فرضت السلطات العراقية إجراءات أمن غير مسبوقة في مناطق متفرقة، في أعقاب سلسلة تفجيرات هزت عشرين مدينة وخلفت نحو خمسين قتيلاً، و255 جريحاً، في أعنف هجوم منذ شهرين، بالتزامن مع الاستعدادات الجارية لاستضافة بغداد القمة العربية المقبلة والمقررة نهاية الشهر الحالي. وأغلقت قوات الأمن العراقية عدة طرق وأقامت العديد من الحواجز الأمنية، ضمن إجراءات أمن، فاقمت من الاختناق المروري الذي تعاني منه العاصمة بغداد. وتولى رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي القائد العام للقوات المسلحة الإشراف على الخطط الأمنية الخاصة بالقمة العربية ويجري بين الحين والآخر اجتماعات لكبار قادة الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية للوقوف على آخر المستجدات الأمنية. وقد أعلنت قيادة عمليات بغداد عن تخصيص أكثر من مائة طائرة لتأمين الغطاء الجوي خلال أيام القمة فضلا عن تهيئة خمس طائرات إسعاف وطائرات استطلاع مسلح وتصوير جوي وأخرى للمراقبة. وقررت الحكومة العراقية إغلاق مطار بغداد الدولي يوم 29 من الشهر الجاري كما منعت حركة الدراجات البخارية والهوائية والعربات في الشوارع ابتداء من مطلع الأسبوع الحالي. وفي هذا السياق، أعلن المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ أن الفترة من 25 مارس إلى الأول من أبريل ستكون عطلة في العراق معربا عن أمله في الحد من الازدحام المروري وتسهيل انعقاد القمة. بدوره، أكد السفير قيس العزاوي مندوب العراق الدائم لدى الجامعة العربية أن التفجيرات التي شهدتها بعض المدن العراقية لن تؤثر على القمة العربية في بغداد نهاية الشهر. وأشار إلى أن التفجيرات وقعت بمناطق بعيدة عن المنطقة الخضراء مقر انعقاد القمة. ونفى وجود تداعيات سلبية لهذه التفجيرات على عقد القمة حيث إنها تفجيرات اعتاد عليها العراق من مجموعات إرهابية على حد تعبيره. من جهة ثانية،توقع النائب حاكم الزاملي عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حصول خرق أمني من قبل القاعدة والبعث الصدامي لإعطاء صورة مأساوية وسيئة من أجل إخافة القادة العرب من الحضور إلى قمة بغداد. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجيرات، لكنها -بحسب لواء عراقي تحدث لوكالة الصحافة الفرنسية- تحمل بصمات تنظيم القاعدة. وأفادت مصادر أمنية بأن أكثر من ثلاثين هجوما بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة وهجمات مسلحة، أعنفها وقع في كربلاء حيث أسفرت انفجارات هناك عن مقتل 13 شخصا على الأقل وإصابة 48 آخرين. وقد وصفت الهجمات بأنها الأعنف منذ 14 يناير حين قتل 53 شخصا قرب البصرة في هجوم انتحاري على زوار شيعة. وتزامنت هذه الهجمات مع الذكرى التاسعة للغزو الأميركي للعراق وقبل تسعة أيام فقط من موعد القمة العربية. وفي سياق ردود الفعل, ندد رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي بالهجمات وقال إنها تهدف إلى إفشال عقد المؤتمر الوطني والقمة العربية. كما نددت واشنطن بالهجمات واعتبرتها محاولة لضرب ما سمته التقدم الذي أحرزه العراقيون. ووصف وزير الدولة البريطاني أليستار بورت الهجمات بأنها جبانة. كما ندد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى العراقي ب"الجرائم الفظيعة" وطلب من العراقيين الاستمرار في الحزم إزاء محاولات إضعاف العراق المستقر والمسالم. أما وزارة الخارجية السورية، فقالت إن يد الإرهاب واحدة في سورياوالعراق. يشار إلى أن أعمال العنف تراجعت في العراق في السنوات الأخيرة بعد فترة ذروة في 2006 و2007 غير أنها لم تتوقف. وحسب تقديرات رسمية فإن 150 شخصا قتلوا في فبراير بعد مقتل 151 في يناير الماضي، ضمن هجمات تبنت معظمها دولة العراق الإسلامية وهي عبارة عن تحالف يضم مجموعات من عناصر القاعدة، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.