في الوقت الذي بدأت فيه إمدادات النفط والغاز تقل من المصادر التقليدية، بدأت شركات الطاقة الدولية تتجه إلى الأراضي المضطربة والحساسة بيئياً على نحو متزايد بغرض تلبية مطالبها. ومن بين أكثر المشروعات إثارةً للجدل مع بداية العام 2011 هو مشروع مقترح تقدر كلفته ب 17 مليار دولار لتشييد ثالث أكبر سد كهرومائي في العالم في غابات الأمازون المطيرة وإمكانية الحفر في محمية القطب الشمالي في ألاسكا. وهناك كثيرون يرون أن حلّ مشكلة إمدادات الطاقة يكمن في قارة أفريقيا. في هذا السياق، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أنه على مدار العقدين المقبلين، ستكون نسبة قدرها 90 % من تنمية الموارد في النفط والغاز في العالم النامي، والكثير من ذلك في القارة السمراء. ويتساءل الآن خبراء الصناعة عما إذا كان تحول أفريقيا إلى مركز لتوليد الطاقة من الممكن أن يقدم إجابة على معضلة الطاقة - كقارة منتجة للنفط وكحقل تجارب للحصول على الطاقة النظيفة على نطاق واسع. مع هذا، رأت الصحيفة الأميركية أن المستثمرين المحتملين مطالبون أيضاً بأن يضعوا المخاطر التي قد يتعرضون لها في حسبانهم. وأوضحت كذلك أن أفريقيا تشكل بالفعل 10 % من إمدادات النفط في العالم، لكن جيلاً ثانياً من إنتاج النفط ظهر في السنوات الثلاث الماضية، كان آخره قبالة سواحل غانا. وهو ما حدث جزئياً نتيجة للتقدم السريع الذي طرأ على تكنولوجيا الحفر التي توجت بافتتاح احتياطات جديدة. ومضت الصحيفة تنقل في هذا الشأن عن فيليب دو بونتيت، المحلل في مجموعة أوراسيا المتخصصة في تقديم الاستشارات الخاصة بالمخاطر السياسية، قوله: "يعلم الجميع أن حوض غينيا عبارة عن وديعة غنية جداً بالنفط والغاز، لكن حتى وقت قريب للغاية، كان الاهتمام كله منصبا على مجموعة صغيرة من الدول التي كان ينظر إليها على أنها دول جديرة بالاستثمار. ومع هذا، بدأ تحظى دول أخرى بالاهتمام". وبمقارنته بنفط الشرق الأوسط الخام، أشارت الصحيفة إلى أن النفط الأفريقي يحظى بالعديد من المزايا. فهو خفيف وتوجد فيه نسبة منخفضة من الكبريت - وهي الميزة التي تحظى بتقدير كبير من جانب شركات التكرير - كما إنه يوجد في الأساس على مسافة من الشاطئ، حيث تتوافر بسهولة اتفاقات تقاسم الإنتاج المفضل. وقال أوليفر جاكوب، المحلل لدى شركة بتروماتريكس: "مع تراجع إنتاج هذا النوع من النفط في أوروبا، يجب أن يكون هناك طلب مستمر على النفط الخام من أفريقيا مستقبلاً". وبينما تمركزت بعض الاكتشافات الكبرى في أوغنداوغانا، أشار سبستيان سبيوغاربره، مؤسس شركة "دا مينا أدفيزورز" الاستشارية في مجال المخاطر، إلى أن اكتشاف احتياطات نفطية قبالة سواحل كينيا وفي تنزانيا وجنوب السودان هو الأمر الأكثر أهمية بالنسبة إلى السوق الآسيوية، بسبب انخفاض تكاليف الشحن. وقال أيضاً جوليان لي، المحلل في مركز دراسات الطاقة العالمية إن "هناك بالتأكيد أحاديث كثيرة عن الحماية البيئية. فليس من الواضح ما إن كان ذلك سيترجم إلى تنظيم على أرض الواقع، لكنه سيصبح أمراً أكثر أهمية. فالأعين مسلطة على الشركات، وتفحص عن كثب من جانب المنظمات غير الحكومية، إن لم يكن من جانب الحكومات. وهناك بالتأكيد اتجاه عام بعدم تكرار التجربة في نيجيريا". في إشارة من جانبه إلى التنقيب غير الحساس عن النفط في منطقة دلتا النيجر على مدار العقود الخمسة الماضية. ويؤمل الآن أن تحظى عمليات التنقيب والبحث عن النفط في القارة الأفريقية بشيء من التنظيم خلال الفترة المقبلة. وشدد هنا دي بونتيت على أن حادثة الانسكاب النفطي التي وقعت العام الماضي في خليج المكسيك جاءت بمثابة دعوة الاستيقاظ إلى الحكومات في ما يتعلق بالسياحة وعمليات الصيد والصناعات الزراعية. ولا تعتبر أفريقيا غنية بالنفط والغاز الطبيعي فحسب، وإنما يوجد فيها كذلك قدر كبير من أشعة الشمس، والرياح القوية، وعدد لا يحصى من نظم الأنهار الضخمة والسدود الكهرومائية. وتابعت الصحيفة بقولها إن إمدادات الكهرباء في أفريقيا لا تزال تعتمد اعتماداً كبيراً على مصادر الطاقة المستمدة من الكربون، لكن عدداً متزايداً من الحكومات بدأت تبحث الآن إمكانية الاستعانة بتوربينات الرياح والألواح الشمسية وغيرها من أشكال الطاقة النظيفة. وأكدت وول ستريت جورنال في السياق عينه كذلك أن فرص التنمية في مجال الطاقة المتجددة في قارة أفريقيا تعتبر كبيرة، وأن خبراء الطاقة يعتقدون أن التكنولوجيات المتجددة من الممكن أن تسمح أيضاً للمجتمعات المحلية الفقيرة التي لا يوجد فيها كهرباء أن تتجاوز تكنولوجيا الكربون المرتفع التي يستعين بها الغرب، بالطريقة نفسها التي طغت من خلالها الهواتف الخلوية على تكنولوجيا الاتصال عبر الخطوط الأرضية في الكثير من البلدان الأفريقية النامية. وقد نشر بالفعل كونسورتيوم تقوده ألمانيا خططاً لتطوير متنزه شمسي بكلفة قدرها 400 مليار يورو في الصحراء الكبرى، ليكون بمثابة مخزن طبيعي هائل للطاقة الشمسية. كما يقترح مشروع غابة الصحراء بناء محطات مركزة لإنتاج الطاقة الشمسية تستعين بمرايا لتركيز الضوء على أنابيب المياه أو المراجل، ومن ثم توليد بخار ساخن للغاية لتشغيل التوربينات البخارية التقليدية. وختمت الصحيفة بقولها إن العملية الخاصة بتوسيع نطاق التكنولوجيا اللازمة لإنتاج كميات مجدية من الكهرباء تقدر بحوالي 59 مليار دولار، وستكون جاهزة للعمل بحلول العام 2020.