أوضح المركز العالمي للدراسات التنموية أن الأزمة السياسية بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان باتت تنعكس بشكل سلبي واضح على الاقتصاد العراقي. وبين المركز الذي يتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقراً له أن التوقف المتكرر لتصدير النفط العراقي عبر ميناء جيهان يتسبب في خسارة العراق ما قيمته 200 دولار في الثانية. وحذّر المركز العالمي للدراسات التنموية في دراسة نشرها موقع «العربية نت» من إقحام ملف النفط في الصراع السياسي الدائر بين المركز والإقليم كونه يضر باقتصاد العراق كدولة لها التزاماتها تجاه الشعب العراقي في تلبية حاجاته التنموية. وبين أن الحرائق المتعمدة التي أصابت خط أنبوب النفط العراقي-التركي تسببت في توقف نحو ربع صادرات الخام العراقية وخسارة العراق قرابة 125 مليون دولار خلال أسبوع واحد فقط. كما يساهم هذا الخلاف في منع العراق من رفع مستوى الصادرات عبر ميناء جيهان التركي من 175 ألف برميل إلى 200 ألف برميل يومياً. ومن جانبه عبّر المركز العالمي عن مخاوفه من عدم قدرة الحكومة العراقية الحالية على سن قانون للنفط والغاز يساهم في وضع حد للخلافات الدائرة بين كل من المركز والإقليم حول أحقية كل طرف في الاستفادة من الثروات الطبيعية خاصة النفطية الموجودة في أراضيه دون حصر إدارتها في الحكومة المركزية. وبحسب التقرير فالمشكلة هي أبعد من مجرد قانون أو صلاحيات بل تتعداها إلى مفهوم الفيدرالية والحدود الجغرافية التي تمتد لها سلطة كل من المركز والإقليم. فكركوك العائمة على بحر من النفط والغاز لاتزال موضع خلاف بين كلا الطرفين. وهو ما دعا البعض في البرلمان العراقي إلى المطالبة بمشاركة الأممالمتحدة في صياغة هذا القانون موضع الجدل. وقد أدى هذا الأمر إلى تردد عدد كبير من شركات النفط العالمية في دخول السوق العراقية لاسيما أن الحكومة المركزية في بغداد تهدد بعدم دفع مستحقات الشركات العاملة في إقليم كردستان كرد على إبرام الإقليم لعقود نفطية مع بعض الشركات دون أحذ موافقة المركز عليها. وبيّن المركز أنه على الرغم من المؤتمرات التي تعقدها وزارة النفط العراقية لجذب الشركات العالمية إلى سوق النفط العراقية في داخل العراق وخارجه إلا أن أغلب تلك الشركات ترى في شروط التعاقد مع الإقليم أكثر جذباً وأقل روتيناً وتعقيداً من تلك التي تبرمها مع الحكومة المركزية في بغداد كون هذه العقود في معظمها عقود شراكة، في حين أن العقود التي تبرمها بغداد عقود خدمة واستكشاف. وقد أدى هذا الأمر إلى انسحاب قسم كبير من تلك الشركات كتوتال الفرنسية وإكسون موبيل وشيفرون الأمريكيتيتن من استثماراتها في حقول جنوب ووسط العراق الغنية بالنفط. وقد استشعرت الحكومة العراقية هذا الخطر خصوصاً بعد فشل جولة التراخيص النفطية الرابعة وإعلان وزارة النفط العراقية عن نيّتها عقد جولة تراخيص خامسة قريباً. لذا عمدت بغداد إلى اتخاذ عدد من الإجراءات التي تهدف إلى تقوية مركزها في الصراع النفطي مع حكومة الإقليم فهددت بتقليص حصة الإقليم في الموازنة العامة للدولة من 17 إلى 13% ورفضت دفع المستحقات المالية لشركات النفط الأجنبية العاملة في كردستان. وحكومة الإقليم من جانبها هدّدت بوقف الصادرات عبر ميناء جيهان كرد على موقف الحكومة الاتحادية وأعلنت أنها ستستمر بضخ قرابة 130 ألف برميل يومياً كبادرة حسن نية حتى 15 أيلول/سبتمبر. لكن الحكومة الاتحادية في بغداد وفي محاولة منها لتعويض الخسائر والبحث عن بديل بدأت بإجراء مفاوضات مع الحكومة الاردنية لاعتماد ميناء العقبة كمرفأ رئيسي لتصدير النفط العراقي وبالإعلان عن تسهيلات وامتيازات أكبر بالنسبة للعقود التي تمنحها الحكومة الاتحادية لشركات النفط الأجنبية وذلك في حالة أشبه بالتنافس مع حكومة الإقليم.