أين وعد أوباما بدولة فلسطينية؟ قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما بالأممالمتحدة العام الماضي كان مملوءا بالوعد والتصميم على دفع شأن الدولة الفلسطينية قدما عبر المفاوضات مع إسرائيل، لكنه الآن يسير بالاتجاه العكسي من أجل عيون إسرائيل. وأما العام الجاري -والقول للصحيفة- فخطاب أوباما يشير إلى انخفاض مستوى التوقعات والآمال بشأن دولة فلسطينية، لا بل ويعتبر مثبطا للعزائم، عندما كان يتحدث عن مدى صعوبة السلام. وأوضحت الصحيفة بافتتاحيتها أن أوباما توعد في خطابه باستخدام حق النقض (فيتو) ضد خطة الإعلان عن الدولة الفلسطينية إذا ما تم طرحها في مجلس الأمن الدولي للحصول على اعتراف أممي. وأما نيويورك تايمز فرأت أن أوباما كان محقا في الوقوف إلى جانب إسرائيل ومعارضة الدولة الفلسطينية، بدعوى أنه ليس أمام واشنطن من خيار سوى الوقوف إلى جانب تل أبيب بوصفها الحليف التاريخي للولايات المتحدة. وأضافت الصحيفة أن التوصل إلى اتفاق سلام عن طريق التفاوض هو السبيل الوحيد لضمان قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، والاستمرار وضمان أمن إسرائيل وإقامة سلام دائم بالمنطقة. ولكن في المقابل، فيجب ألا تكون هناك أي أوهام بشأن توقع ارتفاع الكلفة التي ستدفعها كل من إسرائيل والولاياتالمتحدة، إذا ما سمح لمأزق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين أن يستمر لأي فترة أطول. وأما الملامة الأكبر فتقع على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي وصفته الصحيفة بأنه يرفض تقديم أي تنازلات جدية من أجل السلام مع الفلسطينيين، مضيفة أنه يهتم ببقائه السياسي أكثر من اهتمامه بالعزلة التي تتعرض لها إسرائيل. كما أن نتنياهو -وفق نيويورك تايمز- لا يظهر اهتماما بشأن إذا ما تجدد العنف بالضفة الغربية أو اندلع على كافة حدود الدولة الإسرائيلية، في ظل الجمود الذي تشهده مفاوضات السلام. وأضافت أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس -الذي وصفته بأنه يشعر بالإحباط- قام بخطوة ذات مخاطر عالية بشأن الدولة الفلسطينية، وربما من شأنها أن تعود عليه بنتائج عكسية. ووصفت الصحيفة عملية إيصال خطة الدولة الفلسطينية إلى الأممالمتحدة بهدف التصويت لمحاولة نيل اعتراف دولي، بأنها خطوة تلقى شعبية عظيمة لدى الفلسطينيين، ولكن ربما يكون صعبا على عباس احتواء ما أسمتها مشاعر الإحباط المحتملة التي ستسيطر على الفلسطينيين. وأوضحت أن أجواء الإحباط ربما تكون من تداعيات فشل مناورة عباس في نيويورك، والتي ترى الصحيفة أنها لن تأتي بدولة فلسطينية على أرض الواقع. وأما أوباما ومساعدوه، فأساؤوا لعب الدور الدبلوماسي منذ البداية، فوعدوا باتخاذ تدابير يكون من شأنها بناء الثقة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، لكنهم لم يفوا بوعدهم. وأما عدم الوفاء بالوعد فكان من شأنه فقدان الإدارة الأميركية البصيرة بشأن الصفقة الأكبر المتمثلة بعملية السلام، ومن هنا، فترى الصحيفة أنه لا حل للقضية الفلسطينية دون وجود قيادة أميركية قوية. وقالت صحيفة فايننشال تايمز إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يقدم طلب الاعتراف بعضوية دولة فلسطين في الأممالمتحدة بينما يقول حلفاؤه إن واشنطن أضعفت دورها كوسيط في عملية السلام. وقال مسؤولون فلسطينيون إن الولاياتالمتحدة اقتربت من إسرائيل إلى درجة لم تعد تصلح فيها لتكون وسيط سلام. وقال الناطق باسم السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية غسان الخطيب إن دعم الرئيس أوباما لإسرائيل يعطيها حق نقض إنشاء أية دولة فلسطينية، وأضاف «هذا يوضح سبب فشل النهج الأميركي في أداء دور وسيط السلام، والسبب هو تحيز واشنطن وهذا ما يبرر ذهابنا للمجموعة الدولية». وقالت الصحيفة إن الرئيس عباس سيسلم الليلة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رسالة يطلب فيها من مجلس الأمن التصويت على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وبعدها سيشهد المجلس نشاطا دبلوماسيا مكثفا بين أميركا وبريطانيا وفرنسا ودول أخرى بهدف منح عباس مجموعة عروض تدفعه لتأجيل طلب التصويت. وقالت الولاياتالمتحدة أمس إنها تعارض تسليم الرسالة حيث ذكر مسؤول في البيت الأبيض «نحن نسعى لإيجاد طريقة لتجنب الذهاب لمجلس الأمن لأننا نعتقد أنها فكرة سيئة وليست طريقة للوصول إلى دولة فلسطينية». ومن جهتها تحدثت صحيفة إندبندنت عن وجود خلاف فرنسي بريطاني بعد عدم تأييد رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون خطة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي القاضية بمنح الفلسطينيين صفة عضو مراقب. وقالت أيضا إن كاميرون وصل نيويورك لإلقاء كلمة أمام الجمعية العامة الأممية كما أطلق حملة من أجل نشاط دولي أكبر قد يصل لمستوى دعم حقوق الإنسان بليبيا. وأضاف أن الفلسطينيين عنصر هام بالربيع العربي، لكنه ظل صامتا حول موقف لندن من مسألة التصويت على عضوية الدولة الفلسطينية. وأوضحت الصحيفة أن دبلوماسيين فرنسيين قالوا إن كاميرون يستعد للرضوخ أمام الضغوط الأميركية بالامتناع عن التصويت لاقتراح فرنسي يقضي بمنح الفلسطينيين وضعا شبيها بالفاتيكان. كما أشارت إلى أن المسؤولين البريطانيين يقرون بوجود هذا الاختلاف لكنهم يرون أنهم يشاركون في الاهتمام بإعادة إطلاق مفاوضات سلام الشرق الأوسط. وأكدت الصحيفة غياب أية إشارات على موقف نهائي بريطاني، لكنها ترى ميل كاميرون إلى التعاطف مع الحجج الأميركية مضيفة أن الفلسطينيين ربما عرضوا قبول تأجيل طلبهم إذا كان سيسمح باستئناف مفاوضات السلام مع إسرائيل بشكل جدي، لكنها قالت إن غياب أي شروط مسبقة من الطرفين لا تدل على وجود أي بارقة أمل في كسر الجمود الراهن. قال الكاتب والأكاديمي الأميركي من أصل فلسطيني ساري مقدسي في مقال نشرته له صحيفة لوس أنجلوس الأميركية إن ما وصفه بمقامرة الفلسطينيين في الأممالمتحدة ربما تأتي بنتائج عكسية، معربا عن التخوف بشأن خطوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس برمتها. وأوضح أن الكل يعلم مدى ما يشعر به العرب والفلسطينيون من غضب إزاء الفكرة المتمثلة في أن الولاياتالمتحدة هي التي تهدد بعرقلة الاعتراف بدولة فلسطينية في الأممالمتحدة. ولكن في المقابل -والقول للكاتب- فهناك مخاوف من أن تأتي الخطوة التي أقدم عليها عباس بنتائج عكسية وغير متوقعة، وربما يكون من شأنها تأخير الفلسطينيين لعقود قادمة. وفي حين أشار الكاتب إلى ما سماها الأجواء الغامضة التي تلف الخطوة الفلسطينية الأخيرة، أضاف أن الخطوة تتسق مع نمط المفاوضات السرية التي لا تنتهي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهي تلك المستمرة من أجل السلام منذ عقدين، دون جدوى. وأما النتائج الوحيدة الملموسة لتلك المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، فيقول الكاتب إنها تمثلت في إعطاء القادة الفلسطينيين مذاقا عابرا للسلطة، مضيفا أن ذلك جاء بالتزامن مع قيادتهم الشعب الفلسطيني إلى مستنقع بشكل أعمق فأعمق. كما أضاف مقدسي أن اللحظة حبلى بالمفارقات، موضحا أن إدارة الرئيس الأميركي بارك أوباما تحاول إنقاذ إسرائيل من الورطة التي قد تتعرض لها في الأممالمتحدة، وذلك في ظل اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2012. وفي حين ستقضي الولاياتالمتحدة على الحلم الفلسطيني الراهن، عبر استخدامها حق النقض (الفيتو)، وبالتالي القضاء على التطلعات الفلسطينية المشروعة، فإن واشنطن ستحبط أيضا كلاً من عباس ورفاقه، بقصد أو بدون قصد. كما وصف الكاتب عباس بالرئيس غير المنتخب وبالمنتهية ولايته منذ 2006، وبالتالي فإن سلطته الرئاسية تعتبر منتهية منذ ثلاثة أعوام، وأنه لا يحظى بالتأييد أو التفويض للإقدام على ما أقدم عليه بشأن الدولة الفلسطينية. وقالت عضو الكنيست عن حزب الاستقلال إينات ويلف إن سعي الفلسطينيين لإقامة دولة لا يساعد قضيتهم، وأوضحت أن التفاوض مع إسرائيل ربما يكون مرهقا ومحبطا، ولكن إذا كان الفلسطينيون حقا يريدون إقامة دولة فإنه يتعين عليهم أن يصبروا ويثابروا عبر التفاوض. وأضافت ويلف -التي ترأس لجنة الخارجية والدفاع بالكنيست- في مقال نشرته صحيفة (ذي غارديان) البريطانية أن لدى زعماء العالم وداعمي السلام وأصدقاء إسرائيل انطباعاً خاطئاً يتمثل في اعتقادهم أنهم بدعمهم خطة إعلان الدولة الفلسطينيةبالأممالمتحدة، فإنهم يدعمون القضية الفلسطينية والسلام بالمنطقة. وقالت إن الاستماع للتصريحات العلنية للقيادات الفلسطينية شأن مفيد للإسرائيليين، وإنه يحمل قيمة أكبر من تلك التي تتعلق بتصريحاتهم السرية، ولكن العلنية منها هي الملزمة حقا على جميع الأحوال. وأشارت الكاتبة إلى تصريح للرئيس الفلسطيني محمود عباس لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية يوم 17 مايو/ أيار الماضي، والمتمثل في قوله إن «انضمام فلسطين إلى الأممالمتحدة من شأنه أن يمهد الطريق لتدويل الصراع كمسألة قانونية وليس كمشكلة سياسية فحسب» مضيفا أن خطوة إعلان الدولة من شأنها تمهيد الطريق لمتابعة دعاوى ضد إسرائيل بالأممالمتحدة ولدى هيئات حقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية على حد سواء.