كاتب بريطاني: النفوذ الإيراني في العراق أعظم من النفوذ الأميركي نفسه قال الكاتب البريطاني جوناثان ستيل إن حرب العراق انتهت أخيرا وهي تشكل هزيمة تامة للمحافظين الجدد، موضحا أن الإطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين أدت إلى أن يكون النفوذ الإيراني في العراق أعظم من النفوذ الأميركي نفسه. وقال ستيل إنه في خضم أنباء الشأن الليبي أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما الجمعة الماضية أن كل القوات الأميركية ستغادر العراق مع نهاية 31 ديسمبر/كانون الأول القادم، وإنه صرح بذلك وهو بهيئة الشجاع، في محاولة من جانبه لإثبات أنه أوفى بوعوده الانتخابية. وأضاف الكاتب في مقال نشرته صحيفة ذي غارديان البريطانية أن إعلان الرئيس الأميركي الانسحاب من العراق يأتي على الرغم من أنه هو نفسه دعم جهود وزارة الدفاع الأميركية لإبرام اتفاق مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للإبقاء على قواعد عسكرية أميركية في العراق يتمركز فيها آلاف من الجنود الأميركيين إلى أجل غير مسمى. وأوضح أن المحادثات الأميركية العراقية بشأن قواعد أميركية في العراق انهارت لأن أعضاء في البرلمان ووطنيين عراقيين أصروا على أن القوات الأميركية تخضع للقانون العراقي. كما أنه في كل بلد تقيم فيه الولاياتالمتحدة قواعد عسكرية، تصر واشنطن على حصول جنودها على حصانة قانونية، رافضة السماح بمحاكمتهم أمام محاكم أجنبية، ولكن الأمر في العراق جاء مختلفا، وخاصة في ظل حساسية الموقف، وبعد قتل الأميركيين العديد من العراقيين، إضافة إلى فضائح سجن أبو غريب سيئ السمعة، وبعدما برأت محاكم أميركية الجنود الأميركيين أو قضت بسجنهم مددا قصيرة. وقال الكاتب إن انسحاب القوات الأميركية النهائي من العراق يمثل هزيمة نكراء لخطط الرئيس الأميركي السابق جورج بوش ولمشروع المحافظين الجدد، والمتمثل في غزوهم العراق عام 2003 لتحويل البلاد إلى دولة ديمقراطية آمنة موالية للغرب وحامية للقواعد الأميركية، ويكون من شأنها زيادة الضغوط على سورياوإيران. وأضاف أن من دلائل الفشل الأميركي في العراق مظاهرات العراقيين في بغداد والبصرة ضد استبداد حكومة المالكي، وأما ما يمثل الفشل الأميركي الأكبر في العراق فهو إطاحتها بصدام الذي وصفه الكاتب بالعدو الأكبر لإيران، وبالتالي إتاحة الفرصة أمام النفوذ الإيراني في العراق والذي وصفه بأنه نفوذ يفوق النفوذ الأميركي هناك. وإذا كانت إيران -والقول للكاتب- لا تسيطر على العراق، فإنها لم تعد تخشى -على الأقل- أي مخاوف من جارها الغربي، خاصة أن حكومة يسيطر عليها الشيعة تمسك بزمام الأمور في العاصمة العراقية. وبينما يتهم الجمهوريون أوباما بأنه هو من يتيح الفرصة لإيران في العراق عبر انسحابه من الأخيرة، يقول الكاتب إن بوش هو الذي منح إيران أمنياتها الإستراتيجية من خلال غزوه للعراق في المقام الأول. كما أن العراق قدم درسا هاما للولايات المتحدة والغرب مفاده أن وطء الأراضي الأجنبية -وخاصة الإسلامية منها- عبر حروب خارجية يعتبر ضربا من الجنون، وهذا ربما ما جعل الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا تطلب تخويلا من مجلس الأمن الدولي للحملة ضد ليبيا، في ظل تعهدهم بعدم احتلالها عسكريا عبر قوات على الأرض. كما أن فشل الأميركيين في العراق -وفق الكاتب- يقدم لهم درسا في أفغانستان، حيث تحاول الولاياتالمتحدة مناقشة شأن إبقاء قواعد عسكرية أميركية على الأراضي الأفغانية. وحذرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إيران من إساءة فهم سحب الولاياتالمتحدة قواتها المقاتلة من العراق نهاية العام الجاري على أنه نكوص عن الالتزام تجاه الديمقراطية في المنطقة. وفي مقابلة أجريت معها من طشقند عاصمة أوزبكستان التي كانت آخر المحطات في جولتها التي شملت أربع دول، اعترفت كلينتون بأن استقرار العراق غير مضمون. وقالت في مقابلة أجرتها معها قناة إن بي سي الأميركية «نحن ندرك أن التوترات والتهديدات كالتي نراها في البلدان التي نعمل عليها ستستمر، وأن العنف لن ينتهي تلقائيا». غير أنها أكدت أن الولاياتالمتحدة ستحتفظ بوجود «قوي» في العراق. وقالت «نحن نقوم بمهمة دعم وتدريب وسنكون موجودين هناك لنعمل مع العراقيين». وأضافت «لا ينبغي لأحد أن يسيء تقدير عزم والتزام أميركا في دعمها للديمقراطية العراقية. لقد دفعنا ثمنا غاليا لكي نمنح العراقيين هذه الفرصة». وردا على سؤال وُجه إليها في مقابلة مع برنامج «حالة الاتحاد» بقناة سي أن أن أمس عن كون الانسحاب الأميركي سيتيح لإيران فرض نفوذ أوسع على العراق، حذرت كلينتون قائلة «إيران سترتكب خطأ فادحا في الحسابات إذا لم تلق نظرة على المنطقة كلها وترى أننا موجودون في دول عديدة بالمنطقة في شكل قواعد وتدريب، ومع حلفائنا في الناتو مثل تركيا». وأكدت مهندسة السياسة الخارجية الأميركية مجددا أن موعد الانسحاب جرى الاتفاق عليه من قبل بين الحكومة العراقية والرئيس السابق جورج دبليو بوش. وحاولت كلينتون خلال المقابلة التقليل من أهمية فشل المفاوضات بين إدارة الرئيس باراك أوباما ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بشأن بقاء عدة آلاف من الجنود الأميركيين في العراق بعد عام 2011 لأداء مهام خاصة وبغرض التدريب. وانهارت تلك المفاوضات بعد أن أخفق المالكي في إقناع عناصر مناهضة للولايات المتحدة في ائتلافه الحاكم بمنح القوات الأميركية حصانة قانونية. ثلاثة مخارج لإنقاذ منطقة اليورو كتب المستشار الاقتصادي للحكومة الفرنسية جان بيسانس فيري قائلا إن أزمة الديون اليونانية تعمق القلق من تفكك منطقة اليورو، وأشار في مقاله المنشور عبر بروجيكت سينديكيت إلى أن هناك ثلاثة مؤشرات تدعم هذه المخاوف. وأوضح فيري أن أول المؤشرات هو أن المؤسسات المالية الأوروبية التي تتمتع بوضع مالي جيد أصبحت تفضل -منذ يوليو/تموز الماضي- إيداع أموالها في البنك المركزي الأوروبي بدلا من إقراضها للمصارف التجارية، وهو وضع شبيه بما حدث في أزمة 2007 - 2008. وأكد أن ثمة أسبابا وجيهة للقلق رغم أن المصارف في الولاياتالمتحدة وأوروبا ما زال بعضها يقرض بعضا. وثاني المؤشرات يتمثل في كون معدلات الفائدة التي تتقاضاها المصارف على الأموال التي تقدمها للمقترضين في دول جنوب أوروبا أعلى منها في نظيراتها في شمال القارة، وهو ما يعمق ويعقد أزمة الاقتصاديات المأزومة ويزيد في تشظي السوق الأوروبية التي يفترض أنها موحدة.وبدلا من محاربة هذا التوجه، فإن سلطات الرقابة المالية والمصرفية في شمال أوروبا تعزز هذه الظاهرة من خلال سعيها إلى الحد من انكشاف مؤسساتها المالية للمصارف في جنوب القارة. أما المؤشر الثالث فيبرز أن المستثمرين الدوليين لم يعودوا ينظرون إلى السندات الحكومية في دول جنوب أوروبا بنفس الثقة التي يتعاملون بها مع السندات الحكومية في شمال القارة. هذا التوجه يعكس حجم الخطورة التي ينطوي عليها الاستثمار في السندات الأوروبية الجنوبية، ويمثل تحولا جوهريا في مزاج المستثمر. وإذا ما استمر هذا النمط الإقراضي تجاه دول جنوب أوروبا، فإن الملاءة المالية لاقتصادات هذه الأقطار وقدرتها على التعافي ستعاني. واعتبر المستشار الاقتصادي قرار مسؤولي منطقة اليورو لإصلاح الرقابة على الحكومات والمصارف وزيادة رأسمال صندوق الاستقرار المالي الأوروبي، تحركا هاما، لكنه نصف خطوة. فإذا كان هذا القرار مهما بوصفه يحاصر نيران الأزمة، فإن القضية المركزية تكمن في الحاجة إلى بناء اتحاد نقدي أكثر صرامة ومتانة. وأشار إلى أن التشظي المتنامي في جسد منطقة اليورو سببه الأساسي «الاعتمادية المتبادلة» بين المصارف والحكومات. فالمصارف واقعة تحت تهديد أزمات الديون السيادية، لأنها تملك كما كبيرا من سندات حكومات بلدانها، والحكومات عرضة لمخاطر الأزمات المصرفية لأن هذه الحكومات مسؤولة عن إنقاذ مؤسساتها المالية الوطنية. وكل فصل من فصول الأزمة الراهنة يجسد المأزق الناجم عن هذا «الاعتماد المتبادل». في المقابل أبرز المقال ثلاثة مخارج ممكنة لهذا الوضع. الأول يعتمد على تدخل البنك المركزي لمحاصرة أي خطر يهدد سوق الديون السيادية. فميزانية الحكومة البريطانية أسوأ من ميزانية نظيرتها الإسبانية، لكن قدرة البنك المركزي البريطاني على منع المضاربات على ديون المملكة المتحدة يكفي لطمأنة المستثمرين.