لماذا تغير عني ؟ لماذا خرق قلبي برمح قسوته؟ لماذا رماني بعينيه قبل يديه وتركني مهملة دون أدنى حظ من رعايته أو اهتمامه أو حتى إخلاصه ؟ أو أي شيء منه ؟ أي بريق من جسده ليصلني أو أي لهفة منه تورق خريف قلبي المتعب وشتاء وريدي الجاف. لماذا هكذا أنت قاس؟ ولماذا قسوتك وصلابتك تجعلها السباقة إلي ؟ لماذا عطاؤك وسعيك ومجهودك دائما لغيري؟ ودائماً أبحث عن مساحتي داخل مساحة عقلك المشغولة فلا أجدني ؟! لماذا تركتني في قمة وتأجج حاجتي لقربك؟ لماذا طويت صفحتي من أمام مرآك ؟ لماذا تعذبني ؟ فتحتْ النافذة لتفكر وتبحث عن إجابة لكل هذه التساؤلات التي تحدث أزمة في عقلها الذي يتضاءل حجمه يوماً بعد يوم، لكن مساحة معذبها تكبر في كل شيء فيها, حتى في عينيها المتجعدتين، التي سرت بين ثنايا تجاعيدها دموع القهر أياماً, إلا أنّ دمعتها الأخيرة التي ما زالت في الطريق على خدها المجعد أيضاً لها مفهوم آخر، دمعتها ساخنة على خد بارد،متأججة ملحة في السؤال: لماذا أنا هنا ولماذا أنت هناك؟ لماذا البعد؟ لماذا أبدلتني بدار العجزة عوضاً عن داري التي يسري في دمي غبار أزلته عن كل شيء فيها طوال سنيني ؟! لماذا أبعدتني عن أزهاري اللاتي زرعتهن بيدي فراقبت نموهن بعيني كما ربيتك بكل ما في؟! لماذا جعلت لي من دار المسنين بيتا ؟! فقد كنت أحلم بأن أكون تلك الجدة في ذاك البيت الذي رعت, حولها أبناؤها وأمامها أحفادها. لماذا حرمتني؟ تغلق النافذة بكل هدوئها, تستدير لتصبح النافذة خلفها ، تمشي قليلا ، ومن دون مؤثر ينكسر زجاج النافذة وتتساقط شظاياه للأسفل على وجه شخص في طريقه إلى داخل الدار