة إعادة تنظيم أسواق تعز التي نفذها مركز البحوث والتطوير التربوي بتاريخ 17 نوفمبر 2008م على قاعة مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة عودة الفوضى من جديد للأسواق إذا لم تتكاتف كل الجهات المعنية تجاه قضية العشوائيات التي تؤرق المدينة. وانتقد المحافظ يومئذ الصحفيين الذين "يتناولون قضايا المدينة بشكل مزدوج، فهم تارة يتناولون ظاهرة العشوائيات وتارة أخرى يتناقضون مع أنفسهم ويعتبرون معالجة العشوائيات قطعا لأرزاق الناس"- على حد تعبيره. سيقاتل أما شوقي احمد هائل- رئيس لجنة التخطيط والتنمية بالمجلس المحلي فقد أكد- على هامش الاجتماع نفسه أنه بإعطائه الصلاحية الكاملة أصبح لديه النية الكاملة للبدء بإعادة تنظيم أسواق المدينة وإزالة العشوائيات وأنه سيقاتل لتنفيذ تلك الخطة الهادفة إلى جعل مدينة تعز مدينة نظيفة خالية من العشوائيات والفوضى. سيلعن نفسه وقال: لو جال مسئول حكومي آو رئيس مجلس محلي في شوارع مدينة تعز ورأى تلك العشوائيات اعتقد انه سيلعن نفسه إذا كان يحترم نفسه ويقدر واجبه، مشيرا إلى انه بعد إيكال الأمر إلى المجلس المحلي لن يستطيع احد من مدراء المكاتب الحكومية ومدراء المديريات وقادة المعسكرات التدخل في الأسواق ولو حدث ذلك سيحال للتحقيق. 5% فقط ضرائب القات وحول ضرائب القات، أكد أن 50% من ضرائب القات لا يعرف مصيرها حتى اليوم بما يعني إن (500) مليون ريال تذهب في جيوب أصحاب المصالح والمنتفعين من بقاء تلك الأسواق العشوائية, مشيرا إلى أن تلك النسبة المتبقية لن يتم تحصيلها ما لم يتم تنظيم الأسواق, ودعا كافة الجهات المختلفة في المحافظة التعاون لما من شانه إيجاد مدينة نظيفة خالية من الفوضى والعشوائيات التي تسبب تعكير صفو الحياة وتخلق أمراضا مختلفة للمواطنين. حملات سابقة جدير بالذكر إن حملة إزالة العشوائيات وإخراج أسواق القات من داخل مدينة تعز تخللتها في المراحل السابقة أعمال عنف، وسقطت فيها ضحايا من المواطنين ورجال الأمن، الأمر الذي أدى إلى انتكاسات سابقة ففي الفترة (28 – 30) يناير العام الماضي عقدت بمدينة تعز ورشة الشراكة المجتمعية التي فتحت جبهة الحرب مرة أخرى ضد أسواق القات والعشوائيات في المدينة ورحب يومئذ محمد أحمد الحاج- الأمين العام للمجلس المحلي نائب محافظ تعز بفكرة إخراج أسواق القات والعشوائيات من داخل مدينة تعز إلى خارجها مؤكدا إن السلطة المحلية تدرس إمكانية تحقيق ذلك بما يخلق متنفسات وحدائق بديلة للقات التي تزدحم بسببها المدينة. عودة أسواق القات إلى المدينة اليوم وهي أسواق (الزغروري– الجهم– اللجينات– الاشبط) جاء استغلالا لتوجه المسئولين المفاجئ بتلبية مطالب سابقة للمواطنين من كافة شرائح المجتمع وهي مطالب كانت أما موقفة أو معطلة أو معرقلة أو حتى غير قانونية. وحسب مراقبين، فان ذلك التوجه الحكومي أغرى كثيرون بركوب موجة – تلبية المطالب المستجابة بعد أحداث تونس ومصر, كما ساعد في ذلك هلع المسئولين من اللجوء إلى استخدام الشارع الذي أضحى اليوم وسيلة للتغيير فسارعوا لتقديم تنازلات مفاجئة أو توجيهات عاجلة.. وكله من أجلك يا وطن. وبين تطويق الأمن للسوق والسماح لهم بالعمل فيه وتوجيهات المحافظ وحماس شوقي هائل سعيد رئيس لجنة المالية بالمجلس المحلي الذي يقود حملة إخراج أسواق القات وبين ترحيب السكان المستفيدين من خروج الأسواق.. يكمن التساؤل: من يقرر مصير أسواق تعز؟ تقارير سابقة نشرتها نبأ نيوز حول جهود السلطة المحلية بمحافظة تعز بشان تنظيم وإخراج الأسواق: * تعز تشعل حربها ضد العشوائيات والفساد يلتهم نصف ضرائب القات * شوقي هائل يكشف عن مخططات جديدة لتنظيم حركة وشوارع تعز * مواجهات مسلحة بين الشرطة وباعة القات بتعز تعقبها مظاهرات * حاتم يدعوا أبناء تعز لحب مدينتهم وهايل يواجه حرب أعداء الجمال * رئيس تخطيط تعز: الفساد والعشوائية وراء معاناة المدينة