مكون التغيير والتحرير يعمل على تفعيل لجانه في حضرموت    إقالة بن مبارك تستوجب دستوريا تشكيل حكومة جديدة    الحوثيين فرضوا أنفسهم كلاعب رئيسي يفاوض قوى كبرى    انفجار الوضع بين الهند وباكستان    57 عام من الشطحات الثورية.    إنتر ميلان يحبط "ريمونتادا" برشلونة    تحطم مقاتلة F-18 جديدة في البحر الأحمر    لماذا ارتكب نتنياهو خطيئة العُمر بإرسالِ طائراته لقصف اليمن؟ وكيف سيكون الرّد اليمنيّ الوشيك؟    الإمارات تكتب سطر الحقيقة الأخير    صرف النصف الاول من معاش شهر فبراير 2021    تتويج فريق الأهلي ببطولة الدوري السعودي للمحترفين الإلكتروني eSPL    في الدوري السعودي:"كلاسيكو" مفترق طرق يجمع النصر والاتحاد .. والرائد "يتربص" بالهلال    إنتر ميلان إلى نهائى دورى ابطال اوروبا على حساب برشلونة    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    الخارجية الأمريكية: قواتنا ستواصل عملياتها في اليمن حتى يتوقفوا عن مهاجمة السفن    طالبات هندسة بجامعة صنعاء يبتكرن آلة انتاج مذهلة ..(صورة)    التكتل الوطني: القصف الإسرائيلي على اليمن انتهاك للسيادة والحوثي شريك في الخراب    بين البصر والبصيرة… مأساة وطن..!!    الرئيس المشاط: هذا ما ابلغنا به الامريكي؟ ما سيحدث ب «زيارة ترامب»!    اليمنية تعلق رحلاتها من وإلى مطار صنعاء والمئات يعلقون في الاردن    محمد عبدالسلام يكشف حقيقة الاتفاق مع أمريكا    بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    صنعاء .. وزارة الصحة تصدر احصائية أولية بضحايا الغارات على ثلاث محافظات    تواصل فعاليات أسبوع المرور العربي في المحافظات المحررة لليوم الثالث    الكهرباء أول اختبار لرئيس الوزراء الجديد وصيف عدن يصب الزيت على النار    سحب سوداء تغطي سماء صنعاء وغارات تستهدف محطات الكهرباء    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    اسعار المشتقات النفطية في اليمن الثلاثاء – 06 مايو/آيار 2025    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 6 مايو/آيار2025    حكومة مودرن    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    تحديد موعد نهاية مدرب الريال    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    ودافة يا بن بريك    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    مرض الفشل الكلوي (3)    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد 70 عاماً في المهجر- مغترب يكشف أسرار ما قبل الوحدة اليمنية
نشر في نبأ نيوز يوم 26 - 05 - 2007

في مايو الماضي 2006 م وفي الذكرى السادسة عشر للجمهورية اليمنية، أتذكر إنني حاولت أن ألتقي بالوالد المغترب الشيخ علي محمد الكهالي ولكن لم أوفق قبل هذه المرة، وذلك من أجل الغرض نفسه الذي نسعى إليه دائماُ وهو كشف "الحقيقة كما هي"- شعارنا الثابت في نبأ نيوز- بعيداُ عن التضليل والدعاية والمكايدات حقيقة الثورة والجمهورية والوحدة اليمنية المباركة والدور الذي لعبه المغتربون في كل تلك الأحداث الجسيمة وأهمية المحافظة على كل هذه المنجزات العظيمة في حياة كل اليمنيين في الداخل والخارج.
أعتذر للقراء الأعزاء عن قلة الأسئلة وذلك ليس بسبب قلتها، لا بالعكس هي كثيرة جداُ خصوصاُ مع شخص عاش الملكية والجمهورية وعاش التشطير والوحدة، وفي ذاكرته أشياء كثيرة من أثار الحروب العالمية وهذه جميعها جعلتني في دائرة مغلقه أثناء الحوار حتى أنني لزمت الصمت طويلاً، وحرصت على الكلمات المسموح لي أن تكون هي الأسئلة لا غير نظراُ لضيق الوقت خصوصاُ عندما يكون الحوار مع شخص يزيد عمره عن الثمانين عاماً، لا يحب كثر الاستفسار والتوقف.. بل كان في كلامه معي خلال ساعة الحوار سريع وعنيد لا يقبل الانتظار وذلك لأنه ينظر بعين الشخص المجرب العارف الفهيم لكل ما يدور في أرض الوطن ويعرف أكثر من غيره ماذا يجب علينا كمغتربين نحو الوطن- الأم- مثل دعم الاستثمار والسياحة مع أنه عاش حوالي 70 عاماً من الهجرة والاغتراب أبتداءً من الهجرة الداخلية من مسقط الرأس " قيفة" من محافظة البيضاء إلى العاصمة الاقتصادية عدن في بداية الأربعينات من القرن الماضي وبعدها الاغتراب عن الوطن في المملكة العربية السعودية في منتصف القرن الماضي، وأخر هجرته كانت بالغربة في الولايات المتحدة الأمريكية، التي بدأها في بداية السبعينات وإلى يومنا هذا في القرن الحادي والعشرون..
الشيخ أبو ناصر نسب اسم إبنه إلى أسم الشيخ ناصر الذهب في بلاد قيفة/ رداع، وهو اليوم مغترب مع الكثير من أبنائه وأسرته في ولاية متشغان ويعتبر واحداً من الشخصيات الاجتماعية والسياسية المعروفة ويتمتع باحترام كبير بين أبناء الجالية.
إلى نص الحوار :-
حاوره: منير سعيد صالح الذرحاني/ مدير تحرير نادي المغتربين
مدينتي عدن / شمسان
* متى كانت بداية غربتك وكيف كانت ؟
** غربة تختلف عن غربة فقبل أن أغترب عن وطني توجهت في 1940م من منطقتي ناحية قيفة من بلاد رداع إلى مدينتي الحبيبة عدن التي لم ولن أنسى كل يوم وليلة قضيتها هناك الذي لي هناك أخوان وأصدقاء كثير في كريتر والشيخ عثمان والقلوعه والبريقة إلى هذه اللحظة وكان سفري إلى عدن مع والدي الشيخ محمد الكهالي رحمه الله بغرض العلم والعمل ولكن اغلب القادمين إلى عدن من مناطق اليمن الأخرى كانوا يركزوا على العمل في الدكاك والبحر وهو أسهل وافضل لهم في تلك الفترة لن ظروف المعيشة كانت في الحضيض ولم تستطيع أنت حتى لو كنت كاتب وصحفي أن تتعرف على جزء بسيط من المآسي والويلات والنكبات التي واجهناها تلك الأيام السوداء المظلمة، التي تجعلك تحسب لكل دقيقة ألف مليون حساب..
لماذا، لأنك سوف تواجه في هذه الدقيقة عدة مشاكل ومطبات خصوصاً ونحن نعيش في أرضنا عدن تحت وطأة الإحتلال البريطاني. ومن جهة أخرى الطائرات الإيطالية كانت تضرب شوارع وحارات عدن أيام الحرب العالمية الثانية وهذه وحدها تكفي للمعاناة والعيش النكد.. أيامها كنا نفكر في خلاص عدن والمحافظات الجنوبية من الاحتلال أكثر من ما كنا نتمنى زوال الملكية والطغاة من المحافظات الشمالية والشرقية.
* كم كان عمرك في ذلك الوقت ؟
** كان عمري أكثر من عشر بس لا تسألني عن العمر شباب تلك الأيام يختلفوا عن الكثير من شباب يومنا هذا، كنا نعمل في الوديان ونزرع ونرعى وندرس القرآن الكريم ونشارك آبائنا هموم الوطن ومشاكله إلى درجة أن الواحد في عمر الرابع عشر أو أكثر أو اقل يكون قد عرف كيف يدافع عن قضايا الكرامة والحرية وما شابه ذلك ولديه بعض الوعي والإدراك بالظلم والاضطهاد والمحسوبية، وهذا ما جعلنا نغادر أرض الوطن بحثاُ عن العمل في بلدان الأشقاء- دول الجوار عند إخواننا في الخليج العربي.
* تقصد الاستعمار والملكية سبب في غربتك ؟
** سبب في غربتي وغربتك وغربة الكثير لأن الأوضاع حينها لم تكن مستقرة كما هي اليوم.. شباب هذه الأيام لم يعرفوا كيف كانت اليمن سابقا قبل نصف قرن أو أكثر أو أقل بسنوات.. كانت اليمن ممزقة محروقة، مشاكل، خلافات، استعمار، وظلم- من جهة- وملكية وتكبّر من جهة أخرى.. أضف إلى هذا وذاك الوطن الواحد في انقسامات وتشطير وفرقة إلى جانب كل أنواع الجهل والمرض والتخلف والفقر والوباء والعدوى: حصبة، وسل، وملاريا، وحمى وجشره، وشلل، ومكاوي في الراس، وجوع، وبرد، وخوف، وما فيش علاج، ولا صحة، ولا فلوس، ولا مواد غذائية.. وأنت سجل بس يا ابني حفظك الله...!
* أسمح لي لا أستطيع تسجيل كل شي .. وأنت في عدن أيام بريطانيا هل كان الناس يفكرون في الوحدة في الوقت نفسه الذي كانوا يفكرون فيه بالتحرر من الاستعمار؟
** بلا شك في ذلك الوقت كانت تدرك الطبقة المثقفة والواعية وجماهير الشعب في أنحاء الوطن إن التحرر من الظلم والاستبداد وقيام الثورات ورفض القمع والوحشية الباب الوحيد لتحقيق الوحدة وحينها أتذكر مواقف شجاعة ونبيلة لمواطنين عاديين في عدن تثبت مدى حرصهم على الوحدة وحجم نضالهم في طريق وعرة وصعبة في ظل الاستعمار يقضون الليالي تفكيراُ من أجل الوحدة ..
كنا نسمع شباب ماره اعتقد إنهم من منظمة الشباب القومي يرددون أقوال على لسان مناضلين ومسئولين كبار أصبحوا فيما بعد في جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية "سابقاُ" مثل قولهم: اليوم على أحمد ناصر عنتر قال هكذا "لا يمكن لنا كيمنيين أن نعيش بدولتين مختلفتين" وعبارات أخرى لقحطان الشعبي الذي كان مستشار لشؤون الوحدة قبل أن يكون رئيساُ وهو من مواليد 1920م من أبناء لحج كقوله "نحن يمانيون بيمن واحد لا غير" ولآخرين عبارات وجمل شهيرة كثيرة لا أتذكر من هم تماما، المهم أنهم من مناطق عدن ولحج وأبين وبارزين وجميعهم كانوا صغار في المدارس، ولكن أنهم كانوا متحمسين وثوار لقضايا الوطن والشعب وكانوا بالفعل طموحين للوحدة، وهذا ما التمسته من كل أخواني وزملائي وأصدقائي الذي تعرفت عليهم في عدن تلك الأيام، وهي نفسها الأحاسيس والمشاعر التي كنا نجدها عند كل اليمنيين في المحافظات الوسطى والشمالية والجنوبية وكل ربوع الوطن لأن المسألة واجب ديني قبل أن تكون واجب وطني.
مدينتي في المهجر/ جدة
* والدي الشيخ متى وكيف توجهت إلى المملكة العربية السعودية؟
** يا من خرج من بلاده ... يصبر على ما يلاقي
الجوع والبرد والخوف ... والمحرقات الجوافي
هكذا قال الشاعر وهذه هي بداية اغترابي عن أرض الوطن توجهت إلى المملكة الشقيقة العربية السعودية في نهاية الأربعينات بعد أن عدت من محافظة عدن إلى عائلتي في قيفة لوداعهم وإخبارهم أنني قد وجدت منفذ للسفر إلى المملكة السعودية بحثاُ عن العمل، وحملت معي ورقة خروج- أي ورقة مرور سفر من عدن إلى السعودية معمده من الحكومة البريطانية، وقد تسهل لنا السفر والعمل لأن الموضوع في الحقيقة سمعنا عن نقابات وشركات في عدن تعلن عن طلبها عمال يعملون في التنقيب عن النفط في السعودية وسجلنا الأسماء، وبعدها قبلونا وغادرنا عدن في المساء ووصلنا بعدها إلى منطقة "ظهران" حيث حقول النفط الشهيرة استمرينا معهم في العمل والتنقيب.
* كيف كان العمل هناك تلك الأيام ؟
** العمل كان تعيب وصعب جدا،ُ ولكن لا بأس به في تلك الأيام، وربما ما كنا نراه تعيب لأن في الأصل ليس لدينا أعمال في أرضي الوطن نعيش منها من غير مزاحمة وملاحقة ووجع رأس، في ظل مشاكل ما قبل الثورات، وقد عملنا مع شركة أمريكية تدعى "أرامكو" بمقابل ستة ريالات سعودي في اليوم الواحد، وكانت المعاملة طيبة والأخوان السعوديين كانوا يساعدونا وكنا نتمتع بكل الحقوق ذلك الوقت واستمريت في العمل مع هذه الشركة حوالي 5 سنوات وفيها عدت إلى أهلي وأسرتي في اليمن مرتين.
* بعدها توجهت إلى أمريكا ؟
** لا قبل أمريكا رجعونا من السعودية إلى عدن واعتقد أن الاتفاقية قد انتهت بينهم ويحتاجوا إلى طلب عمال آخرين وهذا يحتاج تسجيل وملاحقه وتعب ومعاملة من جديد، ولكن عند عودتي إلى عدن أخذت هناك نفس وكانت الحياة ولازالت إلى اليوم في أرض اليمن الساحرة أجمل بكثير من غيرها ولهذا أنا أسافر كثير، كثير إلى اليمن واقضي هناك إجازتي وراحتي وأتمتع بمناظر اليمن الخلابة وهوائها الفاتن..
بس كما قلت لك أسباب كثيرة وراء الهجرة والانتقال بعدها بسنه تقريباُ قدمت طلب معاملة من صنعاء إلى السعودية بغرض الحج وحصلت على موافقة للحج في عام 1956 م وبعدها هناك تعرفنا على شخص يمني يدعى ناصر أحمد الزيدي كان وزير مع "الأميرة حصة بنت عبد العزيز" ساعدنا هذا على دخول الرياض بأوراق رسمية، وكنا حينها أنا من البيضاء واثنين من عدن، وثلاثة من صنعاء، وواحد من تعز وآخر من الضالع من مدينة "جُبن" على ما اعتقد، وجميعنا التقينا في الحج وساعدنا الأخ الزيدي، وقدمنا للمعاملة في سفارة اليمن في السعودية وأعطونا جوازات رسمية للإقامة، حيث كان التعامل بالجوازات السعودية واليمنية سواء.
* هل رجعت مرة أخرى للعمل مع شركة "أرامكو" الأمريكية ؟
** بالطبع لا لأني قد استفدت في الخمس السنوات الأولى وعرفت أكثر عن الأشغال والأعمال في السعودية، وهذه المرة اتجهت نحو الأعمال الحرة مثل المقاولات العامه والبناء والهندسة وأعمال حره أخرى. وتحسن معي العمل ومع الكثير من اليمنيين المغتربين وتحسنت ظروف المعيشة واعتمدنا على أعمالنا، وكسبنا الخبرات، وتعاملنا مع المجتمع السعودي بصدق وصراحة، ووفاء، وحب واحترام، وتبادل خبرات ومهن، واستفدنا واستفادوا جميعا من كل الوافدين من أرض اليمن..
وكانت الجاليات اليمنية من أقدم واكبر الجاليات في المملكة، وكانت تربط السعودي باليمني علاقة متينة وقوية ومتميزة وهناك تناسق في الطباع والعادات والتقاليد كثيراً، وإلى اليوم هناك الكثير من عوائل المغتربين اليمنيين القدامى لهم متاجر وشركات، وعندهم ثروات كبيرة في اكثر من بلد خليجي ، وكانت عودتي إلى ارض الوطن مستمرة وقد عدت إلى اليمن أكثر من عشرين مرة خلال أكثر من عشرين سنه اغتراب في السعودية.
مدينتي صنعاء /باب اليمن
* لماذا فكرت في الدخول إلى أمريكا وأنت كنت مرتاح في عمل حر في السعودية ؟
** في بداية السبعينات عدت إلى اليمن وأنا يوم في مدينتي الجميلة صنعاء التقيت مع شخص صديق لي من أيام عدن هناك عرض عليا فيزة دخول إلى أمريكا. ففكرت وتدبرت في عقلي الحكاية، بعدها وافقت.. لا ادري لماذا، فقط اعرف إن لي كانت احتكاكات مع غير السعوديين من بلدان أخرى في عملي الأول في المقاولات في السعودية، وكنت اعمل مع بعض الناس من دول أخرى ونلجأ إلى المشاكل والمحاكم حتى نحصل على المبلغ الذي اتفقنا عليه.. وكانوا متعمدين عرقلة مسيرتنا وتأخيرنا في التجارة والأعمال الحرة وهذا شدني إلى الرحيل إلى أمريكا في عام 1972.
* متى وكيف كانت الغربة إلى الولايات المتحدة الأمريكية ؟
** كانت أول غربتي إلى أمريكا في شهر يوليو 1972م وكنت قد وصلت إلى ولاية نيويورك وقد استقبلني هناك معاريف يمنيين حيث أحسنوا استقبالي وساعدوني في الإقامة والبحث عن عمل.. وبقيت في نيويورك حوالي عام ثم توجهت إلى عاصمة الاغتراب اليمني مدينة "ديربورن" بولاية "متشغان". وهنا كان المغتربين اليمنيين أكثر من أي مكان، وكانوا في وضع مستقر وأفضل من غيره، وكانت الجالية بخير مع وجود أقدم مساجد أمريكا "مسجد ديكس" والذي كان موجود لكن في مبنى واحد مع مرقص ومكان للغناء وللهو والطرب وهذا كان يزعج المصلين كثيراً.. وكانت قضية الجالية اليمنية والعربية والمسلمة شراء مبنى المسجد كامل حتى لا يبقى هناك مكان للآخرين للغناء والرقص وغير ذلك.. وبالفعل تخلصوا من الكثير من الصعوبات والعراقيل مع إن عدد المصليين قليل جداُ مقارنة بهذه الأيام الآلاف المصلين في هذه المسجد ومئات الدارسين على مدار أيام الأسبوع.. ومشكله ثانية في رفع صوت الأذان اشتكوا بعض الناس الساكنين بجوار المسجد وطالبوا بعدم الأذان في مكبرات الصوت ولكن استحكموا إخواننا في الجالية ورفعوا الأذان.
بيننا وبين الوطن جسر متين/ متشغان
*ماذا عن العمل، هل اشتغلت في عمل مناسب حين وصولك عاصمة المغتربين ديربورن؟
** الحمد لله كان عملي في أحدى أكبر شركات العالم المصنعة للسيارات في شركة "جي ام" الأمريكية وقد بدأت العمل في هذه الشركة منذ وصولي الولاية في 1973 وحتى عام 1993 لأن عمري كان قد تجاوز ال65 عام وكنت قد حصلت على الجنسية الأمريكية وحينها أخذت التقاعد في منتصف التسعينات، وسافرت اليمن عدة مرات لتعلقي الشديد بها.
* ما بين عام 1972 وعام 1990 حوالي عشرين سنه هل فكرت يوم واحد بالوحدة اليمنية وأنت مغترب في خارج أرض الوطن؟
* يا ابني عيب عليك هذا سؤال!! أنا قلت لك في بداية الحوار إنني كنت أتمتع وأنا صغير عندما اسمع صوت الوحدة، والتوحد- ونحن شباب صغار في قيفة ولا في عدن التي قضيت أول شبابي فيها عندما ذهبت مع والدي.. وقد أخبرتك بحكاية علي عنتر والشعبي في المقدمة.. ولا اقبل أن يمر يوم من عمري قبل الوحدة دونما انظر إلى هذا الحلم، وكيف السبيل إليه..
نعم، حلم كبير كان يراود كل اليمنيين في الداخل والخارج وقد تحقق هذا الحلم بقيادة أبن اليمن البار المشير علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية حفظه الله ورعاه صانع الوحدة وصانع مجد اليمن الجديد، ورجال الكرامة والحرية المناضلين الأحرار من كل ربوع الوطن الذي هبوا من كل بيت وحارة للدفاع عن الكنز العظيم والمكسب التاريخي الذي توج مراحل النضال اليمني وثوراته الخالدة والمجيدة.. وكم أنا فخور إن الوحدة قد تحققت في عهدي وهذا شرف وفخر كبير لي لأنني لم أكن أتوقع أن تتوحد اليمن أرضا وإنسانا في عهدي.. وكنت أتمنى أن يدرك القادمين من الأجيال ما كنا نعانيه في فترات التشطير والانفصال.
* هل أستطيع أن أؤكد للجميع بأن الوحدة كانت من صنع كل اليمنيين بمن فيهم المغتربين كما هي من صنع إخواننا القيادة السياسية في أرض الوطن؟
** تستطيع لأن أبناء الجالية اليمنية في أمريكا والمغتربين اليمنيين في بقاع الأرض كان لهم شعور عظيم وفرحة غامرة بفرحة الوحدة وكانوا يناضلون من أجل الهدف نفسه وهم مستعدين للدفاع عنها بأنفسهم وأرواحهم وهذا ما شهدناه في صيف 1994خلال ألف ساعة حرب قادها أبناء الشعب ضد الانفصاليين المتآمرين على وحدة الوطن واستقلاله من قوى الظلاميين والمتردين.. وإلى اليوم وللمغتربين أفراح ومهرجانات واحتفالات كبيرة في كل عام.. قبل أمس احتفلت الجالية بالذكرى السابعة عشر من قيام الوحدة والجمهورية لأن أبناء الجالية عانوا من خلافات كثيرة ومشاكل مختلفة أثناء التشطير وكانوا يعيشون في صراع ولكن كل مخلفات الماضي ورواسبه الخبيثة ذابت في 22 مايو 1990 م.
* عفواُ هذا سؤالي الأخير ولكن أفضل أن ترد عليه الآن إذا تكرمت يا شيخ علي !! كيف تنظر إلى اليمن اليوم خصوصاُ وأنت عشت الملكية والجمهورية والتشطير والوحدة ؟
** الإجابة على هذا السؤال قد تكون صعبه ومعقدة كثير على أبنائي الشباب أو الذين هم في منتصف العمر بالتحديد أو غيرهم الأمراض الحاقدين الخونة والمتآمرين العملاء الذين يحاولون بيع الأوطان بأربع ورق.. الذين لم يشهدوا الأحداث قبل وبعد الثورة والجمهورية ولن يكون هذا السؤال شي أمام شخص في الثمانينات أو التسعينات من العمر لأنه سوف يتكلم من الواقع والحاصل الذي التمسه بنفسه دون أن يسمع به، وهذا هو الذي لديه الأدلة القاطعة للإجابة على مثل هذه الأسئلة..
ووجهة نظري في اليمن طيبة دائماُ وأنا أتمنى لها ولشعبها كل الخير والرخاء وأنا باستمرار متفاءل بخير بأذن الله واكره التشاؤم والطيارة من بعض الأشخاص الساخرين الجهلاء.. اليوم اليمن متعافي الحمد لله.. الوحدة أهم مكسب توحدنا بعد سنين طويلة من المعاناة. والأوضاع السياسية اليوم مناسبة للحياة والرفاهية والأمن والاستقرار.. أهم شي وذا هذا الشي موجود كل شي يسبر ويصلح واليمن في تقدم مستمر كما نلاحظه جميعنا وما كل هذه من تعليم وصحة وصحوة إعلامية كبرى وثورة الانترنت والمستشفيات والطرقات والزراعة والصناعة ووسائل النقل المختلفة والعديد من المنجزات والمكاسب إلا من خيرات الجمهورية والوحدة التي تنهال على وطننا منذ 1990 وإلى اليوم على كل محافظات الجمهورية التي يجب علينا أن نحافظ عليها ونقدر جهود كل من سعى في تحقيقها وإصلاحها.. ونضيف إليها لا أن نسيء إلى أصحابها ونحبطهم وننكر جميلهم وعملهم..
ومع إننا في الغربة نرى تقدم وتطور اكبر في بلدان العالم إلا إننا فخورين لما وصلت إليه اليمن في هذه السنوات الأخيرة مع نجاح الديموقراطية والتوجه نحو الاستثمار والسياحة واستغلال موارد البلاد وتطوير الخبرات والكفاءات لدى الموظفين والعاملين في مختلف الأماكن والجهات ومحاربة الفساد والمفسدين والتشهير بهم أمام الخلق من أهم المنجزات وهذا كله من خيرات الوحدة المباركة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.