لا شك أن ما يحدث في لبنان من مهزلة مأساوية أكبر من قدرة أي إنسان مهما بلغت قدرته على الكتابة على أن يجسد ولو جزءاً يسيراً من معاناة هذا الشعب البطل. لنترك للبنانيين همهم فهم أقدر على تحمله منا، وإن كان دعمنا لهم بالكلام فبئس الكلام وبئس قائله، ولنتطرق إلى نقطة أخرى أكثر أهمية، فإذا كنت أستكثر على نفسي أن أدعم أهلنا في لبنان بالكلام، فهنالك من استكثر عليهم هذا الدعم (الكلامي)، وكان أجدر به أن يدعمهم بالمال والسلاح، بل بالضغط بورقة النفط، وأقصد هنا طبعاً الموقف السعودي (العجيب) ولا أجد لفظاً هنا أقرب لوصف الموقف من كلمة (عجيب). لقد حملت السعودية حزب الله مسؤولية التصعيد العسكري، وقال مصدر مسؤول (استحى) –وله كل الحق- من ذكر اسمه، أن السعودية "تود أن تعلن بوضوح أنه لا بد من التفرقة بين المقاومة الشرعية وبين المغامرات غير المحسوبة التي تقوم بها عناصر داخل الدولة ومن وراءها دون رجوع الى السلطة الشرعية في دولتها ودون تشاور أو تنسيق مع الدول العربية". ومرد (عجب) الموقف السعودي ثلاثة نقاط: 1- أن السعودية ومصر، هما الدولتان العربيتان الأكبر في المنطقة، ولطالما كانت السعودية تحديداً (الراعي الرسمي) للبنان. 2- أن توقيت التصريح السعودي جاء مبكراً جداً وبدون داعٍ أو ضرورة –وكان الصمت أجدى- ولو كنت سيء الظن بالمملكة لقلت أن التصريح جاء ليدمر أي أمل في إتخاذ موقف قوي في قمة وزراء الخارجية العرب. 3- أن السعودية عندما تتكلم في موضوع شائك كهذا فإنها تتحدث بلسانين، لسان عربي، ولسان إسلامي، إلا أن تصريحها جاء ب(لسان ثالث). ولا يزيد من الطين بلة إلا أن يأتي تصريح للفاتيكان، يدين بشدة العدوان الإسرائيلي على لبنان، الذي وصفها البيان حرفياً ب "الدولة ذات السيادة التي تحملت ما يكفي من العذاب طوال أعوام عدة"! فإذا كان هذا كلام (فاتيكانهم) وذلك كلام (فاتيكاننا) فالأحرى بنا نحن المسلمين أن نتبع (فاتيكاننا) دينياً وأن نتبع (فاتيكانهم) أخلاقياً، ورحمك الله يا فيصل. [email protected]