أسطورة تزوير الانتخابات الأميركية كتبت نيويورك تايمز في افتتاحيتها أن هذا العام كان عاما قياسيا لتشريعات جديدة تهدف إلى جعل الأمر أكثر صعوبة على الديمقراطيين. فبحسب دراسة جديدة لمركز برينان للعدالة هناك 19 قانونا وإجراءان تنفيذيان في 14 ولاية يهيمن عليها الجمهوريون. ونتيجة لذلك هناك أكثر من خمسة ملايين ناخب سيجدون مشقة أكبر للمشاركة في الانتخابات الأميركية عام 2012. وعلقت الصحيفة بأن الجمهوريين الذين يمررون هذه القوانين لا يعترفون أبدا بهدفهم الحقيقي ألا وهو إبعاد الناس عن استطلاعات الرأي المرجح أن يصوتوا فيها للديمقراطيين، وخاصة الشباب والفقراء وكبار السن والأقليات. ويصرون على أن القوانين التي تتطلب بطاقات هوية حكومية للتصويت هي فقط لحماية حرمة الاقتراع من الناخبين عديمي الضمير. كما أن تقليص التصويت المبكر الذي كان يحظى بشعبية بين العاملين الذين غالبا لا يستطيعون تحمل ترك أعمالهم في يوم الانتخابات، سيوفر المال على حد زعمهم. وقالت الصحيفة إن أيا من هذه التفسيرات غير صحيح، فلا يكاد يكون هناك تزوير للتصويت في أميركا. ولا أحد من النواب يدعي أنه كان قادرا في أي وقت مضى على توثيق أي من الحالات المعزولة. والسبب الوحيد الذي يجعل الجمهوريين يمررون هذه القوانين هو إعطاء أنفسهم طابعا سياسيا بقمع الأصوات الديمقراطية. أما العقبة الأكثر انتشارا فقد كانت طلب تحقيق هوية في استطلاعات الرأي، وهو ما يعد خروجا على الممارسة المعتمدة منذ زمن لاستخدام توقيع الناخبين أو تحقيق هوية منزلية مثل فاتورة خدمة. وقد مررت سبع ولايات هذا العام قوانين تستلزم إبراز بطاقات هوية للتصويت، وهناك تدابير مشابهة تم تطبيقها في 27 ولاية أخرى. وهناك أكثر من 21 مليون مواطن -11 % من السكان- ليس لديهم بطاقات هوية حكومية، وكثير منهم فقراء أو كبار السن أو سود أو من أصول إسبانية، ويمكن أن يلاقوا صعوبة كبيرة في اجتياز البيرقراطية للحصول على بطاقة. واعتبرت الصحيفة أن بعض المحاولات اليائسة للجمهوريين لمنع طلبة الجامعات من التصويت تكاد تكون مثيرة للسخرية في تأييدها الحزبي الشفاف، فليس هناك بطاقة هوية جامعية في ولاية ويسكونسن تلبي المتطلبات الصارمة الجديدة للولاية، ومن ثم فإن لجنة الانتخابات اقترحت أن تضيف الكليات ملصقات إلى البطاقات مع تواريخ انتهاء وتوقيعات. واحتج النواب الجمهوريون بأن المصلقات ستؤدي إلى تزوير في الانتخابات بنعم. وختمت الصحيفة بأن ولايات أخرى بدأت تطلب إثباتا توثيقيا للمواطنة للتصويت أو إيجاد وسائل أخرى لزيادة الأمر صعوبة في التسجيل. والبعض يقلصون البرامج التي تسمح بتصويت مبكر أو يفرضون قيودا جديدة على المتخلفين عن الحضور للتصويت، محذرين من أن التصويت المبكر كان شائعا بين الناخبين السود المؤيدين لباراك أوباما عام 2008. وفي كل الحالات فإنهم يسيئون إلى الثقة الموضوعة فيهم بتحريف آلية الديمقراطية لتحقيق غايات حزبية. البؤس الوطني في أمريكا يجعل أوباما قريبا بلا عمل كتبت واشنطن تايمز في افتتاحيتها أن البؤس الوطني في الولاياتالمتحدة سرعان ما يمنح الجمهوريين فرصة انتخابية كبيرة، ويجعل الرئيس باراك أوباما عاطلا عن العمل. وقالت الصحيفة إن أرقام البطالة الأخيرة تمثل أنباء سيئة لملايين الأميركيين والرئيس أوباما من بينهم. فالحقيقة التي أعلنت يوم الجمعة الماضية بأن البطالة ما زالت عالقة عند 9.1 % في سبتمبر/أيلول تثبت أن الآليات الاقتصادية لحكومة أوباما قد فشلت تماما. ومع أن الركود انتهى فنيا في يونيو/حزيران 2009 لكن معدل البطالة كان فوق 9 % طوال الوقت منذ ذلك الحين باستثناء شهرين. وعندما تأتي انتخابات 2012 ينبغي أن يكون أوباما -حسب الصحيفة- آخر من يلتحق بطابور البطالة. وتقول الصحيفة إن البؤس في البلاد هذه الأيام منتشر، فهناك أكثر من 45.3 مليون أميركي يعيشون على كوبونات الغذاء، وهذا يعد رقما قياسيا بحسب وزارة الزراعة. ونحو 4.5 ملايين أميركي كانوا عاطلين لمدة عام أو أكثر، وهذا رقم قياسي آخر وأسوأ فترة ممتدة من البطالة طويلة الأجل منذ الكساد الكبير. والواقع أكثر غموضا بالنظر إلى ملايين الأميركيين الذين اعتادوا على وظائف بدوام كامل، لكن الشيء الغريب الذي يمكن أن يجدوه الآن هو العمل بدوام جزئي في بعض الأماكن، مثل سفن إليفن أو وول مارت أو البقاء على قوائم الانتظار. وفي المجموع فإن عدد العاطلين في هذا البلد يصل إلى 18%. وأشارت الصحيفة إلى أن الأرقام الرسمية الحكومية تثبت عدد من هم دون وظائف عند 14 مليونا، لكن هذا لا يشمل أولئك الذين تركوا البحث عن عمل ومن ثم لا يحتسبوا من قبل البيروقراطيين. وهناك إحصاء آخر يصل بالعدد إلى 42 مليون أميركي، وهذا أكثر من سكان ولايات نيويورك وأوهايو ومشيغان مجتمعات. وفي ظل أول رئيس أسود أصبح عدد أقل من السود يمتلكون منازل منذ ستينيات القرن الماضي، وكانوا أكثر المتضررين من موجة حبس الرهن العقاري الأخيرة، وهناك الآن 44.3 % منهم فقط يمتلكون منازلهم مقارنة ب 72.2 % بين البيض بحسب مكتب الإحصاء الأميركي. وهناك الآن أكثر من 11.4 % من كل المنازل -أو 15 مليون منزل- شاغرة، وهو ما يقود إلى آفة قياسية. وهذا كثير على الحلم الأميركي. وختمت الصحيفة بأن الرئيس أوباما وزمرته لم يبدوا كثير تعاطف للجماهير أثناء الكساد الكبير الذي حدث تحت قيادته، وأن جهل الديمقراطيين يخلق فرصة للجمهوريين للسيطرة على البيت الأبيض ومجلسي الكونغرس العام القادم. والحزب الجمهوري بحاجة لاغتنام الفرصة وشرح لماذا يمكن لحكومة أقل مرتبة أن تعيد هذا الانزلاق الوطني إلى غياهب النسيان. فزع وسخط يجتاحان منطقة اليورو وسط حالة من الاضطراب وعدم اليقين، انعقدت قبل أيام الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، بدا الحاضرون في حالة فزع وسخط. فالأزمة التي هزت أركان النظام المالي الدولي في أغسطس/آب عام 2007، دخلت مرحلة أشد خطورة بل وحاسمة في بعض جوانبها. ثمة فجوة متعمقة آخذة في التشكل بين مسؤولي المصارف ومسؤولي بلدان منطقة اليورو الغارقة في أزمة الديون، وهذه الفجوة للأسف تحمل في طياتها مخاطر كارثية على منطقة اليورو بمجملها، بل وعلى الاقتصاد العالمي برمته، نظرا لأن منطقة اليورو ليست جزيرة منعزلة كما هو معلوم بالضرورة. غير أن ما يزيد في هلع العالم هو عدم قدرة حكومات الدول المأزومة على التعامل مع الأزمة بمفردها، في وقت تفتقر فيه منطقة اليورو إلى قيادة لتعبر بها إلى بر الأمان، بل لعل الحقيقة المؤكدة هي أن هذه الكتلة الاقتصادية الهامة من القارة الأوروبية ربما غير مؤهلة ولا تملك القدرة على التعامل مع الأزمة. الخطر الداهم الذي تمثله أزمة الديون كشفه أحدث تقرير لصندوق النقد الدولي حول «الاستقرار المالي العالمي». التقرير كان بمثابة جرس تحذير صادما وجريئا: نحو نصف إجمالي ديون دول منطقة اليورو البالغة ستة تريليونات ونصف تريليون يورو تحمل علامات «مخاطر ائتمانية» (credit risk)، والمصارف التي تملك كميات كبيرة من الديون السيادية الأكثر خطورة، تواجه ضغوطا متزايدة في الأسواق جراء ذلك. في كتابهما القيم بعنوان هذه المرة غير كل مرة يوضح المؤلفان كينيث روغوف (من جامعة هارفارد) وكارمن راينارت (من معهد بيتيرسون للاقتصاد الدولي)، أن الأزمات المالية الكبيرة تفرز غالبا أزمة ديون سيادية. وهذا ما حدث بالفعل عقب الأزمة المالية، لكن الأدهى أن أزمة الديون لم تنحصر في الدول الطرفية، بل طالت دولا مركزية كإيطاليا وإسبانيا. إن تعاظم الشك في قدرة دول اليورو على التعامل مع مشكلة ديونها السيادية قوض الثقة في الملاءة المالية للمصارف، لأنها تملك قدرا كبيرا من ديون الحكومات. ويوضح تقرير صندوق النقد الدولي الأزمة بصورة أكثر تفصيلا على النحو الآتي: تبعات أزمة منطقة اليورو لم تؤثر في النظم المصرفية المحلية فقط بل امتدت إلى مصارف في بلدان أخرى. وفوق هذا الانكشاف، تحملت المصارف مخاطر إضافية بصورة غير مباشرة بإقراضها مصارف تملك ديونا سيادية خطرة. اليوم يقف العالم على شفير أزمة عظيمة، ولهذا مارس وزير الخزانة الأميركي تيم غيثنر ومديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ضغوطا كبيرة على قادة منطقة اليورو للتحرك، كانت فحوى ضغوطهم تقول: "إن زمن التحرك الهزيل والمتأخر قد ولى، وإن الفشل في التحرك الآن قبل الغد سيكون تحركا متأخرا". إذن ما هو المطلوب؟ الإجابة من شقين: أولا، ينبغي وقبل كل شيء القيام بإعادة رسملة المصارف الضعيفة وفق معاير موثوقة. ثانيا، توفير سيولة كافية بغية منع أن تؤدي موجة الهلع المتعاظمة إلى انهيار النظام المصرفي والدول المأزومة. كم حجم المبالغ المطلوبة في هذا الإطار؟، ثمة تقديرات متفاوتة يجري تداولها في الأوساط المعنية. الأميركيون الذين لا تزال الأزمة المالية (2008 - 2009) ماثلة في أذهانهم، يوصون باعتماد أسلوب "الصدمة والرعب". وبالنظر إلى حجم المبالغ المطلوبة للمصارف والحكومات المأزومة، فإن هذه التوصية تقتضي توفير ما يربو على تريليون يورو، بل وربما أضعاف هذا المبلغ، وهو رقم كفيل بأن يفقد ألمانيا "المتململة" توازنها و"يصيبها بالدوار". لكن ما هو السبيل لفعل ذلك؟، في مقالة له بعنوان "أوروبا تفكر في المستحيل" بتاريخ 26 سبتمبر/أيلول الماضي، قدم الخبير الاقتصادي بيتر شبيغل مقترحا عظيما. في بحر شهر أكتوبر/تشرين الأول، ستكون دول منطقة اليورو قد صادقت (إن كانت محظوظة) على صندوق الاستقرار المالي الأوروبي برأسمال قدره 440 مليار يورو. وقد يتمكن ذلك الصندوق حينها من ضخ رؤوس الأموال في المصارف، وشراء سندات الحكومات المتعثرة في السوق المفتوحة. ولكن هذا المبلغ صغير، ومنطقة اليورو بحاجة إلى مبالغ أكبر. ومن الواضح أن هناك خمس خطط مختلفة قيد الدراسة الآن، كلها تتضمن زيادة رأس مال الصندوق عبر إصدار ضمانات عوضاً عن تقديم القروض، أو الاقتراض من البنك المركزي الأوروبي، أو من السوق. وإذا كان لا بد للتحرك المنشود من أن يكون فوريا (وهو بالفعل كذلك) فإن الجهة الوحيدة القادرة على توفير الأموال المطلوبة هي البنك المركزي الأوروبي. لكن هل سيتحقق هذا؟، جوابي على هذا السؤال مؤلف من خمسة مستويات: أولا، إذا ما تم التوصل إلى اتفاق حول التحرك المطلوب وعلى المستوى المنشود، فإن حالة الهلع التي تجتاح أوصال الاتحاد الأوروبي ستتوقف. ثانياً، قد يكون من المستحيل حصول ذلك الاتفاق، وخاصة إذا ما كان التمويل سيرتكز في جله على أموال البنك المركزي الأوروبي، ولو على المدى القصير على الأقل. وحينها سيجد محافظ البنك المركزي الأوروبي الإيطالي الجنسية ماريو دراغي نفسه في موقف لا يُحسد عليه لكونه سيغدو مضطراً للتدخل وإنقاذ بلده (إيطاليا)، لكنه حينها لن يفلت من غضب الشعب الألماني. ثالثا: متى ما غدت المصارف والدول تعتمد بشكل كبير على التمويل الرسمي، فستصعب عليها العودة إلى الاقتراض من الأسواق. رابعا، مثل هذه الإجراءات أعجز من أن تحل المشكلة الأعمق والمتمثلة في حاجة الدول الفاقدة للقدرة التنافسية حاليا إلى تدفقات نقدية كبيرة من مصادر خارجية ولفترات طويلة جدا، نظرا لأن قدرا يسيرا من هذه الأموال سيأتي من مستثمري القطاع الخاص المكبل بالخوف والقلق. خامساً: من المرجح أن تعود الأنظمة غير المنضبطة إلى سابق عهدها من تبذير عقب عملية الإنقاذ تلك، الأمر الذي سيجعل من عمليات إنقاذ مشابهة في المستقبل أمراً لا مفر منه. إذن ليست هناك خيارات جذابة؛ فالمخاطر التي تنطوي عليها هذه المقترحات آنفاً هي مخاطر عظيمة. لكن البديل الأسوأ هو وقوع كارثة انهيار مالي وأزمة ديون سيادية يسمع دويها في كافة أنحاء المعمورة. هذه التكاليف الباهظة هي في الحقيقة ثمن الاستعجال في تأسيس الوحدة النقدية، والتغاضي عن الاختلالات المالية العظيمة، وعدم مراقبة وضبط عمل المصارف، والفشل في التعامل مع الأزمات بطريقة غير كفؤة.