إننا مطالبون اليوم بانتهاج حوار سياسي معتدل، له مرجعيته الفكرية الواضحة وأهدافه المحددة، التي تصب بشكل مباشر في صالح حاضر ومستقبل الوطن. بالطبع هذا لا يعني أن لا يكون هناك اختلاف وتمايز في تشخيص الواقع وقضايانا المصيرية وكيفية البحث عن مخرج من أنفاقها المعتمة، لكن المهم أن يكون ذلك الاختلاف وتعدد وجهات النظر نابعين من إرادة الإصلاح والنفع والصالح العام، وليس تجيير تلك القضايا لرغبات أيديولوجية ضيقة أو لاستغلال المشكلات الشائكة والنفاذ إليها لتعميقها وزرع البلبلة والشقاق، مما ينعكس على الموقف العام من القضايا المصيرية. نريد حواراً سياسياً معتدلاً وواقعياً من الجميع سلطة ومعارضة حتى نصل إلى الحد الأدنى من الرضا وتحقيق الأهداف السامية والنبيلة ونكسب ثقة المواطن لا أنكر إننا في مهمة الاستفادة من التجربة والماضي، مازلنا جميعا نواجه مخاضا عسيراً في أداء الحرية والديمقراطية، وحق الحرية والديمقراطية أحلام المستقبل للجميع. كيف تبني الأصعب في الإنسان، مصداقية الأداء، والإيمان بحق الآخر، وواجب المسؤول بشفافية لا تساهل فيها. ان بناء ديمقراطية بأهداف واضحة كالشمس، امر ليس سهلاً في تفاعله مع الواقع والإنسان. لكن ان نذكر بعدميته أو إعدامه في أدراج أصحاب ثقافة الفراغ الكبير، واجب مطلوب. ولن نسمح في مخاض التجربة ان تستبيح الانتهازية الحكاية ليفلت زمام الأمور ونعود إلى نقطة الصفر طبعا لا لأنه الوطن الذي يحبه أبناؤه، وليس وطن الذين يتاجرون به برغبات فردية منمقة، وتكتيك نمطي أكثر من معقد. إنه الوطن الجميل، وليس مزرعة مصالح الغرباء أو أصحاب الجيوب الفارغة الباحثين عن الارتزاق فقط. إنه الوطن .. غير أني معي من يريد إنقاذ الوطن، من يريد لقمة خبز للمواطنين، من يريد التعارف لا التعالف. لا أريد حوارا وطنيا بقدر ما، أريد وطنية المتحاورين، نريد حوارا يؤكد على وحدة الإنسان اليمني جغرافيا وسياسيا وشعبيا ويرفض الانقسام ويعزز الوحدة الوطنية.. ولا نريد حواراً يضع المصالح الحزبية والتنظيمية الضيقة فوق المصلحة الوطنية العليا. نريد حواراً يعتمد الحوار الهادئ أسلوباً وحيد لحل كافة التعارضات الداخلية بين أبناء الشعب الواحد، ينهى كافة المشاكل ، ولا يجب أن تتقدمه التناقضات الثانوية، والتأكيد على حرمة الدم اليمني، ولا نريد حواراً باستخدام العنف والإرهاب بين أبناء الشعب الواحد، والتحريض والتخوين فإنها غير مجدية ولا تساهم في التعايش بين أصحاب البرامج المختلفة سواء أكانت سياسية أو اجتماعية أو ديمقراطية ، وهي توتر الأجواء، وتدفع الجماهير إلى اليأس والقلق على مصيرها، والهروب من الوطن. نريد حواراً يعطى إشارات، ورسائل لشعبنا اليمني، بجدية المتحاورين، وتجاوبهم مع دعوات شعبهم ورفع معنوياته وطمأنته بأن الأزمة في طريقها للحل. ولا نريد حواراً يغلق الأبواب أمام الانفراج ويطرح اشتراطات غير واقعية لتعطيل الحوار، أو يخضع للإملاءات بكل انواعها. نريد حواراً يعيد للمواطن اليمني استقراره النفسي والمعنوي فهو بحاجة إلى عمل وعلاج وسكن ودواء ورسوم مدرسية وجامعية لأبنائه.. لا يهم المواطن إن كان الحوار ثنائيا أو ثلاثيا أو رباعيا ، فمثنى وثلاث ورباع وما ملكت قواكم، ولا نريده مجزوءا، المهم أن يخرج الوطن من أزمته. نريد حواراً يهتم بحل هموم المواطن اليومية والمعيشية، نريد حواراً يبقينا في رؤية الآخرين صورة رائعة لأمة صنعت بالكفاح والصدق نريد حواراً نرى فيه مئات من المثقفين والعلماء والباحثين عنصراً فاعلاً في رحلة البناء نريد حواراً يشعر كل مواطن معه على هذه الأرض بأنه الهدف من كل برامج وخطوات التنمية وانه قادر أينما كان على المشاركة في رحلة بناء الوطن والانتماء له. نريد حواراً يستطيع معه كل أبناء الوطن أن يجدوا فرص العمل الشريف دون أن يتكدسوا على أبواب المؤسسات أو الشركات أو الإدارات أو السفارات . نريد حواراً وطنيا يعالج هدر الكفاءات والخبرات والتفريط في الموارد ووضع ضوابط صارمة في استهلاك مواردنا ، وإعمال مبدأ المحاسبة والمساءلة لمن يكلف بالشأن العام. [email protected]