قال المبعوث الأممي الى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إن خارطة السلام في اليمن موجودة، وإن ما ينقص هو التزام الأطراف بتقديم التنازلات وتغليب المصلحة الوطنية وهذا ما يشكك بارادتهم الفعلية لانهاء الحرب. جاء ذلك في احاطته الأخيرة مجلس الأمن قبيل انتهاء مهامه كمبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن، حيث قال في الإحاطة التي حصل نشوان نيوز على نسخة منها، "لقد تطرقنا في اجتماعاتنا الى كل تفاصيل خارطة السلام بالترتيب الزمني ومع مراعاة كل المتطلبات والتحديات وأنا أعلن اليوم ولأول مرة، أنه تم وضع مقترح كامل وشامل بالتشاور مع كافة الفرقاء الا أنهم رفضوا في الساعات، لا بل في الدقائق الأخيرة، التوقيع عليه.. وقد تبين في نهاية المشاورات أن الحوثيين ليسوا مستعدين في هذه المرحلة لتقديم التنازلات في الشق الأمني أو حتى الدخول في تفاصيل خطة أمنية جامعة، مما شكل معضلة أساسية للتوصل الى حل توافقي". وأضاف " نحن نرى يوميا تقارير عن مدنيين يموتون من الفقر والجوع والأمراض ولكن يجب ألا ننسى أن هناك سياسيين، من كافة الأطراف، يعتاشون من الحروب وتجارة السلاح واستغلال الأملاك العامة لأغراض شخصية..نراهم في خطاباتهم تارة يحركون النعرات لتعميق الشرخ في المجتمع اليمني وطورا يعلنون عن مواقف مؤيدة للسلام، بينما نسمعهم في المجالس الخاصة غير آبهين لمعاناة شعبهم. ان من يريد السلام يخلق الحلول وليس الأعذار.. ان خارطة السلام لليمن موجودة، وقد تم الاتفاق على المقترحات العملية للمباشرة بها وبناء الثقة بين الأطراف". واعتبر ولد الشيخ أن أصحاب القرار اليمني وحدهم "قادرون على ايقاف الحرب وهدر الدماء وأدعو الأطراف الى وقف الاقتتال وإعادة احياء المفاوضات الرامية الى التوصّل الى حلّ سلمي وتغليب ثقافة التعايش على لغة الحرب حتى يصبح اليمن منارة مشعة في الشرق الأوسط وبلدا يعمه الأمن السلام ويشارك بصنع القرار فيه رجاله ونساؤه وشبانه وشاباته من الغرب ومن الشرق، من الشمال ومن الجنوب". وقال " ان المشهد الاقليمي مشحون بالتحديات والنزاعات السياسية والمذهبية والضغوط الاقتصادية ولا شك أن مجريات الأشهر الأخيرة في اليمن ستعيد خلط الأوراق السياسية من جديد وتغير في بعض التكتلات الداخلية خاصة في ظل ما يشهده حزب المؤتمر الشعبي العام من ضغوط وتحديات بالاضافة الى ظهور أصوات جنوبية شعبية تعبر عن مطالبها". وأضاف " لقد بدأت مهمتي في أبريل 2015م وكان اليمن يتخبّط في نزاع أدى الى تدمير الاقتصاد ونظام الرعاية الصحية والمساكن والطرقات والمدارس، أي كل ما يحتاجه اليمنيون للعيش والازدهار وقد واصلت الأطراف المتنازعة النمط العشوائي المدمّر والممارسات السياسية غير المدروسة التي أخذت البلاد الى مزيد من الفقر والدمار ". واستطرد ولد الشيخ " ان أصحاب القرار في هذه الحرب يعتبرون التنازل ضعفا والاختلاف تهديداً فيتمادون في اتخاذ خطوات استفزازية وغير مسؤولة غير ابهين لمعاناة المدنيين الذين يعانون يوميا من مخلفات الحرب".ولفت ما شهدته اليمن خلال الشهرين الأخيرين من تصعيد واسع في المواجهات العسكرية في الحديدة، الجوف، صنعاء، والبيضاء، بالإضافة الى مناطق على الحدود اليمنية السعودية ولا يزال الحوثيون مستمرين في اطلاق الصواريخ الباليستية باتجاه المملكة العربية السعودية. وكرر دعوته لجميع المعنيين في عدن الى ضبط النفس وضبط خطابهم السياسي وحلّ الخلافات بطريقة بناءة ترتكز على الحوار والاتفاق السلمي. وقال المبعوث الأممي "ما يزيد من خطورة الوضع، صدور تقارير من منظمات إنسانية متعددة تؤكّد أنّ أطراف النزاع جندت آلاف الأطفال حتى الآن وهي على علم أن هذه الممارسات هي انتهاك فاضح لحقوق الطفل وتؤكد التقارير أنه بالرغم من انتشار هذه الممارسات بين جميع الأطراف اليمنية، الا أن استعمال الحوثيين الممنهج لتجنيد الأطفال قد تكون له انعكاسات على مستقبل البلاد". وأضاف "لا بد من أن تحترم الأطراف حقوق الانسان والقانون الإنساني الدولي وأي استهداف متعمّد او مباشر على مدنيين او على أهداف مدنية يشكل انتهاكا مباشرا للقانون الإنساني الدولي ومن الضروري احترام مبادئ التمييز والنسبية والحذر، والتأكد من حصول السكان المتضرّرين على المساعدة الإنسانية". وذكر في احاطته ان تفاقم النزاع أدى الى تفاقم الازمة الاقتصادية والإنسانية، ممّا جعل الوضع الانساني في اليمن من الأسوأ في العالم.. فمنذ العام 2015 ، شهد الاقتصاد اليمني انكماشا وصل الى 40 بالمائة وفي عام 2017 تراجعت قيمة الريال اليمني بما يقارب 50 بالمائة وهو ما رافقه ارتفاع حاد في الأسعار مما أثر على التشغيل المتفاوت للموانئ وأعاق وصول المواد الأساسية وقد أثرت هذه العوامل بشكل مباشر على القطاع الخاص وعلى رواتب القطاع الحكومي. وأوضح أن عدم دفع الرواتب لما يزيد عن عام كامل في مناطق عدة يشكل عبئا كبيرا على المواطن اليمني اذ تبين أنه يتم استخدام الايرادات التي من المفترض ان تساهم في تسديد الرواتب وتأمين الخدمات الأساسية وتحفيز الاقتصاد، من أجل تمويل الحرب. وبالاضافة الى ذلك، تتنامى ظاهرة الضرائب غير الرسمية وغيرها من اشكال الفساد مما يزيد من تردي الوضع الانساني. وبحسب ولد الشيخ فإنّ كل هذه العوامل تشير الى أنّ العائلة اليمنية تفقد اكثر فأكثر قدرتها الشرائية كما الحصول على الخدمات الأساسية التي تحتاجها.. فما يقارب 22.2 مليون يمني هم حاليا بحاجة الى نوع من أنواع المساعدة الإنسانية، مقابل 15.9 مليون مارس 2015 .