ثلاثة أيام بين القهر والانفجار .. صرخة من صعدة تهز ضمير العقلاء    الشرفي يلجأ إلى القضاء بعد مماطلة التربية في رفع ضرر تسبب به استحداث مدرسة أهلية في مبنى لصيق بمنزله    مات كما يموت الطيبون في هذا البلد..!    مات كما يموت الطيبون في هذا البلد..!    عجز الموازنة يتفاقم في الولايات المتحدة رغم إيرادات الرسوم الجمركية    العدو الصهيوني يرتكب مجزرة جديدة في غزة أسفرت عن عشرات الشهداء والجرحى    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة أحمد ضيف الله الحقامي    إنقاذ 12 شخصا من الغرق في سواحل حضرموت الجمعة 11 يوليو 2025 17:39:36 اقرأ المزيد من المشهد العربي| https://almashhadalaraby.com/news/517729إنقاذ 12 شخصا من الغرق في سواحل حضرموت إنقاذ 12 شخصا من الغرق في سواحل حضرموت    مأزق جديد لإسرائيل في اليمن انكسار الراية السوداء وإغراق السفن بالكامل في البحر    ماذا يحدث في عدن وهل سيتم الغائها    - أزمة المياه بتعز تشتعل مع أصحاب محطات التحلية تجارالعطش الذين يهددون بإفشال مبادرة الشيباني الذي وعد بتوزيع 10ملايين لتر ..لكنه تجار العطش يمنعون اقرأ التفاصيل في موقع الأوراق برس    شبوة تودع الشهيد عبدربه المصعبي الذي ارتقى في هجوم إرهابي غادر    اليمنيون يجددون ثبات موقفهم مع غزة واستعدادهم لمواجهة أي تصعيد    صلاحيات الإرهابي "الجولاني" لم يحصل عليها أعتى الدكتاتوريين في العالم    ستلاحقه اللعنات.. بن ماضي يتحمل مسؤولية جريمة هدم جسر المكلا    السلطات الأردنية تضبط عقارات وشركات تمويل لجماعة الإخوان    ريال مدريد يحسم صفقة كاريراس    الفيفا يحدد ملعب نهائي مونديال 2030    انهيار كارثي ..الدولار في عدن 2872 ريال    مصر تعلن اكتشاف ذهب وفضة في الصحراء    القوات المسلحة الجنوبية تتصدى لهجوم عدائي حوثي شمال غرب الضالع    الأرصاد يحذر من التواجد في ممرات السيول    إيجا تنهي مغامرة بيلندا وتبلغ النهائي الأول    النصر إلى مقر جديد.. الإيرادات نصف مليار.. ومغادرة رائد ومرام    الإسبانية نويليا.. ثاني صفقات سيدات الهلال السعودي    اليابان تطور أول رحم اصطناعي كامل.. نحو مستقبل بلا حمل ولا ولادة تقليدية    جريمة بشعة في الضالع ذبح طفلة حديثة الولادة ودفنها    أزمة أخلاقية في المجتمع المصري: للغش مطاوعة يدافعون عنه    تدشين امتحانات القبول والمفاضلة في كلية الطب البشري جامعة ذمار    مكافأة تاريخية.. كم سيجني باريس سان جيرمان إذا توج بكأس العالم للأندية؟    العثور على كنز أثري مذهل يكشف أسرار ملوك مصر قبل الأهرامات    العثور على نوع جديد من الديناصورات    رسميا.. توتنهام يتعاقد مع الغاني محمد قدوس    عن بُعد..!    خطورة ممارسات "بن حبريش" على وحدة المجتمع الحضرمي    حزب رابطة الجنوب العربي ينعي الفقيد الوطني بن فريد    الكتابة والذكاء الاصطناعي    إتلاف أكثر من نصف طن من المخدرات المضبوطة في سواحل العارة    وزير النقل يزف بشرى بشأن انجاز طريق هام يربط مأرب    صدور قرار بنقل عدد من القضاة .. اسماء    زوجة طبيب معتقل في صنعاء تكتب مناشدة بوجع القلب للافراج عن زوجها    إسرائيل تطالب واشنطن باستئناف الضربات ضد الحوثيين في اليمن    آلام الظهر أزمة عصرية شائعة.. متى تحتاج للطبيب؟    صنعاء.. تحديد موعد إعلان نتائج الثانوية العامة    لماذا تتجدد أزمات اليمن وتتعاظم مع كل الاجيال؟!    الدولار يتخطى 2830 ريالاً والبنك المركزي يناقش مع البنوك إعادة هيكلة الشبكة الموحدة    - الممثل اليمني اليوتيوبر بلال العريف يتحوّل إلى عامل بناء في البلاط اقرأ السبب ؟    تحذيرات أممية: أزمة الغذاء في اليمن تتفاقم وسط نقص حاد في المساعدات    سان جيرمان يلقن ريال مدريد درسا ويتأهل لنهائي كأس العالم للأندية    يهودي من أبوين يهوديين.. من هو الخليفة أبو بكر البغدادي؟    بابور الاقتصاد تايراته مبنشرة    فتّش عن البلاستيك في طعامك ومنزلك.. جزيئات خفية وراء 356 ألف وفاة بأمراض القلب سنويًا    خبير: البشرية على وشك إنتاج دم صناعي    العلاج بالحجامة.. ما بين العلم والطب والدين    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القلق السعودي من الاتفاق الأميركي – الإيراني
نشر في نشوان نيوز يوم 30 - 11 - 2013

هل ينبغي للاتفاق النووي الموقت بين إيران والدول الكبرى أن يكون مثار قلق للسعودية؟ كان هذا ولا يزال إحدى المسائل المركزية التي كانت في صلب أغلب ما كتب ويكتب عن الموضوع، خصوصاً في الصحافة الأميركية. يجب أن يكون الاتفاق مثار قلق، لكن بالتأكيد ليس فزعاً، وليس للسعودية وحدها، بل لمصر ولكل دول المشرق العربي، ومن حيث إن الاتفاق مبدئي وموقت، وينتظر اتفاقاً نهائياً، فإنه قد يمثل بداية لاختراق في العلاقات بين أميركا والغرب، وإيران من ناحية أخرى، وهذا احتمال يجب أن يؤخذ في الاعتبار، خصوصاً لجهة تأثيره في مستقبل الأوضاع السياسية العربية في ظل الظروف السائدة حالياً وفي علاقات التحالف التي تربط السعودية بالولايات المتحدة الأميركية.
الاتفاق النووي في حد ذاته ليس مصدراً للقلق، وإنما ما قد يتمخض عنه من نتائج سياسية وأمنية على مستوى المنطقة. الأسئلة التي يطرحها الاتفاق في هذه المرحلة وغياب أجوبة واضحة عنها هما اللذان يبعثان على القلق، السؤال المركزي: هل يقتصر الهدف الأميركي من وراء الاتفاق على منع إيران من امتلاك السلاح النووي؟ أم أنه مقدمة لما هو أوسع من ذلك؟ يوحي الاتفاق بأن واشنطن باتت مقتنعة بأن اعتمادها في سياستها تجاه المنطقة على تحالفاتها العربية لم يعد كافياً، وأن الوقت حان للانفتاح على إيران.
هل يشمل التفاهم المتوقع محاربة الإرهاب؟ إيران وفق وزارة الخارجية الأميركية أهم رعاة الإرهاب في المنطقة، وعلى صلة بذلك، هي أهم رعاة الميليشيات في المنطقة. ثم هل تفكر واشنطن حقاً في إعادة تأهيل إيران للعب دور مشابه لما كانت تلعبه أيام الشاه؟ وفي هذه الحال كيف سيؤثر ذلك في خريطة تحالفاتها في المنطقة، خصوصاً في الخليج العربي؟ سيكون على إيران تقديم تنازلات كبيرة. يؤكد الاتفاق أن إيران ستتنازل في الموضوع النووي، ماذا عن سورية؟ هنا سيكون محك الاتفاق النهائي، وما قد يتأسس عليه من تفاهمات.
قد يتساءل البعض عن مصير ما يُسمى «المقاومة والممانعة»، وليست هناك حاجة لمثل هذا التساؤل لأن «المقاومة والممانعة» لم تكن في يوم ما سياسة، وإنما هي شعار للتغطية على الدور والسياسة، لكن يبقى نجاح إيران في تغيير القناعة الأميركية، وهو نجاح جاء نتيجة لنجاح إيران في تجميع أوراق سياسية في العراق وسورية ولبنان، بالتالي يعكس فشلاً عربياً واضحاً، والدول العربية، وأولها العراق وسورية، هي المسؤول الأول عن ذلك.
هناك مصدر آخر للقلق يتمثل في أن إدارة أوباما تتجه ليس إلى التخلي عن تحالفاتها الإقليمية، وإنما إلى تغيير صيغة هذه التحالفات، والمعني بذلك الدول العربية، وليس إسرائيل أو تركيا مثلاً، ولهذا السبب ربما تفصل إدارة أوباما البرنامج النووي الإيراني وأخطاره عن الدور الإيراني في المنطقة. هي لا يعنيها كما يبدو أن هذا الدور يرتكز إلى مبدأ تحالف الأقليات، بالتالي تفعيل الطائفية كآلية سياسية في الصراع. ترى الإدارة أخطار السلاح النووي وأكلافه، ولا ترى أخطار الدور، لأن أكلافه تقع على دول المنطقة، بما في ذلك حلفاؤها. وهذا فصل غريب يجب أن يبعث على القلق. والاتفاق مصدر قلق آخر لأنه جاء نتيجة لمفاوضات سرية بين الأميركيين والإيرانيين تمت غالبيتها، وفق وكالة ال «أسوشييتد برس» في سلطنة عمان. لجوء إدارة أوباما إلى مفاوضات سرية بالتوازي مع المفاوضات العلنية يعكس قناعتها بضرورة التوصل إلى اتفاق مع إيران. ووفق ال «أسوشييتد برس» لم يطلع الأميركيون حلفاءهم في المنطقة على هذه المفاوضات، ما يعني عدم التشاور والتنسيق مع السعودية ودول مجلس التعاون، الطرف الآخر في المعادلة الإقليمية. هل أطلع العمانيون السعودية وبقية دول مجلس التعاون الخليجي على الموضوع؟ الأرجح أن مقتضيات السرية لم تسمح لهم بذلك، ما يطرح سؤالاً عن معنى المجلس، وحدود التزامات أعضائه تجاه بعضها الآخر.
هنا تتجه الأسئلة للأطراف العربية، خصوصاً السعودية ومصر. لماذا هاتان الدولتان؟ لأنهما الأكبر والأهم عربياً. لكن السعودية بحجمها ومركزيتها واستقرارها تتحمل العبء الأكبر في هذه المرحلة. العراق سقط بعد الاجتياح الأميركي والنفوذ الإيراني. وسورية تحولت مرة أخرى على يد النظام الحالي إلى ساحة لصراعات الآخرين، وتحول النظام نفسه إلى ورقة في يد الإيرانيين. لم يبق من المربع الذهبي العربي إلا السعودية ومصر. الأخيرة متعثرة بفعل حال ثورية مضطربة، وصراع «الإخوان» والعسكر. السعودية هي الطرف العربي الأكثر قدرة على حرية الحركة، لكنها لا تستطيع مواجهة الموقف من دون تفعيل، وإعادة تصويب سياستها الخارجية، والبدء في تعزيز قدراتها العسكرية، والانطلاق في ذلك من ضرورة إصلاح بيتها من الداخل. لا يعني ذلك أن ينتظر تفعيل السياسة الخارجية وتعزيز قدرات الإصلاح ومتطلباته. هذا لا بد أن يأخذ وقته، لكن لا بد من البدء في ذلك والانطلاق منه، والسعودية من أقدر الدول العربية على تحقيق هذا الهدف، فإمكاناتها كبيرة، ودورها مركزي، واستقرارها مكين، وقيادتها تملك الخبرة، وتتمتع بشرعية راسخة.
هنا يأتي المصدر الداخلي للقلق، وهو مصدر عربي يتمثل في عدم قدرة، أو عدم استعداد الدول العربية للاستجابة لتحدي الأحداث والتطورات، بما تتطلبه من تغيير في السياسات والمؤسسات، وإصلاحات في الأداء والإمكانات.
في أقل من ثلاثة عقود، مر العرب بثلاثة منعطفات مفصلية: الغزو العراقي للكويت، والغزو الأميركي للعراق، والربيع العربي. قبل تلك المنعطفات كانت الطائفية في حال كمون، والحواجز السياسية والأمنية تحيط بأطراف الجزيرة العربية، وكانت أميركا في ذروة تحالفها مع السعودية ودول الخليج ومصر. كانت سورية لاعباً رئيساً، وكانت حليفاً للسعودية وإيران ومصر. بعد تلك المنعطفات تغيرت الصورة الإقليمية في شكل كامل تقريباً. تحولت الطائفية على يد إيران إلى ميليشيات وإلى قوة سياسية فاعلة نشاهد أداءها في لبنان والعراق وسورية واليمن.
سقطت أنظمة، وأخرى في طريقها للسقوط. أصبحت إيران لاعباً في المعادلة العراقية، وأصبح النظام السوري «الممانع»، كما أشرت، ورقة إيرانية، ومع ذلك بقي الأداء السياسي العربي في الداخل والخارج كما هو تقريباً.
ما الذي تفتقده الدول العربية في هذه المرحلة؟ تفتقد الإرادة السياسية المبادرة في اتخاذ القرار في اللحظة المناسبة. وتفتقد العمل المؤسسي. كما تفتقد القدرة على مواجهة حقيقة أن الدولة في حاجة إلى تغيير وإلى إصلاح بعد عقود طويلة من الجمود. المذهل أن إيران حققت نجاحاتها وهي دولة دينية ترتكز على فكرة دينية اسمها «ولاية الفقيه»، لكنها تمتلك بنية مؤسسية فاعلة ورثتها من عهد الشاه، هي دولة الطبقة الدينية، وما يتحالف معها من طبقات، مثل طبقة البازار. تعتاش هذه الدولة على تأجيج الصراعات الإقليمية لشد عصب الداخل. والأرجح أنها ستواجه انفجار تناقضاتها في حال تدهور ظروفها الاقتصادية، أو انقضت تلك الصراعات، أو كليهما معاً. ولمواجهة الظرف الاقتصادي اضطرت إيران للإسراع إلى التفاهم مع الأميركيين لرفع العقوبات الاقتصادية التي قد تفجر الداخل. انقضاء الصراعات الإقليمية أمامه كما تتصور القيادة الإيرانية زمن طويل.
في المقابل الدول العربية هي دول أفراد أو عائلات تفتقد التحالف الطبقي الحقيقي، وليس النفعي الموقت، والأكثر من ذلك افتقادها البناء المؤسسي منذ زمن بعيد. بإمكان الدول العربية، خصوصاً السعودية سحب ورقة الطائفية من يد إيران، وذلك بفتح خطوط تواصل مع كل مكونات دول مثل العراق والبحرين ولبنان وسورية، بما في ذلك الشيعة. وهذا ممكن ولا يتطلب زمناً طويلاً. غالبية الشيعة مناهضة للسياسة الإيرانية، بالتالي ليس مفهوماً لماذا ترك هذه الورقة في يد إيران توظفها للتوتير في الداخل، ثم استخدامها للاختراق، والضغط في الداخل والخارج، ماذا يعني كل ما سبق؟ يعني أنه من الممكن الاستفادة من مصادر القلق وتحويلها إلى حوافز للعمل، وتحقيق النجاحات، فالإمكانات متوافرة والوقت متوافر وكذلك الظروف. بقي أن تتوافر الإرادة والرؤية والتصميم على العمل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.