في مكان قصي افترشت غيمة وإكليل ورد ، فكان لديها صيف خاص وعصافير كثيرة. مدت أناملها تتلمس الصيف .. عانقت الهواء الرطب واحتضنت بعينيها حلمها الضيق ، كان جميلاً كالحلم لكنه حقيقة اللحظة. الحقيقة الوحيدة التي تشعر بها الآن ، كل الأصوات، الألوان، الأحاسيس هنا مختلفة ، في عينيها بحيرتان واسعتان عذبتان تحوطهما أعشاب كثة شديدة الاخضرار، وفي الليل البدر- وجهها - يضفي على صيفها الخاص لوناً مميزاً لذا هي لا تملك في سمائها قمراً أو نجوما ، لكن يوجد لديها مطر دائم وسيول عارمة ، ومع ذلك لن يبللها المطر ولن تؤذيها السيول. هي تعرف متى يزداد هطول المطر ، لذلك ترتب أمورها بدقة فائقة ، جدائلها تحميها من السيول، تلك الجدائل المخملية ، أخذت لونها مزيجاً نادراً من الالوان . الضباب الكثيف يرقص تحت قدميها، بنشوة فاضحة فيصعد مقبلاً أطراف فستانها ، شعرها، وأناملها تصنع حواجز شفافة حولها لا يستطيع احد اقتحامها فتبدو كأميرة أسطورية تماماً ، كالتي أخبرتني عنها جدتي ذات ليلة باردة. كان حينها يلفني دفء لا ادري مصدره ، لم يكن لدينا لحاف يقينا البرد أو حتى سجاد عتيق ، لكن يغمرنا دفء غريب. مددت يدي أتحسس تلك الجدائل التي طالما حلمت أن تنال أصابعي منها شيئاً فقط أن المسها ولا شيء بعد ذلك، كانت تغطي معظم رأسها ذي الشعر الذي أكلته سنون الدهر بخرقة قديمة. في ذهول فتحت عيني ، وقبل ذلك كنت قد فركتهما جيداً بأصابعي. بيديها الحانيتين مسحت على رأسي جدتي ، وضمتني - أكثر - إلى حضنها، وهي تسافر بي من حكاية لأخرى.. وكلانا يشعر بالدفء.