ثورات التغيير تستهدف تغيير أو تطوير نظام الحكم المكون عادة من مؤسسات سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية وغيرها من المؤسسات التي تعمل الحكومة من خلالها وتنظم بها أداءها.. فعندما تشيخ هذه المؤسسات أو تصبح غير قادرة على تلبية احتياجات المجتمع وتطلعاته وضمان حقوق أفراده, تأتي الثورة لتغيير أو تطوير هذه المؤسسات الذي يعني في ذات الوقت تغيير نظام الحكم بما يحقق أهداف الثورة. الثورة التي يسمونها عندنا شبابية شعبية سلمية تعتليها راية إسقاط النظام.. والنظام عندهم هو شخص الرئيس علي عبدالله صالح.. ويؤكد ذلك أنهم بعد إصابته مع رفاقه جراء مؤامرة 3 يونيو ونقله للسعودية للعلاج اعتبروا النظام قد سقط "نهائيا" وبعد قليل انتقلوا الى "إسقاط بقايا النظام" والبقايا بنظرهم ابن الرئيس وبنو اخيه.. أي انها ثورة شخصنة! وهم بالمناسبة استمروا في الثورة على "بقايا النظام" ونسوا أن النظام –كما في تصورهم- قد عاد من السعودية الى موقعه في رئاسة الدولة.. وما يؤكد أيضا ان النظام المراد إسقاطه هو شخص الرئيس الاستهداف الشخصي له.. فالقيادات الشبابية وعلي محسن وأولاد الأحمر وقيادات حزب الإصلاح ثورتهم ثورة على الرئيس ومن يتابع شعاراتهم وتصريحاتهم وبياناتهم يجد ان المقصود بالثورة هو الرئيس.. رحيل الرئيس, إسقاط الرئيس, إسقاط النظام, وكفى.. فما عدا الرئيس يبقى الحال على ما هو عليه.. يسقط الرئيس ويبقى كل شيء سواه قائما.. فأي ثورة هذه؟ وفي سبيل تحقيق هدفهم.. إسقاط الرئيس النظام اخلوا بنظام الحياة اليومية واحلوا الفوضى.. يكافحون من أجل تعطيل الدراسة لإسقاط الرئيس.. فلا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس.. يريدون إسقاط الرئيس.. إسقاط النظام بإسقاط نظام السير ونظام الإدارة ونظام البيئة ونظم الأخلاق ونظام الأسرة ونظام الإنارة.. وإسقاط النظام الرئيس هدف الثورة الأساسي يتم في نظرهم بإقامة نظام الفرقة ونظام حاشد ونظام القاعدة ونظام الزنداني وأسوأ ما في نظام الحكم السائد. ثورة لإسقاط النظام (الرئيس) وبقاء كل الوجوه الأخرى القديمة التي تتصدر ثورة إسقاط الرئيس. وثورة كهذه كانوا في غنى عنها وعن تكاليفها الكبيرة البشرية والمادية التي دفعت حتى الآن, ذلك لأن الرئيس علي عبدالله صالح قد قرر وقبل أن يثوروا –إنه لن يترشح للرئاسة في انتخابات مبكرة دعا هو لتنظيمها خلال فترة تسبق انتهاء فترة رئاسته بعامين تقريبا. يقولون ثورة شبابية شعبية سلمية للتغيير, والتغيير يقتصر على إسقاط الرئيس, وثورة أقصى أمانيهم فيها التوقيع على المبادرة الخليجية ولا يعنيهم منها سوى ما يتعلق باستقالة الرئيس بعد شهر من التوقيع عليها, وهم في انتظار مجيء ذلك الشهر, ولو استجابوا لمبادرات الرئيس السابقة للثورة لكانت الانتخابات المبكرة قد سبقت شهر المبادرة الخليجية الذي لم يحدد بعد. يسمونها ثورة شبابية شعبية حتى الآن رغم أنها استحالت الى صراع مصالح وقوده الذين لا مصالح لهم في هذه البلاد التي لا يحصل شبابه وشعبه على قوت يوم إلا بشق الأنفس.. ثورة شبابية قادتها وأصحاب المصلحة فيها المشائخ والقيادات العسكرية والتجار والفاسدون الذين صنعوا في ظل حكم الرئيس صالح وكانوا جزءا من النظام, بل ولا يزالون, وبه كبروا وأثروا وأفسدوا وأفحشوا واليوم يثورون على شخص الرئيس لمجرد شعورهم أن مصالحهم غير المشروعة ستتعرض لهزة صغيرة بفعل الإصلاحات التي يسعى لتنفيذها. إن السلطة وحزبها الحاكم صادقان فيما يرميان به المنشقين والذين تحولوا الى معارضين, ورغم ان السلطة تدين نفسها عندما تقول إن فلانا احتكر التجارة النفطية وفلانا سرق وفلانا هرب الديزل وتاجر بالمخدرات أو استولى على أراضي أو استحوذ على عقود المقاولات والمشتروات.. تدين السلطة نفسها لأن هؤلاء كانوا جزءا منها وفعلوا ما فعلوا وهم جزء منها, ولكن بنفس القدر من الإدانة يصدق على الذين أًصبحوا اليوم ثوارا ويقودون ثورة إسقاط الرئيس!