تعمدت أن ألتزم موقف الحياد، وأن ألزم الصمت، وأرفع العلم الأبيض خلال الفترة الماضية التي تقلد فيها الكتاب عدة الحرب، وتمترسوا في خنادقهم، وتراموا في ما بينهم بالسب، والشتم، بل والقذف، في ظل معركة الانتخابات التي لم يسلم من أذاها أحد. وعلى الرغم من أني لا أنتمي لأي حزب سياسي، إلا أن من الواضح وضوح الشمس في كبد السماء أن اليمن تفردت وتميزت بأنها قد تكون الدولة الوحيدة في العالم التي تكون فيها السلطة أكثر وعياً وإيماناً بالديمقراطية، بل وحرصاً عليها من المعارضة! سيثير رأيي هذا سخط وغضب الكثيرين، وسيظهر من يقول (هذا مؤتمري)، وهذا بالظبط ما أقصده بقولي السابق، فالمعارضة اليمنية –للأسف- لديها بعض القواعد الثابتة التي لن تتزحزح عنها، ومنها: • كل من هاجم المعارضة (فهو مؤتمري)، ويقولونها بأسلوب مستفز كأنهم يسبون ويشتمون، وكأن لا وجود في الساحة السياسية إلا المؤتمر والمعارضة، (ومن ليس معنا فهو ضدنا). • المؤتمر الشعبي العام هو سبب كل كارثة ومصيبة حلت بهذا البلد، ولولا بقية من حياء، وشيء من الدين، لقالوا أن المؤتمر الشعبي العام هو سبب الزلازل والعواصف والبراكين، ولا حول ولا قوة إلا بالله. • المعارضة اليمنية تريد الدخول في الممارسة الديمقراطية وخائفة من نتائجها، فاخترع عباقرتها مبدأ جديداً لا سابق له في التاريخ البشري: (سندخل الانتخابات فإذا فزنا فهي نزيهة، وإذا خسرنا فهي مزورة). • المعارضة اليمنية تعمل بالمثل القائل: (حقها حق، وحق الناس مرق) وتشاركها في هذه النقطة السلطة، فكلا الفريقين يرى أن ما يقوم به الطرف الآخر (خطأ) فإن قام به هو فهو (صواب)، والأدلة على ذلك كثيرة إبتداء من الشتم والشتم الآخر، مروراً بنقل المجاميع وانتهاء بالخروقات. • المعارضة اليمنية تعاني من حالة متقدمة جداً من البارانويا (عقدة الاضطهاد)، فالحكومة ضدها، واللجنة العليا للانتخابات، والمراقبون الأجانب كذلك، بل واللجان الانتخابية (بما فيها المشكلة من أحزابها)، بل والشعب أيضاً!! أعود وأقول، وأؤكد أنني –كمستقل- كنت أتمنى أن أجد معارضة حقيقية لأكون جندياً في صفوفها، والمعارضة الحقيقية في نظري هي تلك التي تضع نصب أعينها الوطن لا السلطة، فلو جاءت معارضة وبذلت نصف ما بذلته المعارضة اليمنية للوصول إلى السلطة في ترسيخ آليات واضحة للإصلاح، وآليات واضحة تستطيع من خلالها ممارسة دور رقابي، تصلح من خلالها ما تقول عنه من فساد لكانت فعلاً معارضة وطنية مخلصة، ولزلزلت الأرض من تحت أقدام المفسدين، ولكان الرابح الأكبر هو الوطن، ولكن المعارضة للأسف (كفرت) بالديمقراطية فانطبق عليها ما قاله تعالى: (ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاءً ونداءً، صمٌ بكمٌ عميٌ فهم لا يعقلون). [email protected]