شدد الرئيس علي عبد الله صالح على النيابات ومحاكم الأموال العامة بالبت السريع في القضايا ذات الصلة بالمال العام، ومحاكمة من وصفهم ب "الفاسدين المتلاعبين والمستهترين بالمال العام"، مؤكداً أن الأهم من إصدار الأحكام هو تنفيذها وأن تأخير تنفيذ الحكم "يعني فساد، رشوة، ظلم .. ومعناه لا وجود للعدالة"، موجهاً بمنع التدخل في شؤون القضاء والعدالة، وتجنب الوساطات والتليفونات والمحتالين على الشرع وعلى النظام والقانون. ولفت الرئيس صالح إلى أهمية تأهيل القضاة ورفع الكفاءات، والاستفادة من الخبرات الشبابية المؤهلة، ليتحملوا مسؤولياتهم سواء في السلطة القضائية أو في النيابة العامة، وأن لا تفتيش على القاضي إلاّ من قاضٍ أكفأ منه، موصياً بضرورة الاهتمام بالقضاء التجاري في ظل الانفتاح اليمني على العالم الخارجي والذي يستدعي إيجاد قضاة مؤهلين عالياً، ويجيدون اللغة الإنجليزية بطلاقة، حتى لو تمت الاستعانة في ذلك بخبراء دول شقيقة أو صديقة، ومنوهاً إلى أن القضاء ليس حكراً على الجامعات الحكومية بل أنه مفتوح لبقية الجامعات الأهلية. جاء ذلك في كلمة ألقاها رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح اليوم الأحد في الحفل الذي أقامه المعهد العالي للقضاء بمناسبة تخريج الدفعة ال12 من طلبة المعهد. وحذر الرئيس في كلمته من التدخل في شؤون القضاء فقال " لا احد يتدخل في شؤون القضاء أو في شؤون العدالة" وعلى القضاة أن يتجنبوا الوساطات والتليفونات والمحتالين على الشرع وعلى النظام والقانون، لأن هناك محتالين كثر، ولذا على الأخوة القضاة أن يتجنبوا ويغلقوا تليفوناتهم أمام هؤلاء فالسلطة القضائية سلطة مستقلة". وشدد الرئيس على ضرورة الاهتمام بالقضاء التجاري وقال "نحن اليوم نتعامل مع العالم الخارجي ليس مع الغرفة التجارية في تعز أو في عدن أو في حضرموت ولكن نتعامل مع العالم الخارجي في مسألة البيئة البحرية والتامين والبنوك والسفن وغيرها، ولذلك لابد أن يكون القضاة مؤهلين تأهيلا عاليا ولا يتم قبول أي قاض في القضاء التجاري إلا من هم مؤهلين عاليا في هذا المجال ويجيدون التحدث باللغة الإنجليزية بطلاقة وعلى وزارة العدل والمحكمة العليا استقدام عدد من الخبراء من الدول الشقيقة أو حتى الصديقة إذا لزم الأمر وذلك لتأهيل القضاة تأهيلا عاليا وكذلك وكلاء النيابة وبحيث يكونوا مؤهلين للعمل في القضاء التجاري ". وقال الرئيس " أهنيء قيادة مجلس القضاء ووزارة العدل والمعهد العالي للقضاء على الجهد الذي بذلوه لتخريج هذه الدفعة إضافة إلى الدفع السابقة. وأضاف:" قبل إنشاء المعهد العالي للقضاء كان هناك كوكبة من العلماء وكادر محدود ولولا إنشاء هذا المعهد لانقرضت الكوادر العاملة في السلطة القضائية ولكن اعتقد أن إنشاء المعهد العالي للقضاء كان قرارا حكيما حيث أسهم في تأهيل وتخريج العديد من الدفع التي توالت حتى وصلت إلى الدفعة الثانية عشرة ". وتابع قائلا :"هكذا الأيام لا أحد يستطيع أن يعيش في زمن غير زمنه فلابد أن يسلم الجميع ونرحب بالجيل الجديد ليتحملوا مسؤولياتهم سواء في السلطة القضائية أو في النيابة العامة أو في أي مؤسسة من مؤسسات الدولة فلا أحد يستطيع أن يأخذ حقه وحق الآخرين، وهكذا تتغير الحياة". ومضى قائلا:" إننا نولي السلطة القضائية كل الاهتمام والرعاية وأعطيناهم الاستقلال الكامل إيمانا بالفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وذلك ما هو موجود على أرض الواقع اليوم". وأردف قائلا:" كنا نواجه في الفترة مابين 1978-1979م مع رجال السلطة القضائية مشكلة عويصة تتمثل بالروتين القديم حيث كان يعتقد المتقاضون والقضاة أنه لا عدالة تتحقق إلا بحكم طويل وليس بحكم يتم تلخيصه ويدون في سجل السلطة القضائية ويستخلص منه الحكم ويصدر في صفحة أو صفحتين". وتابع قائلا: "حتى المواطن كان لا يعتقد أن هناك قضاء أو عدالة إلا إذا رأى الحكم يصل طوله إلى ثلاثة أمتار أو أكثر". وقال الرئيس :" كانت تواجهنا صعوبة في ذلك الوقت مع ما يسمى بوكلاء الشريعة والذين كانوا يعيقون تنفيذ القانون وكانوا يذهبون ويمارسون ضغوطا على القضاة .. ويقولون للقضاة "هل تريدون شريعة محمد بن عبد الله أم قانون حسين الحبيشي؟" .. وأرهبوا القاضي في ذلك الوقت وكان القضاة مهزوزين وعملنا من أجل إصدار قانون تقنين أحكام الشريعة الإسلامية وأنجزناه وهو أهم إنجاز يمني عربي وإسلامي أخذ بالأرجح من كل المذاهب ولم يتعصب لأي مذهب وأصبح مفخرة وهو اليوم يدرس في عدد من البلدان الإسلامية". واستطرد الرئيس قائلا: "وكنا نواجه مشكلة في ذلك الوقت أيضا في إصدار قانون المرافعات وإنشاء النيابات ألعامه لأن البعض كان لا يرى جدوى أن يتم إنشاء نيابة منتسبيها من هؤلاء الشباب ويتساءل أين أولئك العلماء الفطاحله من وكلاء الشريعة الذين يترافعون أمام القاضي؟ ! .. قلنا هؤلاء شباب والقانون يحمي العدالة والعدالة موجودة ولكن لابد من قانون يحمي العدالة ويحافظ عليها وأنجزنا النيابة العامة وبالتالي انحزنا قانون المرافعات وحدد قانون المرافعات فتره زمنية للمقاضاة أمام القاضي وهذا ما يجب أن نحث القضاة الجدد الخريجين أن يلتزموا بما جاء في قانون المرافعات وبحيث لا تكون المرافعات إلى مالا نهاية فذلك يمثل عذاب للمتقاضين ويجب أن نسهل التقاضي أمامهم.. ونلتزم بالفترة الزمنية المحددة وإعطاء الأولوية للأهم فالأهم". وحث الرئيس الحكومة ووزارتي العدل والتعليم العالي أن تدفع بالقوانين القضائية وكل القوانين التي تخص القضاء إلى الجامعات الأهلية لتضمها إلى مقرراتها الدراسية ليستوعب مضمونها طلاب تلك الجامعات إذا أرادوا أن يتم استيعابهم ضمن منتسبي السلطة القضائية . وقال :" إن السلطة القضائية ليست حكرا على الجامعات الحكومية ونرحب بخريجي الجامعات الأهلية إذا التزموا وأدرجت هذه القوانين ضمن مناهج جامعاتهم ". وأكد الرئيس على أهمية عقد دورات لوكلاء النيابة لفترة لا تقل عن 6 اشهر. وقال :" ينبغي أن لا يتاح لخريج أي جامعة أن يمارس مهامه ضمن السلطة القضائية مباشرة إلا بعد عقد دورات تأهيلية في المعهد العالي للقضاء وكذلك معاوني النيابة العامة يجب أن تعقد لهم دورات في المعهد ولفترة لا تقل عن سنة" . وحث الرئيس نيابات ومحاكم الأموال العامة بالبت السريع في القضايا ذات الصلة بالمال العام ومحاكمة الفاسدين المتلاعبين والمستهترين بالمال العام والإسراع في البت في تلك القضايا ..مشددا على أهمية تعزيز دور التفتيش القضائي والحرص على أن يكون منتسبيه من خيره الكوادر القضائية المؤهلة مع مراعاة أن يكونوا أكفأ من قضاة المحاكم الابتدائية والجزائية وحتى لا يكون هناك أية استهتار بالتفتيش القضائي ". وقال :" لا يفتش على القاضي إلا قاض أكفأ منه ولا يمكن أن نأتي بموظف عادي يفتش على أعمال القاضي بل يجب أن يكون المفتش قاض أعلم وأكفأ وأقوى . وأكد الرئيس على أهمية تجنب كل السلبيات التي كانت ترافق مسيرة القضاء في الماضي. وقال :" التفتيش القضائي كان يعتبر في الماضي بمثابة قسم فائض واليوم أصبح عنصرا مهما من عناصر السلطة القضائية. وأضاف :" القضاء يصدر أحكاماً عديدة من المحاكم الابتدائية والجزائية واستئناف المحافظات والمحكمة العليا لكن أين دور جهاز الضبط القضائي لا يهمني إصدار الحكم بقدر ما يهمني تنفيذ الحكم تنفيذ الأحكام الشرعية فعلى الجهات المعنية متابعة هذا الأمر وبحيث لا يجوز تأخير تنفيذ الأحكام الشرعية بعد صدورها فتأخير تنفيذ حكم شرعي .. يعني فساد .. رشوة.. ظلم .. معناه لا وجود للعدالة ". وتابع الرئيس قائلا :" التقاضي في البيوت لا يجوز وحرام .. فالتقاضي ووعد المتخاصمين بالحضور إلى البيوت؛ لا يجوز .. فلدينا محكمة للتقاضي والفصل بين المتخاصمين على المكشوف وبشفافية مطلقة داخل المحاكم وأي قاضي يتناول أي قضية في بيته هو مخطئ وأقول هو فاسد". .