تخفق الروح عشقاً أثناء سماع إيقاع الموسيقى التي تتخللها كلمات تنم عن أنثى عاشقة حتى النخاع تعبر عن نفسها بكل الحالات لتتوقف لغة العقل وتنطق لغة الأحاسيس، تمتلك قلماً يخضع لكلماتها ولرغباتها في كتابة معاني العشق والهوى والألم والوجع، تعشق التمرد حتى على قصائدها، وترى في روحها بوحاً تبوح به عبر قصائدها، وتحاول بشعرها أن تعكس الأنا المتخمة بأحاسيس ومشاعر وأوجاع الآخر. عبرت عن بغداد وما عانته من وجع في نصها (همسات من تحت الكرسي) حين قالت: بغداد ما بقي لنا نحن النساء.. غير التكاثر والرثاء.. لم يمنحوك غير آهٍ.. ثم آهٍ.. ثم آهٍ عابرة.. وفي آخر الكلمات قالت: يا واحة الأوجاع.. لو في صدركِ طعنة.. في الخلف ألف، ستجيئك غادرة. عالمها صغير ولكنه دافئ واضحة وصريحة ومبدعة في آن واحد.. ربما هي ترانيم عشق أو امرأة من برج نار أو وهم أنثى أو جموح أو عذراء الفنجان المحزون أو ضياء الروح أو طيف عابر أو عناقيد الكلام أو فيض شتات أو وتد الخداع أو أكذوبة الماضي لكنها وهو الأكيد - شاعرة ديوان تراتيل السراب.. أنها الشاعرة والإعلامية الليبية بشرى الهوني. من مواليد 23 / 7 / 1975م بطرابلس، حاصلة على الأستاذية في الصحافة وعلوم الاتصال من الجامعة العربية للعلوم بتونس، اشتغلت لمدة أربع سنوات في جريدة (العرب) العالمية. نشرت قصائدها في عدة صحف ومجلات عربية ولها مقالات وحوارات صحفية بعدة دوريات محلية وعربية، ولها تجربة إذاعية في مجال القصة القصيرة إلى جانب مجموعة من المداخلات في عدد من البرامج التلفازية والإذاعية وشاركت في العديد من الأمسيات والتظاهرات الثقافية الدولية والعديد من الأمسيات الشعرية في تونس وليبيا.. وقدمت برامج تلفزيونية حوارية وعدداً من السهرات الفنية بأكثر من فضائية وتم إدراجها في كتاب توثيقي للأستاذ عبدالله مليطان حول الكاتبات والأديبات الليبيات.. (يا تراتيل السراب إن لي في الدرب أطيافاً ومرت.. دون عطر يحتويني.. دون نبض يحتويها).. وتراتيل السراب كان أول ديوان صدر للشاعرة بشرى الهوني التي تعتبره مرآتها ونفحاً من روحها تلقيه على أنغام موسيقى شرقية هادئة وتقول في إهدائها لقرائها، من تراتيل حيارى للسراب.. من حكايا منها نبض الوقت تاب.. من دموع و شموع تبتهل حتى تذاب.. من رحيق البوح توقاً يرتوي هذا الكتاب.. مجموعة نصوص تبين لنا أن الشعر مرايا الروح وهوية للشاعر، تبوح الأنثى بكل أحاسيسها ومشاعرها المتناقضة والمتآلفة.. وهنا وفي حوار للشاعرة تقول فيه (إن الشعر بطبعه ينبثق من رهافة الإحساس والمشاعر وهو براحم ناعم ومتناغم حتى وهو في اشد ثورته على متناقضات الحياة ولا يخلو من الشموخ حتى في اشد الانكسارات والمآسي التي نعانيها كأمة تتوالى عليها الهزائم، وهو ذلك النور الساحر الذي ينبثق من دواخلنا ليرانا الآخرون في اشد لحظات حلكة وظلمة). في نص أرسم حلمك تتكلم الشاعرة عما عانته بعض الدول من حروب وظلم وسكوت عربي وكان ذلك في بضع سنوات مرت ولكن الزمن يعود من جديد فيما تتعرض له أيضاً بعض الدول العربية من زوبعات نتمناها في القريب العاجل أن تزول.. وكما قالت الشاعرة في نصها:- أحلم.. عل غليلك يشفى.. أحلم عل الصمت يبوح.. وأرسم في أحلامك غزة تزغرد في أعراس الروح.. أرسم بيروت وبغداد.. أرسم حيفا ترفل زهرة تروي تاريخ الأجداد.. أرسم حلمك كيف تشاء علك تفخر أنك عربي.. أنك مسلم علك ترفع صوتك إما أكون وإما فلا!!. * انتقاءات شعرية من ديوانها (تراتيل السراب) نبدأها من عنوان الكتاب - (تراتيل السراب) لك ساعة تنساب فيها ولي سنين أحتسيها لك الرحيل في كل نبض ولي خفوق بأرض شعر لست من معانيها لك هتافات البحار ولي شراعي لست أنوي الركض وهماً في مساحات الهيام في رحاب أرتجيها ***** - (يقولون) يقولون إن الرجوع إليك كليل كئيب وقالوا انهزام وهم يجهلون بأنا اختيار وأن الخصام لدينا غرام ***** - (رصيد) عنوانك ترصده الأعداد ورصيدي قصيد من ضاد أحبك.. أهواك.. أريدك صكوك لن أوقعها فدروبك نار ومداك رماد ***** - (نزق الخيبات) أشاغل نفسي بمكنون نفسي وأوجاع وهم وخيبات أمسي أداري جراحاً تشوه يومي ويطرح القلب ثوب الحداد بوسع الزمان بوسع الحياة وأبكي لأني اقترفت التمني لأني اكتشفت أخيراً بأني أنثى الخيال وأني بعض يواسيه بعضه بأحلام شيدتها من رمال وأذوي حنيناً بنبض العيون وتبقى تراودني الذكريات ***** - (ترانيم عشق) ما من حدود لي لديك أشن الشعر تكتبني يديك أكون الصمت تنطقني أشق الغيم يسكبني عليك ***** (ويبقى السؤال) آخر نص في ديوانها «تراتيل السراب» نهيم على مجريات الحياة.. ولا ندري أين المسار الصحيح.. طريق الصواب بدا بيناً ولكن نداء السراب مريح.. ننام ولا ندري كيف؟ متى؟ سنفهم معنى الجواب الصريح.. كانت هذه الكلمات هي آخر التراتيل التي أخذتنا إلى جو آخر بعيداً عن خيبات الحياة المتكررة لنسافر بها إلى خيالتنا وتوصلنا سالمين إلى بر الأمان عبر كلماتها الأخاذة.. وكما قالت الشاعرة إن الكلمة هي الهاجس وهي الأساس فالكلمة تجري في الوريد وبنبضها تتشكل الذات.. فنختم تراتيلنا ب» بعض قصيد ككل قصيد.. يجيء وينأى عن المغرمين.. ويرسم في كل حلم جديد.. سراباً يبيعه للعابرين.. ويسكب عند ختام القصيد دموعاً تفيض بصمت الأنين»..