يقدم كتاب (إدوارد سعيد .. والمؤثرات الدينية للثقافة)، للمؤلف وليام د. هارت عرضا مميزاً لنقد إدوارد سعيد للثقافة الحديثة، عبر تسليط الضوء على التمايز القائم بين الدين والدنيوي، وهو ما تتكئ عليه فكرة الكتاب، ويعالَج هذا التمايز على نحوٍ حرفي ومجازي في آن، إذ يشير المؤلف إلى التقاليد الدينية، من جهة، وتلك الدنيوية، من جهة أخرى، وإلى المجازات التي توسع معنى الدين والعلمانية ومرجعيتهما. كما يتناول المؤلف هذه المجازات باعتبارها أفضل وسيلة لتنظيم المتون النصية غير المتجانسة الخاصة بسعيد بدءاً بكتابه الأول (جوزيف كونراد ورواية السيرة الذاتية)، مروراً بكتاب (الاستشراق)، أكثر كتبه تأثيراً، وانتهاء بأعماله الأخيرة حول المسألة الفلسطينية. إن ثنائية الدين - العلمانية، تكمن كتمايزٍ يمثل فعلاً تخييلياً واستمرارية سردية، قابع خلف نقد سعيد الثقافي، ومفهوم المسؤولية لديه، فضلاً عن جدله العامّ مع مايكل فالزر حول معنى قصة الخروج أو الإقصاء. وتتركز اهتماماته والموضوعات التي يتناولها في هذا الكتاب ككافة إصداراته على العلاقة بين القوة والهيمنة الثقافية الغربية من ناحية، وتشكيل رؤية الناس للعالم وللقضايا من ناحية أخرى. يذكر أن الكتاب صدر عن مشروع (كلمة) التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث وقام بنقله للعربية د.قصي أنور الذبيان. ومؤلف الكتاب الدكتور وليام د. هارت، يعمل أستاذا مساعدا في علم الأديان جامعة ديوك، ومن كتاب المجلة الأميركية للفلسفة واللاهوت، وهو عضو في الأكاديمية الأميركية للأديان، واللجنة الجنوبية الشرقية لدراسة الدين. وتدور اهتماماته حول التقاطع بين الفكر الديني والنقديّ، والدراسات الدينية التراثية، والطبيعية، وما بعد المعاصرة. أما مترجم الكتاب الدكتور قصي أنور الذبيان، فهو حاصلٌ على درجة الدكتوراه في الأدب المقارن من جامعة آركنسا في الولاياتالمتحدة الأميركية، ويعمل أستاذاً مساعداً في قسم اللغة الإنجليزية في الجامعة الهاشمية في الأردن، يدرس الأدب، والأدب المقارن، والنقد الأدبي، وتتمحور اهتماماته البحثية حول أدب ونظرية ما بعد الكولونيالية، والدراسات الشرق أوسطية، والدراسات الثقافية، والترجمة من منظور ما بعد كولونيالي.