بالرجوع الى السنوات التي سبقت مابات يسمى بالربيع العربي يتبين ان الاشكالية التي ارقت الولاياتالمتحدةالامريكية والغرب لأجلها هي (حربها ضد الارهاب) ، فإذا كان تنظيم القاعدة مكلفاً ومرهقاً للولايات المتحدة والغرب عندما كان يستهدف مصالحها في المنطقة كأحداث نيروبي ودار السلام وتفجير المدمرة كول في عدن فلقد كان اكثر ارهاقاً وكلفة عند نقل عملياته الى اوطان خصومه،حيث مثلت احداث الحادي عشر من سبتمبر في العام 2001 علامة فارقة في التاريخ البشري عامة وفي التاريخ الامريكي خاصة . فلقد فجعت الولاياتالمتحدةالامريكية بالخسارة القياسية بشريا وماديا ، فبالإضافة الى الخسارة الناتجة عن الحدث تكبدت الولاياتالمتحدة خسارة اكبر نتيجة ردة الفعل المتمثل بالهجوم المضاد علي العراق وأفغانستان ذلك الهجوم الذي كلف الخزانة الامريكية ما يوازي الثلاثة تريليون دولار وآلاف الارواح بما لا يوازي اي خسارة أخرى ضف الى ذلك الخسارة المضاعفة التي تكبدها الغرب والولاياتالمتحدة كنتاج للتدابير الاحترازية ضد الارهاب داخل الوطن ، مما جعل المواطن الامريكي يعاني بأكثر من معاناة الارهابي المستهدف بهذه الاجراءات !. اما الامر الاخطر من كل ذلك فا ن هذه الاجراءات الاحترازية قد اصبحت بمثابة الخطر الذي يهدد القيم اللبرالية نفسها التي تعد لحمة الحياة الامريكية ، وتلك هي الخسارة الافدح . وبعبارة اخرى ان سياسة المواجهه المباشرة التي انتهجتها الولاياتالمتحدة في حربها ضد الارهاب كلفها الكثير كما نجم عنها تورط امريكاء في مستنقعي افغانستان والعراق. ما الذي ادركته ادارة اوباما ؟ ان وصول باراك اوباما الى البيت الابيض خلفاً لبوش الابن كان بمثابة التحول الجذري في السياسات الامريكية في تعاملها مع الإرهاب وحينها وجه انتقاداً لاذعاً لتلك السياسات واصفاً اياها بالخاطئة والتقليدية . لقد ادركت ادارة الرئيس اوباما ان سياسات محاربة الارهاب التقليدية التي انتهجتها الادارة السابقة قد شابها الكثير من الشطط اذ ان بوش الابن كان ضحية مؤامرة كبرى قادها ما يسمى باليمين المسيحي او المحافظون الجدد كما يطلق عليهم بعض المراقبون .لقد كان المحافظون الجدد هم لحمة وسدى الادارة الامريكية ابان عهد بوش الابن. فجورج شولتز بدعمه لبوش الابن كمرشح عن الحزب الجمهوري في العام 2000 مكنه من الزج بصقور اليمين ( وولفيتيز ، هيث ، رامسفيلد ، وديك شيني) في ادارة بوش الابن . الذين مالبثوا ان انتهجوا سياسة فاشلة مفادها القيام بالحملة الشعواء ضد ما ظنوه عش الدبابير في العراق وأفغانستان وكافة اماكن وجود الارهاب وهكذا صنفت امريكا من يقف معها في هذه المعركة كقديس ومن لم يقف معها ظنته ابليس!..... ففشلت تلك السياسة فشلاً ذريعاً وتساقط رموز اليمين المسيحي رمزا رمزا وولفيتز ، هيث ، سكوتر ليبي..وهلم جرا ، وأخيرا سقط المرشح الجمهوري نفسه بسبب هذه السياسة بعد ان كلفت الادارة الاثمان التي ذكرنا وليس اقلها الانهيار الاقتصادي الذي لم تزل اعراضه تجوس خلال اوعية الاقتصاد العالمي!!. كما ادركت ادارة الرئيس اوباما انالسياسات الغربية تجاه الشرق الاوسط هي السبب الاساسي في خروج غول الارهاب من قفصه ، تلك السياسات المتمثلة في دعم امريكا للأنظمة الفاسدة في العالم العربي الامر الذي ادى الى تحول غبن الشعوب من انظمتها الفاسدة صوب امريكا والغرب الداعم الاساسي لهذه الانظمة علي حساب الشعوب. وأدرك الرئيس اوباما ان على ادارته انتهاج سياسة التقاربُ الاضطراري الذي قد يحل محل النمط القديم الذي ميز السياسات ألأمريكية حيث كانت تصنف تيارات الإسلام السياسي عامه على أنها جماعات وأحزاب وحركات متطرفة وإرهابية غير قادرة على دعم الديمقراطية. وبذلك فإن الولاياتالمتحدة تنتهج مسعى جديدًا يهدف إلى دعم هذه الجماعات التي اصبحت واقعاً سياسياً .
هل الربيع الهربي ثورة الشعوب ضد حكامها ام انه أداة تحركها يد خفية ؟؟ بعد ان ادركت الادارة الامريكية الاوبامية انه وبسبب سياسات اسلافها الخاطئة تمكن الارهاب من الحاق الاذى بمصالحها وتكبيدها خسائر مادية ومالية سواء في اوطانها او خارج اوطانها كانت احد الاسباب التي اوصلتها الى ازمات مالية عصفت بأنظمتها الاقتصادية كما ادركت ان الارهاب تمكن من الحصول على مساندة شعبية(حاضنة شعبية) انتجتها السياسات الامريكية الداعمة لأنظمة الحكم الفاسدة في الوطن العربي التي كانت تعتبرها يدها الطولى التي تستخدمها في السيطرة على القرار العربي ونهب الثروات العربية إلا ان ماتقدمه تلك الانظمة اصبح غير ذي نفع مقارنة بما تدفعه لقاء ذلك ، الامر الذي حدي بها الى التفكير بإستراتيجية تمكنها من ضرب تلك الحاضنة الثقافية والاجتماعية التي ينضوي ورائها شبح الارهاب وهذا لن يأتي إلا بانتهاج سياسة مغايرة لسالفتها فعمدت على توظيف دوائرها الاستخباراتية في تحريض الشعوب ضد اؤلئك الحكام الفاسدين وهي تدرك تماماً ان البديل لتلك الانظمة سيكون من بين التيارات الاسلامية وفي حديث رئيس الاستخبارات المصرية السابق عمر سليمان عن وجود مراكز ومجمعات تنتشر في كثير من الاوطان العربي وتحمل يافطات تشير بأنها دور للبحوث والثقافة وهي في حقيقتها مراكز استخباراتي نقرا بعض تلك الحقائق،كما لم يكن خافيا عن اعين المراقبين محليا وعالميا الحوار الذي كان يدار منذ حين بين الادارة الامريكية وحركة الاخوان المسلمين بمصر حتى قبل اندلاع ثورات الربيع العربي ، كما ان امريكاء والغرب لم يتأخروا في دعم الثورة الليبية ذي الصبغة الاسلامية لإسقاط نظام القذافي وكذا الدعم السخي للجيش السوري الحر ودعم حزب الاصلاح في اليمن وحزب النهضة في تونس. لذا كان تعاطي الادارة الامريكية ايجابي مع مخرجات الربيع العربي الذي هو في الاساس من صنع يدها ليكون بمثابة الالية التي بواسطتها يتم ايصال التيارات الاسلامية الى دفة ألحكم لذلك وجدنا كيف كان موقف الادارة الامريكية الغير الابه بسقوط الانظمة واحد تلو الاخر وبمباركتها. ان الولاياتالمتحدةالامريكية وبعد ان ابدت رغبتها الجامحة بل ومساندتها بشكل او بآخر لوصول الحركات الاسلامية الى الحكم مثلما حصل في مصر انما تمثل سياستها الجديدة في حربها ضد الاسلام السياسي وليس حباً فيه.فهي تدرك تماماً ان الاوضاع الاقتصادية المنهارة في بلدان الربيع وكذا الخبرة الركيكة لتلك الحركات الاسلامية في ادارة شؤون الدولة والحصار الغربي المتوقع والغير معلن كفيلة في دحض كل اسباب النجاح وكفيلة بتحويل تلك الدول الى دول فاشلة اقتصادياً تعاني عدم الاستقرار الامني والسياسي وعلى المدى الطويل سوف تتمكن الولاياتالمتحدة من النيل من شعبية الاسلاميين بين شعوبها كأهم حاضن للإرهاب لتدرك تلك الشعوب ان الاسلام دين فقط وليس دين ودولة و تدرك الشعوب ان الخيار الامثل هم اللبراليون حلفاء الغرب وهكذا يبدأ الضيق التدريجي للإطار الثقافي والاجتماعي الذي يحتضن ما يسمى بالإرهاب (مايحصل بمصر هذه الايام دليل دامغ على صحة ذلك). وهكذا يتبين لنا ان الربيع العربي كان يسير وفقاً لهدى تلك اليد الخفية بتواطؤ وتسهيلات عربية سيما في مجال الاعلام واخص بالذكر قناتي الجزيرة والعربية التي كان لهما الدور الاكبر في اشعال الثورات وبإيعاز من قطر والسعودية التي تعد من اقوى حلفاء الغرب وكذا الدور الذي لعبته وسائط التواصل الاجتماعي ،اما العرب تاريخياً لن يثوروا ضد الحاكم منذ اكثر من الف عام وبالتحديد من الثورة ضد الخليفة عثمان بن عفان.