ضمن فعالياتها ل(أيام فلسطين في اليمن 6-17 مايو) أحيت جمعية كنعان لفلسطين صباح اليوم الأربعاء ندوة حول (القضية الفلسطينية في قرارات الشرعية الدولية 1947-2006م)، أكد خلالها رئيس الجمعية يحيى محمد عبد الله صالح على أن القبول بقرارات الشرعية الدولية كأساس قانوني لحل مشكلة الصراع العربي الإسرائيلي وفي القلب منه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كونه يحقق الحد الأدنى الممكن الذي يحفظ لشعبنا الفلسطيني حقه في العيش في وطن حر ومستقبل. واعتبر صالح الفعالية مناسبة لتجديد العهد من خلالها بالوقوف مع الشعب الفلسطيني من أجل تحقيق أهدافه الوطنية المشروعة، واصفاً الشرعية الدولية بأنها "أحد الجوانب الهامة والمفصلية للقضية الفلسطينية"، ومبيناً أن جمعيته تسعى من خلال الندوة إلى تبيان "علاقة قرارات الشرعية الدولية والحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني – هل أنصفته أم ألحقت ظلماً تاريخياً به؟ كم أنصفته معنوياً وكم أدارت له الظهر على صعيد الممارسة والواقع ؟ وفي المقابل كم أعطت هذه الشرعية لإسرائيل من مكتسبات وكم تنكرت إسرائيل لهذه القرارات". من جانبه قدم الدكتور رياض منصور- ممثل دولة فلسطين في الأممالمتحدة- ورقة استهلها بشكر شعب اليمن وقيادته على التعاون والوقوف الدائم مع الشعب الفلسطيني من أجل نيل حقوقه. واستعرض الدكتور منصور مسيرة 60 عاماً من تاريخ التعاطي بين الأممالمتحدة والقضية الفلسطينية، مبينا أنه رغم أن الإجماع الدولي دعا إلى تقسيم فلسطين إلى جزأين ووضع القدس تحت الانتداب الدولي ورغم مرور 60 عاماً على ذلك إلاّ أن الشعب الفلسطيني ظل بدون دولة ومجرد من ممتلكاته ومعظمهم يعيشون كلاجئين والباقون يعانون تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي القمعي لمدة أربعين عاماً في مساحة ما تبقى من فلسطين.. واستدرك قوله بان القضية الفلسطينية ظلت بعد ذلك مدرجة على جدول الجمعية العامة للأمم المتحدة ومازالت تعتبر ذات أولوية من قبل أغلبية الدول الأعضاء في الأممالمتحدة. وأشار إلى اعتقاد الكثيرين بأن الأممالمتحدة قد فشلت، إلاّ أنه يرى بأن الأممالمتحدة أصدرت العديد من القرارات التي إذا ما تم تنفيذها لكان بالامكان إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، لكن التنفيذ يتوقف على وجود انعدمت الإرادة السياسية للدول الأعضاء. واستعرض الدكتور رياض منصور سلسلة المهام التي التزمت بها الأممالمتحدة لخدمة القضية الفلسطينية ، وأشار إلى أن وكالة الأممالمتحدة لإغاثة اللاجئين هي المنظمة الوحيدة التي أنشئت لأجل شعب بحد ذاته ألا وهو الشعب الفلسطيني ، وقدمت مساعدات لأكثر من أربعة ملايين لاجيء. كما أن الجمعية العامة أصدرت أكثر من 600 قرار وأعادت التأكيد على هذه القرارات سنة بعد أخرى ، وأنشأت برنامج إعلامي خاص بنشر المعلومات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها إسرائيل، ورفعت إلى محكمة العدل الدولية ما يتعلق بجدار الفصل العنصري التي كسبتها فلسطين . وتطرق إلى دور مجلس الأمن الدولي الذي قال أنه أصدر 87 قراراً حول المسائل الهامة وأعلن موقفه بوضوح إزاء المستوطنات معتبرا إياها غير قانونية، وكذلك بشأن التركيبة الديموغرافية للسكان، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الولاياتالمتحدة استخدمت الفيتو (31) مرة ضد قضايا فلسطينية. أما السيد سعدي الطميزي- سفير فلسطين في غانا- فقد تناول محور السياسة الخارجية الفلسطينية والسلام، واستهل حديثة بإشادة عظيمة بجمعية كنعان لفلسطين ثم عرج على دور منظمة التحرير الفلسطينية مشيراً إلى أن المنظمة ظلت دائما ضحية من يقول لا يوجد في فلسطين شريك للسلام، منوها إلى وجود نوعين من السلام هما السلام الكامل الذي تنعدم فيه الخلافات والتناقضات، فيما الثاني هو السلام الحقيقي الذي تعترف فيه الدول بتناقضاتها، معرجاً على مفهوم التسوية السياسية التي قال أنها تعني حل الخلافات دون اللجوء إلى العنف. وقال إن ما يطرح في الشرق الأوسط حول التسوية السياسية تعاملت معه السياسة الخارجية الفلسطينية بفكرة ليست وليدة مؤتمر مدريد بل تعود إلى بداية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. واستحضر مشهد دخول الرئيس الفلسطيني الراحل أبو عمار عام 1974م إلى أروقة مجلس الأمن حاملاً غص الزيتون والبندقية ليفتح بذلك طريق السلام الذي تمخضت عنه اتفاقية كامب ديفيد. وأشار إلى أن مؤتمر مدريد لم يستطع أن يحقق الحد الأدنى من السلام حيث أن الشعب الفلسطيني مازال يعاني ولا يسمح لأبنائه بحق العودة، وان إسرائيل تواصل بناء المستوطنات واحتجاز آلاف الأسرى، مؤكداً أن السياسة الإسرائيلية لا تريد التوصل إلى اتفاق للسلام. كما قدم الدكتور علي عبد القوي الغفاري- رئيس دائرة الوطن العربي بوزارة الخارجية اليمنية- ورقة استعرض خلالها مراحلاً تاريخية متعددة من محطات المؤامرة الاستعمارية، بدءً من اتفاقية سايكس بيكو في 16/5/1916 التي قسمت المنطقة العربية ثم وعد بلفور المشئوم الذي أصدره وزير خارجية بريطانيا في 2 نوفمبر 1917 ، ثم معاهدة سان ريمو 1920م التي وضعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وصولا إلى عام 1947م الذي أصدرت فيه الجمعية العمومية للأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين إلى دولة يهودية وأخرى فلسطينية، وصولاً إلى حرب 1984م وأسباب فشلها. واستعرض الدكتور الغفاري ايضاً مواقف اليمن مع فلسطين مذكرا بيوم الثاني والعشرين من مايو الذي رفع فيه الرئيس علي عبد الله صالح علم الجمهورية اليمنية من قاعة فلسطين بعدن. من جانبه قدم الدكتور نوح عبد السلام- عضو الهيئة الإدارية لجمعية كنعان- ورقة حول (استراتيجية وسياسة الحركة الصهيونية وإسرائيل تجاه الشرعية الدولية)، والتي مثلت أكثر المحاور المطروحة في الندوة واقعاً ومنطقاً، حيث استعرض فيها محطات تاريخية مهمة على طريق الحركة الصهيونية، ونشأتها، ثم تطور مناهج عملها وصولا إلى تشكيل الفيلق اليهودي الذي عمل إلى جانب الحلفاء لكسب موقفهم وتمكين اليهود من تبوء صفة الوجود الشرعية، والتي تمخض عنها صدور قرار الأممالمتحدة بتجزئة فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية، لتنتقل القوى الاستعمارية المؤازرة للصهيونية إلى المرحلة الثانية لتنفيذ شرعية جديدة لدولة إسرائيل. واستدرك الدكتور نوح قوله لافتاً إلى أن إسرائيل رغم كل ذلك خالفت الشرعية لأنها احتلت مساحة أكبر مما أعطي إليها بموجب قرار الأممالمتحدة عام 1947م، مشيراً إلى أن القرار (194) عالج مشكلة السكان ولم يعالج مشكلة الأرض. وأشار إلى أن الفترة التالية الممتدة حتى عام 1967م انشغلت إسرائيل بالبنى التحتية، وسعت إلى نيل اعتراف دولي بما أخذته عام 1967م، وأصبحت تعمل بنهج مختلف قائم على "لن نعطيهم ما لم نأخذ ثمناً للاحتلال"، معرجاً على تناقضات الشرعية الدولية التي تعترف بالعدوان الإسرائيلي ثم تدعو إلى تصحيح أوضاع ذلك العدوان. وتطرق الدكتور نوح إلى مفهوم إسرائيل من السلام ، وقال أن إسرائيل لم تتخل عن شعارها "شعب بلا أرض وأرض بلا شعب"، مؤكداً قوله أنه كلما تقدمت منظمة التحرير الفلسطينية خطوة إلى السلام كلما استعرت إسرائيل داخل أرض فلسطين بسياستها العدوانية.. ونوه إلى ما تطورت إليه الشرعية الدولية من مفاهيم متناقضة من لا شرعية للاستيطان إلى المستوطنات الشرعية، ثم حق التوسع جراء للنمو السكاني، ثم جدار الفصل العنصري... هذا وفتحت الندوة باباً للمناقشات التي قدم خلالها المشاركون عدداً من المداخلات والاسئلة.