"لن نفتح الطريق"...المقاومة الجنوبية ترفض فتح طريق عقبة ثرة وتؤكد ان من يدعو لفتحها متواطئ مع الحوثي    بعد أشهر قليلة من زواجهما ...جريمة بشعة مقتل شابة على يد زوجها في تعز (صورة)    صيد حوثي كبير في يد قوات العمالقة ودرع الوطن    "الحوثيون يستعدون للمواجهة والحرب القادمة بمشروع سري ضخم"..تعرف عليه    جريمة بشعة تهز اليمن: الحوثيون يقتلون رجل أعمال بعد الإفراج عنه من سجنه!    أحمد علي عبدالله صالح يعود بقوة للمشهد اليمني والذعر يجتاح صنعاء.. هل يكون الرئيس القادم؟    الرئيس الزُبيدي يرأس الاجتماع الموسع للقيادة المحلية لانتقالي العاصمة عدن    الحسناء المصرية بشرى تتغزل باليمن و بالشاي العدني    ضربة قوية تثير جنون الحوثيين.. وتصريحات للجماعة عن إغلاق مطار صنعاء بشكل كامل وتدمير الخطوط اليمنية    وديا: تعادل ل سلوفينيا امام بلغاريا    خارجية الانتقالي تندد بالاعتقالات الحوثية بصفوف الموظفين الأمميين    «كاك بنك» يتولى النسخة الثانية من فعالية العروض (DEMODAY)    السلطة المحلية بتعز تعلن إصلاح طريق الكمب تمهيداً لاستقبال المواطنين    نقابة المحامين اليمنيين تعلن دعمها لفتح الطرق الرئيسية ورفع الحصار عن تعز    أطباء بلا حدود: 63 ألف حالة إصابة بالكوليرا والاسهالات المائية في اليمن منذ مطلع العام الجاري    تركيا تفرض رسوما إضافية بنسبة 40%على واردات السيارات من الصين    قرار حكومي بنقل مقار شركات الاتصالات الرئيسة إلى العاصمة المؤقتة عدن    منتخب الشباب ينهي معسكره الداخلي ويعلن القائمة النهائية للمشاركة ببطولة غرب آسيا    قبائل حضرموت ترفض وجود أي مكونات عسكرية بساحل حضرموت    زيدان: البرنابيو يحمل لي ذكريات خاصة جداً    ألفاريز سيبقى في مانشستر سيتي    80 شهيدا وعشرات الجرحى جراء قصف غير مسبوق وسط غزة والمستشفيات تستغيث    هل لا يزال التطبيع بين السعودية وإسرائيل ممكناً؟    اتحاد النويدرة بطلا لبطولة أبطال الوادي للمحترفين للكرة الطائرة النسخة الثالثة.    أطلق النار على نفسه.. مقتل مغترب يمني في أمريكا في ظروف غامضة (الاسم)    حاول التقاط ''سيلفي'' .. الفنان المصري ''عمرو دياب'' يصفع معجبًا على وجهه خلال حفل زفاف ابنه (فيديو)    محلات الصرافة تعلن تسعيرة جديدة للريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    الرئيس الإقليمي للأولمبياد الخاص الدولي : مصر من أوائل دول المنطقة التي أقامت ألعابا وطنية    تحرك أمريكي صارم لخنق ''الحوثيين'' .. والحكومة الشرعية توجه الضربة القاضية للمليشيات    البعداني: البرواني استعاد جاهزيته .. ولا يمكن تجاهل أي لاعب يبلي بلاءً حسنا    الحوثيون يمنحون أول باحثة من الجنسية الروسية درجة الماجستير من جامعة صنعاء    تعرف على شروط الأضحية ومشروعيتها في الشريعة الإسلامية    ضربة قاصمة للحوثيين... الشرعية تُغير قواعد اللعبة واليمن على موعد مع تغيرات كبيرة    وقفة جماهيرية بمحافظة مأرب تندد باستمرار مجازر الاحتلال الاسرائيلي في غزة    - مواطن سعودي يتناول أفخر وجبات الغذاء مجانا بشكل يومي في أفخر مطاعم العاصمة صنعاء    الحوثيون يعتقلون عشرات الموظفين الأمميين والإغاثيين في اليمن مميز    الوزير البكري يعزي في وفاة الكابتن علي بن علي شمسان    بينها دول عربية.. تسع دول خالفت السعودية في الإعلان عن موعد عيد الأضحى    البنك المركزي يؤكد سريان قراراته ويحذر من تداول الشائعات    تصعيد جديد.. الحكومة تدعو وكالات السفر بمناطق الحوثيين للانتقال للمحافظات المحررة    عن ''المغفلة'' التي أحببتها!    ضغط أوروبي على المجلس الانتقالي لتوريد إيرادات الدولة في عدن إلى البنك المركزي    ميليشيا الحوثي تهدد بإزالة صنعاء من قائمة التراث العالمي وجهود حكومية لإدراج عدن    وداعاً لكأس العالم 2026: تعادل مخيب للآمال مع البحرين يُنهي مشوار منتخبنا الوطني    اشتراكي المقاطرة يدين الاعتداء على رئيس نقابة المهن الفنية الطبية بمحافظة تعز    عدن.. الورشة الخاصة باستراتيجية كبار السن توصي بإصدار قانون وصندوق لرعاية كبار السن    خبراء صحة: لا تتناول هذه الأطعمة مع بعض الأدوية    الوحدة التنفيذية للاستيطان اليمني    في وداع محارب شجاع أسمه شرف قاسم مميز    مدير منفذ الوديعة يعلن استكمال تفويج الحجاج براً بكل يسر وسهولة    العشر الأوائل من ذي الحجة: أفضل أيام العبادة والعمل الصالح    ارتفاع حالات الكوليرا في اليمن إلى 59 ألف إصابة هذا العام: اليونيسيف تحذر    يكتبها عميد المصورين اليمنيين الاغبري    من جرائم الجبهة القومية ومحسن الشرجبي.. قتل الأديب العدني "فؤاد حاتم"    سلام الله على زمن تمنح فيه الأسماك إجازة عيد من قبل أبناء عدن    أغلبها بمناطق المليشيا.. الأمم المتحدة تعلن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا في اليمن    وكالة المسافر للحج والعمرة والسياحة بحضرموت تفوج 141 حاجاً إلى بيت الله    وفاة ضابط في الجيش الوطني خلال استعداده لأداء صلاة الظهر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر الأسودي: الفيدرالية مُقدِّمة لتقسيم اليمن وأفضَّل الحكم المحلي كامل الصلاحيات

قال إن الفيدراليات في العالم بنيت وتكونت مستقلة، فيما من ينادي بتبني الفيدرالية في اليمن لايدرك الحقائق والمعطيات على الأرض.. الكاتب والمفكر أحمد قائد الأسودي, رئيس مركز القرن الواحد والعشرين للتجديد والتنمية، يؤكد في حوار مع (الجمهورية) أن الحكم المحلي الكامل الصلاحيات هو الأجدى لليمن، فإلى نص الحوار..

يعيش الشعب اليمني اليوم أجواء الحوار الوطني الشامل بصورة جماعية ولأول مرة في تاريخه بهذا الشكل.. رؤية أولية؟
في الأصل الحوار هو المبتدأ والمنتهى، حتى لو دخل الناس في حرب فإنه في النهاية يعودون إلى الحوار، الناس يختلفون وقد يحتربون لكنهم في النهاية يعودون للحوار، فبعد أي خلاف يكون هناك شكل من أشكال الحوار، والحوار قضية إنسانية ومبدأ إنساني حضاري، ونحن نستبشر خيراً بما يجري اليوم..
في صورة فريدة من نوعها من بين ثورات الربيع العربي أفضت الثورة اليمنية إلى هذا الحوار.. هل نعتبر ذلك ميزة وسلوكاً إيجابياً كما يرى البعض؟ أم أن ذلك من مظاهر عجز الثورة وبالتالي فهو فعل غير إيجابي قياساً إلى مخرجات الفعل الثوري في المخيلة الرومانسية الثورية كما يرى البعض الآخر.. ماذا ترى؟
لو تلاحظ ثورة 26 سبتمبر 62م أفضت إلى حوار بعد حرب ضروس، وجلسوا على طاولة واحدة عام 70م أثناء المصالحة الوطنية الشهيرة، واقتسموا المواقع بعد ذلك، وطبعاً تم استبعاد بيت حميد الدين فقط، وأوكلوا إلى غيرهم الحكم نيابة عنهم، وظللنا محكومين بحكم بيت حميد الدين باسم الثورة والجمهورية، فالأمر قريب منه اليوم.
برأيك لماذا تؤول صراعات اليمنيين في نهاية مشاهدها إلى هذه النهاية، المشهد يبدو وكأنه ثارات لا ثورات؟!
هذه ميزة خاصة باليمنيين حتى بين القبائل تقع بينهم المعارك والحروب وبالنهاية يعودون للحوار! هذا إرث تاريخي توارثه اليمنيون, الحوار صفة وميزة يمنية رائعة.
أستاذ أحمد الثورة لفحات تأتي لتقتلع الأنظمة وليست نفحات تهب لتحاورها.. أليس هذا هو ما كان في الثورات الكلاسيكية خلال التاريخ الإنساني قاطبة؟
الأصل في طبيعة الشعار الذي تحمله، وهو إسقاط الأنظمة، وهذا ما حصل في ثورات الربيع العربي، وانظر إلى المكان الذي غاب فيه الحوار في سوريا مثلاً، ما الذي حصل؟ مآسٍ، لأنه لا وجود للحوار هناك، عندنا القوى القبلية اعتادت على الحوار من وقت مبكر، والقبيلة مرتكز أساسي للمجتمع، تاريخياً المجتمع اليمني مرتبط بالقبيلة، وانظر: رغم كل الصراعات السياسية التي مرت في تاريخ اليمن، لكن ظل السلم الاجتماعي متماسكاً، تترك مالك وأولادك سنيناً وتغادر للغربة ثم تعود والوضع على ما هو عليه, على الرغم من عدم وجود قسم الشرطة. القبيلة بأعرافها الإيجابية هي التي حمت هذا البيت, ثمة أعراف وقوانين قبلية صارمة حافظت على السلم الاجتماعي إلى حد كبير, وللعلم فالقبيلة متجذرة في الحس الإنساني.. الإنسان لا يستطيع الحياة بلا قبيلة وقد ظهرت القبيلة الجديدة المعاصرة بمسمياتها الجديدة, وأصبحت من صميم حقوق الإنسان وهي تقوم بنفس مهام ووظائف القبيلة على نحو ما, فما هذه الأحزاب وهذه المنظمات والنقابات والاتحادات إلاصورة من صور القبيلة الجديدة, انظر إلى قبيلة الصحفيين والإعلاميين مثلا كيف تتنادى إذا أصيب أحد أعضائها بمكروه, وكيف تدافع عنه, ولم تقف هذه القبيلة على المستوى المحلي بل أصبحت قبيلة عالمية.
حسناً.. هذه صفات وإيجابيات محسوبة للقبيلة، وللمجتمع بشكل عام، لكن من ناحية ثانية ألا ترى أن القبيلة قد شكلت عائقاً أمام الدولة وتشكلها منذ زمن؟
القبيلة في حد ذاتها ليست عقبة لكنها استخدمت أو أريد لها أن تكون عقبة لتسيير مآرب السلطات القائمة، كلما أتى حاكم استغل قوة القبيلة واستخدمها لمصالحه وتوجهاته الشخصية، القبيلة كيان اجتماعي طيع للحاكم على الدوام، يأمرها فتطيع، يقول لها تحارب معه فتحارب, تحارب القبيلة القبيلة الأخرى فتحارب أختها من أجل الحاكم، وهذا حاصل تاريخياً, بل وإلى اليوم. الحكام أنفسهم من يطوعون القبيلة لمشاريعهم الخاصة ولمصالحهم الشخصية و لا يستغنون عنها, فالقبيلة ليست هي المشكلة, بل المشكلة هم الحكام الذين تعاقبوا على الحكم وطوعوا القبيلة لمصالحهم.
لكن لو نظرنا إلى تاريخ القبيلة وحضورها لوجدناها أقل حضوراً في الشأن السياسي خلال أيام الأئمة، وخاصة في الشمال، وربما كان حضورها منعدماً، لكن بعد الثورة اندمجت بصورة مباشرة في الشأن السياسي وأصبحت سياسية؟
في ذلك الوقت مثلاً الحراك الموجود لدى القبيلة لا يستطيع أن يتحرك أكثر من تلك المساحة التي أتيحت له، لكن بعد الثورة دائرة التحرك أصبحت متسعة أكثر، بعد ثورة سبتمبر تحرر القبيلي من الإمام وسلطة الإمام وتحرك كيفما أراد، مستثمراً إياها كما يريد وإن بمسميات جديدة, فحاول أن يتولى الحكم قبيلي بدلاً من السيد الإمام, ثم بقيت عصا بيد الحاكم الجديد, فالقبيلة خامة رائعة قوية لو تم الارتقاء بها وتم توطين الدولة العادلة القوية ستجد القبيلة طائعاً طيعاً, ولكن معاداة القبيلة واعتبارها العدو الذي يجب الخلاص منها فهذا ما لا ترضاه القبيلة فمن شيمها رفض الذل والإهانة.
ألا ترى أن القبيلة من خلال هذه الأدوار المزدوجة التي مارستها ومن خلال قبولها لأن تكون لعبة بيد الحكام قد لعبت دوراً سلبياً أثر على بنية الدولة وثقافتها؟
المشكلة أن القبيلة بقيت بيد الشيخ، والشيخ بيد الحاكم، فكان الجانب السلبي هنا هو الغالب، القبيلة لم تستطع الخروج من نطاقها الجغرافي إلى النطاق الوطني العام.. بشكل مناسب, وهي اليوم من خلال تواجدها في الأحزاب توسع من ساحة تواجدها الوطني.
عودة إلى الحوار الوطني.. هل أنت متفائل اليوم بالحوار الوطني؟
على ضوء ما نسمعه من الرئيس عبد ربه منصور هادي نحن متفائلون بالحوار الوطني الشامل, لي وجهة نظر شخصية تتعلق بالأشخاص المشاركين في الحوار الوطني, فالذي يبدو أننا قد لا نصل إلى نتيجة مع بعضهم، إلا إذا حصلت معجزة..
ما هي ملاحظتك على اختيار هذه الشخصيات أو المكونات؟
المفروض في هذا الحوار ألا تكون هناك مكونات، كان الأصل أن يكون الممثلون في الحوار الوطني باختيار شعبي، حتى على مستوى المديريات، وهي عملية سهلة، وليست صعبة، يتم تحديد عدد معين لكل مديرية من مديريات اليمن، ويتم اختيارهم بالترشيح، لكن للأسف, هؤلاء الناس المتحاورون اليوم اختارتهم أحزاب، هذه الأحزاب مكوناتها الداخلية شللية، فهي لا تختار الناس الصالحين للعمل, ولكن تختار الأكثر ولاءً لقيادة الحزب.
الأحزاب نعتبرها نحن الحامل الرئيسي للمشروع، وصاحبة المشروع السياسي في التغيير؟
هذه عملية وهمية، شخصياً لست مقتنعاً بأي واحد من كل القيادات الحزبية التي أمامي وأراها كل يوم فهي قيادات قد أكل الدهر عليها وشرب, ولم تحقق نجاحات مشهودة ذات يوم.
ما أبرز مآخذك عليها؟
هي لا تمتلك شيئاً في واقعها ولا تمثل شيئاً في حد ذاتها, وسأقول لك: ستعرف الإنسان أي إنسان من خلال إبعاده عن منصبه الحزبي، هؤلاء أبعدهم من مواقعهم القيادية التي يشغلونها, ثم انظر إليهم ستجدهم لا شيء لا يمثلون مشروعاً يترجم وجودهم مجرد أن ينزلوا من مواقعهم يضمر وجودهم ويتلاشى, هؤلاء يستخدمون الأحزاب لوجودهم، لمصالحهم، لتسويق أنفسهم، لا يحملون مشاريع، هات لي واحداً من قيادات الأحزاب السياسية كلها يحمل مشروعاً ما, جرده من حزبه ثم انظر إليه، ستجده لا شيء! والحقيقة أنك تستغرب كيف يكون هذا رئيس حزب سياسي؟!! الزخم الذي قد يشكله بعضهم ليس لقوة أشخاصهم إنما بالمؤسسة التي ينتمون إليها، اقرأ تصريحاتهم وكتاباتهم، لا تكاد تجد شخصاً منهم يكون مرجعية وطنية عامة، مرجعية للأمة, الأحزاب اليوم هي عبارة عن مكاتب يزايد بها قادتها لا أقل ولا أكثر.
من ناحية ثانية ليس كل من دخل الحوار الوطني اليوم عن طريق الأحزاب, هناك مكونات سياسية ومنظماتية أخرى؟
كل الكيانات الأخرى في الحوار هي عبارة عن كيانات سياسية، وإن بدت غير ذلك, وهي إما كيانات وليدة هشة أو قديمة متكلسة .
لكن أستاذ أحمد ومع هذا كله يجب أن يظل الأمل بعد الله طبعاً منعقداً عليهم؟
طبعاً، أصبح الأمر واقعاً لا فكاك منه, ويجب أن ندفعهم نحن لهذا الاتجاه, لا بد أن نتعاون معهم ونمدهم بالأفكار والنصائح, ويجب أن نشعرهم بالثقة بأنهم يمثلون الوطن كله, لا يمثلون فئات ما بعينها.. في نطاق الحوار يجب على كل واحد منهم أن يعتبر نفسه أنه يمثل كل اليمن ولا يمثل جماعة ما. لا أحبذ أن يكتب على بطائقهم أن هذا يمثل هذه الجهة وهذا يمثل تلك. وللأسف اليوم تجد كثيراً منهم يتكلم عن منطقته أو عن جماعته ولا يتكلم عن الوطن.. ثقافة المناطقية والمذهبية والسلالية تكاد تفرض وجودها على نحو ما.
برأيك ما هي الضمانات لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل التي سيخرج بها هؤلاء المتحاورون؟
لو لاحظت منذ ثورتي سبتمبر 62م وأكتوبر 63م الذي يتحاور عنده اليمنيون هم غير اليمنيين، حوارات اليمنيين تدار وتخطط وتمول في الغالب من الخارج سواء في الشمال والجنوب سابقاً.
عفواً.. برأيك ما سر هذا التدخل الكبير في الشأن اليمني إلى هذا الحد؟
بالتأكيد هناك مصالح مشتركة ومزدوجة لكل الأطراف، ولذا حضرت، وسواء كانت هذه المصالح على المستوى الدولي أم على المستوى الإقليمي، من المستحيل أن تهدأ السعودية إذا بقيت اليمن في مشكلات وقلاقل، حضور هؤلاء هو لمصلحتهم بالدرجة الأولى. ونفس الأمر مع الحاضرين الدوليين، الموقع الجيوسياسي لليمن أجبرهم على هذا الحضور، إذا كانت الصومال قد أحدثت كل هذه المشكلة لوحدها فما بالك لو انضمت إليها اليمن، معنى ذلك أن البحر الأحمر وبوابة الخليج ستشتعل وستتضرر مصالح كثيرة، وستطلع المشاكل كل يوم، وسيكلفهم تكاليف باهظة لحماية مصالحهم، الشيء الثاني الدول الكبرى تريد حضوراً سياسياً في القضية اليمنية لتقنع شعوبها بأنها تقدم حلولاً للدول الصغيرة، وتلفت انتباههم إلى أن لها هيمنة دولية وحضوراً فاعلاً. هم أيضاً يسعون لتأمين المناطق التي تتواجد فيها الثروات، واليمن منطقة واعدة بالثروات سواء النفطية أو غيرها وقريب منها أكبر مخزون نفطي لا بد من حمايته.
أنت مع ما تناقلته بعض وسائل الإعلام العالمية والإقليمية والمحلية أن ثمة ثروات بترولية كبيرة في باطن الأرض في الجوف؟
ليس بعيداً، هناك ثروات مختلفة الأشكال ليس من بينها النفط والغاز فقط، بل ثروات أخرى لا تقل عن هذه أهمية.
ألا ترى أن لهذا الحضور الدولي أو الإقليمي انعكاسات سلبية على اليمن سواء على المدى الحاضر أو القريب أو البعيد؟
علاقة المصالح اليوم بين الشعوب والدول متداخلة ومتشابكة، ومن الصعب انزواء جماعة عن أخرى، هناك جوانب سلبية أيضاً سندفعها بالتأكيد، وذلك بسبب موقفنا الضعيف. لا بد أن ندفع ضريبة الضعف والتخلف.
أستاذ أحمد وأنت الذي طالما تحدثت عن الإنسان الجديد وكتبت عن ذلك كتاباً، هل نشهد اليوم تخلقاً جديداً للإنسان الجديد مع انبعاث ثورات الربيع العربي؟ أقصد هل بدأ المشروع الخاص في التبلور لصناعة إنسان المشروع الخاص؟
نعم. نحن نشهد اليوم انتقالات كبيرة للأمة، هناك انتقالات أو حالة من التحولات قد تكون على مستوى الفرد، أو على مستوى القرية أو الشعب، وتكبر لتصبح على مستوى شعوب، هذه تطورات تفرض نفسها بشكل تلقائي. الناس يصلون إلى مرحلة ما من مراحل اليأس، مرحلة تنسد معها أبواب الحلول، وهو ما كان عليه الوضع قبل ثورات الربيع العربي بسنوات قليلة، الناس كلها تبحث عن حلول لمشاكلها، والحلول كانت قد انتهت عند الساسة والزعماء الذين تصدروا المشهد خلال الحقبة السابقة، استنفدوا كل ما عندهم، الناس وصلوا إلى الحالة البائسة، وعندما يصل الناس إلى مرحلة الياس يبدأ تجرؤهم على كسر الممنوع وكسر القيود، هؤلاء الحكام كانوا قد تخشبوا وبلوا، فسخر الناس منهم وقلت هيبتهم، أنت إذا لم تعد تعطي ولم تعد تقدم الجديد الكل يسخر منك ولا يهابك، وانظر إلى من يلبس البدلة الأنيقة كيف يوسع له الناس الطريق، خلافاً لذي الهيئة الرثة، يكون مسخرة، حكامنا أصبحت هيئاتهم رثة، توقفوا عن العطاء، انتهوا، فبدأ الناس يبحثون عن بدائل لهم، في تونس، في مصر، في ليبيا، في اليمن، في سوريا، كنا نتوقع أن ليبيا دولة وفيها سبل العيش الراقية، فاكتشفناها قرية بلا تنمية، طيب أين ثروات البلاد؟ أين هنجمة الرئيس السابق؟ حتى على مستوى مشايخ القبائل، الشيخ الذي لم يعد يقدم جديداً لأبناء قبيلته تجد الناس يحاصرونه ويتطاولون عليه ويبحثون عن بديل آخر، هذه انتقالات طبيعية وتحولات لا بد منها في حياة الأمم والشعوب، الاتحاد السوفيتي سابقاً انظر كيف تشظى وانتهى، لأن حكامه لم يقدموا شيئاً جديداً، انتهوا. هذا التحول سيفرز معه أفكاراً جديدة. أفكاراً جديدة لا ترتكز على الكيانات السابقة، الناس اليوم كل واحد منهم له طرح جديد، وكل منهم يرى في نفسه أمة، ولم يعد يرى نفسه تابعاً لأحد. كل هذا يؤكد أن انتقالة جديدة إلى إنسان المشروع تتضافر دواعيه كل يوم, فمن لا مشروع له لا وجود له, وسوف يتجسد المشروع في الكيانات المختلفة الحزبية والمدنية وكذا الأفراد.
أي أن المشروع العربي قد بدأ بالتخلق اليوم ينسج خيوط فجره القادم؟
بالتأكيد، نعم، الشعوب العربية اليوم حددت مساراتها، وحسمت أمرها، يدعون اليوم إلى الحكم المدني، وداخل كل واحد الدين كمكون أساسي، فلو قرأته بعمق لوجدت أن المشروع القادم أو المرحلة القادمة ستكون مرحلة المشروع الاسلامي..
كيف؟ هل سنشهد ما يسميه البعض الدولة الدينية أو دولة الخلافة الإسلامية التي يقول بها البعض؟
لا. لا. لا. الدولة الدينية هي الحالة البالية للمتدينين. سنشهد الدولة الإسلامية الجديدة، سنشهد قيام المسلم الجديد، الذي سيكون تفكير كل شخص مختلف عن الآخر، وإن كان الجميع يرتكز على شيء أساسي, يتمثل في الكينونة الذاتية للإنسان. أحد القساوسة الروس خرج بتقرير فاجأ به الناس بأن المرحلة القادمة هي مرحلة الإسلام, وهو أحد القساوسة الكبار، وهو تنبؤ موجود اليوم حتى في أوروبا نفسها، ولذا بدأوا يفكرون تفكيراً جاداً في ترتيب أوضاعهم للمرحلة الجديدة, ويكرسون الفوبيا الإسلامية, فالغرب يعرف هذا جيداً, وهناك الكثير من الدراسات التي تؤكد ذلك، وهو اليوم يجامل المسلمين، و يجاريهم.. ويحاول أن تكون له بصمته بشكل ما, فهم يعون جيداً التحولات التاريخية انه لا يمكن منعها, وإن كانوا يعملون ليل نهار على تأخيرها وحسب, ولا يريدون التصادم معها بوحشية, ولذلك لا غرابة أن نسمع ونقرأ هنا وهناك أن هناك تحالفات خفية بين أمريكا والإسلاميين إلى غير ذلك من التهم التي تمتلئ بها صفحات الإعلام المقروء والمرئي والمسموع.
هناك من يقول أن ثورات الربيع العربي وراءها الغرب، إلى أي حد هذا الكلام صحيح؟
قد يكون في الكلام جزء من الصحة, ولكن من ناحية التأثر والتأثير فقط، الغرب له علاقة من ناحية الفكر والثقافة والتحرر، نحن استفدنا من كثير من الجوانب الإيجابية في الغرب، في الحريات أو الصناعة تأتي في هذا الإطار، وفي هذا المعنى، لا التأثير أو الصناعة المخابراتية التي يقصدها من أشرت إليهم. الغرب قد يستوعب بعض الشخصيات لكنه لا يستطيع أن يستوعب كل هذا التيار الشعبي الجارف, الذي يتنامى وعيه في تسارع رهيب وبشكل منقطع النظير في المنطقة العربية.
الإسلاميون قادمون.. ماذا ترى؟
الإسلام قادم بالتأكيد، وإن قلت المسلمون قادمون فهو الأدق، وهناك ناشطون في هذا الاتجاه هم من يقودون التغيير، اليوم العقل الإنساني والفكر الإنساني أخذ أطواراً متقدمة جداً، هناك تقدم ملحوظ اليوم عند الناس كلهم، جمعية حقوق الإنسان العالمية في الغرب، هي اليوم تقف مع الحق ضد الباطل من أينما كان. وحين تقف مع الحق فأنت واقف مع الإسلام أصلاً. ومؤسسات حقوق الإنسان ستكون تعزيزاً للإسلام, وكذلك مختلف المنظمات الإغاثية وغيرها وكل ذلك في صالح القدوم الإسلامي المنتظر.
هل نستطيع القول إن الحامل لهذا التغير والتغيير هم الإسلاميون؟ وهل أنت متفائل بنجاحهم؟
هذه ستضمحل، فهناك جيل إسلامي قادم سيكون هو البديل، هذه قوى قدر لها أن تكون الطليعة للمرحلة الماضية فأصبح الإسلام اليوم هو كل مسلم مهما أبدى بعض التحفظ لدى النذر اليسير منهم, ولن تستمر على رأس القوى الجديدة سيحل الجيل الإسلامي الجديد الذي صنع الحدث اليوم, فسيكون المسلمون هم الحامل الحقيقي بمسمياتهم المختلفة.. سيكون هناك مسلمون وليسوا إسلاميين.
ألم يكن الإسلاميون "الحركيون" رأس حربة الثورات المعاصرة؟
هؤلاء بذلوا جهوداً مشكورة, ولكن التحرك الشعبي فاجأهم كغيرهم, فتحركوا بعد أن وجدوا الشعوب تتحرك، لماذا لم تحرك الشعوب حين كانت الشعوب هامدة جداً؟ الطاقم الموجود اليوم سيضمحل وسينتهي، اليوم تتشكل مجاميع جديدة من الشباب سواء الشباب في فكرهم أو الشباب بأعمارهم، وسيحلون محل كل القوى التقليدية تماماً، هؤلاء شباب بدأوا يظهرون في كل دول الربيع العربي، العناصر الشبابية اليوم تتصدر المشهد أو تكاد، في تونس، وفي مصر، وفي سوريا، وحتى في ليبيا، وأيضاً اليمن، تتصدر المشهد فيه عناصر شبابية، لا زال احترام الكبار يقيدها ويبطئ اندفاعها.
لكن هناك من يعول على جيل الرواد أملاً كبيراً في انتشال الأمة من هذا الوضع المزري؟
هؤلاء كانوا صدقة الزمان وأدوا دورهم ولكنهم تصدروا القيادات في شبابهم جزأهم الله خيراً, وقد شاخوا اليوم. إن التغيير جاء وهم في مقدمة الركب لكنهم سيُزاحون قريباً على نحو ما, وفي أقرب فرصة ممكنة، والذي سيتولى الأمر لاحقاً الزخم الشبابي الإسلامي الثائر، والقيادات الشبابية المجتمعية، خذ مصر مثلاً كيانات عديدة إسلامية تشكلت، إلى سنوات قريبة لم نكن نسمع عنها، اليوم موجودون بشكل قوي ومنافس ولها وزنها ومعظم قياداتها شبابية وتلك سنة التحولات.. فالدعوة الإسلامية في تحولاتها الأولى كانت على أكتاف أولئك الشباب الذين كانت أعمارهم في الثلاثينات, وربما كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو الأكبر سناً في الاربعينات, وحتى الشهيد حسن البنا تبنى مشروعه الدعوي في عمر الشباب, وصنع بالشباب الانتقالات التي يعرفها الكثيرون فطبيعة الانتقالات الكبرى يتصدرها الشباب وتلك سنة التحولات الكبرى.
منذ الخمسينيات وثورات الوطن العربي آنذاك تصدر المشهد القوميون تارة واليساريون تارة، الجميع يكاد يكون قد فشل في إيجاد مشروع نهضة، اليوم الإسلاميون وهم آخر إفرازات هذه النخب يتصدرون المشهد ويتسلمون الدور، كأني بك تقول إنهم لن ينجحوا؟
هذه الرموز والكيانات التقليدية القائمة سيحل محلها بديل شبابي جديد وسيسلمون الراية.
قد نحتاج لوقت وزمن طويل؟
لا. لا. الجيل جاهز، وهؤلاء باقون لاعتبارات استثنائية ظرفية ليس إلا، الشخصيات التقليدية الكبيرة في اليمن أصبح دورها اليوم يتضاءل مقابل تصاعد دور الشباب، الشباب صامتون مؤقتاً احتراماً للكبار فقط، قد لا يخرجونهم بثورة، ولكن سيودعونهم توديعاً يليق بتاريخهم ودورهم, اليوم نذهل من الطرح الشبابي الجديد، لم يبق أثر للتقيد بالمحفوظات، اليوم توجد إبداعات تطرح، وهي تختمر لتكتمل قريباً، انظر مثلاً قناة يمن شباب وأداءها، تقدم أداء متقدماً من حيث الشخصيات تقدم الشباب كل يوم، ومن حيث طبيعة البرامج، من حيث الأداء، خلافاً لقنوات أخرى تبدو تقليدية إلى حد ما، هم اليوم يتشكلون كمؤسسات، كروابط، كجماعات. كأنشطة ومكونات, شخصياً ألمح نوعاً من الخوف لدى القيادات الراديكالية الحزبية من شبابها وأبنائها داخل الأحزاب كل الأحزاب.. ثمة جيل صاعد يهدد الجيل المؤسس ويكاد يقضي عليه؟ يبدو أن جزءاً من التغيير كما يهدف إلى تغيير النظام السابق، يهدف أيضاً إلى تغيير قياداته الحزبية؟
نعم.. هذا صحيح، بعضه تصريحاً وبعضه تلميحاً، أنا أؤكد لك أن قناة يمن شباب لو اعتمدت في تمويلها على نفسها ستكون صارخة أكثر مما عليه الآن, وستشهد نجاحاً منقطع النظير، اهتماماتها في أغلبها شبابية، توجهها شبابي، أرى نجاحاً جيداً يحرزونه يوماً بعد يوم. الشباب اليوم من مختلف التوجهات الحزبية والسياسية يكادون يكونون تياراً واحداً وليس مختلفاً، لأنهم متحررون من الأفكار القديمة، ومن أسر المحفوظات، وثقافة المحفوظات، الآن يطرحون طرحاً جديداً، وإبداعاً جديداً، اليوم عندك شيء جديد ستجد ترحيباً واسعاً وصدى لما تطرحه، ولو طرحت ما كان يطرح بالأمس فلن يسمعك أحد.
هل هذا هو الإنسان الجديد شكلاً وموضوعاً الذي تحدث عنه المفكر الأستاذ أحمد قايد الأسودي في كتابه "الإنسان الجديد"؟
تكلمت عن الإنسان الجديد الذي لن ينتمي للمكان والتاريخ، الإنسان الجديد سيتحرر من هذا الأسر، سينتمي إلى قيم الحق والخير والعمل المشترك, وما نراه اليوم هي إرهاصات وبشائر ميلاده.
كما نشهد تخلقاً للإنسان الجديد اليوم في بلاد الشرق عقب تفجر ثورات الربيع العربي، بالمقابل أيضاً هل ترى تخلقاً للإنسان الجديد في الغرب، إنسان خال من عقد الأيديولوجيا وثقافة الرأسمالية المتوحشة بكل أبعادها وقميها؟
التسارع في الغرب أكثر من التسارع في العالم الإسلامي، اليوم نسمع عن مواقف من الغرب تقف إلى جانب قضايانا الإنسانية بصورة ملفتة، أكثر مما قد يقفه بعضنا نحو بعض, الغربي يكاد أن ينسى انتماءه (للمكان) لوطنه هناك وموضوعه ووقف معك مع الحق، لأن الحق معك، هذه الساحة تتسع بشكل منقطع النظير, هناك أناس يدافعون عن حقوقك وأنت نائم هنا لا تعرف شيئاً, الناس سيلتقون على الحق في النهاية.
هل نستطيع القول إن العالم سيودع الأيديولوجيات كأدوات صراع وسينتقل للبرامج؟
سينتقل إلى المنجزات، إلى المشروع، إلى البرامج التي تحقق ذلك, انظر الإنسان الأمريكي اليوم عندما يذهب إلى أي دولة من دول العالم تجده يستمد قوته من دولته ومن انتمائه الجغرافي، لكن في حالة انتهت أمريكا كدولة انتهى أمره، سيختلف الأمر فيما لو استمد قوته من ذاته كإنسان أولاً و أخيراً, صاحب مشروع فهو ينتمي إلى قوته الذاتية، سيكون الأمر مختلفاً، "بيل جيتس" مثلاً كصاحب مشروع يستمد قوته من ذاته، ستأتي مرحلة قادمة يستمد الناس قوتهم من ذواتهم لا من انتماءاتهم العرقية أو الجغرافية أو السياسية أو التاريخية, ماذا يعني انتمائي لجهة ما أو لمجموعة ما إذا ما خرجت منها أصبحت لا شيء؟! قوة الرسول صلى الله عليه وسلم وأثره الذي تركه كانت مستمدة من مشروعه الذي يحمله لا من انتمائه لقبيلته أو بلده. من ناحية ثانية قيمتك الإنسانية والحضارية تكتمل من مشاركتك الإيجابية مع الآخرين, إلى جانب ماذا تقدمه لهم من خلال مشروعك.
إلى أي حد يلتقي كلامك هذا مع من يقول إن الخلافة الإسلامية قادمة وستجمع الشرق والغرب؟
الإسلام قادم نعم, والخلافة الإسلامية التي أتت لم تكن مبرمجة، مات الرسول صلى الله عليه وسلم فاختار الصحابة خليفة من بعده، أي أنها صنعت في لحظة تاريخية ما، هذا النمط نفسه لن يتكرر، ستكون خلافة من نوع جديد، وهي اجتماع الناس كل الناس على الحق، وأقول الناس وليس المسلمين فحسب، بل الناس كافة، الإسلام للناس كافة، وستكون العلاقة مع الناس قائمة على أساس الحق، والإسلام سيعكس هذا الأداء بشكل أرقى، الناس كلهم متفقون على الثوابت العامة في حياة الإنسان، لا أحد قال إن شرب الخمر صفة إيجابية، لا أحد يبيح الفحش والتعري، لا أحد يمجد الكذب أو يستحسنه، هذه ثوابت وقيم تجمع الناس كافة.. وستتشكل علاقات إسلامية ودولية على نحو أرقى, ولن تتكرر تلك الخلافة التي قرأناها في التاريخ, ستكون هناك صيغ جديدة تعكس الارتقاء الانساني عموماً والإسلامي خصوصاً.
جميل.. هذه رؤيتك، ماذا عمن يقول بالخلافة الإسلامية وفقاً للنمط التقليدي السائد في الذهنية العامة؟
هذا لن يكون، معطياتها غير قائمة..
هم يقولون إن معطياتها قائمة؟
معطياتها في المحفوظات عندهم فقط، لماذا لا تكون الخلافة الإسلامية أشبه بالأمم المتحدة؟ الأمم المتحدة صورة من صور إدارة الكون اليوم، وهم يتفقون على الحق، وأي شخص له مظلمة يذهب إلى هناك.. فسيكون هناك تطوير لهذه الصيغ العالمية على مختلف المستويات لتخدم الإنسان وتحميه من الظلم وتمكنه من حقوقه المتنامية كل يوم
الفيدرالية اليوم جدل مشتعل على الساحة، ما الذي تراه أنت صالحاً للفترة القادمة؟
الحكم المحلي الكامل الصلاحيات بلا تقسيم للبلاد قد يكون هو الأجدى، لأنه قبل ذلك يلزم تأهيل الناس مرحلياً ونفسياً، نحن كنا دولة واحدة واليوم نأتي لنتقسم من جديد، الفيدراليات المتواجدة اليوم في العالم بنيت أساساً وتكونت فيدرالية مستقلة من أساسها، اليوم الناس يفهمون أن الفيدرالية العودة إلى القرية، أو التحيز لمناطقهم ولقراهم, وهذا البعد النفسي حاصل لدى الكثير اليوم.. فإن كان ضرورياً فلتكن هناك مرحلة انتقالية لمدة لا تقل عن خمس سنوات.
هناك نخب سياسية اليوم تقول إن بقاء اليمن موحد هو الفيدرالية كحل وسط؟
قد يكون ذلك لكن هذا ثمنه باهض، نحتاج لتعويضات مهولة، نحتاج لتكلفة كبيرة لإعادة تسوية الأوضاع الناجمة، حتى تنتقل أو تعود إلى منطقتك, ما هي التعويضات التي تطلبها؟ وتخيل حين ينتقل مليون مواطن من داخل العاصمة التجارية أو صنعاء إلى مناطقهم, فالقبول بالوضع القائم لن يكون ممكناً إلى حد كبير.
ليس من الضرورة ذلك، ستكون صنعاء "City state" مثلاً، مدينة لكل اليمنيين؟
والمناطق الأخرى كعدن وحضرموت والحديدة وتعز؟ ماذا عنها؟ نحن محتاجون لفترة انتقالية معقولة حتى يتأهل الناس لهذه الثقافة، وحتى نبني لها البنى التحتية، الشروط الموضوعية للفيدرالية لم تكتمل حتى الآن. ولها بالطبع مخاطر وسلبيات قاتلة خلال الفترة القادمة، الأمر ليس بالسهولة التي نتوقعها. وقد تقودنا الفيدرالية إلى سلب ونهب و تأميمات واقتتال.
الحوثيون ومشروعهم الذي ينادون به، جدلية جديدة على الساحة، كيف تنظر إلى المسألة الحوثية؟
المسألة الحوثية ليست جديدة، هذه مشاهد تكررت، في عهد المتوكل على الله إسماعيل انبعث الحوثيون من داخل صعدة وسيطروا حتى على ذمار، ثم أبيدوا جميعاً من خلال الحروب التي دخلوا فيها مع أبناء عمومتهم، هؤلاء اتبعوا طريقة مدمرة في غزوهم للبلاد التي كانوا يدخلونها، قتل وتدمير وحرق وهدم منازل، مثلما يفعلون الآن، لكنهم أبيدوا وانتهوا لظلمهم الناس، لأن مشروعهم على الدوام مشروع تدميري، الحوثيون أشبه بالجراد يطيرون ليموتوا!! هم يحملون مشروع أسرة، مشروعاً عائلياً ضيقاً، بأفق ضيق، ولذا لن يبقوا، يحملون ثقافة ومعتقدات خرافية لا يمكن أن يقبلها العقل السليم، العقل الطبيعي لأي إنسان، إذا كان الدين هذا يعبدني لأسرة معينة فلا أريد هذا الدين من أساسه.. الأديان كلها ومن بينها الإسلام جاءت لتحرير الناس من العبودية، فهل تريد هذه الأسرة أو الجماعة أن تستعبد الناس من جديد اليوم؟!! هذه خرافة. وللعلم حتى في عهد الأئمة هذه الأسرة في صعدة كانت محاصرة هناك ومنعزلة على نفسها، لم تختلط بالناس، ولم تنفتح على الآخرين أو تتعرف عليهم، تفكيرهم ضيق ومحصور وخرافي لم يعد له قبول اليوم أبداً. مشروعهم يقوم على معتقد إما أن تكون معي أو أقتلك!! وما تراه من اتساع لها في الانتشار فدواعيه ومسببات ظروفه استثنائية, تصور يقتلون من أجل شعار! هل يفعل ذلك عقلاء؟! وهي تظهر في حالات ضعف الدولة طبعا.
هم يقولون إنهم مظلومون وأنهم يدافعون عن أنفسهم؟
هم مظلومون وظالمون عبر التاريخ فعلاً، لأنهم يتصرفون بهذه التصرفات، ودائماً يتجمعون ليفنوا، يتجمعون ليعتدوا على الآخر، وهكذا هم على الدوام, لقد أصدروا كتباً وفتاوى عديدة لإباحة أموال وحقوق الآخرين! الطيور المهاجرة تهاجر من مكان إلى مكان وتبقى، لكن الجراد لأنه مدمر ومؤذي يطير من مكان إلى مكان آخر ليموت وعمره قصير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.