من المنتظر ينتظر أن يصل الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى العاصمة فيينا الساعة التاسعة والنصف من مساء اليوم الثلاثاء وسط إجراءات امن مشددة لم يسبق لها مثيل في تاريخ النمسا ، إذ تم عزل المناطق المحيطة بفندق انتركونتيننتال حيث يقيم بوش وقصر هوفبورغ الذي ستعقد فيه القمة الأمريكية الأوروبية . ووصف الكاتب النمساوي البارز ( ارنست تروست ) في تعليق نشره في صحيفة كرونن تسايتونغ الصادرة في فيينا اليوم، بان العاصمة فيينا تحولت إلى (غيتو امني ) شبيه بالمنطقة الخضراء في بغداد ، رغم كونها ليست بخطورة العاصمة بغداد . ونقلت مختلف وسائل الإعلام النمساوية عن مسئولين في الحكومة وأجهزة الأمن قولهم انه على الرغم من أن الرئيس بوش سيمضي 21 ساعة ونصف فقط في فيينا قبل أن يتوجه إلى بودابست مساء غد الأربعاء الا أن هذه الإجراءات تصل تكاليفها إلى مليون يورو . وابدى المعلقون السياسيون والإعلاميون النمساويون استغرابهم لهذا الجهد والأموال الكبيرة التي ستصرفها النمسا على القمة الأمريكية الأوروبية المقرر لها أن تستغرق ساعتين فقط ، ووصفوا هذه القمة بأنها ذات أغراض استعراضية ودعائية وليست ذات قيمة سياسية كبيرة ، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات العامة في النمسا . ويتضمن برنامج الرئيس بوش المشاركة في هذه القمة صباح الاربعاء في قصر هوفبورغ ثم عقد مؤتمر صحفي مشترك بعد ظهر نفس اليوم مع كل من المستشار النمساوي شوسيل ورئيس المفوضية الأوروبية باروزو والممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا ، حيث سيتم التركيز على نتائج هذه القمة واستعراض مواقف الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي إزاء التطورات الهامة الجارية في العالم ، علماً بأن باقي الزعماء الأوروبيين لن يحضروا أعمال هذه القمة . هذا وستتولى ثلاث سيدات ( وزيرة الخارجية الأمريكية غونداليزا رايس ووزيرة خارجية النمسا ارزولا بلاسنيك ومفوضة الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية بينيتا فيريرو فالدنر ) التوقيع على هامش هذه القمة على اتفاقية لتجديد العمل ببرنامج التعاون في مجالات التدريب المهني والمعاهد العليا بين الجانبين الأوروبي والأمريكي . وفي غضون ذلك طالب السياسيون النمساويون في أحزاب المعارضة ( الاشتراكي والخضر والأحرار اليميني ) من المستشار شوسيل مجدداً إثارة قضية الرحلات السرية للاستخبارات الأمريكية ونقل معتقلين في أوروبا ، وإغلاق معتقل غوانتنامو ، بشكل واضح خلال المحادثات مع الرئيس الأمريكي . وفي هذا الإطار صرح وزير الدولة النمساوي للشئون الخارجية هانز فينكلر بان المستشار شوسيل سيدعو الرئيس بوش إلى إغلاق هذا المعتقل ، زاعما أن المستشار أثار هذا الموضوع من قبل عند لقائه بالرئيس بوش في البيت الأبيض في شهر ديسمبر من العام الماضي . وقال الوزير فينكلر في مقابلة مع التلفزيون النمساوي مساء الأحد الماضي أن الأوروبيين اعلنوا وبشكل صريح بانه لا يوافقون على طريقة التعامل مع السجناء في غوانتنامو بدون حماية قانونية . من جانبها صرحت السفيرة الأمريكية في فيينا سوزان ماكو بأن إدارة بوش تعكف على اغلاق هذا المعتقل لان هذا الامر يسئ إلى سمعة الولاياتالمتحدة ، لكنها قالت بأن الإدارة بانتظار قرار المحكمة الفيدرالية العليا الأمريكية حول كيفية التعامل مع حوالي 500 سجين هناك . وعلى صعيد زيارة الرئيس بوش ايضا دعت الناشطة الأمريكية في مجال السلام التي فقدت نجلها في حرب العراق وتدعى ( سندي شيهان ) إلى تنحية الرئيس الأمريكي من منصبه وسحب القوات الأمريكية من العراق . وقالت هذه السيدة – التي جاءت إلى النمسا للانضمام إلى مواكب المحتجين ضد زيارة الرئيس بوش ، واستقبلت في مطار فيينا من قبل زعيم الحزب الاشتراكي المعارض غوزنباور – خلال مؤتمر صحفي عقدته في فيينا أمس الاثنين 19/6/2006م أن انسحاب القوات الأمريكية سيضع حداً للعنف في العراق . ونقلت وكالة الصحافة النمساوية عن السيدة ( سندي شيهان ) قولها خلال المؤتمر الصحفي ذاته أن وجود القوات الأمريكية يدفع إلى المقاومة ويعيق القيام بأعمال إعادة البناء في العراق ، مضيفة بأن العراق بحاجة إلى قوات لحفظ السلام بدون دبابات وقواعد عسكرية دائمة . وفندت هذه السيدة ما يتردد بأن سحب القوات الأمريكية من العراق من شانه أن ينشر الفوضى والحرب الأهلية وقالت في هذا الصدد : أن الفوضى والحرب الاهلية واقعة بالفعل ، وان سحب القوات الأمريكية سيمنح العراقيين الامل بوضع نهاية للعنف . ومضت هذه السيدة الأمريكية تقول : أن الحكومة الأمريكية تقر بان نسبة بسيطة من العنف في العراق ناتجة عن أعمال إرهابية ، ولا يمكن اعتبار المقاومة ضد الاحتلال بأنها إرهاب . وخلصت السيدة الأمريكية إلى القول : بأن التظاهرات التي ستنطلق في فيينا ضد بوش ليست ضد الولاياتالمتحدة بل مع الولاياتالمتحدة فغالبية الامريكيين لا يساندون قتل الابرياء أو التعذيب . هذا واعلن ناطق بلسان شرطة فيينا امس الاثنين بأن مايصل إلى عشرة الاف متظاهر سينطلقون من محطة القطارات الغربية ( Westbahnhof ) مخترقين شارع ماريا هيلف شتراسه التجاري الساعة الخامسة من مساء الاربعاء ، وسيقيمون حفلا خطابيا قرب كنيسة Votivkirche على مشارف الحي الأول في فيينا حيث تعقد القمة الأمريكية الأوروبية . وبسبب اغلاق المناطق والشوارع المحيطة بقصر هوفبورغ وسط العاصمة فيينا أمام المارة والسيارات على السواء ، وبسبب الطوق الامني المفروض عليه فان الرئيس بوش سيكون بعيداً عن هؤلاء المحتجين . هذا وسيغلق طريق المطار خلال فترة وصول الرئيس بوش الساعة التاسعة والنصف مساء اليوم الثلاثاء ولغاية وصوله إلى مقر اقامته في فندق انتركونتيننتال وسط فيينا ، وسيكرر هذا الاغلاق عند مغادرة الضيف الأمريكي فيينا الساعة السابعة من مساء غد الاربعاء .