من يتابع المشهد اليمني اليوم وما يجري على الساحة من فوضى وانفلات وعدم احترام للنظام والقانون وهيبة الدولة وتدمير للمرافق الحيوية وإهلاك للحرث والنسل، والاحتراب والقتل والصراع وإقلاق السكينة والأمن والعبث بالممتلكات العامة والخاصة وإثارة الرعب وقطع الطرق وتحويل حياة الناس إلى جحيم . من يشاهد كل ذلك يقول لنفسه هل هذه أفعال بشر يملكون أنفساً زكية وجميلة أم أنهم وحوش في غابة لهم أنفس شريرة وعدوانية قبيحة وبشعة ؟! فالذي يميل ويهوى القتل وإفناء الحياة لا نظن بأن سلوكه هذا سلوك إنسان طبيعي وسوي .. بل سلوك مجرم وهمجي وبربري يفتقر لأدنى ذوق إنسان حضاري راق . إن القبح هو الوجه المرادف للبشاعة والفوضى ، والجمال هو الوجه المرادف للزينة والحسن والنظام والتناسق والانسجام والتناغم والفن والاعتدال .. القبح يبعث على التقزز والنفور والمقت والكره ولا يختلف عن سلوك القردة والخنازير والوحوش المفترسة.. بينما الجمال يبعث على الرضى والقبول والاستحسان والحب والحياة والأمل ، نلمسه في ابتسامة طفل صغير بريء وفي لمسة حنونة على مريض، وفي عطف يد كريمة على يتيم أو فقير أو مسكين أو محتاج أو في لمسة أو بصمة فنية وتحفة جمالية رائعة في ميدان عام أو في حديقة أو بستان ونلمس الجمال أيضاً في لغة الحمام ووداعتها وزقزقة العصافير المغردة ورخامتها وشفافية الفراشات ورقتها . أما القبح فلا يختلف عن التخلف والجهل والتهور والتحجر والمرض النفسي والعجز والفشل والظلم والقهر والقمع والاستبداد وكل النعوت السالبة.. والجمال ضد وعكس كل ذلك . إن من يعادي الحياة وقلبه ممتلئ بالحقد والكراهية لكل مباهجها من شوارع جميلة ورائعة ومبان وحدائق متناسقة ومدهشة ينبغي عليه أن يهذب نفسه الشريرة على حب الجمال وعشق الحياة وأن يعودها على حب الخير للآخرين وأن يعود هذه النفس على حب النظام لأن النفس كالطفل الرضيع أن عودته عل الفطام ينفطم والإنسان بواسطة التعليم والتعلم أن تعود من صغره على شيء إيجابي أو سلبي فإنه يعتاد عليه ويظهر ذلك في سلوكه وتصرفاته ومن شب على شيء شاب عليه !! فما أحوج أنفسنا إلى الاقتراب من الجمال والابتعاد عن البشاعة والقبح مع العلم بأن من معاني القبح النبذ والنأي والبعد ، وهل يعقل أن يهتم المرء بجمال مظهره الخارجي وهندامه عندما يختار ملابس أنيقة ومتناسقة الألوان ويفضل أجود الأحذية وأحسن أشكالها أو عندما يصفف شعر رأسه ويشذب لحيته وشاربه ، ويختار أجمل السيارات الفاخرة التصميم والألوان ، ويهتم ببناء مسكنه بحيث يبدو للناظر له وكأنه تحفة وآية من آيات الفن والجمال والروعة ، ويأكل أفضل وأحسن الأطعمة وأشهى المأكولات ، وفي نفس الوقت يعمل على تخريب مرافقه وشوارعه وكل الأشياء الجميلة في حيه ومدينته وداخل وطنه ويلوث بيئته ويقلق ويقض مضاجع أهله وعشيرته وقبيلته وأبناء وطنه بل ويسفك دماء إخوانه وأبناء جلدته الأبرياء بغير حق على طريقة المجرمين وقطاع الطرق و السفاحين المطلوبين للعدالة والقانون ، فأين سلوك هذا الشخص المنحرف من قول الشاعر الجميل : كن جميلاً ترى الوجود جميلا والذي نفسه بغير جمالٍ لا يرى في الوجود شيئاً جميلا فينبغي على كل فرد منا أن يعلم بأن معادلة القبح تساوي الفوضى ومعادلة الجمال تساوي النظام وأن عليه أن يختار وأن يضع نفسه حيثما ينبغي أن توضع، واختيار المرء قطعة من عقله، فليختر الجمال الذي يبعث فينا الأمل والحياة ويترك القبح الذي يفضح ما بداخلنا من يأس وإحباط وقنوط يقودنا إلى الانتحار والموت فالذي نفسه قبيحة يرى كل شيء قبيحاً مع أن هذا الشيء في الأصل هو جميل . بقي أن نقول لأي جماعة ترفع شعار " السلمية " أن لا تجازف بتدمير أي منجز جميل في حياة الناس ووجد من أجل منفعتهم لأن ذلك المنجز لم يتحقق بسهولة بل تحقق من مال الشعب وعرقه ودمه فلتحافظ كل جماعة على سلميتها ولا تحد عنها لأن السلم والسلام هما وجهان من أوجه الجمال ، أما التدمير للمنجزات ولغيرها فهو من آثار القبح والبشاعة وبما أن الجمال هو النظام والنظام هو قانون الكون والحياة فإن الفوضى هي الفساد والدمار والهلاك. إن الواهمين والحالمين الذين ينعتون عناصر الحزب الحاكم بأنهم بقايا نظام وظنهم هذا في غير محله لأن الواقع يكذبه ومع ذلك وحتى إن كان ظنهم ذاك صحيحاً نقول لهم : إن بقايا نظام في ظل أمن واستقرار خير من أكثرية فوضى وقلق ودمار واستنفار.!!