انتظروا..... انه ليس مجرد عنوان .... إنها صرخة طفلي الصغير ذو الأعوام الستة، فقد صرخت بأبنائي كالعادة كل ليلة انتبهوا ابتعدوا ولا تقتربوا من الشبابيك واجلسوا على الأرض فصرخ طفلي الصغير (( ايش هذا ياماما كل يوم رصاص رصاص رصاص وبعدين نخاف وما نقدر ننام ولا نقدر نصحي الصبح للمدرسة)). تخيلوا معي أن حكاية المساء أو مواعظ وأدعية قبل النوم قد انقلبت لدى أطفالنا إلى رعب من الجهول( الطائش ) وتوجيهات بعدم الاقتراب من الشبابيك وعدم الطلوع لسطح المنزل أو الخروج في فناءه وان احتدم الأمر واشتدت الأمور بين المتحاربين المجهولين وأصبحت الطلقات متسارعة ومتتابعة وكثيفة ( أي من أكثر من مصدر ) تطلب الأمر تعالي الصرخات والأمر بالانبطاح والنوم أرضا أو لجوء الجميع إلى المكان الوحيد الآمن ( تحت السلّم ) خوفا من طلقات طائشة كثيرا ما أصابت جدران المنزل وعادة نغطيها بقليل من الاسمنت. لا تستغربوا أعزائي فأنا لا أعيش في بغداد أو إحدى ضواحيها فأنا أقطن في أقصى اليمين من قرية حدّة القديمة تلك المنطقة التي هرب إليها محدودي أن لم نقل ( محددّي الدخل ) ومن أرادوا العيش بكرامة بعيدا عن جشع الملاّك وسيطرة المؤجرين فأخرجوا مدخّراتهم وباعوا ما يمكن أن يعود عليهم بأية مبالغ تساعدهم في تأمين السكن الذي يحتويهم وأبناءهم ناهيك عن الاقتراض من الأقارب والمعارف أو البنوك رغم اختلاف وجهات النظر فيها. فالمهم أن كل ذلك لم يشفع لسكان هذا الحي الهادئ الذي كان منفيا لم يشفع لهم بعد كل ما تكبدوه أن ينعموا وأسرهم بنوم هنئ فقد ارتاحت أنفسهم من قلق المؤجرين، وأقلقهم بعد خوفهم من تدفق مياه السيول الغزيرة حاملي البنادق فقد انقلب حال هذا الحي بعد أن تم شق طريق جديدة للقادمين من محافظة الحديدة عبر نقطة الصباحة ولا نعلم كيف أن ذلك الحي الكائن في المنفى أو كما يسميه كل من يأتي لزيارتنا ( كهوف طالبان ويبدون خوفهم علينا من الأمريكان لو شاهدوا تلك المنطقة لجاءوا للبحث فيها عن أسامه بن لادن ) فقد سادت الأطماع حينّا الهادئ من المستولين على أراضيه إلى جشع الملاّك لأراضيه ولم نعد نعلم من الظالم ومن المظلوم من البادئ بإطلاق النار كل ليلة ومن الذي يرد فكل منّا مقفل عليه أبوابه سادلآ ستائره محتضنا أبناءه خوفا من الرصاص. فقد كان يكفينا خوفنا من السيول التي لم يحرك أحد ساكنا حيالها فلكم أن تتخيلوا أن تداهمنا السيول يوما عند عودتي وأبنائي من العمل والمدرسة وأمامي جار عزيز تحمل على عاتقه مهمة الدليل لاختيار طريق آمن لنا جميعا ولا تعجبوا أن قلت لكم أننا نجينا من موت محقق لولا أن أنقدتنا سيارات الرئاسة القادمة من ذلك الطريق فلم أشاهد راكبيها من شدّة الخوف من المطر الغزير والصواعق القوية وهدير السيل المباغت ولكن تهليل أطفالي وفرحتهم أثارت استغرابي وصرخت بهم ما بكم لم ننجوا بعد فمازال أمامنا سائلة أخرى قد تفاجئنا ولكنهم سارعوا بالصراخ لقد أنقدتنا سيارات الرئيس ياماما. وكنت على حق فقد داهمنا السيل من السائلة الأخرى ونجينا في آخر لحظة بعد أن ضرب السيل مؤخرة السيارة أحدثت أضرار لا بأس بها ولكن نجاة أرواحنا تضاءلت معها خسارتنا لإصلاح السيارة، ومع ذلك نخاف الرصاص، فباسم أطفالي أناشد سيادة الرئيس ووزير الداخلية وكل الجهات المسئولة بضرورة إيجاد حل لحمايتنا من الرصاص الذي أقلق منامنا وأمننا وللعلم أن تلك المنطقة شهدت توسعا متسارعا واتجهت إليها السيارات المسافرة والقادمة إلى ومن الحديدة وبالأخص القاطرات والشاحنات ذات الوزن الأكثر من الثقيل علما أن الطريق لم يكتمل بعد ويشكل خطورة أخرى، وأقرب قسم شرطة هو المنطقة الرابعة فنحن أيها الأعزاء نخاف الرصاص ولا نخاف السيول ((كما يقول طفلي حفظه الله من طيش الرصاص )).