عنجهية العليمي آن لها ان توقف    إقالة رشاد العليمي وبن مبارك مطلب شعبي جنوبي    إستشهاد جندي جنوبي برصاص قناص إرهابي بأبين    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    تربوي: بعد ثلاثة عقود من العمل أبلغوني بتصفير راتبي ان لم استكمل النقص في ملفي الوظيفي    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    نجاة قيادي في المقاومة الوطنية من محاولة اغتيال بتعز    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    دولة الأونلاين    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    احتجاجات في لحج تندد بتدهور الخدمات وانهيار العملة    جمعية التاريخ والتراث بكلية التربية تقيم رحلة علمية إلى مدينة شبام التاريخية    نتائج المقاتلين العرب في بطولة "ون" في شهر نيسان/أبريل    النصر يودع آسيا عبر بوابة كاواساكي الياباني    اختتام البطولة النسائية المفتوحة للآيكيدو بالسعودية    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    الهند تقرر إغلاق مجالها الجوي أمام باكستان    13 دولة تنضم إلى روسيا والصين في مشروع بناء المحطة العلمية القمرية الدولية    هل سيقدم ابناء تهامة كباش فداء..؟    هزة ارضية تضرب ريمة واخرى في خليج عدن    سوريا ترد على ثمانية مطالب أميركية في رسالة أبريل    مباحثات سعودية روسية بشان اليمن والسفارة تعلن اصابة بحارة روس بغارة امريكية وتكشف وضعهم الصحي    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    غريم الشعب اليمني    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسائل إلى الأغبياء في الساحة اليمنية
نشر في نبأ نيوز يوم 08 - 12 - 2011

حاولت مراراً ان أجد عنواناً اقل استفزازاً لهذا المقال لكني لم أجد مايصف السياسة التي انتهجتها أطراف عديدة في الساحة إزاء قضايا معينة خلال الأزمة الراهنة وتداعياتها الكارثية المحتملة على تلك الأطراف وعلى اليمن عموماً الا الغباء الشديد، لذا فاني أمل من الجميع ان يتقبل ملاحظاتي بصدر رحب وتفهم واقعي نابع من خوفي الشديد من المخاطر المحدقة بأمن واستقرار ووحدة بلادنا ونظامها الجمهوري كمايلي:-
* الرسالة الأولى: إلى الأغبياء في النظام والمعارضة على حد سواء:
هؤلاء الذين يتقاتلون على دكاكين الحصبة وجولة كنتاكي وعمران وأسواق مذبح وعلي محسن في حين يتركون الجنوب لأمواج تتقاذفها قوى عده منها الحراك الانفصالي وعناصر تنظيم القاعدة، هؤلاء الذين يبذلون كل الجهود ومالديهم من إمكانيات للانقضاض على الوحدة الوطنية وإقامة إمارات طالبانية وسلطنات ودويلة حضرمية ومحاولة إعادة عدن إلى عهد الوصاية البريطانية المباشرة، وكذا تركهم جماعة الحوثي تستغل صراعهم الحالي بتعزيز تواجدها في صعده والتوسع في عدد من محافظات شمال الشمال والغرب (الجوف، حجة، عمران ومأرب) .

قد يقول البعض ان كلا الطرفين أي المؤتمر الشعبي والمشترك في حقيقة الامر ليسا مشغولين في صراعهما الحالي عما يحدث في المحافظات الجنوبية، وان هناك نوع من التنسيق أو التفاهم مع كل من الحراك والقاعدة، وحتى لوا فترضنا جدلاً صحة ذلك، فانه لا ينفي غبائهما، كون كل من الحراك والقاعدة يحاولان استغلال مثل هذا التنسيق أو التعاون لتحقيق أهدافهما في الجنوب، فالقاعدة تعتبر أي دعم أو تغاضي عن نشاطها من طرفي الأزمة الراهنة من باب القاعدة الشرعية "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " صدق الله العظيم، ومن ثم فان أي دعم أو تنسيق قد تتلقاه من الطرفين لا يعني وجود تحالف مع أي منهما بقدر ماهو من وجهة نظرها تسخير ألهي للمجاهدين من اجل مساعدتهم في إقامة دولة الخلافة في المحافظات الجنوبية والشرقية .

يظهر المستوى المرتفع للخطر الذي وصل إليه تنظيم القاعدة في هذه المحافظات في ارتفاع عدد إتباع التنظيم من 300 - 700 عنصر في اليمن حسب ما ذكره الدكتور عبدالكريم الارياني المستشار السياسي للرئيس صالح في حديثة لصحيفة نيويورك تايمز اثناء حادثة قضية الطرود المفخخة العام 2009، إلى عشرات الآلاف من العناصر بينهم أكثر من 5000 عنصر في أبين وحدها حسب تقديرات مسؤولين محليين في أبين خلال إحداث زنجبار قبل عدة أشهر في حين قدرت قيادات أمنية في عدن حسب صحيفة الأولى في أكتوبر الماضي وجود 700 عنصر من القاعدة في عدن، إضافة إلى ان تعدد جنسيات القتلى الذين يسقطون في صفوف القاعدة خلال غارات الطيران الحربي في الأسابيع الماضية، التي تدل على ان المحافظات الجنوبية والشرقية بما فيها مأرب والجوف قد تحولت إلى قبلة يحج إليها إتباع القاعدة من مختلف دول العالم.

أما خطر الانفصال فقد اشتد عوده في الفترة الأخيرة وبالذات مع تنامي نشاط الحراك داخل مدينتي عدن والمكلا بعد ان كان محصوراً في المناطق النائية والمدن الثانوية في لحج والضالع، وليس خافياً الدور الرئيسي الذي لعبته أحزاب المشترك في دعم قوى الحراك وجعلته مشروعا أكثر خطورة عن ذي قبل.

فبالإضافة إلى تسخير إعلام المشترك كل إمكانياته للترويج للحراك وتغطية فعالياته وبالذات منذ العام 2007 وحتى الوقت الراهن،إضافة إلى حقيقة كون 80% من أتباع الحراك هم من أعضاء وأنصار الحزب الاشتراكي، فقد سخر حزب الإصلاح إمكانياته وكوادره في تلك المحافظات لدعم قوى الحراك، ومازال هذا الدعم مستمراً بل وجهد الإصلاح كثيراً من اجل توحيد صف معارضة الخارج المتمثلة في تيار على ناصر محمد وحيدر العطاس تحت شعار الفيدرالية وتقرير المصير كحل للقضية الجنوبية في مواجهة تيار على سالم البيض الرافع لشعار فك الارتباط، وقد نجح في عقد مؤتمري القاهرة في مايو 2011 ونوفمبر 2011 وبتمويل من رجل المال الإصلاحي المعروف.

غباء المعارضة يظهر في اعتقادهم ان دعم تيار يطالب بالفيدرالية هو المخرج المناسب لحل القضية الجنوبية كضرورة لحلحه الأزمات المركبة التي تعاني منها بلادنا، لكن ما اقره اجتماع في القاهرة في ال 22 من نوفمبر المنصرم، يظهر مدى غباء المعارضة، حيث أنهم يدعمون بغباء قل نظيره إعادة تقسيم اليمن بل ويساعدون في ان يكون المشروع الانفصالي المسخ قابلاً للحياة، فدعم المعارضة لخيار الفيدرالية مع منح أبناء الجنوب حق تقرير المصير بعد 5 سنوات أي اعتماد النموذج السوداني، الذي تبناه مؤتمر القاهرة في نوفمبر المنصرم وفي ظل هذه الظروف الصعبة التي تمربها بلادنا، سيؤدي حتماً إلى الانفصال رغم حقيقة ان معظم أبناء الجنوب وحدويون حتى النخاع وهم أكثر وحدوية من الكثير من ابناء الشمال، وقد كان العطاس واضحاً في تصريحاته لصحيفة اليوم السابع المصرية ولصحف أخرى نهاية نوفمبر الماضي، حيث أكد ان الهدف من الفترة الانتقالية قبل الاستفتاء هو إعادة بناء مؤسسات دولة الجنوب، في حين ان فرص نجاح المشروع الانفصالي بالصورة التي يتبناها تيار البيض متدنية جداً، حيث ان المرجح ان ينقسم الجنوب إلى عدة سلطنات في حين ان حضرموت ستذهب إلى إقامة دولة مستقلة بها على الأرجح.

أما بالنسبة لخطر الحوثي فقد ظهر جليا في بسط سيطرته التامة على صعده بل وتولي إدارتها فعلياً عبر قائده عبدالله الحاكم المعروف ب أبوعلي الحاكم واتخاذ فارس مناع ديكوراً فقط حسب ما ذكره موقع براقش نت بتاريخ 28/11، كما ان ما يرتكبه الحوثي من انتهاكات إنسانية بحق أهل دماج من أتباع التيار السلفي واعتداء الأسبوع الماضي على عدد من الصحفيين ممن زاروا صعده في محاولة منهم لنقل صورة مما يحدث في دماج، يظهر ان الحوثيين باتوا دويلة داخل دولة، بل ان توسعهم الأخير في عدد من مديريات حجة واقترابهم من ميناء ميدي ومنفذ حرض الحدودي، وكذا الاحتفالات الواسعة التي شهدتها 7 محافظات بمناسبة الذكرى السنوية لعيد الغدير، يدل بجلاء ان الخطر على النظام الجمهوري بات حقيقياً وان عودة الإمامة ليست مجرد مخاوف يحاول النظام إثارتها خدمة لمصالحه كما تردده المعارضة .

الغباء هنا متعدد الأوجه بالنسبة للتعامل مع خطر الحوثيين، فالنظام متهم من المعارضة بالتواطؤ مع الحوثي أو على الأقل غض الطرف عن توسعهم، ولو افترضنا صحة ذلك فلا نعرف كيف سيتمكن النظام من مواجهة هذا الخطر ؟خاصة مع الترجيح باستغلال الحوثي انشغال السلطة والمعارضة في صراعهما الحالي لتعزيز ترسانته الهائلة من الاسلحة في حين ان النظام عجز عن القضاء على الحوثي قبل هذه الأزمة وبمشاركة عسكرية من السعودية فمابالنابالوضع الحالي، إضافة إلى ان النظام اخفق في استغلال وسطية وتسامح المذهب الزيدي باعتباره اقرب المذاهب إلى أهل السنة، واستخدامه كأهم أداة يستطيع من خلالها القضاء على جماعة الحوثي ،والمعروف ان الهادويين هم العدو التاريخي للمذهب الزيدي.

إما بالنسبة للمعارضة فقد فشلت في جعل التفاهم الذي توصلت اليه مع جماعة الحوثي العام الماضي واقعاً على الأرض، وظل حبراً على ورق، فالاشتباكات داخل ساحة الجامعة ظلت هي السائدة بين شباب الصمود التابعين للحوثي وبين أتباع حزب الإصلاح، كما تكررت اعتداءات عناصر الفرقة على هؤلاء مراراً مما جعل ساحة الجامعة منقسمة إلى ساحتين، كما كان تهافت الطرفين على السيطرة على مقاليد الأمور في الجوف سببا في نشوب اشتباكات دامية بين الطرفين خلال الفترة الماضية استخدم فيها الطرفان مختلف أنواع الأسلحة وبلا رحمة وكان المدنيين وبالذات النساء والاطفال هم ضحايا هذا الصراع، وقد ساهمت هذه الاشتباكات في رفع وتيرة التوتر في صعده بين الحوثيين والسلفيين في دماج، وباتت اليمن مهددة بنشوب حرب مذهبية مصغرة لما حدث في العراق، وهي كارثة في حال حدوثها لن تبقى محصورة في صعده وحدها بل ستمتد إلى المحافظات الأخرى، وكأن اليمن ليس فيها مشاكل حتى تقع ضحية لحرب مذهبية وطائفية بسبب جشع وتلهف قوى داخل الصف المعارض للنظام للوصول إلى السلطة وبسط النفوذ على اكبر عدد من المناطق .

الغباء لم ينحصر على طرفي السلطة والمعارضة في تعاملهما مع خطر جماعة الحوثي، بل ان الآلاف من أبناء القبائل ممن انضموا ا إلى الحوثي أو من المؤيدين له، يقدمون أرواحهم وأبناءهم وأموالهم خدمة لإعادة الإمامة إلى اليمن والعودة من جديد كعكفة ومقبلي ركب، منخدعين بما يجهد به عبدالملك الحوثي وإخوانه في تقديم نموذج جديد للحكم، كإمام عادل يحرص على تطبيق العدل والمساواة والأنصاف بين الرعية، وحل مشاكلهم بمبادئ الشرع، وغيرها من المظاهر الخادعة، التي تهدف إلى جذب البسطاء نحوه لمساعدته على استعادة الحكم قبل ان يكشف لهم عن حقيقته القائمة على التعصب المذهبي والإسلامي المقيتين بعد سيطرته على الحكم.
* الرسالة الثانية:- إلى الأغبياء في الساحات:-
لعل أكثر ما يحز في نفسي ان انظر إلى الشباب في ساحات التغيير والحرية في مختلف المناطق وهم يقعون فريسة سهلة لإطماع المعارضة، التي استغلت أرواحهم ودمائهم وآمالهم بالدولة المدنية الحديثة من اجل تحقيق حلمها في الوصول إلى كرسي الحكم، فها هي تواصل تجاهل بل والاستخفاف برغبة ومواقف الشباب من الأزمة ورفض الحوار مع النظام ورفض المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وأي تسويات سياسية أخرى، وتضرب بها عرض الحائط وتواصل مفاوضاتها مع النظام الحاكم لتشكيل حكومة وفاق وطني، لا نجد للشباب فيها أي دور.
يبدو ان الشباب لن يختلف حالهم كثيراً عن حال أمثالهم في بلدان الربيع العربي حيث أفرزت الانتخابات التشريعية التي شهدتها تونس والمغرب عن فوز عريض للأحزاب الإسلامية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، وهو ما يرجح ان تشهده مصر أيضا في الانتخابات التي تجري في هذه الأيام، في حين تلاشى أي اثر للشباب في هذه الانتخابات، وهم من فجر الثورات في تونس ومصر، وهم ايضا من ضغط على الملك المغربي ودفعه للأقدام على إجراء إصلاحات هامة - وان لم تصل إلى المستوى الذي تطمح اليه حركة ال 20 من فبراير المغربية-
أما بالنسبة لشبابنا في الساحات فيظهر ان مصيبتهم اكبر مع أحزاب المعارضة، فثورتهم وتضحياتهم بدلاً من ان تدفع اليمن إلى إقامة الدولة اليمنية المنشودة، فأنها على العكس من ذلك تماماً، فقد أدت إلى استبدال الإرادة الشعبية بالديمقراطية الناشئة التي كانت موجودة بمبدأ التوافق، الذي يعني ان ما يقره قادة الأحزاب هو الذي ينفذ ولو كان مخالفاً للاردة الشعبية، فالرئيس سيتم انتخابه توافقيا بعد 3 أشهر ،، والبرلمان سيظل توافقياً خلال سنتين وثلاثة أشهر وحكومة الوفاق ستكون قراراتها توافقية، بل أن داخل الوزارة نفسها سيكون أي قرارا فيها بالتوافق بين الوزير ونائبه الذي سيتم اختياره من الطرف الآخر.
وليس خافياً أن هذا التوافق لن يخرج البلاد إلى طريق، وستجد الحكومة نفسها عاجزة عن القيام بمهامها ليس تجاه القضايا الكبيرة فقط بل وتجاه ابسط الأشياء، حيث سيحتاج معاقبة موظف ما ارتكب مخالف قانونية أو حتى تعديل الإجراءات الروتينية لتفعيل الأداء إلى توافق الوزيرة ونائبه، وستكون المصالح الحزبية هي المهيمنة على مواقف وقرارات قيادات كل وزارة، وهو ما يعني ان حكومة باسندوه القادمة ستتجاوز على الأرجح بمراحل فشل الحكومات اليمنية السابقة كلها وستحقق رقماً قياسياً في الإخفاق الذريع، الذي قد يدخلها موسوعة جينز للأرقام القياسية، وهذا الكلام ليس من باب التشاؤم أو الرغبة في إحباط الحكومة الجديدة، ولكن المؤشرات كلها تدل على ذلك، وما تجربة اليمنيين المريرة مع الحكومات الائتلافية خلال عقد التسعينات، التي استنزفت أموال وخيرات البلاد، واظهرت جميع إمراض الحزبية خلال تلك الفترة من تصفية وتهميش للموظفين داخل كل وزارة على أساس الانتماء الحزبي، الا دليل على هذا الطرح.
وأكاد اجزم ان ما يحدث من انفراج سياسي الآن بالتوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ما هو الا ترحيل للازمة وليس حلها، واحتمال تفجرها في السنوات القادمة سيكون اكبر عنف مما هو في الوقت الراهن.
- المهم هنا ان تمخض ثورة الشباب عن رجل سبعيني لتولي رئاسة الحكومة كواجهة لرجل الاعمال المعروف الذي يحرص على استحواذ شركاته على مشاريع اعادة اعمار مادمرته الازمة سيما مع ذهاب حقيبة التخطيط والتنمية الى المعارضة المختصة بالمساعدات الدولية والقروض ،هذا الوضع يدل على وجود خلل كبير في الثورة وان هناك حاجة ماسة لاعادة تصحيح مسارها.
* الرسالة الثالثة: إلى الأغبياء في الحراك الجنوبي وتناسيهم مخاطر الحلم الحضرمي:-
هذه الرسالة موجهة الى قوى الحراك المؤيدة لخيار الفيدرالية وحق تقرير المصير المنضوين في تيار علي ناصر محمد وحيدر العطاس، فهؤلاء يعتقدمون ان إجماع 600 من قيادات الحراك في الداخل والخارج التي شاركت في مؤتمر القاهرة في ال 22 من نوفمبر الماضي على حق تقرير المصير لأبناء الجنوب بعد 5 سنوات، أنهم بذلك نجحوا في ترسيخ أولى الخطوات الفعلية نحو تحقيق حلمهم باستعادة دولة الجنوب، في حين يتناسى هؤلاء وبغباء منقطع النظير ان ترسيخهم لمبدأ حق تقرير المصير يمثل اكبر خطر على مشروعهم الانفصالي ، حيث ان هذا الإقرار يفتح الباب واسعا أمام أبناء حضرموت لرفع صوتهم عاليا للمطالبة يمنحهم هذا الحق، وإجراء استفتاء على حقهم في إقامة الدولة الحضرمية التي تشمل محافظتي حضرموت والمهرة بل وأيضا شبوة بحسب بعض الطروحات الحضرمية أي مايمثل ثلثي مساحة اليمن تقريبا، وليس خافياً وجود النزعة لدى الكثير من أبناء حضرموت ورغبتهم في إقامة دولتهم خاصة ان البعد الجغرافي والهوية التاريخية المعروفة لحضرموت تجعل موقفهم أكثر إقناعا.
إضافة إلى ان دعاة الانفصال في المحافظات الجنوبية عن اليمن الواحد يبررون موقفهم بترويج مزاعم بنهب الشمال لثروات وخيرات الجنوب – رغم عدم دقة ذلك – لكننا نجد ان أبناء حضرموت سيتخذون من هذه الذرائع سبباً للمطالبة بتقرير المصير، فالثروة النفطية والسمكية والزراعية تتركز في محافظتي حضرموت وشبوة، كما لا يخفى ان الحضارمة المعروفين بهدوئهم واعتدالهم وتصوفهم، ينظرون إلى محافظات كلحج وأبين والضالع على أنها مصدر للمشاكل والمآسي التي أصابت محافظتهم في العقود الماضية، خاصة في عهد الدولة الشطرية، وهي ذات النظرة التي يحاول دعاة الانفصال في الوقت الراهن أقناع أبناء الجنوب بها تجاه إخوانهم في المحافظات الشمالية.
- إنا هنا لا أتكلم من باب محاولة أثارة الفتنة أو المشاكل بين أبناء الجنوب أنفسهم، وإنما أتحدث انطلاقاً من حقائق ومواقف معروفة للجميع، ولمن أراد التأكد من ذلك ما عليه الا أن يطالع العديد من المنتديات الاجتماعية و التعليقات الالكترونية للمواضيع التي تتحدث عن الجنوب أو حضرموت، حيث لا يخلو أي موضوع من تعليقات لأشخاص يطالبون بالدولة الحضرمية، كما ان استطلاع للرأي جرى في المكلا قبل نحو ثلاثة أشهر ونشر نتائجه موقع نيوز يمن، اظهر تأييد غالبية المستطلعة آراؤهم لقيام فيدرالية في حضرموت إذا كانت في إطار اليمن الواحد، أو تفضيلهم لقيام دولة مستقلة في حضرموت في حال انفصال الجنوب عن الشمال، هذا وكان وفد محافظة حضرموت إلى مؤتمر القاهرة قد امتنع عن حضور الاجتماع تحت مبرر الحرص على عدم إفشال المؤتمر والحرص على وحدة الصف الجنوبي دون أن يقدم أعضاء الوفد توضيحات عن ذلك.
وهناك الكثير والكثير جداً من الأمثلة والحوادث التي تظهر وجود رغبة لدى شريحة واسعة من أبناء حضرموت في إقامة دولة خاصة بهم، ولاشك انه في حال نجحت قوى الحراك الجنوبي وبدعم من أحزاب المشترك في أقرار حق تقرير المصير في مؤتمر الحوار العام المفترض إجراؤه خلال الفترة الان تقالية المقبلة، فان أبناء حضرموت سيجدون في ذلك فرصة تاريخية يصعب تعويضها للمطالبة بالمثل سيما أن اعتماد قوى الحراك لما حصل في السودان نموذجا لتكراره في اليمن، يعزز من فرص حضرموت في الحصول على استفتاء خاص بهم لتقرير مصيرهم، حيث منحت اتفاقية نيفاشا للسلام في السودان لسكان منطقة ابيي النفطية حق تقرير المصير لمستقبل منطقتهم، وهو ما سيعمل الحضارمة على إقراره في أي مفاوضات حول تقرير المصير للجنوب، ولاشك انه في حال وجد المؤتمر الشعبي نفسه مضطرا للقبول بحق تقرير المصير للجنوب في مؤتمر الحوار الوطني القادم، فان الأرجح ان يعمد إلى دعم أي توجه حضرمي للحصول على حق تقرير المصير أسوة ببقية المحافظات الجنوبية خاصة ان هناك دعم سعودي غير معلن وقديم لمثل هذا الاتجاة سيما مع عدم استبعاد قبول امريكي لمثل هذه الخطوة اذا استدعت التطورات ذلك ولعلنا نتذكر قول السفير الامريكي السابق عندما زار حضرموت أنها تمتلك إمكانيات دولة وكل ذلك قد يفتح الباب امام تفكك اليمن كله ،فلاتفتحوا ابواب جهنم على البلاد بالإصرار على تقرير المصير.

* الرسالة الرابعة: إلى الأغبياء المؤيدين لنتائج مؤتمر القاهرة:-

لا يبالغ المرء إذا ما اعتبر أن أكثر المواقف غباءً في الفترة الأخيرة كانت من قبل شخصيات يمنية متثقفة محسوبة على المعارضة ومن ائتلافات شبابية داخل الساحات وبالذات ساحة الحرية بتعز، حيث أرسلت تلك الشخصيات والائتلافات برقيات تهنئه ومواقف تدعم مؤتمر القاهرة الانفصالي وتبارك النتائج التي خرج بها وللأسف الشديد نجد ناشطة السلام توكل كرمان تميل إلى هذا الموقف.

تعتقد هذه الشخصيات أنها بمثل هذا الموقف تنتصر لأبناء المحافظات الجنوبية ولمطالبهم في حقهم في استعادة الشراكة في السلطة والثروة باعتبارهم شريك في تحقيق الوحدة المباركة، وبغض النظر عن مدى صحة مثل هذا الطرح من عدمه، فان دعم قيادات وائتلاف شبابية وبالذات من داخل ساحة الحرية لنتائج مؤتمر القاهرة سيما مسألة تقرير المصير بعد 5 سنوات هو قمة الغباء السياسي بل هو الغباء بذاته، لأنه بمعنى آخر هو دعم لتقسيم البلاد من جديد وبمنتهى الغباء.

فعلى الرغم من ان غالبية أبناء المحافظات الجنوبية هم وحدويين حتى النخاع، لكن استمرار التحريض المناطقي واستعداء كل ما هو شمال والذي يظهر بوضوح في حضرموت ولحج بقوة، أدى إلى تنامي مشاعر الكراهية والحقد وبالذات في أوساط الشباب المغرر بهم في تلك المحافظات، ونظراً لان أقرار حق تقرير المصير بعد 5 سنوات كما يتبناه تيار ناصر والعطاس وبدعم إصلاحي – اشتراكي للأسف، سيصب في الأخير لصالح خيار الانفصال، حيث ان تحسن الأوضاع في اليمن خلال الفترة الانتقالية هو أمر اشبه بالمعجزة، و المرجح ان تكون الفترة القادمة هي فترة يغلب عليها حالة من انعدام الاستقرار السياسي والأمني ومن ثم الاقتصادي، فما زالت تونس ومصر تعاني من انعدام الاستقرار فيهما رغم ما يقارب العام على اندلاع الثورتين في البلدين، أما وضعنا المعقد في اليمن يجعل من عدم الاستقرار هو المرجح لفترة طويلة، إضافة إلى أن الخسائر الهائلة التي تعرض لها الاقتصاد الوطني يجعل من تحسن الاقتصاد خلال العشرة السنوات المقبلة أمر مشكوك فيه، المهم أن انقضاء الخمس السنوات المفترضة إلى حين موعد إجراء استفتاء تقرير المصير للمحافظات الجنوبية في ظل عدم تحسن الوضع المعيشي للمواطنين في تلك المحافظات وفي عموم البلاد، بل والتوقع بان يكون أسوا مما هو عليه الآن، مع تعمد الأبواق الانفصالية أقناع الشباب والمواطنين عامة بمغالطات ومجتزأة منها أن فساد القيادات من الشمال فقط هي سبب معاناتهم ، إضافة إلى أن وجود احد أبناء أبين عبدربه منصور هادي" واحد أبناء عدن "محمد سالم باسندوة في أهم منصبين في البلاد "الرئيس ورئيس الوزراء " مع تطبيق نظام الفيدرالية في اليمن خلال الفترة الانتقالية، كل ذلك لم يؤد إلى تحسن الوضع المعيشي في البلاد، الأمر الذي يجعل المواطنين في المحافظات الجنوبية مهيئين أكثر لتقبل الاسطوانة المشروخة التي ترددها الأبواق الانفصالية بان الانفصال هو الحل الوحيد لتحسن ظروف الحياة في الجنوب باعتبار معظم الموارد الطبيعية فيه كون عدد سكانه قليل لايتجاوز ال 5 مليون نسمة، كل ذلك يجعل التصويت لصالح الانفصال أمر شبه مؤكد.

مبدئياً ليس هناك ما يمنع في ان يقرر أبناء أي منطقة في الجنوب مصيرهم كحق كفلته المواثيق الدولية والإنسانية، مع الإشارة الى أن دول ديمقراطية ترفض الاعتراف بهذا الحق ،فالدستور الأمريكي مثلا لا يقر لأي ولاية من الولايات الخمسين حق تقرير المصير ،كما أن تركيا ترفض منح الاكراد حق تقرير مصيرهم ،في حين نجد أن المغرب يصر على الحكم الذاتي كحل وحيد لمشكلة الصحراء الغربية في مفاوضاته مع البوليساريو رغم وجود اعتراف سابق من الأمم المتحدة بالصحراء الغربية كدولة واعتراف اكثر من سبعين دولة رسميا بها.

الاعتراض على المطالبة بتقرير المصير في الجنوب نابع عن قناعتي بان الانفصال لن يحل المشكلة بل سيزيدها تعقيدا ويجعل من حياة اليمنيين في الشمال والجنوب كابوساً بشعاً، حيث انه في أكثر السيناريوهات تفاؤلا بان حصول الانفصال لن يؤدي إلى تفكك الشطرين إلى عدة دويلات متصارعة، فان حالة المواجهة الباردة والاستنزاف العسكري للشطرين وعودة المناطق الساخنة على طول المحافظات الحدودية أو ما كان يعرف بحرب الجبهة ستكون هي السائدة في علاقات الشطرين وستعود عمليات التآمر بين قيادات النظامين، كما سيكون الشطرين أداة لاستقطاب وتنافس القوى الإقليمية والدولية المتناحرة، حيث ستكون المناطق الحدودية وبالذات تعز، إب، لحج، الضالع والبيضاء ساحات صراع بديلة لتلك القوى لتصفية حساباتها مع بعضها البعض.

بمعنى إذا استقطبت السعودية الشمال إلى جانبها فان الجنوب سيكون في خانة قطر وإيران وربما يكون العكس هو الصحيح، أيضا إذا اقتربت صنعاء من واشنطن فان موسكو ستعمل على جذب عدن نحوها وربما يكون العكس أيضا، المهم أن الشطرين سيكونان في خندقين متضادين، وهو ما يجعل من حالة الصراع والحروب المتكررة بينهما هي الحالة السائدة لعلاقاتهما المستقبل إذا ما حصل انفصال لأقدر الله كما هو حاصل حاليا من توتر مرجح أن يذهب بعيدا بين السودان وجنوب السودان.

من هنا يظهر بجلاء ان إقامة الدولة المدنية الحديثة، التي يطبق فيها القانون على الجميع ويكون فيها الجميع متساوين في الحقوق والواجبات، ويكون فيها رأس الدولة والوزراء تحت المجهر والمحاسبة هي الحل الأمن والمنصف لمشاكل اليمن شماله وجنوبه وشرقه وغرب.

أما بالنسبة لمسألة حق تقرير المصير فإذا كان حقاً أصلته المواثيق والأعراف الدولية، فحتى لا يكون فيه ظلماً لحلم الوحدة الذي كافح وناضل من اجله اليمنيين لعقود طويلة فان الحل الأنسب أما أن يتم إعطاء الوحدة، هذا الحلم النبيل فرصة أخرى، بحيث يتم منح أبناء الجنوب حق تقرير المصير بعد 20 سنة من الآن، حيث أن الوحدة جاءت في ظل جو إقليمي ودولي مضطرب، أعاق قدرتها على النمو جراء حرب الخليج الثانية وانعكاساتها الكارثية على البلاد، لذا فان الوحدة تستحق إعطاءها فرصة للنمو من اجل التفاف اليمنيين حولها كخيار وحيد لا غنى لهم عنه وذلك بإقرار حق تقرير المصير بعد 20 سنة وليس 5 سنوات وذلك لان طول الفترة سيدفع قوى الحراك لبحث إمكانية العيش في ظل دولة واحدة تحت نظام لا مركزي يتلاءم مع وضع البلاد والتحديات الداخلية والخارجية التي تحيط بها بصورة لا تهدد فيه بقاء البلاد ككيان موحد، في حين أن تحديد 5 سنوات للاستفتاء يجعل قوى الحراك تعمل على هدم ما بقي من مظاهر وأواصر للوحدة في المناطق الجنوبية عن بقية مناطق البلاد وكما فعلت الحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان.

هناك اقتراح آخر بالنسبة لحق تقرير المصير، فنظرا لحقيقة أن هذه القضية لا تخص أبناء المحافظات الجنوبية وحدهم بل تمس حياة كل يمني، الأمر الذي يفترض أن يشارك جميع أبناء اليمن في أي استفتاء مقترح لتقرير مصير الجنوب والبلاد عموماً أو على الأقل ضرورة مشاركة أبناء محافظات التماس المباشرة مع المحافظات الجنوبية في الاستفتاء المفترض كتعز، إب، البيضاء، مأرب والجوف، فحياة المواطنين في هذه المحافظات ستتأثر مباشرة وبدرجة أولى بما يحدث في المحافظات الجنوبية ومن ثم فان من حق هؤلاء ان يشاركوا في تقرير مصيرهم كبقية إخوانهم في المحافظات الجنوبية .

وفي الأخير لابد لي من ان اعترف إني قد تفوقت بغبائي على كل من انتقدتهم في مقالي هذا، وذلك لأني بطرحي السالف الذكر استعديت جميع الإطراف الفاعلة في اليمن ولم اترك لي صديق واحد، وهذا في اعتقادي قمة الغباء ولكن ما يشفع لي إنني أقدم مصلحة وطني على ما عداه وأخشى ان يتحقق قول الكاتبة الألمانية ساندرا ايفانس في مقالها قبل الأخير ان اليمنيين يحفرون قبورهم بأيديهم والسلام ختام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.