سواءً كانت مهمة قطر احتواء و تدجين الاسلام السياسي في المنطقة العربية أودعم هذه التيارات باعتبار أن المستقبل لها، خاصة بعد الربيع العربي الخديج، فخروج الشيخ حمد بن خليفة من المشهد السياسي العربي بتلك الطريقة الدراماتيكية وتولي نجله الشاب تميم زمام الأمور في أهم دولة خليجية، على صغرها، يشي بوجود خارطة طريق جديد في المنطقة، مسطرة امريكية، تبدأ باخراج قطر من دورها الذي لعبته في عهد الأمير الأب حمد. رغبة امريكية –خليجية كانت واضحة وراء ماحدث في قطر وتوافقت معها استجابة شخصية من لدى الأمير الأب الذي أراد أن يحقق من الانقلاب الرمادي عليه انجازيين مهمين في مسك الختام أو حسن الخاتمة. وهذان الانجازان :خروجه من المشهد بماء الوجه وبصورة مشرفة تضمن له البقاء كزعيم عربي مؤثر وناجح وتضيف له رصيدا تاريخيا في عدم تشبثه بكرسي السلطة خاصة في دول مجلس التعاون التي لايغادر فيها الزعماء المترهلون مناصبهم إلا بيد عزرائيل أو عصاه. أما الانجاز الثاني فهو اخلاء اليد عما يبدر بعده وفي عهد ابنه تميم من سياسات مغايرة، إن لم تكن ناسفة لكل الانجازات السياسية التي تحققت على مدى عقدين من حكم الأب الذي غادر الكرسي الأثير وهو في عز صحته الجسدية والعقلية. فقطر الآن في طور عملية انتقالية مريعة من دولة عظمى بمقاييس السياسة الخارجية والاقتصاد القوي والتأثير العابر للقارات، إلى مجرد إمارة خليجية تحلق بجناحين صغيرين داخل سرب مجلس التعاون. لكن، ماذا عن قناة الجزيرة ؟ سأؤجل الاجابة عن السؤال بعد رصد مؤشرات خطر لاتبشر بخير، وهي مؤشرات قد تجيب ضمنياً على علامة الاستفهام السابقة. لم تسحب قطر ودائعها ودعومها التي قدمتها الى مصر في عهد الرئيس مرسي وهي الان مع مليارات السعودية والامارات والكويت والبحرين في يد الانقلابيين وقد هنأت القيادة الجديدة لقطر سلطة السيسي وعدلي منصور رسميا.وضغطت القيادة الجديدة باخراج عبد الباري عطوان الصحفي المشاغب ومؤسس القد س العربي الصحيفة العربية الأكثر انتشارا في العالم من رئاسة التحرير واشترط تميم بقاء الدعم الذي كان يقدمه والده لصحيفة القدس بخروج عطوان نهائياً من ادارة الصحيفة، في انقلاب غامق تزامن مع انقلاب مصر. يبقى أمام تميم معضلتان أساسيتان وهما الشيخ القرضاوي وقناة الجزيرة ولابد –على ضوء المؤشرات الطارئة في قطر – من التخلص منهما كي تتم عملية خلجنة قطر أو تخليج سياستها الخارجية بنجاح. ترددت اشاعة عن طرد قطر للشيخ القرضاوي لكن الشيخ المثير للجدل والمعروف بمواقفه الجريئة أكدت أخبار عن عودته الى قطر التي يحمل جوازا دبلوماسيا باسمها والواضح أن اشاعة طرد القرضاوي التي تدوالتها بعض الصحف والمواقع جاءت والشيخ في مصر ولم تفصح قطر تميم بعد عن أن القرضاوي لم يعد شخصا مرغوباً فيه على الاراضي القطرية. يتمتع تميم بعلاقات بل بصداقات حميمة مع الجيل الشاب من ابناء واشقاء الحكام الخليجين مثل محمد بن زايد آل نهيان الراعي المالي للانقلاب في مصر والاخير يضع مسالة التخلص من القرضاوي على رأس محددات العلاقات الثنائية بين الامارات وقطر. ومن المرجح ألا تطرد قطر القرضاوي او تسحب عنه جنسيتها، فثمة مايشير الى مخطط امريكي اماراتي اسرائيلي "قطري " في قصف قناة الجزيرة خلال الايام القادمة بصاروخ ستتهم فيه قطر اسرائيل وستحتفظ بحق الرد خاصة في ظل حديث رسمي في قطر عن عمليات توسعة لمقر القناة واخلاء الاحياء المجاورة لها في الدوحة. لايوجد توقيت دقيق للقصف الوشيك غير أن مشاهدي قناة الجزيرة لن يتمكنوا من متابعة احدى حلقات برنامج "الشريعة والحياة " حتى نهايتها.