إن رياح التغيير قد هبت وهيهات لها أن تهدأ أو أن تستكين ولكن السؤال المهم الذي يطرح نفسه بقوة هنا هل هذا هوا لتغيير الذي نريد؟هل هذا هو مقصدنا من الثورة؟ هل هذا هو جل غايتنا؟ هل التغيير يعني استبدال رئيس بآخر أو نظام بغيره سواء كان برلماني أو رئاسي؟ أم هل هو استبدال حزب حاكم بآخر أو حتى بحكومة وحدة وطنية؟ إن كان ذلك ما ثار الشباب لأجله فإن هذه الثورة ناقصة وسوف يكتب لها الفشل الذريع بعد حين لا قدر الله. إن تخوف الذين لم يساندوا الثورة في بدايتها نابع من معرفتهم السابقة بما آلت إليه الثورات في وطننا العربي حيث لم يكد يخل قطر من ثورة على ملكية أو استعمار فماذا حققت هذه الثورات؟ ذلك أنها قامت بإزاحة أنظمة وتربعت وعششت على مقدرات الشعوب واكتفت بسطحية التغيير غير عابئة بلب التغيير وجوهره. ونحن لذلك لا نريد ثورة على ثورة سبتمبر ولا ثورة على ثورة أكتوبر واللتان قامتا من اجل التغيير لكنهما لم يحققان الهدف المرجو منهما و
إن كان هذا مسؤولية الأنظمة السابقة فإننا لا نريد نظاما قادما على نفس المفاهيم ثم تقوم عليه ثورة ثالثة نظل من خلالها في دوامة الثورات. إن التغيير أيها الإخوة مفهوم شامل لكل مناحي الحياة سياسية واجتماعية وثقافية فليس المقصود بالثورة تغيير فكر أو نظام أو أشخاص إنما هي ثورة على المفاهيم والعادات الخائبة المغلوطة التي لا تنتمي لديننا أو لعاداتنا بل غريبة عن فطرتنا.فلا يعنينا من الثورة أن ينظم ضابط مثلا من النظام إلى ثورة الشباب ولكن الأهم من ذلك أن يتغير تعامل ذلك الضابط وسلوكه على ارض الواقع بحيث يشعرنا بعزتنا وكرامتنا كمواطنين ويتحول من خلالها من خادم لجيبه وللنظام لخادم أجير للمواطن الذي يدفع له راتبه حينئذ نشعر بأن الثورة قد نجحت بالفعل نريد من الثورة عندما ندخل مؤسسة حكومية أن نستقبل من الموظف بابتسامة بشوشة لا بنظرة ازدراء وتجاهل يكاد الموظف لا يرفع نظره إلينا من خلف مكتبه نريدها ثورة على الرشوة والمحسوبية لا أن تنتقل المحسوبية إرثا من نظام لأخر. ما نريده من الثورة أن نرى حسن التعامل بين عضو هيئة التدريس وبين موظف الجامعة فلا يتعدى احدهما على الأخر مما يقلل من قيمة الدكتور أومن عزة وكرامة الموظف. نريد من الثورة أن تنهي عهودا من الفتنة القبلية(الثأر). نريد ثورة مؤسسات لا تعمل من خلا لها مؤسسة منفصلة عن الأخرى وكأن كل مؤسسة كيان منفصل بل ودولة لها حدود ثم تأتي كل واحدة لتهدم ما بنته الأخرى. ما نريده يا ساده من الثورة الكثير. قد يقول قائل ان هذا كلام محبط للثورة أو مزايدة على النظام في الوقت بعد الضائع ولكن قولي النظام السابق وطرحي إنما المقصود منه مرحلة مابعد الثورة بمعنى استباقي للأحداث ففي الوقت الذي يتحدث فيه الجميع عن الثورة أتحدث عما يعقب الثورة وهذا ينفي عني هذه الشبهة وأنا بذلك أريد أن انتقل من ثورة التغيير والتي تعني سقوط النظام إلى تغيير مفهوم الثورة التي نريد فتصبح ثورة شاملة نثور من خلالها على أنفسنا قبل أن نثور على النظام.