لا تجتمع السطة والمعارضة على رأي واحد إلا إذا كان فيه البؤس لهذا الوطن، وما أسرعهم إلى التخريب وأخفهم، وما أثقل حركتهم في كل ما هو خير. قال الدكتور عبدالكريم الإرياني في أحد الاجتماعات مؤخراً: (ننعى إليكم الديمقراطية) وأنا لست بحجم الدكتور الإرياني إلا أنني أسمح لنفسي أن أخالفه الرأي، ليس لأن الديمقراطية لم تمت، ولكن لأنها لم تولد بعد. فنحن لم نزل في أول خطواتنا نحو الديمقراطية ولا شك أن تأجيل الانتخابات لهذه المدة الطويلة (سنتين) هو خطوة كبيرة إلى الخلف ترجعنا إلى الخانة الأولى، وتعيد الديمقراطية من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرضاعة. أنا لست ضد تأجيل الانتخابات لفترة (معقولة) تتراوح بين 3 – 6 أشهر تستطيع أحزاب اللقاء المشترك فيها أن تستعد لتشارك بفاعلية في الإنتخابات، إلا أن فترة سنتين هي فترة طويلة وغير مبررة إلا إذا كان وراء الأكمة ما وراءها! وما يؤكد وجود جزء خفي من الاتفاق بين السلطة والمعارضة هو امتناع الطرفين عن إصدار بيان واضح المعالم سواء كان بياناً مشتركاً أو بيانا خاصا بكل حزب على حدة، ولكن هذا الصمت المريب هو صمت شهرزاد عن الكلام المباح، بعد أن أدركها الصباح. والغريب في الأمر أن المعارضة كانت الطرف الأكثر إصراراً على التأجيل لمدة سنتين، فلماذا؟ أليست هذه المعارضة التي أصمت آذاننا بحديثها عن فساد الحكومة، وضعف أدائها، والآن تفرض المعارضة علينا تحمل هذه الحكومة لسنتين إضافيتين! إن من المهم أن تمتنع المعارضة في الفترة القادمة من كيل الإتهامات للحكومة بالتقصير والضعف، فهي من عين هذه الحكومة وفرضها علينا بإصراراها على التأجيل، ومثل المعارضة كمثل حكم المباراة الذي يقرر إضافة 30 دقيقة كوقت بدل ضائع في المباراة. فهل يعقل ذلك؟! (إحنا ما صدقنا) كما يقول أخوتنا في مصر أن الانتخابات ستأتي وسنرى (تشكيلة) جديدة في مجلس النواب بعد أن سئمنا النظر إلى نفس الوجوه لفترة طالت إلى 6 سنوات، وأصرت المعارضة إلا أن تجعلها 8 سنوات. ولكن اللوم لا ينصب فقط على المعارضة، فالمؤتمر ينطبق عليه المثل: (إذا كان المتكلم مجنون فالمستمع عاقل) وإذا كان مطلب المعارضة غير معقول فالخطأ ليس خطأها بل خطأ من وافقها على ما تريد! إن هذا (التراجع) الكبير في الديمقراطية يجب الاستفادة منه، والاستفادة منه تكمن في أحد أمرين: الأمر الأول: أن يتم وضع الديمقراطية في (الفريزر) وتجميدها لفترة من الزمن، ونعلن الجمهورية اليمنية دولة أو إمارة أو مملكة أسوة بأخواننا في الخليج العربي علنا نستطيع أن ننضم إلى مجلس التعاون، ويكون شأننا كما قال المثل: (مخطي بين أخوتك ولا وحدك مصيب). الأمر الثاني: أن يتم عمل (إنقلاب سياسي) على حزب المؤتمر الشعبي العام بظهور حزب جديد يتم تأسيسه وضم بعض الشخصيات الوطنية إليه ليصبح البديل (الشاب) بعد أن بلغ المؤتمر الشعبي من السن عتيا. ولهذا الحديث بقية فقد حل الصباح وسكت عوض العسلي -مع الاعتذار الشديد لشهرزاد- عن الكلام المباح. [email protected]