لا يحتاج الحديث عن التحديات التي تواجهها اليمن اليوم الكثير من التكهنات والتخمينات والتحليلات المتتبعة حيث أن القسم الأكبر من تلك التحديات أخذ في التراكم والتشكل إما بفعل الموارد الاقتصادية المحدودة التي يقابلها نمو سكاني مرتفع وفقر وبطالة بين أوساط الشباب أو من نتاج إرث ماض متخلف بعقده وقتامته وظلاميته وعنصريته وأمراضه التي ما تزال تلقي بثقلها على حاضر الوطن خاصة أن هناك من لا يزال يحن إلى هذا الماضي البغيض بكافة صوره وأشكاله سواء ما يتعلق منه بالعهد الإمامي والاستعمار والسلطنات والمشيخات أو الحقبة التشطيرية التي حفلت بالصراعات الدامية والحروب والتصفيات وأوجاع التجزئة والتمزق، وهو يظهر اليوم في تلك الاعتصامات والمسيرات المطالبة بإسقاط النظام التي خرجت علينا من بعض المحافظات مؤخراً من شراذم محدودة تحركها مصالحها وغرائزها وانشدادها إلى ذلك الماضي البائد وتفكيرها السقيم الذي لم ولن يتغير ما بقيت هذه الشراذم غارقة في أوهامها وأحلامها العليلة وستبقى هكذا تتآمر على هذا الوطن وثورته ووحدته وإنجازاته مسكونة بسوء التقدير وخيبة الأمل مع أنها لن تحصد إلا سوء المصير. وللعودة إلى التحديات نؤكد أن الدولة بكافة هيئاتها ومؤسساتها هي وحدها المعنية بمواجهة التحديات وإيجاد حلول ناجعة للمشكلات باعتبارها صاحبة الشرعية المستمدة من الشعب والمخولة دستورياً وقانونياً بتلك الواجبات والمهام، ونؤكد باستمرار هذه الحقيقة لأنها منطق العقل القائم في معظم دول العالم ولا نقاش أو جدال حولها وما يحدث في اليمن من تعطيل لمصالح المواطنين بسبب الأوضاع الراهنة إنما هو التفاف على الدولة وتعد على الدستور والقوانين، بل لا نبالغ إذا ما قلنا إنه انقلاب على الشرعية الدستورية والنظام السياسي، وهذا ما تسعى إلى تحقيقه المعارضة (أحزاب اللقاء المشترك) التي وجدت نفسها في فراغ ولا عمل لها بعد أن تجاوزت دورها ووظيفتها إلى التطلع لتولي كرسي الحكم وإسقاط النظام وهو ما صرفها تماماً عن مهامها وأهدافها الوطنية وتطلعات قواعدها الحزبية. ألا تعلم أحزاب المعارضة أنها تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية تجاه أي قصور أو خلل في أجهزة الدولة باعتبار الجميع مسؤولاً عما يجري من أحداث وما وصل إليه اليمن من وضع خطير لا يمكن السكوت عنه.. بل هل تستطيع أحزاب (اللقاء المشترك) أن تفرق بين معارضتها لسياسات الحكومة ومطالبها بإسقاط النظام وبين إسهامها الفعال في بناء الدولة وترسيخ قواعدها وتطوير أساليبها ووسائلها وتنمية الولاء الوطني لها وتأييد خطواتها في ميادين البناء والتنمية . ومهما كانت التصرفات الطائشة والسلوكيات السلبية التي تمارس في حق هذا الشعب والوطن فلن تضر سوى أصحابها ومقترفيها أما الوطن فسيبقى منتصراً إلى الأبد.