امتد إضراب التجار صباح اليوم إلى قلب أمانة العاصمة، حيث أغلقت جميع محلات ومتاجر مديرية التحرير، وهايل، وصنعاء القديمة أبوابها في ساعات الصباح المبكرة، منفذين تهديدات سابقة في محاولة للضغط على الحكومة اليمنية لإلغاء أو تعديل قانون ضريبة المبيعات. واعتصم نحو ثلاثمائة تاجر داخل مبنى الاتحاد العام للغرف التجارية، في نفس الوقت الذي أسفر اجتماع عقده سيف العسلي – وزير المالية- مع محفوظ باشماخ، رئيس اتحاد الغرف التجارية عن طرح الوزير ثلاث مقترحات لحل الأزمة القائمة بين التجار والحكومة، إلاّ أن التجار أعلنوا رفضها جميعاً في اجتماع عقدوه هذا اليوم الثلاثاء في مقر الاتحاد، كما رفضوا الاستجابة لنداء مجلس إدارة الاتحاد بتعليق الإضراب لإفساح مجال للحوار بالخروج إلى اتفاق يرضي جميع ذوي العلاقة. وكشف جمال المترب- عضو مجلس إدارة اتحاد الغرف التجارية- خلال الاجتماع الذي حضرته "نبأ نيوز"، أن وزير المالية قدم ثلاثة مقترحات بعد نقاش دام ساعة ونصف تقريباً- لخصها في : أولاً- الدفع وفق إقرار سنوي على أن يتم على أقساط أو دفعات كل شهرين أو ثلاثة ويتم تسويتها في نهاية كل عام، وثانياً- أن يتم الدفع وفق رقم الأعمال الخاص بالتاجر وبالأقساط ايضاً، وثالثاً- تقديم إقرارات بدون فواتير كل ثلاثة اشهر. وأجرى المترب تصويتاً للحاضرين الذين اكتظت بهم قاعة الاتحاد، وصوت الحاضرون برفض المقترحات الثلاثة بطريقة رفع الأيدي.. ونوه إلى أن الاتحاد سيقوم بإخطار وزير المالية برأي التجار بالمقترحات التي قدمها. وأوضح المترب خلال الاجتماع: أن أطراف حكومية كانت تقول أن التجار ما يريدوا أن يكشفوا دفاترهم ، وقد وقفنا أمام ذلك الطرح بصرامة ، مؤكداً أن عبد القادر باجمال – رئيس الوزراء- هو الأكثر قدرة على استيعاب الآثار السلبية المترتبة عن تطبيق القانون، وقال: "أننا نسجل تقديرنا العالي للأخ رئيس الوزراء على موقفه وتفهمه". وأشار إلى أن هناك مأزق قانوني حيث أن هناك تشريع من قبل مجلس النواب على الحكومة أن تلتزم بتنفيذه، وإن الحكومة ستكون بمأزق إذا رفض مجلس النواب أي تعديل لقانون ضريبة المبيعات، في الوقت الذي تقتضي الضرورة إيجاد نص قانوني واضح يصب في مصلحة التجار والشعب على حد سواء، وهو الأمر الذي دعا إليه التجار إلى ضرورة التحرك على أعضاء مجلس النواب لإقناعهم بتعديلات القانون، وما سيتم تقديمه للمجلس من مقترحات. هذا وقد ساد القاعة احتجاج كبير على المقترحات المقدمة واستياء من عدم التوصل إلى نتيجة مع الحكومة، وفي الوقت الذي دعا رجل الأعمال محمد الحبيشي إلى التوجه إلى رئيس الجمهورية لحسم الموضوع، دعا الشيخ محمد العزيزي إلى مواصلة إغلاق المتاجر والمحلات حتى الخروج بنتيجة ، في حين دعا عضو مجلس إدارة غرفة تجارة الحديدة إلى اجتماع اللجنة العمومية للاتحاد والنظر في القضية واتخاذ الموقف خلال ذلك. ومع أن جمال المترتب وجه الدعوة للتجار بتعليق الإضراب ، وقوبلت دعوته بالرفض داخل القاعة، إلاّ أنه قال في تصريح ل"نبأ نيوز": أنه يأمل أن يتواصل مع عقال الشوارع ومحاولة إقناعهم بإنهاء الإضراب وتعليقه، معرباً عن أمله أن ينتهي مساء اليوم الثلاثاء.وقال المترب: أن المصلحة تقتضي في الوقت الحاضر أن يستمر الوضع على ما هو عليه إلى أن يتم تعديل القانون نظرا للصعوبة التي يمكن أن تواجهها الحكومة في تطبيقها للقانون وانخفاض الإيرادات، مؤكداً حرص الاتحاد والتجار على أن تحقق الدولة أعلى قدر ممكن من الإيرادات لما من شأن ذلك في إنعاش البلاد واقتصادها. كما أبدى استيائه من بعض التصريحات التي وصفها ب"الاستفزازية" التي يطلقها بعض المسئولين حول قانون ضريبة المبيعات، مؤكداً أن مجرد وجود حوار مع الحكومة ، ووجود مقترحات تقدم من وزارة المالية هو مبعث للتفاؤل بالتوصل إلى حلول. من جهته أكد محمد محمد صلاح- عضو مجلس إدارة الغرف التجارية- أن المفاوضات مع الحكومة لم تكتمل لحد الآن، وما زالت مستمرة، مشيراً إلى أنهم إذا وصلوا إلى طريق مسدود سيتم عرض القضية على الجمعية العمومية للاتحاد. وأوضح محمد صلاح في تصريحه ل"نبأ نيوز": أن الاتفاق مع الحكومة يستهدف منع احتكاك الموظف مع المقلب من أجل منع الابتزاز وإغلاق بوابة الفساد. وأكد: أن قانون ضريبة المبيعات يجري تطبيقه ولم يبق سوى ضريبة القيمة المضافة التي تم اقتراح أن يتم استيفائها في المنافذ، وكان الحل ايجابي جداً، وزادت الإيرادات الحكومية أكثر من 50% من إيرادات السنة الماضية.. حيث أن في ذلك مصلحة التاجر والحكومة والمواطن، لأنه من خلال تحصيل الرسوم في المنافذ سيتم التوريد إلى خزينة الدولة "سلاماً بسلام" ولا يدخل فيها لا اجتهادات ولا مفاوضات ولا فيها ابتزاز ، ولا مجال للتهرب من دفع الضريبة، منوهاً إلى أن التجار ليسوا ممانعين في دفع الضريبة للدولة بل تخوفهم من الابتزاز لأنهم يتعاملوا مع موظف الضرائب الذي ينزل لهم في السنة مرة واحدة، ويجلس في مفاوضات لسنة ونصف أو سنة فكيف سيتم التعامل مع هذا الموظف إذا ينزل لي كل شهر مرة، وأنا ما قدرت أتعامل معه بالسنة مرة واحدة. ونفى محمد صلاح ما تضمنته بعض التصريحات من أن التجار خائفون من كشف سجلاتهم ، مؤكداً: "التجار مستعدون لتقديم كل أوراقهم ، لأن نسبة الفائدة في اليمن تعد أقل نسبة في العالم، حيث أن القوى الشرائية ضعيفة وليس هناك مجال للربح الكبير.. وإذا التاجر رفع السعر وقفت تجارته"! وفي رده على سؤال حول الكيفية التي سيتعامل بها الاتحاد في حالة حدوث تغيير حكومي، وتبدل أطراف التفاوض في الحكومة، قال محمد صلاح: حتى لو تغيرت الحكومة يبقى فخامة الرئيس الأخ المشير علي عبد الله صالح هو فوق الكل ، ومتفهم، وعارف ما هو لمصلحة البلد أعظم مننا، وأكثر من الناس كلهم. ونوه إلى أن الإشكالية كلها متأتية بسبب أن قانون ضريبة المبيعات تم وضعه من قبل جهة واحدة، ولم يتم الجلوس مع القطاع الخاص ليناقشوا ويتوصلوا إلى قانون سليم، منوهاً إلى أن القانون مبني على قرارات وتوصيات خرجت بها اجتماعات منظمات دولية مع الحكومة، إلى جانب الأخوة في وزارة المالية والضرائب دون مشاركة القطاع الخاص المعني الأول بالأمر.