آراء باحثين في احتجاجات أفغانستان على حرق القرآن الهجمات المميتة على القوات الأميركية في أفغانستان تشكل قلقا عميقا في وزارة الدفاع (البنتاغون) والبيت الأبيض فيما يتعلق بإنهاء الحرب هناك، خاصة مع اندلاع الاحتجاجات التي عمت البلاد بعد اكتشاف نسخ محروقة من المصحف في منشأة عسكرية أميركية شمال كابل. وتساءلت لوس أنجلوس تايمز هل بإمكان أميركا فعل أي شيء فيه هذه المرحلة لتهدئة التوترات أم أن الأمر ميئوس منه؟ وما هي الخطوة التالية التي يجب أن تقوم بها الولاياتالمتحدة؟ وللإجابة على هذين السؤالين استعانت صحيفة فايننشال تايمز بخبراء في الولاياتالمتحدة، وأجاب أحدهما، وهو بروس ريدل الخبير في السياسة الخارجية بمعهد بروكينغز، بأن الاضطرابات في أفغانستان صناعة محلية لكنها تذكى من قبل دخلاء. وقال إن إيران، بصفة خاصة، كانت تستخدم وسائلها الإذاعية والإعلامية الأخرى لتسميم الوضع وتشجيع العنف. ويبدو أن الأمر ينجح. والإيرانيون يستغلون قضية المصحف لإرسال إشارة لباراك أوباما بأنه إذا أراد أن يكون متشددا مع إيران بشأن برنامجها النووي فإنها تستطيع أن ترد الصاع صاعين في حرب أوباما القريبة منها. كما أن باكستان تؤجج النار وتشجع طالبان على استغلال قضية القرآن لإضعاف حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وبالنسبة لباكستان فإن الأمر يمثل جزئيا انتقاما للطائرات بدون طيار وأبوتآباد، وبإمكان أميركا أن تطفئ هذا الغضب والتأكد من عدم حدوثه مرة أخرى. وفي رأي آخر قال مالو إنوسينت محلل السياسة الخارجية بمعهد كاتو إن هذا الوضع الشائك يحتاج من أميركا أن تسرع سحب قواتها، لأن كثير من الأفغان لا يثقون فينا ونحن لا نعرف كم مرة في المستقبل ستوجه القوات الأفغانية بنادقها للأميركيين. وقال أندرو وايلدر، مدير برامج أفغانستانوباكستان بمعهد الولاياتالمتحدة للسلام، إن القوات الدولية ارتكبت أخطاء كثيرة في أفغانستان في العقد الماضي أغضبت الشعب وقادت إلى احتجاجات، خاصة عقب الهجمات الجوية والغارات الليلية التي خلفت ضحايا مدنيين. وأعتقد أن هناك بعض نقاط الضعف البارزة في إستراتيجية الولاياتالمتحدة الحالية تحتاج لمراجعة ولكني لا أعتقد أن أحداث الأسبوع الماضي يجب أن تكون الأساس الرئيسي لمراجعة الإستراتيجية. فليس من الحكمة إعادة كتابة إستراتيجياتنا كلما حدثت أخطاء مثل هذه. ومن المثير للاشمئزاز فعلا أنه بعد عقد من القتال في العراقوأفغانستان ورغم إنفاق مليارات الدولارات على الحروب في هذين البلدين المسلمين ما زال بعض العسكريين الأميركيين جاهلين على ما يبدو بأن حرق مصحف المسلمين أمر غير لائق بالمرة. من جانبها علقت عائشة أحمد، باحثة بمركز بلفر للشؤون العلمية والدولية بجامعة هارفارد، بأن حرق القرآن يزيد الطين بلة للشعب الأفغاني المكلوم والفقير. ومن أجل إيجاد طريقة عاجلة لتخفيف التوترات يحتاج الأمر للبحث عن حل سريع ومؤقت لألم الجرح. وفي أحسن الأحوال بإمكان للولايات المتحدة معاقبة الأفراد المسؤولين بشدة. وإذا لم تتخذ الحكومة والجيش إجراءات فورية ضد مقترفي جرم الحرق فلن يصدق الشعب أن أميركا آسفة. ولقد سئم الأفغان سماع مقولة نأسف. فإذا أردنا وقف الاضطرابات يجب على الحكومة أن تتخذ إجراء حاسما ضد الجناة. وهذه هي فرصتها الوحيدة رغم أنها لا زالت حلا سريعا ومجازفة. طبول الحرب على إيران والتهديد الأمريكي الإسرائيلي؟ يرى الكاتب جدعون راتشمان من صحيفة فايننشال تايمز أن التهديد بالحرب على إيران بات أكثر جدية من ذي قبل رغم المحاذير التي تلف هذه القضية. وقال في مقاله إن الصراع قد يبدأ بغارة إسرائيلية سرعان ما تُجر إليه الولاياتالمتحدة وربما المملكة المتحدةوفرنسا، فضلا عن دول الخليج وعلى رأسها السعودية. فالمخاوف الإسرائيلية -والكلام للكاتب- من امتلاك إيران السلاح النووي هي التي تقود الصراع، حيث أعرب وزير الدفاع إيهود باراك قبل أيام عن خشيته من دخول طهران «منطقة الحصانة»، وهي المرحلة التي يصعب عندها وقف البرنامج النووي الإيراني. كما تخشى إسرائيل من قيام إيران بوضع منشآتها النووية تحت الأرض، وهو ما جعل وزير الدفاع الأميركي يتكهن باحتمال ضربة إسرائيلية خلال الأشهر المقبلة. ويشير الكاتب إلى أن إسرائيل ليست اللاعب الوحيد في الساحة، بل إن الحاجة لوقف برنامج إيران النووي غدت هاجسا لدىدول الخليج. وعلى الصعيد الأميركي -يقول راتشمان- فإن الرئيس باراك أوباما حريص على تجنب الصراع، ولكن كبح جماح إسرائيل بات أكثر صعوبة ولا سيما هذا العام الذي يشهد الانتخابات الرئاسية. واللاعب الآخر في هذه القضية يتمثل في فرنساوبريطانيا اللتين تفكران بشكل جاد في احتمال الصراع مع إيران، فقد بدتا أكثر ميلا للقتال من الأميركيين خلافا لموقفهما الذي سبق الحرب على العراق. وعزا الكاتب التفكير الجدي لدى مختلف الأطراف لشن حرب على إيران إلى جملة من العوامل، أولها: أن المخاوف من إحراز التقدم في البرنامج النووي الإيراني هي ذاتها لدى الجميع. ثانيها: أن النجاح الذي تحقق في الصراع بليبيا -حسب تعبير الكاتب- أعاد الثقة بجدوى القوة الجوية، ولا سيما أن التقدم في تكنولجيا الصواريخ الموجهة عبر الأقمار الاصطناعية تعني أن القوات الجوية التابعة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) أصبحت أكثر ثقة بقدرتها على الاستهداف دون وقوع أضرار مدنية. كما أن الأحداث آلت إلى تقليص عدد الأهداف السهلة التي قد تستهدفها إيران، فقد أغلقت بريطانيا سفارتها في طهران العام الماضي، وانسحبت القوات الأميركية من العراق. والعامل الرابع وراء التفكير بالحرب يكمن في أن السعودية أعلنت أنها ستحذو حذو إيران إذا ما تمكنت الأخيرة من امتلاك القنبلة النووية، وهو ما يعني أن التهديد بسباق التسلح يلوح في الأفق حسب التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية البريطاني وليام هيغ.