دعا المؤتمر الأول لجنوباليمنبالقاهرة إلى تحويل دولة اليمن الحالية إلى دولة فدرالية من إقليمين شمالي وجنوبي، وذلك لفترة انتقالية تستمر خمس سنوات كحد أقصى، على أن يمنح شعب الجنوب في نهايتها حق تقرير المصير، إما باستعادة دولته أو البقاء في دولة الوحدة. ويأتي ذلك بالتزامن مع احتجاجات واسعة ينظمها حراك الداخل والخارج رفضاً لمخرجات مؤتمر القاهرة، وتأكيداً لعدم الاعتراف به ممثلاً للجنوب. واعتبر المؤتمر - الذي انعقد في الفترة من 20 إلى 22 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي بحضور أكثر من 600 شخصية من جنوباليمن- أن المخرج الآمن الوحيد لحل القضية الجنوبية يتمثل في حق تقرير المصير، مهددا بأن عدم الاستجابة لهذا الحل يعطي الجنوبيين الحق في اللجوء إلى كافة الخيارات. ورأى المؤتمر- الذي عقد برئاسة علي ناصر محمد وحيدر أبو بكر العطاس، وكل منهما كان رئيسا لجنوباليمن قبل الدخول في الوحدة مع اليمن الشمالي في 22 مايو/أيار 1990- أن تقرير المصير هو حق شرعي تكفله القوانين والمواثيق الدولية. كما أقر المؤتمر- بحسب الجزيرة نت- وثيقة الرؤية السياسية الإستراتيجية لحل القضية الجنوبية، وإنشاء إطار مرجعي تنظيمي تحت مسمى "مجلس التنسيق الأعلى لأبناء الجنوب"، مع اعتبار هذا المجلس مرجعية سياسية وطنية جامعة لاتخاذ القرار الجنوبي. وإلى أن يتم تشكيل مجلس التنسيق الأعلى، فقد كلف المؤتمر قيادة مؤقتة تتكون من "الرئيسين" محمد والعطاس، إضافة إلى وزيرين سابقين هما صالح عبيد أحمد ومحمد علي أحمد ومعهما مصطفى العيدروس ورئيس المجلس الأعلى للحراك السلمي ونوابه ورؤساء مجالس الحراك بالمحافظات. وفي الوقت نفسه، اعتبر المجتمعون في القاهرة أن جميع أبناء الشعب الجنوبي شركاء في صنع مستقبل وطنهم، وأكدوا مساندتهم للثورة الشبابية في جميع ساحات اليمن شمالا وجنوبا ضد نظام الرئيس علي عبد الله صالح، وطالبوا المجتمع الدولي بالوقوف إلى جانب مطالب هذه الساحات ومحاكمة مرتكبي الجرائم ضد الشعب الأعزل. وبدا أن المجتمعين حريصون على توجيه رسالة لدول الجوار الإقليمي والمجتمع الدولي، حيث أكدوا التطلع لبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة، تقوم على التعددية السياسية واحترام حقوق الإنسان، وتحرص على الأمن والاستقرار في المنطقة، وتساهم بفعالية مع المجتمع الإقليمي والدولي لتأمين المصالح الإستراتيجية في الإقليم. من جهة أخرى، قرر المؤتمر -الذي اختتمت أعماله مساء الثلاثاء- تشكيل لجنة من خمسة أشخاص مهمتها التواصل والتوافق مع الأطراف الجنوبية الأخرى التي رفضت حضور المؤتمر، وفي مقدمتها الرئيس علي سالم البيض. ويقود البيض فريقا يطالب بفك الارتباط مع دولة الوحدة بشكل فوري، على عكس المجتمعين في القاهرة الذين يرون أن الظروف الإقليمية والدولية لن تسمح بذلك، وأن الحل هو تحويل اليمن إلى دولة فدرالية خلال فترة انتقالية يقوم فيها الجنوبيون بإقامة مؤسساتهم، قبل أن يتم استفتاء الشعب على تحديد مصيره إما بالاستمرار في الوحدة أو الانفصال. وقد أشاد الإعلامي اليمني محمد صالح ناشر بنتائج المؤتمر، خصوصا أنها خرجت بإجماع المشاركين، معتبرا أن ذلك كان بمثابة نوع من الاستفتاء على وحدة أبناء الجنوب الذين تمسكوا بتقرير المصير. تظاهرات في الجنوب ترفض على صعيد متصل، تظاهر عشرات الآلاف صباح اليوم الخميس في عدد من مدن وقرى محافظات الجنوب للتأكيد على مطالبهم باستقلال الجنوب عن الشمال ورفض مشاريع الفدرالية التي يرفعها مسؤلون جنوبيون سابقون- طبقاً لما أوردته "عدن الغد". ويرفض الحراك الجنوبي وهو حركة شعبية انطلقت العام 2007 من مدينة عدن توصيف الوضع القائم منذ العام 1994 بالوحدة ويعتبر أن الوحدة اليمنية بين الجنوب والشمال تحولت إلى "احتلال" عندما اجتاحت قوات الشمال أراضي الجنوب بعد حرب استمرت نحو شهرين. وفي مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة طاف متظاهرون انطلقوا من شارع العسل في مسيرة حاشدة شوارع المدينة ورفعوا أعلام دولة الجنوب السابقة وصوراً للرئيس الجنوبي "علي سالم البيض" والقيادي البارز "حسن باعوم" المعتقل منذ فبراير (شباط) من العام الجاري. وأقيم مهرجان خطابي عقب المسيرة ألقيت فيها كلمات وقصائد شعرية بينها كلمة من الناشط السياسي سعيد شملان اعتبر فيها أن مشاريع الفدرالية هي مشاريع لشرعنة ما أسماه "الاحتلال اليمنيللجنوب", لافتاً إلى أن "الوحدة انتهت العام 1994, وتحولت إلى احتلال" حسب وصفه. وشهدت مدينة "لودر" حاضرة المناطق الوسطى بمحافظة أبين مهرجاناً مماثلاً للتأكيد على أن مطالب الحراك الشعبي في الجنوب باستقلال الجنوب عن الشمال. وفي محافظة لحج أقيم مهرجانان أحدهما في مدينة الحوطة عاصمة المحافظة والآخر في مدينة الحبيلين شمالاً شارك فيه قياديون محليون في الحراك الجنوبي بينهم الدكتور ناصر الخبجي, وعقب مسيرة سلمية طافت الشارع الرئيس ردد فيها المتظاهرون أهازيجاً شعبية تتمسك ب"تحرير واستقلال الجنوب" أقيم مهرجان خطابي في منصة الشهداء ألقيت فيه كلمات نددت بمشاريع الفدرالية وجددت تمسك "شعب الجنوب بالحرية والاستقلال". وفي الضالع إلى الشمال الغربي من مدينة الحبيلين احتشد الآلاف في مسيرة حاشدة تقدمها قادة سياسيون وميدانيون بينهم القيادي البارز "شلال علي شائع". ورفع المتظاهرون صوراً لرعاة مؤتمر القاهرة عليها علامات (X) في إشارة إلى رفض مخرجات اللقاء. وأظهر شريط فيديو تداوله نشطاء ومستخدمون على شبكات التواصل الاجتماعي محتجين وهم يحرقون صور رعاة المؤتمر الذين ينتمي بعضهم إلى ذات المحافظة. وتأتي هذه التظاهرات الصباحية فيما تستعد عدد من مدن الساحل الجنوبية إقامة تظاهرات مسائية في عدن وحضرموت لإحياء يوم الأسير الجنوبي الذي يقام يوم الخميس من كل أسبوع وللتأكيد على رفض مشاريع الفدرالية بين الجنوب والشمال.