الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاريخ اليمن الواحد
نشر في 14 أكتوبر يوم 23 - 05 - 2011

تؤكد الأحداث والوقائع عبر تاريخ اليمن القديم والحديث ان وحدة اليمن هي الأساس،وان الفرقة المتقطعة التي شابت بعض مراحله هي الاستثناء. هذه الحقيقة ليستنتاج نشوة لحظية أوحت بها احتفالات جماهير الشعب اليمني بالعيد الوطني ال21 للجمهورية اليمنية 22 مايو، بل حقيقة تؤكدها دراسات تاريخية و قراءات انثروبولوجية خلصت جميعها إلى ان اليمن أرضاً وشعباً موحد جغرافيا، وموحد ثقافيا بمفهوم الثقافة العام، وما ينسحب عنها إلى التنوع في كل مفردات المنظومة الثقافية انطلاقا من اللهجات والفولكلور أو حتى الملابس ومائدة الطعام. بل ان هذا التنوع بحسب احد الباحثين يثير هذا التوحد ويعززه.
اما التجزؤ الذي ساد بعض الحقب في تاريخ اليمن فلم يتجاوز إطار التجزئة السياسية التي فرضتها مطامع الحكم وأطماع القوىالخارجية التي كانت تحرص على وجود أكثر من مملكة أو دولة أو دويلة في " بلدة طيبة ورب غفور".
واستنادا إلى كثيرٍ من المراجع التاريخية من أمهات الكتب جاء كتاب "عمالقة الوحدة اليمنية في التاريخ القديم والحديث" لمؤلفه محمد بن ناصر حسن ليؤكد في جزئيه العمق الحضاري للوحدة اليمنية، متتبعاً بإيجاز وراصداً بوعي بحثي مراحل التاريخ اليمني، متوقفاً عند مراحل التوحد ملقيا مزيدا من الضوء على صانع هذا التوحد في كل مرحلة بدءاً من الملك يعرب بن قحطان في (5000 ق.م) وحتى الرئيس علي عبدالله صالح عام (1990م) ، مطلقاً على كل صانع للوحدة في كل مرحلة صفة (عملاق) ، ومن هنا جاءت تسمية الكتاب "عمالقة الوحدة اليمنية " الصادر في جزأين عن "مركزعبادي للنشر".
بلغة بسيطة وأسلوب بعيد عن التعقيد يقدم الكتاب عرضاً شيقاً يشبع نهم القارئ العادي بمعرفة موجزة عن مسار التطور التاريخي والحضاري للوحدةاليمنية عبر التاريخ.
الوحدة اليمنية...قبل الإسلام
في هذا السياق انطلق المؤلف في تناوله للوحدة من فصلها الأول إن جاز الوصف وهي الوحدة التي بتحقيقها كانت الاشراقة الأولىلشمس اليمن على صفحات التاريخ، فبعد أن سكن الإنسان شبه جزيرة العرب منطلقاً منجنوبها الغربي إلى بقية مناطقها في سياق التوسع البشري الذي افرز تنوعا قبليا تقاسم الأرض، فكانت العرب الأولى أو ما تعرف بالعرب البائدة التي قضى على معظمها العذاب الذي وقع على قوم عاد لتبدأ عندئذ حكاية العرب المستعربة ...ومن نسل سيدنا هود عليه السلام جاء قحطان ومن نسل قحطان سخر الله (يعرب) ليكون أول رواد تاريخ التوحد في المنطقة فتمكن بسماته الرفيعة خلقا وحكمة أن يؤلف بين القبائل ويوحدها تحت مظلةواحدة في جنوب جزيرة العرب فكانت أول مملكة في التاريخ(5000 ق. م).
وحسب المؤلف فان المؤرخين لم يقفوا على أسماء أبائه وصولا إلى قحطان وهود وإنما عرف ب (يعرب بن قحطان) وهو أول الملوك في التاريخ اليمني العربي القحطاني القديم فبسطنفوذه على الجزيرة العربية وبه سميت.
ويذكر الكتاب نقلا عن مصادر تاريخيةأن الملك يعرب تمكن من توحيد اليمن والقضاء على جميع الممالك وخضعت له جميع القبائل.
ولفت المؤلف إلى أن (يعرب) لقب لا اسم، حيث كان اسمه (يمان) أو (يمن) أو (يامن) حسب لسان اليمن الهمداني وباسمه سميت اليمن ولأنه أول من اشتق وحذف و اختصر وأوجز وأعرب في كلامه العربي فلقب ب(يعرب) كما نقل المؤلف عن مصادركابن خلدون والطبري والمسعودي وجورج زيدان و جواد علي وغيرهم من المؤرخين.
وعلى يد الملك يعرب قامت أقدم دولة في عصر ما قبل التاريخ حيث عمل علىتوحيد جميع القبائل القحطانية في جزيرة العرب تحت راية دولة واحدة وبالتالي كان من المعقول أن يتبع قيامها تسميتها باسم جامع لها فتم تسميتها باسم الملك الذي وحدها وهو (يمان) بن قحطان ولان هذا الملك هو أول من أعرب في كلامه أو قام بعمل ما يتصلبا للغة العربية وتثبيتها وتهذيبها في دورتها الثانية ( العرب المستعربة) وبما يوحدالكيان العربي كان أول ملك عربي في التاريخ.
وتتبع المؤلف كثيراً من الدلائل والشواهد التي تؤكد العمق التاريخي لتسمية اليمن على اختلاف المصادر التي تعددت معها أسباب التسمية إلا أن الغالب أكد ما ذكر سابقا بينما لم تتفق المصادرعلى الفترة التاريخية لزمان يعرب بن قحطان إلا أن الراجح أن دولته استمرت في أبنائه حتى الألف الرابع قبل الميلاد.
وحدة سبأ
أعقبت تلك المملكة ممالك صغيرة تقاسمت ارثها عدد من القبائل حتى وصل إلى عرش إحدى هذه الممالك عبد شمس بن يشجب و يعود نسب يشجب إلىيعرب بن قحطان ولقب الملك عبد شمس بن يشجب (سبأ الأكبر) و زمانه (3500 ق م) وفي زمانه تحققت الوحدة الثانية في الجزيرة العربية فملك اليمن والجزيرة العربية وكانت عاصمته صرواح وكان اسمه عبد شمس واهتم بالزراعة والتجارة والفتوحات العسكرية ولهذالقب (سبأ) لأنه كان كثير السبي في معاركه كما انه كان قائدا فذا ورجلا صالحا استعطف القبائل القحطانية واليعربية وكل بقايا القبائل الأخرى بسلوكه المتميز وعدل هو أخلاقه وسياسته الحكيمة وإرادته القوية إذ كان يتمتع بسلطات ثلاث تنفيذية وتشريعية وقضائية، وكان يمارس السلطة بواسطة ممثلين عن الشعب من ثلاث طبقات المزود والاقيال والأذواء ووضع نظم جديدة لإدارة الدولة حينها مما عزز من إمكاناتها ونفوذها وقدراتها مستغلا كل خيرات الأرض اليمنية وبسالة رجاله فكانت ارض سبأ من أجمل بقارع الأرض وأخصبها.
خلف الملك سبأ بن يشجب أبنائه حمير، كهلان، وائل بن حميروهكذا توالى الملك في نسل حمير تحت وقع خلاف بينهم أدى إلى حروب تقسمت معها اليمنإلى ممالك صغيرة.
واستمرت تلك الفرقة حتى وصل إلى العرش السبئي الملك عبدشمس بن وائل (سبأالثاني) (2750 ق م) فكانت بداية العصر الثاني لدولة سبأ (2750 - 2150 ق م) وهو عبد شمس بن وائل بن الغوث بن الجيدان بن قطن بن زهير بن أبين بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبا بن يشجب بن يعرب بن قحطان وهو مجدد سد مأرب و اهتم بالزراعة ووحدة البلاد و الفتوحات وهو مؤسس ما وصفه المؤلف بالعهد الإمبراطوري لمملكة سبأ العظمى وهو أول ملوك العصر الثاني لهذه المملكة ومعيد وحدة اليمنوالجزيرة العربية. خلفه ابنه الصور بن عبد شمس ومنثم ابنه خيان ومن ثم ابنه عمروومن ثم الملك شدد ومن ثم أخذت الخلافات تتسع بين الأبناء فعادت الفتن والانفصالاتمن جديد.
وحدة التبابعة
أعقب تلك المرحلة من التشرذم مرحلة من التوحد وهيالمرحلة التي مثلت العصر الأول حسب المؤلف لدولة التبابعة (21450-150ق م) ويبدأهذا العصر الزاهر من تاريخ اليمن بوصول الملك تبع الأكبر إلى العرش السبئي وهو أول ملوك التبابعة واسمه تبع (ذي مرائد). و هو العملاق الرابع للوحدة اليمنية حسب المؤلف وكانت عاصمته صنعاء ثم ظفار وقد استطاع أن يؤلف بين القوى ويوحد بين القبائل من كل أطراف اليمن وكون وحدة عظيمة واستعاد ما كان تحت ملك جده سبأ الأكبر.
ثم توارث الملك من بعده أبناؤه وأحفاده حتى وصل الملك إلى شدد بن قيس بن صيفي وفي عهده انفصلت قبائل معين وكانوا دولة في عام (1500 ق م).
وبوصول الحارث الرائش إلى العرش السبئي (1450ق م) يبدأ العصر الرابع للمملكة السبئية والعصرالثاني لملوك التبابعة، فجمع الرجال المخلصين ودعا إلى الإصلاح وعمارة الأرض بالزراعة، فاستعادت البلاد ازدهارها الاقتصادي مما سهل مهمته فكان العملاق الخامس للوحدة التي استمرت في عصره ثم في عصر أبنائه حتى الملك افريقس، حيث تنافس علىالعرش في عهده ثلاثة ملوك وحدث الانفصال منذ عام 950 ق م بعد أن استمرت الوحدة 270سنة توالت بعدها الفتن والخوارج عن الدولة حتى وصل الحكم إلى العرش الحميري إلى يدالملك آل شرح يحصب الأول في (1080)ق م (كرب أل وتر الأول) والذي يعد العملاق السادس إذ استطاع أن يوحد اليمن ويخمد الفتن ويعيد مجد الدولة وهو المجد الذي استمر أبنائهفي الحفاظ عليه من بعده وهم الهدهاد ومن ثم ابن أخيه شرح ال ذرنح بن شمرثم بلقيسبنت الهدهاد.. إلا انه سرعان ما اخذ الضعف يسري في جسد الدولة اثر الخلافات حتى وصل إلى العرش السبئي الملك ياسر يهنعم وبتوليه الحكم بدأ العصر السادس لمملكة سبأ والعصر الرابع لملوك التبابعة وأول ملوك سبا وذي ريدان.
وحسب المؤلف فانتتبع ورصد الوحدات اليمنية يكشف أن القادة الذين وحدوا اليمن كانوا يتصفون بصفات سجلها لهم التاريخ بأحرف من نور.
وعودة إلى العملاق السابع ياسر يهنعم فقدلقب يهنعم لإنعامه على الخاصة والعامة من أبناء الشعب وبسبب حكمته وإنعامه علىالناس استجابوا له والتفت حوله القبائل وقادهم جميعا إلى الوحدة فاجتمع أمرهم بعدفرقة ولقب بملك سبا وذي ريدان وكان عهده من (-845 780ق م).
وهو العهد الذيجدده ابنه الملك شمر يهرعش الذي اعتبره المؤلف العملاق الثامن للوحدة (844-833 ق م ) وقد خلف والده وامتدت دولته أكثر مما كانت عليه لذا كان يلقب (ملك سبا وذي ريدان وحضرموت ويمنت وأعرابهم وطودا وتهامت) ومن ثم توالى الملك في أبنائه حتى عاد الضعف إلى بنيان الدولة ونشبت الخلافات من جديد (737 ق م).
لكن سرعان ماتحققت مااعتبره الكتاب الوحدة الثامنة على يد العملاق التاسع(737 -590 ق م ) الملك اسعدالكامل الذي بوصوله إلى العرش السبئي بدا العصر السابع لمملكة سبا والعصر الخامس لمملكة التبابعة والذي استطاع أن يقضى على كل أسباب النزاع والفرقة التي دبت في أوصال الدولة، فأعاد توحيد البلاد وعم البلاد خيراً وفيرا وأغدق الله على قوم سبأب الخيرات وكثرة الأمطار في كل أرجاء اليمن ودانت اليمن كلها في ذلك الوقت بدين سيدنا إبراهيم عليه السلام حتى صارت أمه ذات رفاهية ورخاء وفير فخرجوا عن دين اللهف كان سيل العرم الذي ورد ذكره في القران سببا في تفرق أيدي سبأ حسب المؤلف.
الا ان الأمر لم يستمر طويلا اذ تحققت الوحدة التاسعة على يد العملاق العاشر : الملك تبع بكرب اسعد الثاني (ذمار علي) (32-355م) وانطلق من ظفار وجمع القبائل اليمنية وبذلك اعيد للبلاد مكانتها بعد ضعف وفرقة.. فاطلق عليه: ذمار علي تبع الحميري وحكم بعده 8 ملوك استمرت في عهدهم اليمن موحدة في هذا العصر 323 سنة،بعدها دب الضعف في الدولة وتفككت الوحدة في عهد الملك معدي كرب بن حسان وبدا عصر الطوائف والدويلات. إلا أن فترات التفكك عادة كانت فترات قصيرة جدا مقارنة بفترات الوحدة إذ أعقب فترة التشرذم تلك تحقيق الوحدة العاشرة على يد العملاق الحادي عشر : الملك ذونواس الحميري (500 - 525 م) الذي خاض ضد بعض القبائل وأعوانها من الأحباش حروبا أسفرت عن فوز ذي نواس بعدأن التفت حوله قبائل اليمن فاخمد الفتن والخارجين عن الدولة ووحد البلاد ووسع نفوذ الدولة حتى انه سمي ملك كل الشعوب حتى سقطت دولته اثرالغزو الحبشي بايعاز روماني (525م) فعاث الأحباش في اليمن فسادا حتى خرج من صفوف اليمنيين سيف بن ذي يزن واستنجد بالفرس ونصره اليمنيون وأنقذ اليمن من غزو الأحباش فكان العملاق الثاني عشر قبل الإسلام ومحقق الوحدة الثانية عشر قبل الإسلام فنهض بقوة اليمن ووسع نفوذها خلال فترة حكمه.
الوحدة اليمنية بعد الإسلام
وباعتناق أبناء اليمن الإسلام، صارت اليمن ولاية من ولايات الدولة الإسلامية وعين عليها عدد من العمال والولاة في عهدالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حكموها من خلال توزيعها إلى مخاليف مثلت ولايةاليمن كوحدة واحدة ظلت موحدة على مدى حكم الدولة الإسلامية واستمرت في عهد الخلفاء الراشدين وأيضا في العصرين الأموي والعباسي وعقب انهيار الدولة العباسية بدأ عصر الدويلات المستقلة وفي هذا العصر ظل اليمن موحداً في معظمه وعقب سيطرة العباسيين نشأت اول دولة متمثلة بدولة بني زياد بزعامة محمد بن عبدالله بن زياد (402-205 ه) وكان العملاق الأول بعد الإسلام حيث وحد اليمن وقضى على الفتن واتخذ زبيد عاصمة لدولته.
وجدد الوحدة اليمنية عقب حكم بني زياد العملاق الثاني علي بن محمدالصليحي(439-431ه) في عهد الدولة الصليحية التي اتخذت من جبلة عاصمة لها. وهي الوحدة التي تجددت وتعززت وبخاصة في دولة بني رسول واستطاع ملكها المظفر بن يوسف بن عمر (-647 496 ه) إعادة توحيد اليمن على الرغم من اتساع نفوذ الأئمة.
خلف دولة بني رسول دولة بني طاهر (898 - 923ه) وفيها كان السلطان الظافر عامربن عبدالوهاب (-894 923 ه) العملاق الرابع للوحدة بعد الإسلام إذ أعادت وحدة اليمن بكل أطرافها وظلت موحدة في عهده وعهد أبنائه.
وفي عام 943ه بدأ العثمانيون حكم اليمن وهو الحكم الذي شمل اليمن كله وظل موحداً في إطار هذه الدولة وتحت حكمها معظهور واختفاء كيانات سياسية صغيرة وكثيرة، ولكن الأهم من ذلك - حسب ورقة للدكتورصالح باصرة عن خلفية الوحدة اليمنية - هو التوحد اليماني في الكفاح ضد ظلم النظام العثماني، وولاته في اليمن.
وقادت هذا الكفاح الموحد الدولة الزيدية وحتىتحقيق الاستقلال وجلاء القوات العثمانية عام 1636م. وتأسست - بعد ذلك الجلاء - دولة يمنية موحدة عرفت بالدولة القاسمية، ولكن ظلم بعض حكام وعمال هذه الدولة، وصراع بعض أفراد الأسرة القاسمية وادعاء أكثر من شخص من هذه الأسرة بأحقيته في منصب الإمامة، وكذا بدء صراع أوروبا الاستعمارية على اليمن أدى في نهاية المطاف إلى نشوء كيانات سياسية صغيرة متنافرة، ومتصارعة، وبالتالي تقسيم اليمن سياسياً.
ووفر هذاالمناخ السياسي والاقتصادي السيئ - حسب باصرة - ظروفاً مناسبة لاحتلال بريطانيا عام 1839م وانطلاقها من عدن إلى شرق وجنوب اليمن وإخضاعها لنفوذها وفي ذات الوقت أعادت الدولة العثمانية سيطرتها على شمال وغرب اليمن، وذلك منذ عام 1849م وحتى 1872م وهوعام دخولها صنعاء عاصمة اليمن.
ومنذ ذلك العام بدأ في التكون إطاران جغرافيان وسياسيان في اليمن عرف لاحقا بجنوب اليمن وشمال اليمن، وتم تعميد هذاالانشطار بخط حدودي عرف بخط حدود النفوذ العثماني والنفوذ البريطاني في اليمن في عام 1905م وسجل رسمياً في عام 1914م أي قبل بدء الحرب العالمية الأولى ببضعة أشهر.
ولكن ظل اليمن موحداً في علاقات شعبه وفي نضاله ضد الاستعمار البريطاني والحكم العثماني وغادر العثمانيون شمال اليمن في نهاية الحرب العالمية الأولى وكأحد نتائجها، وظهرت على أنقاض منطقة النفوذ العثماني ما عرف بالمملكة اليمنية، واستمرت وحدة الكفاح اليمني ضد الاستعمار البريطاني ونظام الإمامة، ورافق هذا الكفاح حلمإعادة توحيد اليمن واقتربت لحظة تحويل الحلم إلى حقيقة عشية سقوط نظام الإمامة في (26) سبتمبر 1962م، وتقلصت مسافة الوصول إلى الوحدة اليمنية بقيام ثورة (14) أكتوبر 1963م في الجنوب وجلاء الاستعمار البريطاني في ال(30) من نوفمبر 1967م، ولكن حالت دون الوصول إلى الحلم -عشية خروج آخر جندي بريطاني من عدن - ظروف الحرب الباردة، وبعض التحضيرات الداخلية، وكذا جملة من التدخلات الإقليمية.
وأصبح في اليمن بدلاً من النفوذ العثماني والبريطاني دولة في الشمال واخرى جنوبية. ولم يمت الحلم،بل ظل في عقول وقلوب أبناء الشعب اليمني وان تباينت طرق الوصول إليه وفقاً لرؤية كلطرف، وشهدت اليمن أكثر من حرب أهلية بعضها بسبب مصالح سلطوية وحزبية داخلية، وبعضها بتغذية خارجية للحيلولة دون إعادة تحقيق الوحدة، ولكن تحت شعار تحقيق الوحدة اليمنية.
وتعثرت اليمن بدولتيها في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وتعليمية كاملة ومتكاملة، كما لم تشهد حياة آمنة ومطمئنة تحت ضغط الجماهير وكفاحه ممن أجل الوحدة.
وفي ظل أفول الحروب الباردة، وانهيار المعسكر الاشتراكي التقط اليمنيون الفرصة لتحقيق حلم الآباء والأجداد في إعادة لحمة ووحدة اليمن أرضا وشعباً، فكانت اللحظة التاريخية التي التقط فيها الأخ الرئيس علي عبدالله صالح زمام المبادرة للدعوة لتفعيل الاتفاقيات الوحدوية الموقعة بين الشطرين باعتبار الوحدة اليمنية صمام أمان لليمن في ظل المتغيرات الدولية، وكحل جذري لكل آلام وسلبيات التشطير، ووجدت هذه الدعوة قبولاً جماهيرياً واسعاً.
وبعد ستة أشهر من توقيع اتفاق عدن التاريخي في (30) نوفمبر 1989م ارتفع في مدينة عدن الباسلة يوم ال(22) من مايو 1990م علم الجمهورية اليمنية والتي ارتبط مع إعلانها اعتماد النهج الديمقراطي القائم على التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة.
وبذلك بدأت اليمن مرحلة جديدة من تاريخها الحديث على المستوين الداخلي والخارجي وطوت آخرصفحة من صفحات التشطير الجغرافي والسياسي.
وبإعادة تحقيق الوحدة وإعلان الجمهورية اليمنية في الثاني والعشرين من مايو سنة 1990م بديلة للدولتين السابقتين (الجمهورية العربية اليمنية، وجمهورية اليمن الديمقراطية) أنجز الشعب اليمني أكبروأهم هدف من أهداف ثورته ضد نظام الإمامة والاستعمار، بل يمكن القول إنه الثورة الثالثة في اليمن الحديث والمعاصر بعد ثورتي سبتمبر وأكتوبر.
وفي هذا الإطار يقول الدكتور صالح باصرة في إحدى الندوات التي تناولت الوحدة اليمنية: إن إعلان الوحدة اليمنية وتأسيس الجمهورية اليمنية لم يكن حدثاً صغيراً وليد لحظته بل حدثاً كبيراً في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر وسبقته ومهدت له الكثير من الأحداث المحلية والعربية والدولية. لم تكن هذه الوحدة حالة جديدة وطارئة في اليمن بل إعادة توحيد يمن انشطر وتشطر لفترة زمنية طويلة بعد توحده لفترات تاريخية أطول وأكبر من زمن التشطير.
وهي الحقيقة التي يؤكدها مفكرو اليمن ومثقفوه وفي مقدمتهم شاعر اليمن الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح بقوله:" إن اليمن كان عبر التاريخ واحدا، وحتى عندما انقسم قد كان يسمى باليمن الشمالي واليمن الجنوبي، ومعنى ذلك انهيمن واحد، وماحدث في 22 مايو 1990 هو إعادة الوضع إلى ماكان عليه عبر التاريخ، عودة اليمن الواحد إلى نفسه، وإلى أهله، والذين يتصورون أن إعادة وحدة اليمن الواحد هي توحيد قطرين شقيقين على خطأ كبير، فالقطر الواحد الذي مزقته ظروف التخلف وأيادي الاستعمار قد نجح في 22 مايو 1990، في العودة إلى ماكان عليه قطراً عربياً واحداً وإقليما صغيرا من أقطار وأقاليم الوطن العربي الكبير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.