إن أحداث 11 من سبتمبر 2001 ومارافقها من تقارير محاربة الإرهاب في العالم متمثلاً بتنظيم القاعدة الذي أقدم على تلك العملية الإرهابية أعطى المبرر لحجج الغرب بمكافحة الإرهاب ومنذ ذلك الوقت وتنظيم القاعدة يستفحل ويتفرخ عنه تنظيمات إرهابية تحت مسميات عديدة ، في حين يفترض تقليص وتحجيم القاعدة بعد إعلان محاربة الإرهاب إن لم يكن القضاء الحتمي عليها على اعتبار تضافر الجهود الغربية والعربية بالترغيب والترهيب. وها هي اليوم الدولة الأولى في مكافحة الإرهاب- أمريكا- استطاعت وببراعة معتادة أن تجير وتُحَول خطورة تنظيم القاعدة على العرب أنفسهم، فها نحن نذوق ويلات تنظيم لم يجلب للعرب والإسلام غير الدمار والتدخل في شؤون الدول بوقاحة حجج أسمها مكافحة الإرهاب.. طيارات من دون طيار، وأموال طائلة، واستخبارات، كلها تصب في الظاهر نحو محاربة القاعدة في بلدان يتواجد فيها أفرادها. فأمريكا اليوم تصنع "ربيعها العربي" كما خططت له وتدعم الجماعات الإرهابية والمتطرفة بشتى الطرق لتصبح القاعدة في "الربيع العبري" هي الدولة وهي الحكومة، وبالتالي استطاعت أمريكا أن تدمر كل شيء بتوجيه عداء العدو نحو العرب أنفسهم، فلم تعد أمريكا ذلك العدو الذي كان قبل أحداث 11 من سبتمبر ولم تعد تلك الدولة التي يجب بل من المحتم جهادها وتدميرها وتوعدها بعمليات القاعدة، بل أصبح التنظيم حليفاً لأمريكا وسيف مسلط على العرب.. ونجحت أمريكا في تجنيد القاعدة لصالح خدماتها وتفريخ عناصر وتنظيمات عديدة لمسناها في فترة الربيع العبري وكلها تصب في قالب واحد ، ومن تلك التنظيمات... هكذا سارت اللعبة واستُغفلت كثير من العقول واستقطبت إليها كثير من الأفراد مستغلة غرس قيم دينية مغلوطة بصنع دروع بشرية جهادية وتدميرية ومؤخراً ثورية، لا تطيح بالغرب ومنشأته بل بالعرب أنفسهم، مستهدفة أهم مكون للدول وهو القوى البشرية. أصبحت القاعدة اليوم حليفاً أكثر ثقة وود لأمريكا من بريطانيا بل ومن إسرائيل نفسها.. أموال طائلة تمنح لتدمر شعوبنا ودولنا وتقتل وتخرب من أجل الوصول إلى الحكم، وبالتالي لن يكون أمام أمريكا مجهود بعد ألان فقد تحققت النتيجة، ولم نعد نسمع بتفجيرات واغتيالات وتدمير منشآت إلى أخر تلك العمليات إلا في وطننا العربي.. هكذا تحول مجرى القاعدة الحليفة لأمريكا والغرب ولم تعد شعارات الإسلام والدين وتعاليمه تُفرض على مجتمع غربي وتهدده كما كان يظهر. ربما الآن أصبحت أمريكا والغرب محميين من القاعدة بل من المؤكد ذلك، وهذا "الربيع العبري" يشهد على ذلك، حيث نلاحظ في الدول العربية من يقوم بالثورات ضد الأنظمة غالباً- إن لم يكن دائما- من قبل جماعات متشددة ومتطرفة دينياً والاختلاف في وقت ركوب الموجة والصعود لتلك الثورات الغريبة، وأمريكا تساند وتمنح وتؤازر تنظيمات طالما وكانت إرهابية ولكن طالما والمصلحة تتحقق ودون بذل إمكانيات والزج بجنودها للدول العربية. فالتحالف مع القاعدة هو الطريق الأقصر والأقل تكلفة والأوفر جهداً، لهذا نرى اليوم الجماعات الإرهابية التي صعدت لأنظمة دول الربيع العربي كلها من الأنظمة والجماعات الإرهابية.