الحفاظ على سلامة الطفولة في بلادنا يفرض علينا جدية التعاطي بإيجابية بناءة مع كل ما يتهددهم، وحفظ صحتهم من كل مرض طالما أمكن وقايتهم وحمايتهم منه. من هنا تتحدد أهمية التحصين ضد أمراض الطفولة القاتلة باعتباره السبيل لحمايتهم من الوقوع في شراك الأمراض الوخيمة، وأن نحرص على تحصين أطفالنا في حملات التطعيم ومن بينها الحملة الوطنية للتحصين ضد مرضي الحصبة وشلل الأطفال الجاري تنفيذها في الفترة من(10 - 15مارس2011م) في بعض محافظات الجمهورية عبر المرافق الصحية والمواقع التي تعلن عنها وزارة الصحة العامة والسكان. فالتحصين هنا ضروري يمثل أحد الأسس المهمة للوقاية المؤمنة حمايةً لفلذات الأكباد من الوقوع في مسالك الخطر والإعاقة ودروب المهالك المحققة. إن حملة التحصين الوطنية ضد مرضي الحصبة وشلل الأطفال عبر مرحلتها الأولى من (15-10 مارس 2012م) بمحافظات (عدن، لحج، أبين، البيضاء، ذمار، شبوة، صعدة) تتخذ مواقع محددة لأداء التحصين للأطفال المستهدفين تشمل المرافق الصحية والمواقع المؤقتة التي تستحدثها وزارة الصحة العامة والسكان. وقد شكلت الحصبة في اليمن قبل العام 2006م السبب الرابع لوفيات الأطفال دون الخامسة من العمر، وكانت منظمة الصحة العالمية- آنذاك - تقدر حالات الحصبة فيها بحوالي (30 ألف) حالة إصابة، معتبرةً المرض بأنه المسؤول عن (5 آلاف) حالة وفاة. وفي العام 2006م اتخذ الوضع محلياً منحى مغايراً، فكان بمثابة نقطة فارقة مهمة في إطار القضاء على مرض الحصبة. إذ نفذت حملة وطنية أساسية للأطفال من عمر(9 أشهر - 15عاماً) بمعايير ذات جودة عالية حققت تغطية كبيرة جداً وصلت إلى(98 %)، وأكدت جودتها تقارير المراقبين الدوليين من منظمة الصحة العالمية واليونيسيف ومركز مكافحة الأمراض في (أتلانتا). ومن نتائج نجاح هذه الحملة الانخفاض الهائل في عدد حالات الإصابة بالحصبة على مدى سنوات لاحقة، وظلت بمستوى متدنِِّ إلى العام 2009م حتى تبدل الحال لاسيما خلال العام المنصرم 2011م ومطلع العام الحالي 2012م، عندما ظهرت حالات إصابة واسعة بالحصبة ترتب عليها حالات وفاة أخذت في التزايد بوتيرة أعلى، فصار المرض في بعض المحافظات يشكل وباءً خطيراً ينذر بوضعٍ كارثي، وبات يهدد بضياع الخطوات والإنجازات التي تحققت في الأعوام السابقة - بدءاً من العام 2006وما تلاه من أعوام- في سبيل القضاء على داء الحصبة والدخول في مرحلة استئصاله. فثمة عوامل وأسباب أدت إلى انتشار الحصبة بصفة وبائية باتت معها تشكل خطراً كبيراً يفرض التصدي لهذا الداء، وتضمنت هذه العوامل والأسباب: - انخفاض التغطية الروتينية عن العام 2010م بنسبة (7 %) تقريباً، مع وجود حالات مهيأة للإصابة تراكمت طوال السنوات الثلاث الماضية من بعد آخر حملة تحصين ضد الحصبة نفذت سلفاً في العام 2009م. - بقاء أطفال بلا تحصين ولا تتوافر لديهم المناعة المطلوبة مع وجود نسبٍ مرتفعة من حالات سوء التغذية. - تأثر خدمات التحصين الروتيني بالأوضاع الصعبة التي مرت بها البلاد خلال العام الماضي 2011م. أما بالنسبة لشلل الاطفال فإن اليمن - بحمد الله- خالية من مرض شلل الأطفال الفيروسي منذ فبراير2006م، ليختفي بذلك سريان فيروس هذا المرض في بيئتنا. فنالت بذلك اليمن إشهاداً من منظمة الصحة العالمية في يونيو 2009م بخلوها منه عن استحقاقٍ خضع لمعايير دقيقة منضبطة بعد مضي ثلاث سنوات على خلوها تماماً من المرض. إن تنفيذ المرحلة الأولى لحملة التحصين الوطنية ضد مرضي الحصبة وشلل الأطفال في الوقت الراهن لفترة تمتد لستة أيام من (15-10 مارس2012م) شاملة المحافظات ذات النسبة الأعلى للمرض وهي(عدن، لحج، أبين، البيضاء، ذمار، شبوة، صعدة) والتي توصف بالأكثر وبائية من بقية المحافظات..إنما يعد تدخلاً مناسباً وضرورياً يأتي في الوقت المناسب، لفرض السيطرة على الوباء، والمحافظة على مستوى منخفضٍ جداً من الإصابة بالحصبة، بما يفضي إلى التقدم والمضي قدماً في طريق تحقيق هدف القضاء على فيروس الحصبة البري. وعلاوة على منع سريان فيروس الحصبة وكبح انتشاره بشكلٍ كبير عبر رفع الكفاءة المناعية للأطفال من عمر (6 أشهرإلى ما دون 10سنوات)، فقد تقرر- أيضاً- في هذه الحملة الوطنية إعطاء الأطفال من عمر (6 أشهر حتى ما دون 5 سنوات) جرعة من فيتامين (أ)، المفيد في تحسين الحالة المناعية للجسم بما ينمي ويعزز وقايتهم من مرض الحصبة. وفي الإطار ذاته، عملاً بتوصيات منظمة الصحة العالمية سيواكب ذلك تحصين جميع الأطفال دون سن الخامسة ضد شلل الأطفال الفيروسي، بشكلٍ احترازي يهدف إلى منع عودة ظهور وانتشار المرض في اليمن، فيما لا تزال إلى الآن خالية منه. وهذه الحملة تتخذ طابعاً متعدد المراحل بشكلٍ مزمن لتشمل بذلك عموم مديريات ومحافظات الجمهوريةً ابتداءً بالوبائية العالية، ثم الأدنى فالأدنى. وأود التذكير بأن الحملة الوطنية للتحصين ضد مرضي الحصبة وشلل الأطفال يجري تنفيذها على مدى ستة أيام متواصلة في الفترة (10 - 15 مارس 2012م)، وعلى الآباء والأمهات الحرص على عدم تفويت هذه الفرصة مهما تعددت الجرعات التي تلقاها أطفالهم المستهدفون (تحت سن الخامسة) في السابق ضد شلل الأطفال، إلى جانب تحصين الفئة العمرية منهم من(6 أشهر- 10سنوات) في هذه الحملة ضد داء الحصبة بصرف النظر عن التاريخ التطعيمي السابق لهم.. وما إذا كانوا قد حصلوا على جرعات كاملة أو غير كاملة من اللقاح المضاد لهذا المرض أم لا.