محمد منصور: فتنة ديسمبر كانت مخططة    حضرموت: المصير الذي لا يُقسَّم (2)    بعد اسابيع من التحشيد..انفجار الأوضاع عسكريا في حضرموت    ايقاف إجراءات الهجرة والتجنيس الى أمريكا من 19 دولة بينها اليمن    قناة آي 24 نيوز: عدن .. أزمة خانقة وشلل اقتصادي وغياب تام للدولة    تقرير أوروبي: عمليات اليمن البحرية تعيد رسم ميزان القوة وتكشف هشاشة الردع الغربي    برشلونة يعاقب أتلتيكو في كامب نو    مباراة الأهداف التسعة.. مانشستر سيتي ينجو من ريمونتادا مجنونة أمام فولهام    عاجل.. القوات الجنوبية تتعامل مع دبابة تابعة لاحتلال اليمني غرب وادي حضرموت (صور)    خالد بحاح يفضح الشرعية ويكشف تضحيات التحالف العربي مقابل فساد النخبة اليمنية    باتيس يهدد بإحراق الوادي ويؤكد أن بترول المسيلة ملك للشعب اليمني    الذكرى ال 58 لعيد الاستقلال.. دروس عن الخيانة والنضال    حوادث السير تحصد حياة 70 شخصاً وتصيب 414 آخرين خلال شهر نوفمبر    لان الامارات صنّاع العطاء.. احتفلت شبوة بيومها الوطني    المغرب يفتتح مشواره في كأس العرب بالفوز على جزر القمر    لقاء تنسيقي بمأرب يؤكد على أهمية مواجهة التحديات الإنسانية بالمحافظة    الجبواني والجفري يشهدان الحفل الفني الذي أقيم بمحافظة شبوة بمناسبة الذكرى ال54 لعيد الاتحاد الاماراتي    ندوة ولقاء نسائي في زبيد بذكرى ميلاد الزهراء    تدشين امتحانات الفصل الأول في فرع الجامعة الوطنية بالحديدة    سياسيون يطلقون وسم #تحرير_وادي_حضرموت    التوتر يعود مجددًا إلى حضرموت.. المنطقة الأولى تنتشر وقوات الانتقالي تضيق عليها الخناق    وزارة الإدارة والتنمية المحلية تبدأ حملة تقييم ميداني لأداء المحافظات    معجزة غزة.. فيلم لبناني يحصد جائزة في برلين    إعلان تشكيل لجنة تسيير لشراكة اليمن للأمن البحري بمشاركة دولية واسعة    صنعاء.. إيقاف التعامل مع منشأة وشركة صرافة    اتحاد الأدباء والكتّاب اليمنيين ينعى الأديب عبدالإله البعداني    مواطنون يشكون تضرر الموارد المائية لمناطقهم جراء الأنفاق الحوثية في إب    بدائل بسيطة لتخفيف السعال والتهاب الحلق في الشتاء    الذهب ينخفض مع جني الأرباح والنفط يرتفع بفعل الأخطار الجيوسياسية    الأرصاد: صقيع متوقع على أجزاء من المرتفعات    كلية المجتمع في ذمار تنظم فعالية بذكرى ميلاد الزهراء    كأس العرب.. فوز تاريخي لمنتخب فلسطين على قطر    برشلونة يقترب من ضم موهبة مصرية لتعزيز الهجوم    خبير آثار: معبد أثري بمأرب يتعرض للاهمال والنهب المنظم    اتلاف 25 طنا من البضائع المنتهية في البيضاء    صراع النفوذ السعودي الإماراتي يطفئ مدن حضرموت    هيئة الأوقاف في البيضاء تعيد تأهيل مقبرتي الخرقاء الشرقية والغربية    تنافس القوى الكبرى في البحر الأحمر في رسالة ماجستير للمقطري    حقول النفط في حضرموت: معاناة الأهالي مقابل ثراء فئة قليلة    جاهزية صحية قصوى في وادي حضرموت وسط مخاوف من تطورات وشيكة    عدن.. لملس يفتتح حزمة مشاريع خدمية وأمنية وحدائق عامة    الإمارات في عيدها 54.. اتحاد راسخ ورؤية تنموية رائدة    الهيئة النسائية في تعز تدشن فعاليات إحياء ذكرى ميلاد الزهراء    لملس و الحريزي يفتتحان مشروع إعادة تأهيل شارع معارض السيارات في الشيخ عثمان    تهريب مئات القطع الأثرية من اليمن خلال شهرين فقط    8 وفيات و12 إصابة بحمى ماربورغ في إثيوبيا    المغرب يستهل كأس العرب بمواجهة غامضة واختبار صعب للكويت والسعودية    حضرموت.. بترومسيلة تعلن إيقاف إنتاج وتكرير النفط نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية    لا تخطئوا.. إنها حضرموت    خط ملاحي دولي يستأنف نشاطه إلى ميناء الحديدة    قراءة تحليلية لنص "أسئلة وافتراضات" ل"أحمد سيف حاشد"    "صور".. صقيع يضرب أجزاء من المرتفعات ويلحق أضرارًا بالمحاصيل الزراعية    الليغا ... ريال مدريد يستمر في السقوط    مرض الفشل الكلوي (30)    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    تقرير أممي: معدل وفيات الكوليرا في اليمن ثالث أعلى مستوى عالميًا    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المال السياسي ولعبة أسعار صرف الريال
نشر في نشوان نيوز يوم 24 - 12 - 2011

أمام نائب الرئيس سألني رئيس الجمهورية في منتصف عام 2010 إن كانت أزمة سعر صرف الريال - آنذاك - مفتعلة سياسياً أو ناجمة من التفاوت بين عرض الدولار والطلب عليه،

أو هي ناتجة بسبب المضاربة لتحقيق أرباح سريعة من قبل البنوك والصرافين، كانت إجابتي يومها بأن السبب يعود إلى التفاوت بين العرض والطلب متضافرة مع شئً من المضاربة غير المشروعة، إلا أنه تبين لاحقاً بأن المضاربة كانت – فعلاً- هي المحرك الفعلي لتدهور قيمة الريال، حيث ما أن توفرت الإرادة السياسية لضبطها حتى أنخفض قيمة الدولار من 250 ريال إلى 215 ريال في شهر سبتمبر 2010. وعند التمعن بماهية الإجراءات التي أًتخذتها الحكومة إزاء ضبط عمليات المضاربة تبين إن أغلبها إجراءات إدارية تتعلق بإلزام أعمال الصرافة وفقاً للقوانين النافذة من أهمها: (1) منع محلات الصرافة من القيام بأعمال البنوك كإستيراد وتصدير العملات الاجنبية بما فيها العملات الاقليمية - كالريال السعودي والدرهم الإمارتي - واللذان يشكلان تقريباً أكثر من 70% من إجمالي تدفقات العملات الاجنبية في البلاد حيث بهذا الإجراء تم تقليص عملية احتكار الصرافين لسوق الدولار بما يزيد عن مليار دولار في السنة، (2) إلزام البنوك التجارية والاسلامية بشراء العملات الإقليمية
من محلات الصرافة مقابل الريال اليمني فقط ، وبعدها القيام بتصدير مشترياتها من العملات الخارجية وإستيراد قيمتها بالدولار ( إعادتها الى القطاع المصرفي اليمني ) مما وفر سيوله نقدية أجنبية تحت تصرفات البنوك التجارية وبإشراف البنك المركزي لتغطية إعتمادات الاستيراد من قبل القطاع الخاص، (3) إيقاف بيع الدولارات مباشرةً لمحلات الصرافة والإكتفاء ببيعها فقط للبنوك التجارية والاسلامية، (4) إيقاف البنك المركزي لعمليات المزاد العلني للدولار.
من الواضح إن تلك الاجراءات السالفة الذكر قد أدت إلى إستقرار سعر صرف الريال خلال الفترة سبتمبر 2010 – فبراير 2011، إلا أن الأزمة السياسية جعلت كثير من المودعين يسحبون مدخراتهم من البنوك سواء ودائعهم بالدولار أو القيام بتحويل جزء من ودائعهم بالريال وتحويلها إلى عملات أجنبية ، وقد تم خلال الأشهر الأولى من الأزمة سحب ما يزيد عن 450$ مليون دولار من القطاع المصرفي فقط ، وفي نفس الوقت زاد الطلب على الدولار في سوق الصرف وأثر على أسعار الصرف ليرتفع من 215 ريال إلى أكثر من 230 ريال للدولار الواحد. وحتى يستقر أسعار الصرف إثناء الازمة السياسي، أضاف البنك المركزي عدد من الإجراءات الإدارية لدعم الريال والحد من المضاربة من خلال تمويل إعتمادات استيراد المواد الغذائية الاساسية كالقمح والرز والسكر والمشتقات النفطية ورفد البنوك التجارية بما يساوي 350$ مليون دولار من خلال خفض نسبة الاحتياطي من 20% إلى 10%. حيث تضافرت هذه الاجراءات مع إنخفاض فاتورة الاستيراد نظراً لإحجام القطاع الخاص عن الاستيراد في خلق استقرار نسبي لسعر الدولار خلال الفترة مارس 2011 –نوفمبر2011.
لكن ما أن أستبشر الناس خيراً بالإتفاق السياسي وبحكومة الوفاق الوطني في بداية ديسمبر 2011، إلا وتم إستغلالها إستغلال غير إخلاقي وغير وطني خلال الاسبوعين الماضيين من قبل أصحاب رؤوس المال السياسي عبر محلات الصرافة لشراء ما لدى الناس من مدخرات بالدولار بحجة إنخفاض قيمته لتوقعات تحسن الاقتصاد، إلا أن هذه كانت حيله مدروسة وكأن هناك تحايل وإلتفاف على إجراءات الحكومة السالفة الذكر من خلال تعاون مشبوه بين بعض البنوك ومحلات الصرافة وبينهما وبين بعض رجال الاعمال وبينهما وبين أصحاب رأس المال السياسي لخلق سوق إحتكارية للدولار من خلال الإمتناع عن شراء الدولار والعملات الخارجية الأخرى واضطرار المواطنين لبيعها بأسعار متدنية للغاية وصلت الى حوالي 214 ريال في ساعات الذروة من العرض الكبير للعملات الخارجية مع الإنفراج السياسي، وفور ذلك قام هؤلاء المضاربون بعكس عمليات العرض واحداث طلب وهمي كبير مما جعل قيمة الدولار تتصاعد وبصورة ملفته من دون وجود أية عوامل اقتصادية تستدعي ذلك وارتفع الدولار مع هذه الأنشطة المشبوهه من 212 ريال في 18 ديسمبر إلى 228 ريال في 22 ديسمبر وهو مرشح للتصاعد إذا لم تتخذ الحكومة إجراءات عاجلة خلال هذا الأسبوع.
لهذا يتطلب الأمر من حكومة الوفاق الوطني أن تعمل كمنظومة متكاملة وتتخذ إجراءات سريعة تمنع عملية إحتكار مداخيل النقد الاجنبي على سبيل المثال وليس الحصر ما دام والبنوك التجارية غير قادرة وغير فاعلة في تصدير العملات الاقليمية وإستيراد قيمتها لصالح تغطية حاجات السوق بشفافية ونزاهه فيتوجب على الحكومة دعم البنك المركزي بأن يتولى عمليات شراء العملات الاقليمية لمنع عمليات الإحتكار والمضاربه غير المشروعة وبالسعر العادل وتوزيع مشترياته على البنوك التجارية ولا شك ان مثل هذا الإجراء سيوقف عمليات المضاربه طالما والجميع يعلم سواء بنوك أو صرافين بأن مشتريات النقد الأجنبي سيتم شراءها مقابل الريال اليمني فقط ومن قبل جهة واحدة فقط وحتى يستقر السوق بعدها يمكن للبنك المركزي السماح للبنوك القيام بعمليات التصدير في ضوء استقرار السوق .
ولعله من المفيد هنا الإشارة بأنه من المعروف عالمياً أن مهمة محلات الصرافة هي عبارة عن وسيط ما بين البنوك المحلية والمواطنين ويقتصر دخلها على هامش ربح بيع وشراء العملات الاجنبية ولهذا لا يتطلب القيام بمهنة الصرافة وجود رأسمال كبير لمحلات الصرافة حيث يعتمد نشاطها على حركة السوق المحلية ، إلا أنه من الواضح أن محلات الصرافة في اليمن تمثل حكاية مختلفة ، فحجم عمليات شراء بعض محلات الصرافة كبيرة جدا تستلزم ولاشك وجود رأسمال كبير لمواجهة قيمة تلك العمليات (فمن أين لهم هذه الأموال اللهم إن كانت أموال بنوك أو أموال سياسية) وبذلك ينتفي الهدف الرئيسي من محلات الصرافة من وسيط بين البنوك والمواطنين الى إستغلال حجم تلك العمليات في المضاربة غير المشروعة والتأثير على اسعار العملات في السوق مستغلة الإهمال الإداري والصراع والمال السياسي فوسعت من أنشطتها بإعتبارها لسوء الحظ الوعاء الرئيسي للتدفقات النقدية الخارجية وخاصة من دول الجوار نظرا لوجود هامش كفاءة كبير تقدمه محلات الصرافة للمواطنين والمغتربين مقارنة بالبنوك التجارية ( وبالطبع هذا يحسب لها كونها تقدم خدمة للمواطنين )
الجدير بالذكر بأنه تبين لي من خلال دراسة أعديتها لمنظمة دولية حول العمليات الفعلية لمحلات الصرافة، ونوعية البيانات التي تقوم تلك المحلات بتوفيرها للبنك المركزي اليمني أتضح بأن الفارق كبير جداً بين البيانات وواقع السوق حيث أن محلات الصرافة غير ملتزمة بتزويد البنك المركزي بمعلومات حقيقية عن أنشطتها لسببين رئيسيين (1) هدف المضاربة، (2) اخفاء معلومات عن السلطات الضريبية عن حقيقة حجم تعاملاتها وحجم أرباحها المبالغ فيها والتي تصل إلى أرقام فلكية إثناء المضاربة، ولعل ادراك محلات الصرافة انها تسيطر على جزء كبير من دخل النقد الاجنبي والمتمثل في عوائد المغتربين مكنها من اخفاء تلك المعلومات وايضا مكنها من الاحتكار والمضاربة وإجبار البنك المركزي على التدخل بين الحين والاخر لرفد السوق المحلية خلال السنوات الماضية.
ولهذا ينبغي على حكومة الوفاق الوطني وعلى وجهة السرعة أن تدرك بأنه ما لم يتم ضبط محلات الصرافة من عمليات المضاربة غير المشروعة فإن سعر الصرف سيستمر بالتصاعد وسيكون لذلك آثارا سلبية كبيرة على جهود حكومة الوفاق الوطني في تحقيق الإستقرار الإقتصادي وتزيد من الاسعار كون اليمن تستورد 70% مما سيزيد من معاناة المواطنين كون القوة الشرائية للريال ستنخفض بشكل كبير، وخدمة الوطن من وراء القصد.
* خبير اقتصادي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.