فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يزور مركز اللغة السقطرية للدراسات والبحوث    الصحة تغلق 4 صيدليات وتضبط 14 أخرى في عدن    السعودية تتوج بكأس الخليج العربي الأولى للشباب بفوزها على اليمن 3-1    الوزير البكري يحفز منتخب الناشئين على المشاركة المشرفة في كأس الخليج    حصيلة اولية لضحايا العدوان الاسرائيلي على صنعاء والجوف    مسيرة طلابية في جامعة المحويت نصرة لغزة وتنديداً بجرائم العدو الصهيوني    صنعاء.. أصوات انفجارات متتالية وسط تحليق مكثف للطيران "تقرير موسع"    خبراء يكشون اسباب هشاشة البنية التحتية للاتصالات العالمية في البحر الأحمر    استقالة سالم العولقي.. شهادة إدانة جديدة في وجه منظومة الفساد    إصلاح حضرموت ينعى القيادي وعضو محلي المحافظة حمد عمر مدي    النفط يرتفع متأثراً بالأوضاع في الشرق الاوسط    ندوة حقوقية تدعو الى ممارسة الضغط على المليشيا لوقف الانتهاكات بحق التعليم    استهتار البنوك وتواطؤ الحكومة: مشهد العبث الذي لا يُحتمل!    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ مجاهد يحيى معيض    بدء أعمال سفلتة خط البنك المركزي في مديرية صيرة بعدن    الأرصاد يتوقع هطول امطار رعدية على مناطق واسعة من البلاد    محافظ حضرموت يتفقد الأعمال الإنشائية في جسر المنورة    جنيف: ندوة حقوقية تدعو الى ممارسة الضغط على المليشيات الحوثية لوقف الانتهاكات بحق التعليم    بن الوزير وباسمير يتفقان على سرعة تشغيل ميناء قنا التجاري    هيئة إعلام الانتقالي تستعرض رؤيتها الاستراتيجية وخطط تطوير الأداء    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    شركة النفط بعدن تختتم دورة تدريبية متخصصة في كهرباء السيارات الحديثة    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يطلع على سير عمل الأشغال العامة والطرق بالضالع    التكتل الوطني يدين قصف الاحتلال للدوحة ويحذر من تبعات استمرار الصمت العربي والإسلامي    العثور على مدفن عمره 5500 عام في ياقوتيا الروسية    ميسي يحقق إنجازا غير مسبوق في مسيرته    الجمعية الوطنية تثمن نجاحات الانتقالي بقيادة الرئيس الزُبيدي    توترات وقطع طرق رئيسية في حضرموت    دبي تحتضن النزال العالمي المرتقب بين عثمان نورمحمدوف وبول هيوز في 3 أكتوبر المقبل    نهب البنك المركزي وأسعار الصرف بصنعاء وعدن وفضيحة "الإعاشات"    انتهاكات إسرائيل لسيادة الدول.. اغتيالات وغارات وتوغلات خرقت القانون الدولي    اليمن في مواجهة السعودية 4 عصرا    ضبط 86 متهماً بإعانة العدوان و7 مطلوبين للعدالة في الضالع    اعتراف صهيوني بتصنيع يمني متفوق للمسيرات    حزب الإصلاح.. إعلام الوهم بعد فضائح وهزائم الجبهات    مدير شركة مصافي عدن: الأسابيع القادمة ستدخل الوحدات الانتاجية للخدمة    تصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم: كوت ديفوار تحافظ على الصدارة    مصر تقترب من التأهل إلى كأس العالم 2026    تسجيل هزتين أرضيتين غرب اليمن    الجاوي يدعو سلطة صنعاء لإطلاق سراح غازي الأحول    مسؤول رقابي يتسأل عن حقيقة تعيين والد وزير الصحة رئيساً للمجلس الطبي الأعلى بصنعاء    تصفيات اوروبا لكأس العالم: انكلترا تكتسح صربيا بخماسية    مصر: إحالة بلوغر إلى المحاكمة بتُهمة غسيل الأموال    جامعة حكومية تبلغ طلاب قسم الأمن السيبراني بعدم قدرتها على توفير هيئة تدريس متخصصة    الجراحُ الغائرة    إب.. السيول تغمر محلات تجارية ومنازل المواطنين في يريم وتخلف أضرارا واسعة    وداعاً بلبل المهرة وسفير الأغنية المهرية    تواصل فعاليات "متحف الذاكرة" بتعز لتوثيق معاناة الحصار وصمود أبناء المدينة    الاطلاع على تنفيذ عدد من مشاريع هيئة الزكاة في مديريات البيضاء    وفاة الفنان اليمني محمد مشعجل    62 تغريدة صنعائية في حب "التي حوت كل فن": من يبغض صنعاء فإن له معيشةً ضنكًا*    تعز.. حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية المخالفة للتسعيرة الجديدة    طنين الأذن .. متى يستدعي القلق؟    بحشود ايمانية محمدية غير مسبوقة لم تتسع لها الساحات ..يمن الايمان والحكمة يبهر العالم بمشاهد التعظيم والمحبة والمدد والنصرة    وفيكم رسول الله    مرض الفشل الكلوي (20)    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    حلاوة المولد والافتراء على الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحركة النقدية في اليمن: إشكاليات الغياب والحضور
نشر في نبأ نيوز يوم 15 - 01 - 2006

كثيراً ما تم طرح سؤالٍ إشكالي من نحو:هل استطاع النقد في اليمن أن يشكل حركة فاعلةًًً حتى الآن؟وهل في سبر الواقع النقدي الراهن ثمة إجابة قاطعة.وكثيراً ما كانت الإجابة تأتي بالسلب المتردد. ولكن كيف نمسك بتلابيب الإشكالية التي تجعل من بلدٍ نحو اليمن كثير شعراؤه ،ومبدعوه ،قليلٌ نقاده ،وماء نقده؟
لقد كان اليمن –كما تشير المصادر-هو آخر البلدان العربية اشتغالاً بالنقد ؛إذ لا نستطيع أن نتحدث عن نقدٍ أدبي نهضوي في اليمن قبل العقد السبعيني ،بالرغم من أن البداية الأولى التاريخية لبزوغ النص النقدي كانت نهاية الثلاثينات،وتحديداًمع ظهور مجلة "الحكمة اليمانية"عام 1938م-شمال الوطن-ثمّ صحيفة "فتاة الجزيرة"-جنوب الوطن-تلاهما "البريد الأدبي "عام 1946م.
ولعل من المفيد أن نشير إلى أن أولى النصوص النقدية التنظيرية ،تلك المقالة المنشورة في مجلة الحكمة"ل(عبد الله العزب)،وكان مدارها :الأدب العربي القديم ،وحظ اليمن منه.واعتمد أسلوب الملاحظات الخواطرية ،كما احتوى "البريد الأدبي" – في أعداده التمهيدية – أولى المقالات النقدية التطبيقية للكاتب زيد الموشكي ،وكان مدارها الشاعر الجاهلي المنخل اليشكري(1)معتمداً،في نقده،أسلوب الأحكام العامة التي كانت سائدةً في العصر الجاهلي، وعلى الاقتباس من نقودات الأقدمين .
وعلى مدار الأربعينات ،والخمسينات ،تركزت التناولات النقدية على شعراءقدامى،كالمتنبي، مثلا،أو معاصرين،لكنهم من خارج اليمن ،نحو شوقي ،أوشعراءغربيين نحو :شكسبير،طاغور،سومرست،...إلخ .وفي جميع كتابات الأدباء،لم يخرج النقد عن الأحكام الانطباعية العامة،التي عرفت في العصور القديمة للأدب العربي .وقد لاحظ المتابعون للحركة النقدية ،في اليمن ،بأن فترة الأربعينات ،حتى منتصف الخمسينات شهدت بعض الازدهار النقديّ على المستوى الكمي،إلا أنّ هذه الحركة تتوقف فجأة لأكثر من عشر سنوات.وكان العقد الستيني مثالاً حياً على الخواء النقدي في اليمن ،ولاغرابة في ذلك إذاما أدركنا أن السبب هو الحالة السياسية في اليمن (الثورة وتوابعها)؛بدليل العقد السبعيني الذي شهد نوعاً من الاستقرار السياسي ،وعلى ضوئه شهدنا ما شهدناه من نهضة أدبية ،ونقدية – على مستوى الكم والنوع- .وبدأت أولى الكتب النقدية التحولية تشق طريقهاإلى القارئ،وأهمها ،على الإطلاق ،وأولها،كتاب:الشعر المعاصرفي اليمن(الأبعاد الموضوعية،والفنية)للدكتور،عبد العزيز المقالح .وكانت صدرت -قبل هذا الكتاب- خمسة مؤلفات،لكل من ،زيد الوزير،وعبد الله الثور،والبردوني ،والشامي .ولكننا لانستطيع أن نصنف نحو هذه المؤلفات(الخمسة)تحت مفهوم النقد الدراسوي،الذي يتكئ على المنهج ؛ناهيك عن كون تلك المؤلفات "النقدية"تشابهية الموضوع ،والفكرة؛بتناولها جميعاًلفكرة التسلسل الزمني ،والتاريخي للأدب اليمني (القديم الحديث )،وبعضها كان مقلداً للآخر .
وعلى ضوء هذا التتبع للنقد منذ نهاية الثلاثينات وحتى السبعينات نستطيع أن نحدِّد التمرحلات
الآتية :
الأولى:النقد التناثري (الصحف والمجلات)
الثانية:(إلى جانب ماسبق)النقد التقديمي ،وهوالمُحتضن عبرالدواوين الشعرية(1956 م فمافوق).
الثالثة :(إلى جانب ماسبق)النقد الكلي،وأعني به ،النقد المخرج عبر كتاب.وأول كتاب- في هذا الصدد-دراسات في الشعر اليمني:قديماً،وحديثاً،لزيدالوزير (1964م)
وعن الإشكاليات التي سادت الفترة النقدية (الثلاثينات السبعينات) فتتمثل في الآتي:
تمركزالنقد- كله - حول النص الشعري،وأُهمل النقد القصصي والروائي(2) .
كان النقد في 90%منه يدور في فلك الشعر القديم ،أو الشعر المعاصر العربي (خارج اليمن) ومنه ما يدور في الفلك الغربي.أما القليل منه فيدور حول الشعر المعاصر في اليمن ؛لاسيما فترة ماقبل السبعينات.
خضوع التحليلات النقدية (بعد الخمسينات تحديداً) إلى الأيدلوجية الإشتراكية)- لاسيما في جنوب الوطن –بإخضاع التفسيرات النقدية إلى المواقف المادية بمقولاتها الماركسية ، والموقف المثالي المضاد .وعلى ضوء هذين الموقفين كان النص الشعري يضطر –مجبراً- للنحوضمن هذه القولبة (المادية-المثالية).(3)
القديم،والجديد،والأجد
من التحولات التي شهدها النقد في اليمن -وإن جاءت متأخرة-الخوض في معارك القديم ،والجديد في الشعر:العمود،والتفعيلة..برزهذا التحول منذ منتصف الخمسينات ، من القرن الماضي.وزاد في مرحلة السبعينات مااصطلح عليه:الشعر(الأجد). حيث أضحت مصطلحات :القديم ،والجديد ،وقضية الشكل ، محاور مهمةً ،وإيجابية في مرحلة السبعينات فما فوقها.
وبالرغم من خفوت هذا الصوت نهاية الثمانينات ،إلا أنه عاد ليتجلى في فترة التسعينات .إذْصارت قضية الشعر القرائي،البصري،لاالسماعي/الإنشادي،هي قضية الجيل التسعيني برمته ،صاحب ذلك محاولة الكثير من هذا الجيل التنصل من النص التفعيلي -ذاته- والاتجاه صوب النص المرسل(قصيدة النثر).وعلى ضوء ذلك حاول البعض تأسيس نقده وفق هذا الاتجاه الحداثي الجديد ووفق نظرته إلى هذا النص (4) .وبالرغم من وجود النص التفعيلي ؛إلا أن ثمة تقارباً حدث ،ويحدث بين النصين (التفاعيلي–المرسل) مما جعل التباينات ،والإشكاليات تكاد تختفي بين كاتبي النصين ؛ربما لوجودعناصر مشتركة بينهما من نحو:التكثيفية ،والتجريد للواقع،والتضحية بالخارج من أجل الداخل ...وغير ذلك.
النقد التسعيني:الواقع والمأزق
بدخول العقد التسعيني،والتحول الديمقراطي ،في ظل الوحدة ،والانفتاح،شهد الأدب اليمني مساراً تحولياً،مزدهرأ،لم نجده إلافي فترة السبعينات. مثَّل هذا التحول مجموعة كبيرة من الشباب ،الذين دلفوا إلى المضمار الأدبي،باندفاع،وطموح مد هشين .وكان من المتوقع أن يصاحب هذا التحول حركة نقدية فاعلة تحاذي،أو تقارب هذا النتاج الكبير من الإبداع الشعري ،والسردي؛ لاسيما وأن الحاجة تقتضيذلك ؛ بغربلة ماهو كائن ،وفصل الغث عن السمين ،والأخذ بيد المبدعين ،وكف المتطفلين على الإبداع-وما أكثرهم- إلاأن الواقع النقدي فرض بؤسه ، ويأسه ،ولم يستطع أن يواكب حركة النشر،كما يجب ،لأسباب عدة ،نذكر منها الآتي: -عتقاد بعض النقاد بأن النقد ليس مطلوبٌ منه أن يواكبالإبداع.وقد ضرب أحدهم مثالاً توضيحياً بقوله:"إنّ كل مسكوت عنه من الأدب ،فهوغث.وكل ما يكتب عنه بالنقد فهو الجميل ،برأينا".وهي رؤية حمقاء ،من ناقد أحمق .
_اصطدام بعض النقاد بكتابات جديدة،ذات رؤية حداثية جديدة ،ترتكزعلى الشكل ، دون المضمون ؛مما يمثل تراجعاً،وانكساراً ًللنقاد الانطباعيين،والموضوعيين (الباحثين عن الموضوع ) ، فتتهرأكتاباتهم النقدية وهم يحاولون إخضاع النص الجديد لمفهومٍ نقدي بائد واعتباطي .
-لاعتبار النقد نص إلى جانب النص الإبداعي،فإنّ كتابته بحاجة إلى وقتٍ ،ومجهود،وإعمال ذهن، ناهيك عن الحالة الانفعالية،التوافقية للكتابة.وعلى ذلك يرى الناقد المخلص لعمله أن هذه العوامل-كافة- قد لاتمكنه من التواصل الدائم مع النتاجات الأدبية .
-طغيان الهم المعيشي ، والحياتي ، على الهم الإبداعي عامة_لاسيما في اليمن .
–انشغال بعض النقاد بالعمل الأكاديمي(الجامعي)،وهو أمر أدى إلى خفوت الصوت النقدي .
-محاولة تدجين النقد ،وتقويض سلطته؛بتحويله إلى وسيلة دعائية ، من قبل البعض، تقف دائماً إلى جانب النص :بقضّه وقضيضه.
وإذا ما حاولنا -بقراءة تأملية -أن نستثنيَ نقاداً من نحو الدكتور/عبد العزيز المقالح (أطال الله في عمره) والدكتور،عبد الله البار،وعبد الله علوان ،وعبد الودود سيف (5) ،وتحدثنا عن نقد تسعيني،فسوف نغرق في الظلام؛مما يجعلنا نصل- أخيراً -إلى أصل الإشكالية برمتها،والمتمثلة في عدم وجود الناقد ، لافي عدم وجود النقد التسعيتي. أما المحاولات ،التي تتأتى من قبل بعض الشباب ،فلا زالت بحاجة إلىكثير من المراس ،والتأني ،والصبر.مع عدم التقليل من الكتابات النقدية الطامحة التي تتشكل على أيدي بعض الشباب ،من أمثال:آمنة يوسف،محمد الشيباني،علي ربيع، علوان الجيلاني، محي الدين سعيد، أحمد السلامي..وغيرهم،وإن كانت قليلةً،ومتباعدة ،ولا تحدث النقلة،والتأثير المطلوبين ؛لصنع الحركة النقدية المرتجاة من الجيل الجديد.
الهوامش:
(1)انظر كتاب الدكتور:عبد العزيز المقالح،أوليات النقد الأدبي فبي اليمن ،ط1،1984م،منشورات دار الآداب، بيروت.
(2)يعد كتاب الدكتور :عبد الحميد إبراهيم(القصة اليمنيةالمعاصرة)،والصادر عام1977م هو الوحيد في هذا الصدد ،بتناوله للقصة اليمنية للفترة من1939 وحتى 1976م.
(3) انظر كتاب الدكتور رياض القرشي(النقد الأدبي الحديث في اليمن ،ط1،مكتبة الجيل الجديد،صنعاء،1989م.
(4) مثال ذلك نقودات الشاعر أحمد السلامي.
(5) وبعض هؤلاء متوقف عن النقد كالأستاذ عبد الودود سيف، والبعض الآخر منشغل بالعمل الأكاديمي ،كالدكتور، عبد الله البار .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.