لقد كان لمبادرة الأخ رئيس الجمهورية التي قدمها إلى الاجتماع المشترك لمجلس النواب والشورى أثرها البالغ في عموم الساحة اليمنية ، وكانت لها أصداؤها الإيجابية لدى الناس في بلادنا ، لأنها أتت لتضع حداًً للاحتقانات السياسية وتعدد الأطروحات في القضايا الوطنية. وتأتي هذه المبادرة انسجاماً مع المفهوم الإسلامي في التسامح ونبذ الفرقة ، فالإسلام لا يرى في اختلاف الناس ما يحول دون التعايش والتقارب والتسامح ، فليس للعرق واللون واللغة والمعتقد والرؤى أي أثر في معاملة الناس بعضهم لبعض، فقد خلق الله الناس مختلفين ولا يزالون مختلفين، قال تعالى ( وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) (الحجرات 13) . والتعارف بين الناس في نظر الإسلام هو بداية تآلفهم وتعاونهم ، ولا يجوز أن يكون الاختلاف أيا كان نوعه وسببه مبرراً للنزاع والشقاق بين الناس ، كما لا يجوز أن يؤدي الخلاف في الرأي أو الفكر أو في الاعتقاد إلى إفساد العلاقة بين الناس ، بل لا بد أن يفضي عن طريق الحوار إلى التصالح والتسامح، وما يرمي إليه الأخ الرئيس من دعوته إلى التصالح والتسامح هو أن ننسى جميعاً الماضي بكل مآسيه وبكل ما فيه من آلام وما تولد عنه من ضغائن وأحقاد وثآرات ، ننساه بكامل إرادتنا الحرة وهو ما يقتضي أن يشعر أبناء الجمهورية اليمنية جميعهم بالتعاطف والرحمة تجاه بعضهم ، ويحسون بالحنان تجاه الضعفاء من إخوانهم، فبالتسامح يشعر المواطنون جميعاً بالسلام الاجتماعي وهو شعور متاح للجميع متى صفت القلوب من الأحقاد والضغائن وتوقفنا جميعاً عن إثارة ثقافة الكراهية ضد بعضنا بعضاً إنه بإمكاننا بهدوء البال الذي ننشده ، أن ننعم بالاستقرار والأمن إذا ما توقفنا جميعاً عن الكره والبغض لبعضنا، وأنه بوسعنا أن نجعل من التسامح جسراً أو قنطرة نعبر بها ومن خلالها إلى عالم من الحب والوئام والخروج من ظلمة الأحقاد والضغائن إلى نور المحبة والتعاون لبناء الوطن ، ومن شأن التسامح أن يحررنا من سجون الخوف والغضب والتشاؤم التي فرضناها على عقولنا بفعل ثقافة الكراهية وننتقل إلى رحاب التنافس من أجل الوطن والحفاظ على وحدته وسيادته ، فعندما نتسامح تلتئم جراح الماضي ، وتتكاتف السواعد للنهوض بالوطن. * خطيب جامع الهاشمي الشيخ عثمان